فى يوم الاثنين المصادف 11/8/2003 في برنامج من
العراق الذي تعرضه قناة العربية, كان لقاء بين مقدم البرنامج والناطق
الرسمى بأسم بول بريمر المسئول الامريكى المدنى لأدارة العراق, ادعى
مقدم البرنامج بأنه وصلته رسالة من مواطن عراقى, يقول فيها بأنه هو
الذى اخبر المسؤلين فى التحالف, عن مكان المجرمين عدى وقصى ابنى
الطاغية المهزوم... طمعا فى الجائزة التى وضعها التحالف لمن يخبر عن
هذين المقبورين, وقيمتها خمس عشرة مليون دولار على رأس كل واحد منهما,
ويكون المجموع ثلاثون مليون دولار, وتعهد التحالف ايضا حماية المبلغ له
ونقله الى اى بلد يرغب به, حماية لنفسه, وتوفر له امكانية التصرف
بالمبلغ الذى حصل عليه, بالشكل الذى يوفر له ولعائلته حياة آمنة
ومستقرة. الا ان قوات التحالف نكثت بعهودها ولم تفى للمواطن بما كان
ينتظره بفارغ الصبر, وبعميق الشوق, ولم تسلم للمواطن سوى مبلغ زهيد جدا
لايتجاوز سبعة آلاف دولار, ولم تلبى رغبته فى نقله الى جمهورية ايران
الاسلامية, ليعش بقية حياته وعائلته فيها, طبعا المسؤل الامريكى نفى
الموضوع شكلا ومضمونا.
اخى القارىء الحصيف والواعى, اعتقد انك تتفق معى,
بأن هذا النوع من الرسائل يفجر الحقد ويزرع الضغائن ويثير الفتنه, لانه
يطمس الواقع ويزيف الحقيقة, وهذالايتفق ورسالة الاعلام النزيه والمحايد
الذى ابرز عناوينه الصدق والحيادية, وموضوعية الخبر, لكن عرض هذه
الرسالة بهذه الطريقة تحمل دعوة حاقدة على الشعب العراقى, من ناحية
والتشكيك بمصداقية التحالف من ناحية ثانية,ونؤثر ان نتوقف عند الجانب
الذى يتعلق بالشعب العراقى, والتوجهات المريضه التى حملتها الرسالة
المزعومةبعدد من النقاط حتى نتجنب الاسهاب وهى:ـ
أولا:ـ الرسالة اسقطت الروح الوطنية من الإنسان
العراقى, بأنه انسان لايحب الوطن فى دوافعه ورغباته, وأنما يبحث عن
المال والثراء ولو على حساب الوطن,والبحث عن الجوائز والمكافئات
المادية وهذا مايسقط النضالات الكثيرة والمشهودة لأبناء العراق الشرفاء,
والتضحيات التى لاينكرها الاجاحد ومنافق ومنحاز لأعداء العراق, ويصب فى
مصلحة النظام المقبور. لذلك ان البحث والأخبار عن المجرمين الذين دمروا
العراق وحطموا كل المقومات الحضارية والثقافية والانسانية فيه, وصادروا
حياة الملاين من النخب الوطنية ومراجع العلم, والمجاهدين من ابناء
العراق الجريح, هو واجب وطنى ومسؤولية دينية وانسانبة, واما المكافئة
المادية فهى قضية تتعلق بالقوات المتحالفة كعمل تشجيعى, ورغبة حقيقية
لهذه القوات فى القضاء على هؤلاء المجرمين ضد الانسانية فضلاعن للشعب
العراقى المكلوم بهم.
ثانيا: لايخفى ان هذه المؤشرات الاعلامية, تزرع
الفرقة بين ابناء الشعب الواحد, وترمى بذلك ان تشوه جماعة معينة مشهود
لها بلايمان وحب الوطن, وتنسب اليها صفات الطمع المادى, حتى تزيح
مايشاع عن ان المخبر عن قصى وعدى هو واحد من ابناء عمومتهم, وهذا
مابينته كل وسائل الاعلام العالمية والعربية, واعطت تلك الوسائل
التفسيرات والدوافع وراء قضية التبليغ. ونعتقد مهما كانت تلك الدوافع,
فانها تصب فى مصلحة الشعب العراقى ويعد عمل الذى قام بها عملا انسانيا
وفعلا وطنيا رائعا, سيذكره التاريخ له بأكبار .
ثالثا: ونرى جازمين ان هذه الرسالة وامثالها هى
تصب الزيت على النار, لكى تحرق اليابس والأخضر وتدعوالمواطنين الابتعاد
عن واجبهم الوطنى فى ابلاغ المسؤولين عن هؤلاء المجرمين, وذلك بوسائل
التوهين والتنكيل المبطن والمعلن, بأن هذه الاعمال لايجنى من ورائها
الذى يقوم بواجبه الوطنى بها ضد عصابة النظام البائد, والأخبار
عنهم,ألاالخيبة والخسران, حتى يجعل هؤلاءالساقطين طلاقاء لأطول فترة
ممكنة, حتى يستمر الخطر الصادرمنهم, ويستمر قلق المواطنين وتصديع حالة
الأمن فى العراق, ولكن الانسان العراقى واعى لمسئولياته ويعرف واجبه
الوطنى, وهذه الاساليب لايمكن لها ان تحرفه عن اهدافه الوطنية
والدينية.مهما بلغت من مكر ودهاء.
رابعا:ـ محاولة غير مقبولة واسطوانة مشروخة, بأن
قوات التحالف, هى قوى غاشمة, وكاذبة لاتفى بوعودها, ولاتلتزم بتعهداتها,
وهذا سياق اصبح واضحا ومكشوفا, من خلال الترديد المستمر لدعاة القومية,
وبعض الاصوات التى تحمل نزعات شوفينية معادية للحرية والديمقراطية,
وهذه ثقافة لاتنسجم وتطلاعات العصر الحديث, واعتقد ما روجته القنوات
الفضائية قبل حرب تحرير العراق ومن قبل تحرير الكويت لازال عالقا
بالذاكرة, مما يسبب آلما وحزنا لنا بسبب هذا الاسلوب المتهافت , الذى
يشكل اعتداء على كرامة الشعوب وطعنا فى شخصيتها الوطنية.
لذلك ادعوا هذه القناة (العربية) وبقية القنوات
التى تسير على خطاها الى الموضعية ومراعاة الجوانب التى تخدم الشعوب
العربية لا اختيار اساليب الإثارة الإعلامية ولو سببت المتاعب لها
وعملت على تدميرها ودق آسفين الفرقة والخلاف فيها . |