ذكرت دراسة حديثة أن نحو ثلاثة من كل أربعة منازل يمتلكون واحدا أو أكثر من أجهزة الكمبيوتر الشخصية في سنغافورة البارعة في التكنولوجيا. وترتفع الارقام الواردة من هيئة تنمية إتصالات المعلومات بنسبة  68 في المئة عن عام 2002. وقالت الهيئة ان هناك وعيا كبيرا بين العائلات عن أهمية استخدام تكنولوجيا المعلومات وبرامج التعليم الوطني.. كما ساعدت الصفقات المالية الجذابة على تزايد دخول الانترنت إلى المنازل. وأسفرت خطط نظام الاشتراك الشهري لخدمة الانترنت الممكن تحملها إلى اشتراك  40 في المئة من المنازل التي جرى استطلاع آرائها في النظام العام الماضي 2003 مقارنة بنسبة  24 في المئة عام 2002.

 

إنَّ سكينةَ القلبِ تُوجبُ الاتزانَ في التفكيرِ، وهو بدورهِ يوجبُ التحرُّكَ الصحيحَ نحوَ الأهدافِ الرفيعةِ.

ايران في جولة ثانية: انكشاف اوراق اللعبة.. انتخاب السيئ لتفادي الاسوء
إغلاق صحف إيرانية جديدة بسبب إشكالات الانتخابات الأخيرة
استجواب صدام واعوانه تمهيدا للمحاكمة الكبرى
إنجاز 70 - 80% من صياغة الدستور العراقي الجديد
75 بالمائة من الفلسطينيين يؤيدون تخلي حماس عن العنف
ندوة الوثائق التاريخية للقدس محاولة عقلانية لإيقاف تهويدها
التغذية السليمة تضمن للانسان ذاكرة نشطة حتى سن التسعينات
 
 
 
 

 

تنمية على الطريقة الأفريقية

فيليب انغلهارد*

أفريقيا التي تهملها العولمة فشلت في الإقلاع الاقتصادي الذي طالما بشرت به المؤسسات الدولية، ذلك أن خطة التنمية التي تفرضها عليها هذه المؤسسات، أي السعي إلى عملية تنمية ترتكز على الاستثمارات والتصدير، لا تتكيف وحاجات القارة السوداء، إذ يجب أن يستند النهوض بالأحرى إلى (اقتصاد واقعي) وأن يتمحور حول نقطة اهتمام مركزية واحدة هي مكافحة الفقر. وهذه المقاربة الأكثر صواباً وفاعلية تؤكد عدم انحصار النمو في نموذج وحيد. وهذا ما يمكن أن تعلّمه أفريقيا للعالم إذا ما عادت إلى الإمساك بزمام الأمور بنفسها.

خلال الثمانينات، كان الناتج الإجمالي الوطني للفرد في أفريقيا يتراجع بوتيرة متوسطة نسبتها السنوية 1.3%، ليهبط وبسرعة أكبر ما بين 1990 و1994 (تراجع بنسبة 1.8% سنوياً) (1)، ولشرح هذه النتائج الضعيفة يتم اللجوء إلى تكرار مقرف للصور المنظمة المعتبرة الأكثر إعاقة للقارة السوداء: الضغط السكاني الهائل، السياسة الاقتصادية السيئة، الفساد والظروف الطبيعية غير المؤاتية تماماً والخدمات العامة المحدودة...

حالياً، يقدم بعض المحللين المقربين من البنك الدولي شرحاً أقل تكراراً لكنه غير وافٍ أيضاً، ويرون أن أفريقيا تعاني عجزاً في (الرأسمال الاجتماعي) (2) وينطبق هذا المفهوم على قدرة المجتمع والمؤسسات الحكومية، القضائية بالتحديد، على إزالة المخاوف وإشاعة جو الثقة (ثقة المستثمرين في الدرجة الأولى).

فلماذا هذا العجز؟ حتماً أن المسؤولية تعود إلى التنوع الأتني الأكثر ارتفاعاً في أفريقيا من أي مكان آخر. إنما هذا التعدد لا يعني دائماً العداوة. ففي دول الساحل مثلاً نتج من تعدد الكيانات نمط شبه فريد في إدارة التنافر بين السكان، حيث تعامل الأتنية المجاورة وفق علاقات القربى، لكن حتى وإن لم يكن في الإمكان نفي (الاقتصاد الاستئثاري، وهو ليس نتيجة العلاقات الاتنية بقدر ما هو نتيجة العشائرية (3)، فإن هذا الإيضاح غير كافٍ، ولماذا تأتي نتائج هذه العشائرية أكثر إيذاءً هنا من مناطق آخرى؟

كانت الصدمات التي تلقتها القارة الأفريقية منذ ثلاثة قرون مدمرة، فتغريب العبيد المكثف (على الأقل أثناء عشر مليوناً من الشبان رجالاً ونساء) والغزو والاستعمار والأنظمة الاستعمارية الجديدة كلها أحداث تركت حتماً آثارها، وأزمة السبعينات نفسها كانت زلزالاً حقيقياً (4)، فتفجر العنف والقبلية هو على أكبر احتمال من مخلفات هذه الصدمات والخطر الرهيب الذي تجسده العجز الجماعي النسبي الذي نتج منها أو تفاقم بسببها.

لكن مسألة التنمية الحقيقية مختلفة كلياً، فكيف تتمكن القارة الأفريقية من إعادة بناء ذاتها حول مشروع مجتمعي ديمقراطي؟ ومن الصعب التطلع إلى هذا الطموح في ظل المفاهيم الاقتصادية السائدة، فالمفترض أن يصار إلى وضع تصور لـ(اقتصاد جديد) يتلاءم ومواصفات القارة السوداء ويستجيب الهمين الأساسيين أي العدالة والفاعلية، وهذا ما يمكن تحقيقه عبر جعل مكافحة الفقر رافعة للتغيير الاجتماعي والسياسي كما للنمو والتنمية، وهذه الخطة المنسجمة مع الأسس الأخلاقية والمنطقية هي وحدها الكفيلة فك الطوق الذي لا يزال يضغط على الشريحة الكبرى من الشعوب الأفريقية.

منذ عقدين والشائع عن مفهوم التنمية يستند إلى المبدأ المصوغ ضمناً وعلناً أن النمو الاقتصادي وحده هو الذي يقضي على الفقر، وعلى ما يقال فإن هذا النمو يجب أن يكون مشدوداً إلى عجلة الصادرات والاستثمارات الخارجية على أن ينشط نمو الاقتصاد العالمي نهضة هذين العاملين نفسهما(5). وبقدر ما تقلص المعوقات أمام الحرية الاقتصادية على مستوى العالم بقدر ما تزداد قوة هذه النهضة (الدوامة الصالحة) من هنا خفض الرسوم الجمركية وعمليات الخصخصة وأخيراً فإن إقامة الديمقراطية ودولة القانون تشكل شرطاً شبه واجب للنمو إذ أنها تخفف من سوء سير النشاطات الاجتماعية والمالية والسياسية التي تقف عائقاً في وجهه.

هذه التأكيدات هي على درجة كبيرة من الهشاشة رغم ما يبدو فيها من انسجام ظاهري.

فأولاً، إذا ما توصل النمو العريق في أوربا (وحتى أيضاً بنسبة معينة النمو المؤخر في شرق آسيا وبعض بلدان أمريكا اللاتينية مثل تشيلي) إلى الحد من حالات الفقر أو إلى اجتثاثها، فلا شيء يسمح بالاستنتاج أن الأمر سيكون كذلك دائماً وفي كل مكان، ولا يبدو أن النهضة المؤخرة في بعض البلدان الأفريقية قد ساهمت في تراجع حالات البؤس، فقد وجدت مالي مثلاً، ورغم نسبة النمو البالغة فيها 6 في المئة أن معدل الفقر يرتفع بنسبة 28 في المئة منذ العام 1995م.

وثانياً، في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى يبدو الاحتمال ضئيلاً أن تشكل زيادة الصادرات والاستثمارات الخارجية محركاً كافياً لحركة النمو.

فالبلدان الواقعة جنوب الصحراء لم تؤمن سوى اثنين في الألف من الصادرات الدولية – مقابل 5 في الآلف العام 1976 (6) – والوضع لا يتحسن سريعاً، وإذا ما كانت وكالة التنمية الفرنسية تعدد ست عشرة (قصة نجاح) حققتها بعض الشركات الأفريقية، فإن أياً منها لم يبرهن عن نجاح ما في السوق العالمية في القطاع الصناعي (7)... أما بالنسبة إلى المعونات الخارجية فلا يزال الاحتمال الأكبر أنها ليست مكثفة في الشكل الكافي تولد تغيراً اقتصادياً ملموساً، وفي الواقع، تتوجه الاستثمارات الأجنبية المباشرة في أفريقيا (3 أو 4 في المئة فقط من مجمل التوظيفات التي تتم في بلدان الجنوب) في شكل أساسي نحو البلدان البترولية ونحو الاقتصادات الأقل حرماناً.

وثالثاً، فلنتصور (بفرضية متفائلة جداً) أن نمواً اقتصادياً قوياً ودائماً استطاع أن يقلع، ولنسلم حتى (وهنا فرضية أكثر تفاؤلاً أيضاً) بأن هذا النمو وزع في شكل عادل، فمع تطور سنوي نسبته 5 في المئة في الناتج القومي الإجمالي، يحتاج الأمر ربع قرن كي تحقق البلادن الواقعة جنوب الصحراء مستوى دخل للفرد الواحد معادلاً له في تونس اليوم... فالأجيال الجديدة التي تفقد انضباطها شيئاً فشيئاً ويتنامى عددها أكثر فأكثر لن تكون أبداً مستعدة للصبر طويلاً، وأساساً هناك عدد من العواصم الأفريقية يعيش على برميل بارود. فليس الظرف إذاً ملائماً للتباهي باستعراض معدلات النمو، بل يجب أن يتوجه الاهتمام إلى تقليص معدلات الفقر.

ورابعاً، إذا سلمنا بأن النزعة إلى عولمة الاقتصاد والاتصالات والأسواق المالية غير قابلة للمناقشة إلى حدّ ما، فليس من المحتم أن تنتج منها استفادة جميع البلدان. ذلك أنه يسقط من الأذهان بسهولة كبيرة أن نصف البشرية تعيش خارج (اقتصاد الحداثة العادي) وأساساً لا تعني النهضة، هذا إذا وجدت، إلا بعض المناطق والمراكز المزدهرة التي يتزايد ترابطها لتشكل نواة صلبة للرأسمال الكوني، وهناك أطراف بأكملها من بلدان الجنوب، ومنها أفريقيا، يمكن ألا تستفيد إلا في شكل هامشي من نهضة هي في الواقع بعدية عن العالمية، أياً تكن الأمور، هناك حال تشكل انذاراً لنا وهي أن لا معدلات النمو ولا مداخيل الأفراد تبدو متساوقة في العالم (8).

وأخيراً، فإن أمام العولمة جميع الفرص كي تصبح ساحة للتخبط، وذلك في غياب حد أدنى من التنسيق، وخصوصاً بدون تعزيز دولة القانون والديمقراطية، ولكن عن أي ديمقراطية وعن أي دولة قانون يجري الحديث؟ فعلى أفريقيا (تطبيع) الديمقراطية بحسب تركيبتها وتاريخها، ولا يمكن هذا التطبيع إلا أن يكون ثمرة تغيير اجتماعي وسياسي في العمق، فيفترض وضع أنظمة مشتركة شرعية (أي وفق خصائصها الداخلية رمزياً) والتوصل إلى احترام فاعل للحقوق، بدءاً بحقوق الأكثر ضعفاً، فطالما لا يكون الفقراء، وهم الغالبية، قادرين على استخدام حوافز الديمقراطية لتحقيق سياسة واقتصاد في مصلحتهم، فإن هذه الديمقراطية ستبقى لبوساً مؤسساتياً سطحياً.

فضمن الظروف الحالية لا يمكن لخطة التنمية الحالية أن تؤتي قريباً نتائج فضلى على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، مما يفرض إذاً اعتماد مفهوم نمو مختلف كلياً، يكون هدفه القضية الرئيسية في أفريقيا وهي مكافحة الفقر. ويرتكز هذا (الاقتصاد الجديد) الأكثر عدالة وفاعلية على خطين أساسيين أو على رافعتين، فمن جهة إعادة النظر في تقديم الهبات والخدمات الأساسية، ومن جهة أخرى تحديد (الاقتصاد الواقعي) في القارة السوداء أي سماته الخاصة والعمل على أساسها.

ومن الملاحظ أن هناك توافقاً بين معظم التقديرات. فستون في المئة من شعوب أفريقيا الواقعة جنوب الصحراء هي في وضع يقارب عتبة الفقر أو ما دونها، ويعاني أربعة أفارقة من ستة سوء التغذية، أما معدل الحياة فهو الأدنى في العالم، وما يفسر حال البؤس هذه، في شكل مأسوي، هو عدم توافر الثروات والخدمات الأساسية للسكان أو قلتها (التربية، الصحة، الماء، النظافة، النقل، الطاقة، الاتصالات...) وهي التي تجعل الحياة الإنسانية حقاً، ممكنة، وهم لا يحصلون عليها لأن تأمين هذه الثروات يتم في معظم الأحيان وفق معايير الدول الصناعية، فينتج من ذلك أن كلفة الكيلواط في الساعة، أو متر الماء المكعب، أو ليتر البنزين أو علبة دواء النفاكين هي إلى حد ما نفسها ما بين باريس ودكار وابيدجان أو بامكو، غير أن المداخيل في ابيدجان وباماكو ودكار هي أقل ثلاثين إلى أربعين مرة مما هي عليه في باريس!

 


* فيلسوف وعالم اقتصاد له:

Lafrque, miroir do monde. Plaidoyer pour une nouvelle economie, Arlea, Paris, 1998.

شبكة النبأ المعلوماتية -الثلاثاء 2/9/2003 - 4/ رجب/1424