ذكرت دراسة حديثة أن نحو ثلاثة من كل أربعة منازل يمتلكون واحدا أو أكثر من أجهزة الكمبيوتر الشخصية في سنغافورة البارعة في التكنولوجيا. وترتفع الارقام الواردة من هيئة تنمية إتصالات المعلومات بنسبة  68 في المئة عن عام 2002. وقالت الهيئة ان هناك وعيا كبيرا بين العائلات عن أهمية استخدام تكنولوجيا المعلومات وبرامج التعليم الوطني.. كما ساعدت الصفقات المالية الجذابة على تزايد دخول الانترنت إلى المنازل. وأسفرت خطط نظام الاشتراك الشهري لخدمة الانترنت الممكن تحملها إلى اشتراك  40 في المئة من المنازل التي جرى استطلاع آرائها في النظام العام الماضي 2003 مقارنة بنسبة  24 في المئة عام 2002.

 

إنَّ سكينةَ القلبِ تُوجبُ الاتزانَ في التفكيرِ، وهو بدورهِ يوجبُ التحرُّكَ الصحيحَ نحوَ الأهدافِ الرفيعةِ.

ايران في جولة ثانية: انكشاف اوراق اللعبة.. انتخاب السيئ لتفادي الاسوء
إغلاق صحف إيرانية جديدة بسبب إشكالات الانتخابات الأخيرة
استجواب صدام واعوانه تمهيدا للمحاكمة الكبرى
إنجاز 70 - 80% من صياغة الدستور العراقي الجديد
75 بالمائة من الفلسطينيين يؤيدون تخلي حماس عن العنف
ندوة الوثائق التاريخية للقدس محاولة عقلانية لإيقاف تهويدها
التغذية السليمة تضمن للانسان ذاكرة نشطة حتى سن التسعينات
 
 
 
 

 

مفارقة أن الفلسطينيين الخاسرين دوماً لم يخسروا

حسن شامي

في واحد من كتبه المتخصصة في تاريخ واجتماعيات الاسلام والعرب، قد يكون الكتاب هو "مصر، امبريالية وثورة"، استخدم المستشرق الفرنسي الراحل جاك بيرك عبارة عميقة الدلالة وكثيفة الإيحاء لتوصيف المصير التراجيدي لمصر وتعاقب شتى انواع السلالات على حكمها عبر التاريخ. عبارة بيرك تقول إن "مصر الخاســـرة دائماً لم تخســـر ابداً": العبـــارة الرائـقة هذه جديرة بالتأمل وان كانت بطبيعة الحال حمّالة أوجه، شأنها في ذلك شأن الصياغات الشديدة الاقتضاب والنازعة الى ان تكون ضرباً من الامثولة الحكمية.

صحيح ان بيرك كان يقصد بعبارته وبالدرجة الاولى تلخيص احوال مصر قبل حصولها على استقلالها الوطني الحديث. على ان هذا لا يمنع من الاشتباه في ان يكون المؤرخ وعالم الاجتماع المستعرب بشغف كبير قد خلص، بعد استعراض شريط الحوادث والزمر التي تعاقبت على نهش الفلاحين المصريين وغلالهم، الى الاعتقاد بوجود كيانية مصرية ثابتة (انطـــولوجية) تتلقى ضربات التاريخ ثم تذيبها وتمحوها. على اننا نستطيع ان نرجح تأويلاً آخر هو الذي كان يخوض فيه ويعلي من شأنه جاك بيرك، وهو التمييز الذي رسخه مؤرخو مدرسة الحوليات الفرنسية بين الظواهر ذات الأمد القصــير والمتوســط وتلك التي تقيم في الأمد الطويل بحيث لا تقوى تقلبات التاريخ على زعزعتها الا بصعوبة شديدة، وبطريقة لا تتطابق بالضرورة مع "الارادويات" التاريخية بوصفاتها وبرامجها الخلاسية الواعدة بحياة وانسان جديدين لم يعرفا الاستعمال من قبل.

ما يعنينا الآن من عبارة بيرك الدائرة على شخصية مصر عبر التاريخ، ان العبارة هذه تكاد تنطبق حرفياً على احوال فلسطين والفلسطينيين في هذه الايام. فهؤلاء ما يزالون، على ما يبدو، خصوصاً في هذه اللحظة القصوى في تعقيدها للصراع الاسرائيلي - الفلسطيني، في وضعية الخاسر الاكبر او المهدد بالخسارة الكبرى منذ "الثورة العربية" ضد الخصم التركي - العثماني المتزامنة مع وعد بلفور، مروراً بالانتداب البريطاني وحصول "النكبة" عام 1948، ومن ثم "النكسة" عام 1967 والاجتياح الاسرائيلي للبنان الخ. وصولاً الى اتخاذ الحكومة الاسرائيلية الحالية قراراً بابعاد الرئيس الفلسطيني المنتخب في ظل اشراف دولي، اي ياسر عرفات، وان كان هذا القرار المتشوق الى التخلص من عرفات بأي ثمن غير قابل للتنفيذ الفوري، بحسب ما قاله وزير الخارجية الاسرائيلي في اعقاب تلقي حكومة شارون العديد من التحذيرات والضغوطات خصوصاً من واشنطن.

يخيل للوهلة الاولى ان الوضع الحالي للمسألة الفلسطينية يحمل مفارقة كبيرة. فكل المؤشرات والوقائع، بما في ذلك موازين القوى، تدل الى ان المشروع الوطني الفلسطيني مرشح للخسارة، للمزيد من الخسارة، بعد دفن اتفاقية اوسلو ودخول "خريطة الطريق" الى غرفة العناية الفائقة في انتظار معرفة مصيرها. يحصل هذا، وتتوالد من حوله التأويلات المتضاربة لتحديد اسباب الخسارة الكارثية القادمة لا محالة، فيما تتحول المسألة الفلسطينية الى عقدة العقد في سياسات المنطقة وفي استراتيجيات القوى العظمى وفي مقدمها القوة الاعظم اي الولايات المتحدة، وهذا اكثر من اي وقت مضى. تبدو المفارقة بليغة: فالمسألة التي كانت تحتل مكانة رئيسية في برامج وخطابات السياسات العربية، الوحدوية منها وغير الوحدوية على حد سواء، بغض النظر عن درجة عروبيتها او اسلاميتها، هذه المسألة التي احيطت بصخب بلاغي فقير في معظم الاحيان والتي تشهد اليوم تعاطياً عربياً اكثر تقشفاً وحرجاً بكثير، باتت الآن وهي متروكة لذاتها، اشد حضوراً واكثر فصاحة مما كانت عليه. ذلك ان الأمور شارفت على الوصول الى الحد الأقصى، الى الامتحان التاريخي الكبير الذي لايقتصر على الفلسطينيين وحدهم بل يطاول كذلك السياسات العربية والدولية والاميركية.

والحق ان المفارقة تقع على مستوى آخر وهي من مفاعيل العلاقة التاريخية الملتبسة بين الوجه الداخلي للسياسات الجارية وبين الوجه الخارجي المتعلق بصلات كل بلد مع البلدان الاخرى. وها هنا تبدو السلطات العربية متأرجحة بين حدين (او نارين اذا شئتم) لا تنجح في التوليفة بينهما. فهذه السلطات تحكم مجتمعها بطريقة غير سياسية او ما قبل سياسية، في المعنى الحديث للسياسة، وهي لا تعثر على صفة الدولة العصرية الا لدى التحادث والتفاوض مع ممثلي الدول الأخرى. في الداخل تنسج على منوال النموذج الخلدوني القائم على العصبية بتنويعاتها القرابية والمهنية والمناطقية، وتحسب ان عصارة السياسة لا تقوم على ادارة الاختلافات والانقسامات الملازمة لأي تشكل اجتماعي وتبلور معالمه، بل على انتزاع الاجماع بالقوة المداهنة والالتفاف. في الخارج تضطر هذه السلطات الى مسايرة الاعراف والمعايير والقوانين التي تنظم العلاقات بين الدول. والحال ان سلسلة المبادرات العربية وآخرها تلك التي اطلقت لدى انعقاد مؤتمر القمة العربية في بيروت، لايجاد حل سياسي للنزاع العربي - الاسرائيلي وللمسألة الفلسطينية، اعطت وتعطي هذه السلطات وضعية وصفة يمكن بنزاهة ان تكونا من طبيعة سياسية بامتياز.

في المقابل، تقف السياسة الاسرائيلية على الضد تقريباً. فهي، في الداخل، تعترف بتنوع وتعددية الآراء والاتجاهات وتقونن الانقسامات واشكال التداول للسلطة. على انها في ما يتعلق بالخارج، وتحديداً بتقديم حل سياسي للمسألة الفلسطينية، وبالتالي لآفاق العلاقة مع البلدان والدول الأخرى، نرى هذه الدولة العبرية تتصرف كما لو انها فوق السياسة. بعبارة اخرى، تحرص السياسة الاسرائيلية خصوصاً الحكومة الليكودية الحالية، على تقديم صورة اخلاقية للخارج عن كيانها ولا تتوانى عن استنزاف الرصيد المعنوي والمادي للمحرقة واللجوء الى التهويل بالويل والثبور والى الابتزاز، كي تحافظ بطريقة عبثية على مقولة مفادها انه ليست هناك مسألة فلسطينية في الحقيقة، وان الحل بالتالي لا يمكن ان يكون سياسياً بل مواصلة لحروب تتغذى من عقلية الغيتو المهدد على الدوام، او باللجوء الى لغة تربوية متأنّقة. هذه المقولة لم يعد يقبلها احد وهي تقود حتماً الى طريق مسدود. وهذا بالضبط ما دفع الرئيس السابق للكنيست وللوكالة اليهودية الى اطلاق صرخته الجريئة عن انحطاط البلد الاسرائيلي، واعلانه بحرقة كبيرة عن موت ما يسميه بالثورة الصهيونية.

ما ينبغي ان يقال ها هنا ان تردد القوى والهيئات الدولية الفاعلة، كي لا نقول جبنها، في ممارسة ضغوط جدية على الحكومة الاسرائيلية، وهي ضغوط لترشيد سياستها، هو ما اجاز لحكومة شارون ان تمعن في سياسة التدجين الدموي الجاري حالياً للفلسطينيين. والمسؤولية الاميركية في هذا، قبل 11 ايلول (سبتمبر) وبعده، كبيرة. فمعلوم ان ادارة بوش قررت منذ البداية اطلاق يد شارون، علماً بأن برنامجه الانتخابي كان يعلن للقاصي والداني انه يريد القضاء على عملية اوسلو ويفتح الباب مجدداً للاستيطان. لم يحصل اي رد فعل لدى دول القرار، يمكن مقارنته برد الفعل الذي لقيه، على سبيل المثال، حزب الزعيم النمسوي يورغ هايدر. يخشى، إذاً، ان تصبح السياسة ما يمليه الأقوى ولا شيء سوى ذلك.

شبكة النبأ المعلوماتية - السبت 4/10/2003 - 6/ شعبان/1424