ومعنى كون الحكم مرضياً بالإضافة إلى انتخاب
الناس أمران:
الأول: أن يكون الحاكم ممن يرضه الله سبحانه،
بأن يكون فقيهاً، صائناً لنفسه، حافظاً لدينه، مخالفاً لهواه، مطيعاً
لأمر مولاه، فإن الصائن لنفسه بأن لا يأتي بالمحرمات، والمطيع بأن يأتي
لأوامره والمخالف لهواه بأن لا يتطلب المحرم – نفسياً – والحافظ لدينه
بأن تقف نفسه على الواجب فالأربعة المذكورة أثنان منها تذكر الأعمال
إيجابياً وسلبياً وإثنان منها تذكر كصفة النفسة سلبية وإيجابية،
والصفاة النفسية وأن لم تكن ذات تأثير في الطاعة والعصيان (في غير مثل
الكفر والإيمان) الخ
أ) أن يؤخذ القانون من الأدلة الأربعة
أ) عدم تأثير الظروف والأهواء في الأول بخلاف
الثاني
ب) ومن جهة علم الله سبحانه ما يصلح البشر، وجهل
المشرعين مهما كانوا نزيهين ومعتدلين.
ج) ومن جهة أن الحكم المستند إلى الله يوجب
اطمئنان الإنسان في الاستناد إليه بخلاف الحكم الموضوع من قبل البشر،
حيث لا يصلح، للاستناد فإن كل شيء من الخلق والأمر لا بد وأن ينتهي إلى
ما بالذات وإلا كان ورائه شيء ص 335 – الفقه السياسة.
بحوث في الأحزاب لسماحة الإمام محمد الحسيني
الشيرازي (قدس سره)
أصل تكون الأحزاب كافة هو وجود الفوارق النفسية
بين الناس، فبرأي سماحة أن كل جماعة وأمة وشعب وقبيلة، لا بد وأن يوجد
بينهم أناس لهم صفات نفسية متميزة وكفاءات خاصة وميز حاجة البشر
للأحزاب أما بسبب الإنانية، أو المشاركة الوجدانية، الإشباع رغبتهم في
السيادة والأنانية، وأما لجعلهم خدمة الناس بالقيام بحوائجهم ويلحظ
سماحته أن الحزب موجود منذ الأول، وإنما اختلفت الضوابط والخصوصيات
وتطورت حسب تطور الزمان، وفرق سماحته بين الحزب السياسي وبين الجمعية
السياسية فالحزب عبارة عن جماعة ذات ضوابط خاصة تريد الوصول إلى الحكم
بينما الثاني يكون (الجمعية السياسية) في هامش الحكم، مثل ما يسمى
حكومة جمعية الصداقة، وضح سماحته سبب وقع العراق في أنياب الاستعمار،
حيث أن القائد المخطط للثورة ضد المستعمر وهو آية الله الميرزا
الشيرازي (قدس سره) مات سماً عند بزوغ الاستقلال، ولم يكن لمن بعده
الرؤية والشعبية التي تمكنه من إيصال سفينته الاستقلال إلى الشاطئ
بسلام، وبين عدم الرؤية المستقبلية، وعدم النفوذ الشعبي سقط العراق في
أنياب المستعمر البريطاني العجوز.
(أركان التكتل الحزبي)
إن السياسيين قالوا بأن الحزب لا بد أن تكون له
أركان خمس ص 354 الفقه السياسة لسماحته.
1- يجب أن يكون الحزب شلالاً مستمراً، لأن
الواجب في الحزب النشاط المتزايد المتدفع، وإلا فلو سار الحزب سيراً
جريانياً لتوقف عن التزايد الكمي والكيفي، وكل شيء ليس فيه تزايد، آفل
إلى الزوال، كما ورد في الحديث: (ومن لم يكن في زيادة فهو في نقصان)
وألمح سماحته أهمية دور الحزب كقوة جبارة بوصفها شلالاً، وإذا تباطئ
دوره فإن الأحداث تلطمه وتلطمه حتى تمحيه من الوجود.
الفلسفة الحزبية
أن يكون له فلسفة حزبية ينبعث منها، فليس الحزب
عملاً خارجياً فقط، وإنما فلسفة توجب شد بعض أجزائه ببعض، وتحدد له
هدفاً ووسيلة وتكون هي المرجع عند الاختلاف – وقدم سماحته مثلاً إنا
نريد تطبيق الشريعة الإسلامية، يكون تطبيق الشرعية الإسلامية بأسلوب
اللاعنف المستفاد من (أدع إلى سبيل ربك...) أو أدخلوا في السلم كافة
ص355 الفقه السياسة لسماحته، وشدد سماحته على أهمية ودور فروع الحزب
المرتبطة بالنواة المركزية للحزب وأنها بمثابة كالبدن المقطوع أجزائه،
في حال عدم ارتباطها بالمركز ارتباط الحزب بالجماهير.
يلزم أن يكون الحزب مرتبطاً بالناس، ارتباطاً
وثيقاً، ص 356 إذ أن ذلك هو الذي يمكن الحزب من التوسعة الكمية
والكيفية والتصاعد، ونوه سماحته إلى أن الناس هم مصدر الاستمرار
والتوسع والتصاعد، وبدون هذه الثلاثة يقطع الناس علاقتهم به، إذ الناس
لا يريدون دكتاتوراً في الفكر ولا دكتاتوراً في العمل، ولا من يريد
السيادة عليهم، بل يريدون من يفهمونه ويفهمهم ومن يعطونه ويعطيهم ومن
يخدمهم لا من يستخدمهم وشرح سماحته حاجة الحزب السري إلى مثل هذا الشيء،
يعتبر مثل السمكة في الماء فكما أنه إذا نضب الماء ظهرت السمكة وماتت.
الهدف: الوصول إلى السلطة: يلزم على زعماء الحزب
أن يكون هدفهم الوصول إلى الحكم، سواه لوحدهم أو بمعاونة الأحزاب الأخر...
كما في الأحزاب المبنية على الديمقراطية، وإلا
فإذا لم يقصد الحزب ذلك لم يكن له هدف سياسي.
ولكي يكون الحزب ناجحاً؛ كانت وصية سماحته:
1- فهم السياسة والاقتصاد والاجتماع فهماً كاملاً.
2- الاتصاف بالحزم واللين والرفق والاستقامة
وروح الشورى والواقعية مستدلاً بقول الشاعر:
وأحزم الناس من لم يرتكب عملاً.. حتى يفكر ما
تجنى عواقبه. |