إن العراق اليوم يعيش تحولا تاريخيا كبيرا يتمثل
بسقوط أحد أكبر طغاة التاريخ والذي ملأ العراق ظلما وجوراً، وملأ ضمائر
كثير من الافراد بالفساد والأهداف المرسومة على حساب المجتمع وفوق رقاب
المستضعفين.. حتى عاد الاستعباد صفة طبيعية من صفات الحكم والحاكمين
وحتى عاد استخدام الوسائل الغير مشروعة حق طبيعي لكل من يريد التقدم
والتطور وحتى عادت الاهانة وتقبل الذل من الامور العقلانية التي يجب
التمسك بها، كيف لا ورفضها وعدم الاذعان لها يعني قطع الاعناق وقطع
الارزاق. وكأن الظلم هو القاعدة وموت الضمير هو الأصل... فقد تلبس
الباطل بلباس الحق وبالعكس بكل ما تحمل الكلمة من معنى.
وهكذا فأن الكثيرين من اصحاب الرؤية المشوشة اختلطت
افكارهم واخلاقهم وطموحاتهم بهذه الفوضى ألمبدأية وتنفست ضمائرهم هواء
الظلم..
وعدد غير قليل من افراد وزارة الصحة ومؤسساتها كان
لهم نصيب وافر من هذه التربية الطاغوتية ولا يخفى على احد ما لهذه
الوزارة من أهمية في المجتمع وحجم السلطات والأغراءات المادية فيها.
وهؤلاء الأفراد وإن لم يكونوا أعضاء في حزب البعث
أو ضباط أمن أو مخابرات لكنهم بشكل أو بآخر يشكلون اذنابا للطغيان
ومازالوا لحد ألآن يحملون اخلاق الظلم واستعباد ألآخرين لما يسيطرون
عليه من مواقع ونفوذ.
ولقد كانوا سابقا يتفاخرون بمعرفتهم فلان عضو قيادة
في البعث أو فلان ضابط مخابرات اصبحوا ألآن هم انفسهم يلصقون انفسهم
وينتسبون الى فلان في الحزب الفلاني وهكذا يستمرون بالتلون.
وعلى سبيل المثال لا الحصر ان صدام قد اعطى لبعض
ألأطباء صلاحيات واسعة قد تصل الى صلاحية التوقيف دون ان يساءلوا وهم
بدورهم قد استخدموا هذه الصلاحيات بدون حساب وبما تمليه عليهم اهواؤهم
ومصالحهم وحبهم لاستعباد ألآخرين. وأيضا كان اذا دخل احدهم لمكان عمله
يشحن ذلك المكان وتخيم عليه اجواء التوتر التي ترافق صدام،وكان
لايتوانى احدهم عن قطع ارزاق العاملين بدم بارد لأقل فعل يكون بنظره
خطأ.....ومع ذلك فأنه لم يكن بعثيا!!
وكان هؤلاء يتحكمون بمقاليد الامور في الوزارة
ومؤسساتها فالمميزات لهم والايفادات خارج القطر لهم والتسهيلات بينهم
متاحة ومحظورة على الآخرين ومازالوا كذلك.
وأنهم يكيدون لكل من يريد التعرض لامبراطورياتهم
الديكتاتورية مغطين كيدهم بحجج شاع استخدامها لايقاع الاذى بالآخرين
وكلمات حق يراد بها باطل فتارة المصلحة العامة التي تمكنهم من فعل اي
شئ واخرىبحجة الكفاءة العلمية واخرى بقرار مجلس قيادة الثورة المشؤومة....
وكثير من الحجج التي تسخر لخدمة مصالحهم الشخصية وحرمان ألآخرين من
ابسط الحقوق لحسابهم الشخصي، ولو انهم كانوا يحاسبون انفسهم بما
يحاسبون به غيرهم لما استطاع هوس صدام الاستعبادي ان يصل الى ما وصل
عليه فهم مسؤولون من هذه الناحية عن تقوية ودعم النظام الظالم.
ان مانريد قوله اننا لانريدان يكون التعامل مع
هؤلاء بنفس اخلاقيات النظام البائد في البطش والتنكيل وبالطرد وقطع
الارزاق ولكن نقول ان بعض الافراد قد فشلت ضمائرهم بتقويم سلوكهم بل
انهم لم تكن لهم ضمائر اصلا الا غريزة الانانية التي طغت على كل شعور
وعاطفة انسانية، اذا يجب ان يكون عليهم رقيب خارجي يتابع تصرفاتهم
ويضرب على ايديهم اذا اقتضى الامر ويجب ان تنتزع كل الامتيازات خارج
اطار الجهد العلمي الذي يبذل من هؤلاء فقد كانت دائما لهم امتيازات
ونفوذ تفوق طبيعة عملهم وصلاحيات واسعة يمكن تسخيرها دائما بما يتوافق
وأهوائهم ورغباتهم، وكل ذلك بما تفرضه علاقاتهم مع مجرمي النظام السابق
فتحولوا الى ادوات ذكية لخنق ارادات الشباب ومذبح لطموحاتهم...
وكذلك يجب ان يشعر العامل في أي مؤسسة ان هناك جهة
يمكن ان يلجأ اليها ان تعرض للظلم من قبل رئيسه في العمل لا ان يتكالب
عليه كل المسؤلين فيصهرون ارادته وشعوره في بوتقة ظلمهم المستمد من ظلم
الطاغية الاكبر...
والاسماء كثيرة والاحداث المؤلمة اكثر...وكل
العاملين في الوزارة ومؤسساتها شهود على ذلك...
وآخر ما نريد قوله لهؤلاء، قوموا سلوككم عسى ان
يغفر لكم الله وابناء شعبكم اعمالكم التي ما زادت النظام البائد الا
رسوخا وتسلطا على الناس...
والذي نرجوه من ألوزير ألجديد ان يحمل كل ذلك محمل
جد ولايتهاون به ابدا وكفانا استخفافا بالحقوق المهدورة.
بسم الله الرحمن الرحيم(الذين ان مكناهم في الارض
اقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وامروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله
عاقبة الامور) . |