على هامش المجلس التأبيني الذي أقامته الحوزة
العلمية الزينبية في دمشق بمناسبة استشهاد آية الله السيد محمد باقر
الحكيم (قدس سره) كان لنا الحوار المقتضب مع سماحة آية الله السيد
مرتضى الشيرازي حفظه الله، وسماحة الشيخ ناصر الأسدي.
دوامة العنف في العراق أدت إلى استشهاد السيد
محمد باقر الحكيم وثلة من المؤمنين.
*
بتصور سماحتكم كيف يمكن التصدي لهذه الظاهرة
الخطيرة تاسيساً لمنهج اللاعنف الذي بشر بها سماحة الإمام محمد الحسيني
الشيرازي (قدس سره)؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا
محمد وآل بيته أجمعين واللعنة الدائمة على أعدائهم إلى قيام يوم الدين.
هذا السؤال في الواقع له شعب عديدة والإجابة
عليه تتطلب شرحاً مفصلاً إلا أننا نشير إلى جانب واحد من تلك الجوانب
وهو أن هذه المأساة والمأسي التي تحدث في العراق لها جذور وعوامل عديدة
ولها حلول وبطرق متعددة إنشاء الله نستعرضها في وقت لاحق، باعتبار
سؤالكم كان حول منهج العنف واللاعنف حيث هناك قاعدة واضحة هي أن دوامة
العنف يمكن أن تستمر، إلا أنها تحتاج للمزيد من الحكمة والتعقل، والحزم،
ومن البنود الأساسية اعتماد اللاعنف الذي هو خيار استراتيجي حيث عمل به
النبي الأعظم (ص) عندما فتح مكة رغم أن أعدائه وعلى رأسهم أبو سفيان
كانوا قد جندوا كل طاقاتهم للقضاء على النبي (ص) وعلى دعوته إلا أنه
واجههم بمنهج اللاعنف حين قال (ص) اذهبوا فأنتم الطلقاء إذاً لماذا قال
لهم النبي (ص) هكذا؟ لأنه (ص) كان يعرف أن اللاعنف يوقف دوامة العنف
وأنه لو واجه العنف بالعنف لاستمرت حالة اللاستقرار والفتنة، لذلك
النبي (ص) بعد فتح مكة وضع عليها حاكماً اسمه اتاب بن اسيب عمره 22 سنة
معه حارسان مع أن والوضع الأمني كان مستقراً والسيد الوالد (سماحة آية
الله العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي) رحمة الله عليه كان يرى أن
اللاعنف خيار استراتيجي وكان يؤكد وقبل وفاته رضوان الله عليه على
موضوع اللاعنف حيث كان يقول: إذا سقط النظام في العراق يجب من باب
الأهم والمهم لنا أن لا نجازي البعثيين رغم كل جرائمهم ورغم كل تاريخهم
الأسود بما يستحقون مع أنهم يستحقون العقوبة من الناحية الشرعية
والقانونية والعقلية إلا أنه حفاظاً على مصلحة الوطن واستقرار الأوضاع
كان ينبغي ألا تصدر فتاوى بقتلهم جميعاً كما حدث وصدرت بعض الفتاوى
لآخرين وكيلا يتخذ موقف مضاد، وهناك مثل معروف يقول (لو الهرة حوصرت
فإنها تستأسد على الإنسان فتهاجمه) صحيح أن الأمر صعب جداً وأن هناك
الكثير من الضحايا وكثير من القتلى وكثير من المعذبين (مئات الألوف من
العراقيين بل الملايين إلا أن المصلحة الأهم كانت تقتضي بانتهاج منهج
اللاعنف.
إن عدم الاستقرار والمعاناة والظروف سيظل منهج
اللاعنف حيث أن هذا المنهج يوفر ضمانات متعددة وعدم توفير هذا المنهج
يولد مضاعفات كثيرة ومن الضمانات التي أشرت إليها تفويض الأمر إلى
الناس ولو أن قوات التحالف فوضت الأمر إلى الناس وكانت الحكومة منتخبة
من قبل الناس وكانت الحكومة منتخبة من قبل الناس لأغلقنا بذلك الطريق
على أي محاولة تخريبية حيث أن الاعتماد على منهج الانتخابات وتفويض
الأمر إلى الشعب العراقي يقوض منهج العنف من جانب ويقوي وحدة وتماسك
الشعب من جانب آخر ويتم بذلك التركيز على القواسم المشتركة ونبذ
الخلافات الجانبية... ولكن علينا أن نتوجه أولاً إلى الله سبحانه
وتعالى ونتضرع إليه لكي يكشف هذا الغمة عن هذه الأمة حتى تعود الحياة
الطبيعية بإذن الله تعالى ويعود العراق بلداً حراً ومزدهراً، أبياً
كريماً، ومستقراً.
لأن استقرار الوضع الأمني في العراق إضافة إلى
أن مصالح البلد هو مهم بالنسبة لدول المنطقة والعالم كله ونحن نسأل
الله تعالى أن تستقر الأمور في بلدنا وكذلك جميع البلدان الأخرى.
لقاء سماحة
الشيخ ناصر الأسدي
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
* يتحدث بعض الأخوة عن أهمية الحوار والتعددية
واحترام الرأي الآخر لتجاوز المحنة في العراق كيف برأيكم يتأسس هذا
الموضوع؟
في الواقع الظروف الحالية معقدة وصعبة لكن هناك
رجال مجاهدين مخلصين دعوا إلى وحدة المسلمين وذلك من خلال التجمعات
والمؤتمرات المشتركة ولجان التنسيق مع المراجع الدينية العظام وهذا
يحتاج إلى خطوات داخل كل طائفة وكذلك بالنسبة للآخر بالرغم من وجود بعض
الجهات المتشددة لكن ليس لها دور وتأثير في الواقع وإنما الدور لساحة
الشعب العامة ورموزه ومن العلماء والشخصيات المناضلة وهي موجودة في
العراق وإنشاء الله ستكون مقدمة إيجابية وخطوة صحيحة نحو المستقبل ونحن
ننظر بعين التفاؤل لمستقبل العراق لكن المستقبل يحتاج إلى تضحيات وبذل
جهود.
* ما رأي سماحتكم وردكم على بعض الفتاوى التي
صدرت من خارج العراق بخصوص الحكم الانتقالي في العراق؟
أعتقد أن الذين يعيشون خارج المعادلة العراقية
ليس من اختصاصهم القضية العراقية، القضية العراقية فيها من التعقيد ومن
الحيثيات والملابسات كما هي خاصة ومن صميم القضية العراقية، وبغياب
الدولة ووجود الاحتلال يلزم البدء من نقطة تأسيس دولة قانونية وإجراء
انتخابات مع دستور جديد إنشاء الله تكون الأمور صحيحة نسبياً هذا أملنا
وأنا مطلع على بعض هذه الفتاوى.. بينما هم غير مطلعين على جوهر الأزمة
العراقية، هل يريدون أن نعبئ الشعب ضد الاحتلال مثل ثورة العشرين؟ نحن
غير مقتنعين به، شعبنا في العراق جريح ولديه معاناة حياتية كبيرة وهناك
الكثير من الموضوعات الإنسانية المطلوب توفيرها... وشعب العراق مشهود
له بالثورات، لكن الآن من غير الممكن المواجهة المسلحة، الشعب يريد
فرصة ويحتاج إلى جهود كل أبناءه وقياداته وأحزابه، وإنشاء الله سيشرق
فجر جديد للعراق فجر الاستقرار والتعددية والاستقلال والحكومة الوطنية
الحقيقية.
أجرى الحوار:
بسام محمد حسين،
شبكة النبأ
aboalibassam@gawab.com |