عندما نستعرض العوامل الرئيسية التي تساهم في
ترسيخ الآراء السلبية عن العرب باعتبارهم شعب غني ومتأخر وبدائي وغير
حضاري شعب ملبسه غريب، ويسيء معاملة المرأة، ويبدو مولعاً بالحروب
ومتعطشاً للدماء (غدار ماكر) قوياً شديداً، بربرياً قاسياً، فهذه
الصورة السلبية التي يحملها الغرب عن العرب والمسلمين تساعد على إثارة
مشاعر أوسع جمهور عريض يستغلها رجال السياسة والطامحون بالمراكز
السياسية ورؤساء الجمهوريات في سعيهم لتطبيق سياسات والفوز في
الانتخابات، ومن المهم أن نبرز العرب والمسلمين في عيون الغرب المسيحي.
فقد نظر الغرب تاريخياً نظرة الريبة والخوف
واعتبر الإسلام يمثل تهديداً خطيراً للمسيحية كمؤسسة دينية وكعقيدة،
وقد تجلت قسم من الاستجابة لهذا الخوف من خلال الكتابات المتعددة
للكتاب الغربيون عن الإسلام بمن فيهم المستشرقون وواضعوا الكتب
المدرسية المعاصرون والصحفيون، والإعلام بشتى مواقعه، حيث قدم الإسلام
والمسلمين في الغالب بصورة غير محبذة، وتطابق مع الصورة الغربية
القروسطية عن المسلمين والعرب فأخذو ينظرون إلى العرب على أنهم (يؤمنون
بالخرافات جداً.. كسولين، عند بإفراط، خانعون للسلطة، شهوانيون)
وتزامنت مع ظهور الحركة الصهيونية وتفاقم المصالح الاستعمارية فضلاً عن
سذاجة العرب في العلاقات العامة والسياسة الدولية، وعززت في هذه الصورة
الغربية عن العرب والمسلمين قدرة إقناع الصهاينة في داخل الولايات
المتحدة في إقناع الصهاينة في داخل الولايات المتحدة الأمريكية وأكثر
نجاحاً من إقناع صناع القرار السياسي في القبول بمشروعهم لتأسيس دولة
يهودية في فلسطين وإضافة إلى ذلك قدرة الصهاينة على اتقان فن الاتصالات
ويبرعون جداً في عرض وجهة نظرهم باعتبارهم الحامي الأفضل للمصالح
الغربية في المنطقة، وجاءت الاحداث الأخيرة فأعادت الجدل حول العلاقة
بين العالم الإسلامي وفي القلب منه العالم العربي من ناحية والغرب
وبالقلب منه (الولايات المتحدة) التي أنفردت على قمة النظام العالمي (بعد
القطبية الثانية) أدى إلى غليه التصادم لا الحوار على هذا العلاقة وعكس
وضعاً سلبياً على الأقليات المسلمة عموماً في الغرب حيث بدأت مظاهر
التمييز ضد المسلمين بارزة ووصل الأمر عقب الأحداث الأخيرة (11 أيلول)
مباشرة إلى حد القتل لبعض الجاليات المسلمة اذ تشير الإحصاءات أن في
الولايات المتحدة 7 ملايين مسلم و35 مليون مسلم في دول الاتحاد الأوربي.
ومن المتوقع أن يشكل المسلمون في عام 2020 حوالي
10% من مجموع سكان أوربا وهذا ما يساعد على تحسين العلاقة القائمة رغم
التصادم الحاصل بفعل العولمة المعاصرة حيث بدأت تطرح نفسها كنظام
متكامل بالإضافة إلى وجيهيها الثقافي والاقتصادي وتمكين العولمة سياسياً
على النمط الغربي من حيث الأخذ بالتعددية وإعطاء فرص الحرية التعبير
وإبداء الرأي من خلال قنواته وفي المقابل، فإن الإسلام يعتبر نظام شامل
للحياة وله انتقاداته على أطروحات العولمة.
والمشكلة الحقيقية أن الأقليات المسلمة في الغرب
لا تشكل وحدة واحدة وهذا ما يسهل من مهمة الضغوط عليها وهذا ما يفترض
أن تقود إلى توحيدها لكي تكون جبهة واحدة على غرار الأقلية اليهودية في
المجتمع الغربي والأهم من ذلك أن تقوم تلك المنظمات بتقديم الصورة
الصحيحة عن الإسلام للغرب ويتطلب المزيد من المراكز الثقافية الإسلامية
في ظل الجهل الغربي بالكثير من مبادئ الإسلام والاستفادة من ثورة
الاتصالات والمعلومات لما هو مفيد لتحسين صورة العرب المسلمين وخاصة أن
دراسة عن الدين والسياسة أجراها مركز بيو للأبحاث في العاصمة واشنطن أن
نسبة عالية من الأمريكيين ترى أن الدين الإسلامي يحض على العنف أكثر من
أي دين أخر وأظهر الاستطلاع الذي نظم في أنحاء مختلفة من الولايات
المتحدة وشمل 200 شخص أن 44% من المستفتين يعتقدون أن الإسلام يحض على
العنف وكان استطلاع سابق عام 2002 بلغت النسبة 25% وفي دراسة أخرى كشفت
أن الأمريكيون يشعرون بتزايد عداء مسلمي العالم لهم، ويعتقدون أن الدين
عامة يلعب دوراً كبيراً في نشوب الحروب فمن المؤسف والمحزن إن
اللاسامية الموجودة في الثلاثينات في أمريكا موجهة ضد اليهود، أصبحت
اليوم موجهة ضد العرب المسلمين.
فهل سيدفع العرب المسلمين هذا الوضع إلى صياغة
جديدة لاستراتيجيهم وذلك بتنوير الرأي العالم الأمريكي والأوربي حول
حقيقة الإسلام وقضاياهم والشروع في إنشاء مؤسسة عربية للعلاقات الدولية
يكون هدفها الرئيسي تنمية الصداقة والتفاهم مع العالم وإجراء مراجعة
نقدية للخطاب الإعلامي العربي الإسلامي من خلال البحث الجاد المعقول في
المصلحة الذاتية والمشتركة أساسها الإنصاف والعدل للجميع وأن وجهة
النظر التي تؤكد على حتمية الصراع والصدام بين الطرفين موجودة عند بعض
الطرفين والصهاينة والإسرائيليين يحبذون هذا الصراع ويدفعون بالصدام
تحقيقاً لمشروعهم وأهدافهم، وهذا ما يتطلب من العرب والمسلمين في الوقت
الحاضر صحوة لما تأخرو في إنجازه على صعيد العلاقات الدولية. |