عن الإمام علي بن الحسين زين العابدين (عليه
السلام)
(وأما حق ولدك فأن تعلم أنه منك ومضاف إليك في
عاجل الدنيا بخيره وشره وأنك مسؤول عما وليته به من حسن الأدب،
والدلالة على ربه عز وجل والمعونة له على طاعته، فأعمل في أمره عمل من
يعلم أنه مثاب على الإحسان إليه، معاقب على الإساءة إليه) (رسالة
الحقوق للإمام السجاد –ع).
الطفل هو اللبنة الأولى في المجتمع.. إن أحسن
وضعها بشكل سليم، كان البناء العام مستقيماً مهما ارتفع وتعاظم...
وهو نواة الجيل الصاعد، التي تتفرع منها أغصانه
وفروعه..
وهو الرافد الذي يمد بركة المجتمع بالرصيد
الاحتياطي دائماً.
لذا الإمام السجاد (ع) لم يفته أهمية توجيه
الآباء إلى الاعتناء بفلذة أكبادهم، وثمار قلوبهم ورياحيين حياتهم
والأخذ بأيديهم إلى شواطئ الأمان وذلك بالدلالة على ربه عز وجل
والمعونة له على طاعته، ألا بذكر سبحانه وتعالى تطمئن القلوب، خصوصاً
في زمن مضطرب وقاس وعالم طافح بالخوف والقلق، ومن المسائل المهمة التي
يتعرض لها المجتمع البشري هو الخوف، لأنها من الأمور التي يواجهها
الأبوان والمربون على الدوام في ما يتعلق بأبنائهم، ولكونها مصدراً
للكثير من الاضطرابات السلوكية لدى الأطفال وحتى الفتيان والشبان أيضاً.
وماهية الخوف هو استجابة لتهديدات واقعية أو
وهمية، ومرده إلى الانفعالات الممتزجة بحالة الانتظار عند الإنسان،
وتظهر لدى الإنسان حينما يجد نفسه معرضاً للإصابة بالضرر أو الفناء،
فتثير فيه الرغبة نحو حفظ وجوده وصيانة ذاته.
فالحادثة المحتملة أو الواقعة تثير لدى الإنسان
مشاعر الذعر وتجعله يتوجس خيفة بأنها تهدد حياته بالخطر، وكلما تعمق
هذا الشعور كانت نسبة الخوف أشد، إلى أن يصل الشعور بالخطر إلى حد
الموت، وهنا يتحول الخوف إلى أخطر مراحله وتكون النتائج والأضرار التي
يتمخض عنها في أعلى حدّ وأقصى درجة بحيث يسلب من الإنسان استعداده
البدني وقدرته على الحركة والعمل، ويُحدث نوعاً من الاختلاس في جسمه
والأبعاد الأخرى من حياته، إذ يؤدي إلى شل حركة الشخص ويجعل منه تمثالاً
لا روح فيه ولا نشاط، وهو خالٍ من القلب والشعور، والأهداف مضيعة،
والحقيقة هي أن هذا الشعور المقيت لو خرج من حد الاتزان لصار من أسوأ
عوامل الشقاء والتقهقر.
وفي سياق ذلك دعت دراسة تربوية إلى ضرورة إتباع
أساليب تربوية استراتيجية للتغلب على حالات الخوف عند الأطفال وتوفير
بيئة خالية من المخاطر التي يهابها الطفل ويتخلص من الأوهام دون إكراه.
وحول أهم أسباب الخوف المفرط عند الطفل أفادت
الدراسة أن التعرض لمواقف غير معتادة وبلا تهيئة والإفراط في الشدة
عليه أو ضربه تدفع الطفل إلى الخوف والجبن والكذب والكسل بالإضافة إلى
دفعهم على طريق العنف والعدوانية والكراهية بدل الحب.
وأيضاً الأسرة قد تكون مصدر الخوف لسياستها
التسلطية في التعامل أو الانتشار البدع والخرافات فيها فينشأ الطفل لا
يعرف مبادئ التفكير الموضوعي ويؤمن بأوهام يعتقد أنها حقائق كما أن
البيئة المليئة بالتوتر والشحناء والقلق واستهزاء الأهل أو الاقران
بوصفه بالجبن.
وأوضحت الدراسة أن من مظاهر الخوف حب الطفل
للحماية الزائدة والاتكال حتى في أبسط حاجاته والتردد والابتعاد عن
المبادرة في طرح الأفكار وفي اللعب وسرعة الانفعال وعدم السيطرة وتجنب
الظلام التام والخوف من المدرسة وفي أقصاها سرعة التنفس واللجلجة في
الكلام والتعرق الزائد..
وحول طرق العلاج ذكرت الدراسة أبعاد ما هو مخيف
للطفل مؤقتاً حتى يذهب الخوف، واستماع الكبار للطفل دائماً وتفهم
مشكلته دون تسفيه مشاعره المحبطة.
كما أن الاعتدال في حمايته ومعاملته بطريقة
متوازية وتعويده على أداء مهامه التي يستطيع الوفاء بها بنفسه دون
اعتماد على الغير، كما عن الإمام علي (ع)
(إذا هبت أمراً فقع فيه، فإن شدة توقيه أعظم مما
تخاف منه)
فتعويده على الجرأة محمود العواقب لما للتلقين
من أثر كبير على مرّ الأيام وأيضاً بتجنب البرامج التلفزيونية المخيفة
والأخبار المرعبة وحسن اختيار البرامج والألعاب.
وأوصت الدراسة بتوفير بيئة آمنة يتدرب الطفل
فيها على الثقة بالنفس والمواجهة السليمة وبتدربه يتحمل مسؤولية أعماله
بنفس مليئة بالتفاؤل ليتخلص من مخاوفه الوهمية والسمعية والبصرية.
لكن الطفل يحتاج إلى قدر معقول من الشعور بالخوف
من الغرباء ومواطن الخطر والآلات الحادة كي يكون حذراً من كل أمر يهدد
سلامته فيتجنب المخاطر بسهولة. |