لم تعد مهارة قيادة السيارات موضوعاً قابلاً
للتبرير دوماً بأن القدر وحده هو الذي يقف وراء حوادث الطرق التي تؤدي
بحياة أعداد كبيرة من الناس الأبرياء سواء كانوا مارة أو مستقلي
المركبات بل إن عدم الانتباه وزيغ البصر أو السرحان في الأفكار أو
الانشغال بالهاتف الخليوي او تناول الخمور قد يكون سبباً لحادث مهول.
توضح التجارب المكتسبة عن معايشة ومواكبة أخبار
سير المركبات في الشوارع وعلى الطرق الخارجية التي تربط ما بين المدن
الكبرى أن السائقين الذين يسيطر عليهم التفكير الكثير أثناء أداء عملية
السياقة على الطرق الخارجية هو أحد الأسباب الرئيسية التي تقلل من
القدرة على التركيز الذهني وتضعف من اتخاذ خطوة السير المناسبة عند
مواجهة المشكلات المحتملة أثناء قيادة السيارات وبهذا الصدد أجرى فريق
علماء نفسيين من إحدى جامعات العاصمة مدريد بأسبانيا دراسة على (12)
سائق أثناء فترة قيادتهم لمركباتهم مدة (4) ساعات على الطريق السريع
شمالي مدريد وكانت السيارات المستخدمة من نوع (سيتروين) ومزودة بجهاز
مخفي لتتبع حركات العين كي يتمكن الباحثون من معرفة رؤية ما ينظر إليه
السائق بما يشغله عن السياقة الرصينة.
كما أجرى فريق البحث اختبارات أضافية خلال فترة
الأربع ساعات المشار إليها من أجل تقييم آثار استخدام السماعة عند
التحدث بالهاتف أثناء عملية قيادة السيارة فظهر أن لنوع المحادثات
الهاتفية دوراً مهماً في درجة الانشغال أو اللانشغال عن أداء السياقة
المطلوبة فمثلاً تم التوصل أن المكالمات الهاتفية غير الانفعالية لها
اثر على الانشغال بما يشبه التحدث إلى شخص آخر جالس بالسيارة أثناء
قيادة السائق لها.
وحذر الفريق النفسي من أن المحادثات المعقدة
الجارية عن طريق الهاتف الجوال أو مع أحد الركاب تكون غاية في الخطورة
على أمن الطريق وتكون حياة السائق مع ركابه عرضة للخطر الداهم لذا نصح
الفريق العلمي النفسي عن ضرورة عدم الدخول في حوارات مطولة عبر الهاتف
أثناء قيادة السيارات واختزال المكالمات إلى أقصر وقت ممكن.
وفي استطلاع أجري في الولايات المتحدة الأمريكية
حول موضوع قيادة السيارات وشروطها المثلى تبين: (أن معظم الأمريكيين
يقرون بممارسة عادات سيئة أثناء وقت القيادة تتفاوت ما بين السرعة
الزائدة إلى تناول الطعام أو استخدام الهاتف المحمول وكان الاستطلاع
الذي أجرته جماعة تروج لأصول القيادة الآمنة قد أوضح أيضاً: (أن (91%)
من السائقين قاموا مرة واحدة على الأقل بفعل خطير أثناء قيادتهم
للسيارات).
وفي استطلاع آخر شمل أكثر من (1100) سائق حاصل
على رخصة قيادة خلص (56%) إلى: (أن السائق غير المنتبه يشكل أكبر تهديد
لسلامة نفسه وأرواح الآخرين معه سواء كان من الركاب أو المارة أو الذين
يستقلون سيارة أخرى.
ومن مخاطر قيادة السيارات إذا ما كان السائقون
قد تناولوا شيئاً من المشروبات الكحولية ورغم أن الالتزام بضرورة عدم
تناول المشروبات الكحولية قبل أو أثناء قيادة السيارات أمر ضروري إلا
أن ما يجري في روسيا أمر يثير الاستهجان بهذا الصدد بعد أن خففت
الدوائر الروسية المختصة القيود الصارمة التي كانت تفرضها على قيادة
السيارات تحت تأثير الكحول عندما سمحت مؤخراً للسائقين بتناول قدح من
الجعة (البيرة) قبل الانطلاق بسياراتهم، وكان القانون الروسي يحظر
قيادة السيارات تحت تأثير الكحول. ولعل من الغرابة في مكان أن لوائح
الدول الغربية كانت قد سبقت روسيا في بعض تشريعاتها بإجازة السائق أن
يتناول أي مشروب كحولي على أن لا يزداد عن نسبة (50) مليجرام في (100)
مليمتر من الدم، والسؤال هناك مثل هذه الضرورة خصوصاً وأن المجال الطبي
يقر بصورة عامة أن تناول كمية قليلة من الخمر ممكن أن تؤدي إلى حادث
كارثة إذا كانت أعصاب السائق متوترة أو منزعجة أو مؤرقة، وفي روسيا (وبحسب
وكالة رويترز) فأن أثنين من كل ثلاث وفيات في حوادث طرق كانت لمشاة
يترواح أعمارهم بين فئة (15) و(54) سنة عندما كانوا يترنحون من شرب
الكحول أو يقفون أمام سيارات وبنفس اللهجة الحذرة جاء في بيان صدر عن (رون
بونويل) أمين لجنة النقل بالبرلمان الأسترالي: (يتعين أن تصل رسالة
للمشاة مفادها أنه يجب أن يدركوا مخاطر معاقرة الخمر واستخدام الطريق
مثلما هو الحال مع قائدي المركبات).
هذا وكانت دائرة الإحصاء الاتحادية الألمانية
الرسمية قد أعلنت: (أن حوادث السيارات على الطرقات الألمانية تسببت
بوفاة (692) ألف شخص خلال الخمسين سنة الماضية) وهذا مثال واحد على ما
جرى في بلاد الألمان وما يوضحه في حجم مشكلة حوادث الطرق التي لا يكون
الانتباه في قيادات السيارات عليها والالتزام بما تقتضيه من أداء فيه
حرص فعلي على أرواح الآخرين سبباً لوقوع الحوادث.
المصدر: شبكة النبأ
المعلوماتية |