يقول تعالى في كتابه الكريم (يا بني آدم قد
أنزلنا عليكم لباساً يواري سوآتكم وريشاً، ولباس التقوى ذلك خير، ذلك
من آيات الله لعلهم يذكرون...).
النظرة العقلانية تدعونا إلى إعمال الفكر دون
تطرف المتسرعين واستهتار الباذلين، والحجاب ليس زياً إسلامياً فحسب بل
هو موجود حتى في اليهودية والمسيحية وباقي الأديان السماوية، فوجوب ستر
المرأة جسدها هو تشريع إلهي، الغاية منه الحفاظ على طهارة الأخلاق في
المجتمع، وتحديد دور المرأة فيه بالدور الإنساني فقط دون الدور الأنثوي،
ولا يجوز أن نقرن دائماً بين حجاب المرأة وعفتها أو بين سفورها وفسادها
وإن كان الحجاب أدل، كما تشير الآية بأن لباس التقوى خير حيث المرأة
الغير متقية لا يدل الحجاب على عفتها.
فالهدف هو التحذير من مخاطر التراخي في تطبيق
مبدأ منع الاختلاط الغير مشروع بين الجنسين المؤدي إلى السقوط الأخلاقي.
فيكون عدم الاختلاط أبقى على المرأة لأنه يحافظ
على كرامتها وعزتها بصونها من النظرات المريبة وإبعادها من مواقع
الشبهات فتحفظ بذلك كيانها ووجودها كإنسانة تتمتع بكل أبعادها
الإنسانية، وليست كأداة للإثارة والتسلية.
فلا داعي للتعصب والتطرف ضد المرأة وحبسها في
البيت ومنعها من أبسط حقوقها في التعليم وأنها فتنة وعورة وشر بل يجب
التفكير بعقلانية في النصوص الدينية الورادة بشأن المرأة والحكم عليها
بما يطابق شريعة الإسلام السمحاء.
وأيضاً في المقابل يجب التنبه لخطر الدعايات من
مدعي الديموقراطية والحرية للمرأة والمؤسف إصرارهم على اعتبار الحجاب
مظهراً من مظاهر التخلف وانتهاك خصوصية المرأة وحقها بالظهور وصولاً
إلى تكبيل حريتها. ومن غير المفهوم هذا التنميط في النظرة إلى أشكال
الاختلاف، كيف يكون الحجاب زياً قمعياً بحكم أنه موحد ولا يختلف من
امرأة إلى أخرى، ولا يكون سروال الجينز الأزرق (مع أن عدد مرتديه أكبر
بكثير من مرتديات الحجاب) زياً قمعياً يلغي الاختلاف وينمط مرتدياته.
وإذا كان الحجاب يحارب بحجة أنه شكل من أشكال
التمييز، فإن الحرب هذه ساقطة في ساحة حرية التعبير، إذ الحريات لا
تجزأ، ومن المعيب للعقل الغربي أن يتعاطى مع زي على أنه خطاب سياسي أو
إعلان موقف. صحيح هو وسيلة تعبير لكنها خصوصية أنثوية نابعة من بيئتها
أو عقيدتها، ولا يحق لأي جهة انتزاعها.
إضافة إلى فوائدها من تعزيز مكانة المرأة وأثرها
النفسي والصحي الكبير على المرأة، وشعورها المريح بطاعة خالقها وتقليل
الفساد وإرساء الطهارة.
وأخيراً نذكر بما دلت الآية عليه بأن الباس
التقوى خير
ويقول الشاعر:
إذا المرء لم يلبس لباساً من التقى
تقلّب عرياناً ولو كان كاسياً
فخير خصال المرء طاعة ربه
ولا خير فيمن كان لله عاصياً
إذن المرأة المحجبة باللباس الشرعي مع لباس
التقوى نموذج صالح في الإسلام ونور على نور، لأن السفور لا يمكن جمعه
مع العفة. |