ذكرت وكالة فرانس برس نقلا عن صحيفة الشرق
الاوسط في عددها الصادر الاثنين عن حسين الخميني حفيد مؤسس الجمهورية
الاسلامية آية الله الخميني قوله ان نظام طهران الحالي هو "اسوأ
ديكتاتوريات العالم".
ونقلت الصحيفة الصادرة في لندن عنه قوله من
العراق ان ايران "بحاجة الى نظام ديموقراطي لا يستخدم الدين كوسيلة
لقمع الناس وخنق المجتمع" مشيرا الى "ضرورة فصل الدين عن الدولة وانهاء
الحكم الديني الاستبدادي الذي يذكرنا بحكم الكنيسة في عصر الظلام في
اوروبا".
وتابع الخميني الحفيد حسب ما نقلت عنه الصحيفة "ان
جميع الذين احتلوا مراكز الحكم بعد جدي يستغلون اسمه وعنوان الاسلام
والحكم الديني لمواصلة حكمهم الجائر" معتبرا ان "الحكم الديني القائم
في ايران اسوأ ديكتاتوريات العالم".
ويرى حفيد الخميني ان "حركة الاحتجاج المتصاعدة
في ايران ستتطور في وقت لن يكون بعيدا الى ثورة شعبية والحدث العظيم (تغيير
النظام) سنشهده قريبا".
وتابع حسين الخميني "ان الحرية اهم من الخبز ولو
كان الاميركيون سيوفرونها فليأتوا غير ان الشعب الايراني قادر على
تحديد مصير النظام الحاكم وما نحتاج اليه هو تعاطف عالمي وتفهم
لمطالبنا المشروعة".
ولم تكشف صحيفة الشرق الاوسط متى ادلى حسين
الخميني بهذا الكلام ولا في اي مكان مكتفية بالقول انه في مكان ما من
العراق.
ونقل عدد من سكان النجف ان حسين الخميني اقام في
نهاية تموز/يوليو الماضي مع ثلاثة اشخاص في هذه المدينة المقدسة والتقى
هناك آية الله السيستاني احد كبار المراجع الشيعية في العالم.
وفي وقت سابق دعا حسين الخميني خلال زيارته
مدينة كربلاء الشيعية جنوبي العراقي العراقيين الى "التكاتف والتآزر
وتوجيه طاقاتهم لبناء العراق".
ونقلت صحيفة "الزمان" اليومية المستقلة عن حسين
قوله اننا ندعو "العراقيين الى استلهام القيم السامية والمعاني العظيمة
للدين الاسلامي الحنيف وان يتكاتفوا ويتآزروا ويوجهوا طاقاتهم الخلاقة
لبناء بلادهم واعلاء شأنها بين الامم".
واوضح حسين خلال زيارته لمدينة كربلاء الشيعية
(100 كلم جنوب بغداد) انه "دأب على زيارة العتبات المقدسة في النجف
وكربلاء والكاظمية وسامراء للتزود بالمدد الروحي والتبارك بالائمة
والاطهار واستذكار سيرتهم العطرة".
واعرب حسين عن أمله في ان تصبح كربلاء "ملاذا
لطلبة العلم وملجأ للحوزيين الذين يرومون استكمال دراستهم وابحاثهم في
ظل اجواء الحرية دونما ضغوط او مضايقات". وقال "اتوقع ان تصبح مدينة
كربلاء قبلة للانظار ومحطا لرجال العلوم الدينية من شتى بقاع العالم
ومركزا لاشاعة التطور ومساعدة الشعوب على التحرر وقيادة العالم الشيعي
كما كانت ايام الوحيد البهبهائي واية الله محمد تقي الشيرازي قائد ثورة
العشرين".
واوضح حسين ان "ذلك لا يعني وجوب الغاء
المرجعيات الموجودة في النجف او قم (في ايران) او التناحر معها لان دور
كربلاء المنشود سيكون مكملا وداعما للحوزات الموقرة الاخرى".
واشارت الصحيفة الى ان حفيد اية الله الخميني
استقبل استقبالا بالغ الحفاوة من قبل اهالي المدينة وزوارها.
وحسين الخميني، كمت تنقل الشرق الاوسط الحفيد
الأول والأعز لزعيم الثورة الايرانية والذي فقد، في السابعة عشرة من
عمره، والده حجة الاسلام مصطفى الخميني قبل عام من قيام الثورة، كان قد
عاد بعد الثورة (1979) الى ايران من العراق الذي عاش فيه سنوات طفولته،
مع جده الخميني وعمه احمد، وذلك بعد اقامة قصيرة في ضاحية نوفيل شاتو
الباريسية. وفور عودته اصبح نجماً لامعاً في وسائل الاعلام الايرانية
كونه وجها شاباً وواعياً بهموم الشباب، فقد فرضت ظروف الثورة والمجتمع
آنذاك قيوداً، لكن حسين الخميني بتصريحاته الجريئة ساعد في فكها. ولم
ينس الايرانيون ذلك الوجه الشاب بابتسامته العريضة الذي كان يرافق
الخميني أينما ذهب ومع كل من التقى بهم، من ياسر عرفات الذي كان حسين
الخميني قد تولى مهمة المترجم الخاص له عند لقائه مع الخميني
والمسؤولين الايرانيين الكبار، الى وزراء خارجية منظمة المؤتمر
الاسلامي الذين زاروا ايران لتهنئة الخميني.
وعلاقة الحفيد بجده مرت بفتور استمر عدة سنوات
حين عزل الرئيس ابو الحسن بني صدر، اول رئيس جمهورية لايران بعد الثورة،
اذ ان حسين الخميني وقف الى جانب بني صدر مهاجماً العناصر المتورطة في
مؤامرة اقصائه (رفسنجاني ومحمد بهشتي وخامنئي) من اجل فرض سيطرة
المؤسسة الدينية على الحم. وبتوصية من جده لأمه توجه حسين الى قم حيث
استكمل دراسته الدينية الى جانب دراسة العلوم الحديثة. ووفقاً لأحد
كبار اساتذته في قم فانه استطاع بذكائه وجهده المتواصل ان ينال درجة
الاجتهاد في فترة قصيرة جداً، حيث بدأ نفسه يدرس طلبة الدورات العليا
في الحوزة.
وتضيف الصحيفة ان ذهاب حسين الخميني الى العراق
الذي تم دون علم السلطات الحاكمة في ايران أثار قلقاً كبيراً لدى
المحافظين الذين يعرفون جيداً مدى نفوذ الخميني الشاب في الحوزة وبين
الشبان المتدينين اضافة الى التيارات الاصلاحية الداعية للتغيير. ووفقاً
لمصدر قريب من الاصلاحيين فان مخاوف السلطات من تحول حسين الخميني الى
رمز جديد للمعارضة الدينية، لها مبرراتها، اذ ان هناك الآلاف من الطلبة
ورجال الدين والمؤمنين في البازار والجامعات ممن يعارضون الوضع القائم
ولكنهم خائفون من ان البديل للنظام الحالي قد يكون معارضاً للدين
والقيم الاسلامية. وباعلان حسين الخميني عبر «الشرق الأوسط» بانه يعارض
تدخل رجال الدين في الحكم بالنظر الى الاضرار التي تعرض لها الدين
والمذهب الشيعي خلال سنوات حكمهم، فان التيار الديني المعارض، اصبح
الآن صاحب رمز يتحدث باسمه.
ويعتقد حفيد مؤسس الجمهورية الاسلامية ان حركة
الاحتجاج المتصاعدة في ايران «ستتطور في وقت لن يكون بعيداً الى ثورة
شعبية، والحدث العظيم (تغيير النظام) سنشهده قريباً». واكد حسين
الخميني الذي يحظى بعلاقات وثيقة مع بعض القيادات في الحرس الثوري
والبرلمان واجهزة الامن على انه سيواصل نضاله من اجل تغيير الوضع في
ايران، وقال ان «الحرية اهم من الخبز ولو كان الاميركيون سيوفرونها
فليأتوا، غير ان الشعب الايراني قادر على تحديد مصير النظام الحاكم..
ما نحتاج اليه هو تعاطف عالمي وتفهم لمطالبنا المشروعة».
من جهة اخرى قالت صحيفة الوطن الكويتية ان الحرب
بين الاصلاحيين والمحافظين اشتعلت في مدينة قم معقل رجال الدين من حجج
الاسلام وآيات الله الذين نظموا احتجاجا ضد مصادقة البرلمان على انضمام
ايران الى معاهدة مكافحة التمييز ضد المرأة وأطلقت فيه شعارات قوية ضد
الاصلاحيين.
فقد صادق الاصلاحيون من أنصار الرئيس محمد خاتمي
الذين يهيمنون على البرلمان،قبل أيام في مناقشات ساخنة على لائحة تسمح
للحكومة بالانضمام الى معاهدة مكافحة التمييز ضد المرأة.
لكن هذه المصادقة أشعلت كما هو متوقع نار الغضب
لدى المحافظين وتحديدا في مدينة قم الدينية معقل رجال الدين من حجج
الاسلام وآيات الله عندما استثمر هؤلاء مناسبة دينية يهتم بها
الايرانيون كثيرا وهي ذكرى وفاة فاطمة الزهراء بضعة الرسول صلى الله
عليه وآله، ليشعلوا الحماسة ضد الاصلاحيين وينظموا تجمعا احتجاجيا في
مسجد الفيضية قرب ضريح السيدة معصومة و يلهبوا رجال الحوزة الدينية ضد
الاصلاحيين ويطلقوا شعارات حذرت من فتوى الجهاد اذا أصدرها المرشد آية
الله علي خامنئي واعتبرت السكوت على قرار البرلمان بالخيانة بل ودعت من
أسمتهم بعض الشعارات بالمنافقين الى الانسحاب من النظام وتركه بينما
وصف كبار الزعماء الدينيين في بيانات أصدروها انضمام ايران الى معاهدة
مكافحة التمييز ضد المرأة بالخطر الداهم على الاسلام ليهيئوا الطريق
للمحافظين في مجلس صيانة الدستور للرفض.
وقال المرجع الايراني حسين نوري همداني «يجب على
المسلمين جميعا عملا بقوله تعالى واعتصموا بحبل الله جميعا، توحيد
موقفهم في رفض هذه اللائحة إذ يريد الاستكبار منها خداع الامم والسيطرة
عليهم».
لكن مثل هذا الاحتجاج وإن بدا كبيرا تقوده
الحوزة الدينية الا أنه قد لا يلقى صدى مطلوبا في الشارع الايراني الذي
يدين معظمه بالولاء للاصلاحيين. ولا يشاهد في طهران أي اهتمام بهذه
اللائحة رغم تأييد غالبية السكان هنا لها خصوصا النساء اللائي يطالبن
بالمزيد من الحريات حتى وإن كن في الغالب يحجمن عن التعبيرعلنا .
وتظل معركة التغيير في ايران مستمرة بين الاصلاح
مع الرغبة في البقاء على الاصول كما يريدها الرئيس محمد خاتمي وبعض
أنصاره، وبين شريحة من المحافظين تعتقد أن أي تغيير في المعادلة
الراهنة سيجر ايران لتتحول الى نظام جمهورية اسلامية لكن من دون طعم
ولا لون ولا رائحة، إذ يعتقد البعض هنا بوجود قوى في الداخل تختبئ خلف
شعارات الاصلاح لتطيح بالنظام برمته.
وفي هذا السياق عقد الرئيس خاتمي أمس الأحد
اجتماعا مشتركا بين الحكومة والبرلمان لبحث تداعيات الموقف.
المصدر: وكالات، الصحافة
العربية |