الاحتجاج السياسي في الشارع الإيراني بدأ
اعتراضياً على إجراءات جديدة تخص الطلاب وانتهى إلى شعارات مطلبية تعبر
عن تيار بدأ ينمو منذ أكثر من عام وطرح نظرية عرفت ما بعد (خاتمي)
وتدعو هذه النظرية إلى عدم الالتزام بالسقف الذي اتخذه الرئيس الإيراني
للمطالب الإصلاحية، والذي كان صمام أمان يحول دون الطلاق النهائي بين
المحافظين والإصلاحيين وكان التيار الإصلاحي قد اتهم (خاتمي) بالليونة
المفرطة وعدم الحزم، وتالياً أخذ يدعو إلى تجاوزه ودفع الصراع إلى
نهايات أثار مخاوف الإصلاحيين ورموزهم السياسية والفكرية من نهايات
تؤثر على النظام الإسلامي برمته.
ينتظم في هذا التيار طلاب حماسيون وإصلاحيون
متطرفون وحركات سياسية معارضة للنظام الديني، عملت تحت عباءة خاتمي منذ
عام 1997 هذه الفئات بدأت تشعر أن الظروف الإقليمية وخصوصاً بعد حرب
العراق، فرصة سانحة لتحقيق خطوات فعلية للضغط على مفاصل الحكم الرئيسية
وفي الجهة الأخرى لا تبدو أوساط المحافظين تسعى لنزع فتيل الأزمة
والإقدام على خطوات داخلية تؤمن الإنفراج السياسي المطلوب لتحصين
الساحة الداخلية وتضييق الفجوة الحاصلة بينهما وبين الغالبية التي تؤيد
الإصلاح.
ليس سراً أن إيران لم تشهد تظاهرات احتجاج
سياسية منذ كانون الأول 2002م ويؤكد النظام أن المتظاهرين يتحركون
بتلبية لنداء محطات التلفزة والإذاعة التابعة للولايات المتحدة والتي
تديرها عناصر معادية للنظام الإسلامي.
ومن وجهة نظر الإدارة الأمريكية أن خاتمي يمثل
مرحلة انتقالية لا بد منها لضرب الاستقرار الداخلي عبر تأجيج الصراع
بين التيارين وتيار الوسط الذي يرعاه هاشمي رفسنجاني، وتحاول الولايات
المتحدة أن تضغط على إيران من خلال الاتحاد الأوربي لمنع إيران من
الدخول في الشراكة الاقتصادية الأوربية والمطالبة بالتحقق من المنشأة
النووية في إيران من قبل مراقبين دوليين ومن جهة أخرى الإدارة
الأمريكية تركز اهتمامها على الوضع الداخلي الإيراني حيث جندت كل أجهزة
الإعلام المناهضة للنظام الإسلامي في إيران لزعزعة الاستقرار الداخلي.
وما يعبر عن تطور الحركة الاجتماعية في ايران
سلبا ام ايجابا ما ذكرته وكالة الانباء الطلابية (ايسنا) يوم السبت من
ان خمسة ايرانيين حكم عليهم مؤخرا بالسجن لمدة عام بعد نشر كتابين عن
النساء. وقالت الوكالة ان محكمة طهران ارفقت عقوبة اربعة منهم بايقاف
تنفيذ اربعة اخماس المدة "بسبب وضعهم الاجتماعي وسوابقهم"، بدون اي
تفسير.
وحكم على تقي مالكي التي كتبت "الموسيقيات
الايرانيات" وجعفر حمائي مدير دار النشر، وبنافشة سمقيس الصحافية التي
اشارت الى الكتابين في الصحف، بالسجن لمدة عام. وحكم على مترجم او
مترجمة لم تقدم الوكالة الا اسم العائلة، مغازي، بالسجن 18 شهرا بدون
ان توضح لماذا تدخل او تدخلت في النشر. وكان ماجد صيادي مدير قسم الكتب
في وزارة الثقافة والارشاد الاسلامي الوحيد الذي لم ترفق عقوبته بالسجن
لمدة عام بايقاف التنفيذ. وقد حكم عليه بهذه العقوبة لانه سمح بنشر
الكتابين كما اقيل من منصبه. ولم تقل الوكالة شيئا عن موضوع الكتابين.
كذلك لم تشر الى مؤلف الكتاب الثاني وعنوانه "نساء تحت الحجاب ورجال
تحت الدرع".
وتمثل الصحافة عمق الحركة الاصلاحية في
تجاذباتها مع المحافظين لذلك تستمر الاحتجاجات الصحفية كمؤشر على حيوية
الخط الاصلاحي في مقابل القمع المحافظي الكبير للصاحافة الاصلاحية..
ومن هنا طالب الصحفيون الايرانيون يوم الجمعة
باطلاق سراح 21 سجينا من زملائهم اعتقل كثير منهم في الاسابيع القليلة
الماضية مما جعل ايران صاحبة اكبر عدد من الصحفيين المسجونين في الشرق
الاوسط.
وقال اكبر منتجبي الذي يكتب في صحيفة (ياس نو)
الليبرالية خلال اعتصام نظمته نقابة الصحفيين الايرانيين "عندما انوي
الذهاب الى العمل كل صباح اشعر بان هذا يمكن ان يكون اخر يوم لي وانهم
سيعتقلونني."
ويضيف "وعندما اصل الى المكتب استطيع ان ارى نفس
الاحاسيس في عيون زملائي."
وحضر نحو 200 شخص الاعتصام الذي اقيم في العيد
السنوي لصحفيي الجمهورية الاسلامية.
وباتت وسائل الاعلام المطبوعة ساحة معارك في
السنوات الاخيرة بين الاصلاحيين المطالبين بتوسيع نطاق حرية التعبير
والمحافظين الذين يخشون ان يؤدي اتساع رقعة حرية الصحافة الى تقويض
القيم الدينية والنظام السياسي الاسلامي لايران.
واوقفت نحو 100 مطبوعة في السنوات الاربع
الماضية نتيجة في الغالب لقرارات تصدرها المحاكم في جلسات مغلقة بلا
محلفين.
وتقول منظمة صحفيين بلا حدود المعنية بالدفاع عن
حقوق الصحفيين ومقرها باريس ان ما لا يقل عن 14 صحفيا اعتقلوا في ايران
في الاسابيع الاخيرة بتهم تتراوح بين "الدعاية ضد النظام" و"نشر صور
غير لائقة."
وتقول صحفيون بلا حدود ان عدد الصحفيين وراء
القضبان في ايران اكثر من اي دولة اخرى في الشرق الاوسط.
وقال روبير مينار الامين العام للمنظمة في بيان
في وقت سابق هذا الاسبوع "تحدث من حالفهم الحظ الى حد الافراج عنهم عن
ظروف احتجاز بالغة القسوة جدا والتعرض لضغوط نفسية وسوء معاملة."
وفي الشهر الماضي توفيت مصورة صحفية كندية في
الحجز بعد تعرضها لضربة قوية على الراس اثر اعتقالها بسبب التقاط صور
خارج سجن في طهران يحتجز فيه كثير من المعارضين السياسيين.
وقال محسن كاديفار وهو رجل دين معارض القى كلمة
في الاعتصام ان موجة اغلاق الصحف والاعتقالات ارهبت الصحفيين الذين
يستمرون في العمل.
واضاف كاديفار الذي ادين في عام 1998 بتهمة
المشاركة في دعاية ضد الدولة الاسلامية وسجن لمدة 18 شهرا "الان هناك
رقابة ذاتية وصحفنا لا تذكر حتى القضايا الرئيسية التي تحدث في المجتمع."
وقرا كاديفار اسماء جميع الصحفيين المسجونين
حاليا البالغ عددهم 21 صحفيا وانتقد جهات الرقابة الدستورية التي يسيطر
عليها المحافظون لعرقلتها صدور قانون للصحافة كان من شانه ان يعزز حقوق
الصحفيين في البلاد.
المصدر: وكالات، شبكة النبأ
المعلوماتية |