نظم مسلمو وعرب أمريكا ومنظماتهم منذ شهر أبريل
الماضي حملة ناجحة للاعتراض على ترشيح الرئيس الأمريكي للكاتب دانيل
بيبس – المعروف عنه تعصبه الشديد ضد الإسلام والمسلمين – في مجلس إدارة
"معهد الولايات المتحدة للسلام" وهو مركز أبحاث فيدرالي يموله دافع
الضرائب الأمريكي، وقد نجحت الحملة في كشف رؤى بيبس المتعصبة وقادت إلى
نتائج إضافية هامة على رأسها أنها لم تقتصر على مسلمي وعرب أمريكا بل
ضمت إلى جانبهم منذ بدايتها تحالفا كبيرا من المنظمات الأمريكية
المعنية بالسلام والحقوق والحريات المدنية والتقارب بين أبناء الأديان
والتي رفضت تعصب بيبس.
وقد اعتبرت المنظمات المسلمة والعربية الأمريكية
هذا التحالف - والذي نمي بشكل طبيعي وتلقائي - أحد أهم ثمرات حملتهم،
والتي جعلت من ترشيح بيبس مثار جدل كبير في الأوساط العامة الأمريكية
وفي مجلس الشيوخ الأمريكي، الأمر الذي دفع الإدارة الأمريكية في
النهاية إلى تفادي سير عملية تعيين مرشحيها الطبيعية والتي يجب أن تمر
بمجلس الشيوخ، وتعيين بيبس مباشرة - مستغلة وجود مجلس الشيوخ في عطلة.
ولكن جاء الترشيح باهتا قصيرا لمدى 18 شهرا فقط بدلا من 4 سنوات، وهي
فترة الخدمة الطبيعية للمعينين في مناصب مثل المنصب الذي عين فيه بيبس.
فقد ضمت حملة مسلمي وعرب أمريكا ضد ترشيح دنيل بيبس
إضافة إلى المنظمات المسلمة والعربية الأمريكية منظمات أمريكية هامة
مثل تحالف الأديان، والذي يعمل على زيادة الحوار والتقارب بين أبناء
الأديان المختلفة ويضم في عضويته أكثر من 150 ألف عضو ينتمون إلى أكثر
من 65 توجه ديني، وتحالف الكنائس من أجل السلام في الشرق الأوسط والذي
يعمل منذ عام 1984 على توحيد دور الكنائس الأمريكية لإحلال العدالة
والسلام بالشرق الأوسط، ومنظمة يهود من أجل السلام في فلسطين وإسرائيل،
وعصبة النساء الدولية من أجل السلام والحرية وتحالف سستاين، ومنظمة
أكاديميين من أجل العدالة.
كما ضمت أيضا عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي
الديمقراطيين، ومن بينهم السيناتور إدوارد كيندي (من ولاية ماستشوتس)،
والسيناتور كريستوفر ضوض (كونيكتيكت)، والسيناتور توم هاركين (أيوا)،
والذين وصفوا بيبس بأنه "استفزازي"، و"مختلف عليه بشدة"، و"منحاز
بصرامة إلى وجهة نظر واحدة"، كما ذكروا أن أراء بيبس تمثل "تعارضا
مباشرا"مع أهداف معهد الولايات المتحدة للسلام.
يعني ذلك أن مسلمي وعرب أمريكا نجحوا من خلال هذه
الحملة في نشر قضيتهم في أوساط أمريكية مدنية وسياسية واسعة واستطاعوا
عن طريق ذلك حشد قدر من التأييد لقضيتهم.
التحالف السابق لم يكن التحالف الوحيد الذي نجح
مسلمو وعرب أمريكا في بناءه منذ أحداث سبتمبر 2001، إذ يمكن الإشارة
إلى أربعة تحالفات أساسية إضافية شكلها مسلمو وعرب أمريكا بنجاح خلال
تلك الفترة.
التحالف الأول قرب بين مسلمي وعرب أمريكا وبعض أكبر
جماعات الحقوق والحريات المدينة – مثل اتحاد الحريات المدنية واتحاد
المحامين الوطني واتحاد محامي الهجرة الأمريكيين – والتي انتقدت ما
تعرضت له حقوق وحريات مسلمي وعرب أمريكا خلال السنوات الأخيرة.
التحالف الثاني قرب بين مسلمي وعرب أمريكا وعدد
كبير من جماعات السلام ومناهضة الحروب الأمريكية خاصة خلال فترة الحرب
على العراق.
التحالف الثالث قرب بين مسلمي وعرب أمريكا
والجماعات المدافعة عن حقوق الأقليات في أمريكا – كالأفارقة
واليابانيين والسيخ الأمريكيين – التي توحدت شعوريا مع مسلمي وعرب
أمريكا خلال الفترة التالية لأحداث سبتمبر رافضة ما تعرضت له حقوق
وحريات المسلمين والعرب من انتهاكات ذكرتهم بمعاناتهم خلال فترات
تاريخية أخرى.
التحالف الرابع قرب بين مسلمي وعرب أمريكا وبعض
الجماعات الدينية – مثل مجلس الكنائس الوطني والعديد من الجماعات
المعنية بالتقريب بين أبناء الأديان المختلفة – والتي نشطت في التواصل
مع مسلمي وعرب أمريكا وفتح قنوات للحوار معهم.
التحالفات الأربعة السابقة وصلت مسلمي وعرب أمريكا
ومنظماتهم في واشنطن والولايات الأمريكية المختلفة بملايين المواطنين
الأمريكيين المنتمين للجماعات السابقة، وفتحت أمامهم آفاق واسعة
للمشاركة في الحياة السياسية والمدنية الأمريكية وبناء قواهم على تلك
المستويات.
وأهم ما يميز تلك نمط التحالفات السابقة هو أنها
زادت من انفتاح مسلمي وعرب أمريكا على المجتمع المدني الأمريكي ذاته
وفتحت أمامهم مزيد من الفرص للتواصل مع قياداته الشعبية والمدنية في
الوقت الذي حاولت فيه بعض الجماعات المعادية للمسلمين والعرب غلق أبواب
المؤسسات السياسية والإعلامية الكبرى أمامهم.
فعلى سبيل المثال ذكرت صحيفة لوس أنجلوس تايمز
الأمريكية في تقرير نشرته في الثالث من نوفمبر 2001 أن مجموعة من أكبر
المنظمات اليهودية الأمريكية – مثل عصبة مكافحة التشويه ورابطة الدفاع
عن اليهود ومركز أبحاث الشرق الأوسط (الذي يرأسه دنيل بيبس) – نظمت في
الأسابيع التالية لأحداث سبتمبر "حرب فاكسات" ضد المنظمات المسلمة
والعربية الأمريكية وقادتها بعد لقاءهم بالرئيس الأمريكي جورج دبليو
بوش وكبار مسئولي الإدارة الأمريكي، وقد تضمنت الحملة إرسال "حزم من
الوثائق المضادة" للقادة المسلمين والعرب لوسائل الإعلام الأمريكية
بهدف التشكيك في نواي المسلمين الأمريكيين تجاه بقية المجتمع الأمريكي
وفي مصداقية المنظمات المسلمة والعربية وقياداتها.
كما نشرت مجلة ناشيونال ريفيو المحافظة مقالا في
السابع من أبريل الماضي يتحدث عن وجود انقسامات في أوساط المحافظين
الأمريكيين بخصوص التعامل مع مسلمي وعرب أمريكا بسبب سعي بعض صقور
المحافظين الجدد إلى تشويه صورة مسلمي وعرب أمريكا وقياداتهم ومعارضة
جهود الإدارة الأمريكية في التواصل معهم.
ولم تتمكن هذه الضغوط السلبية من ثني مسلمي وعرب
أمريكا عن التواصل مع المؤسسات الحكومية الأمريكية كوزارات العدل
والخارجية والأمن الداخلي على المستويات المحلية وفي واشنطن، فقد
استمرت المنظمات المسلمة والعربية في اللقاء والتعاون مع ممثلي تلك
الإدارات على مستويات وفي مناسبات عديدة ومختلفة.
المصدر: شبكة النبأ
المعلوماتية
|