عن الإمام علي (عليه السلام) لو كنا لا نرجو جنة
ولا نخشى ناراً ولا ثواباً ولا عقاباً لكان ينبغي لنا أن نطالب بمكارم
الأخلاق فإنها مما تدل على سبل النجاح).
فمن واقع التركيبة الإنسانية المذهلة يظهر خطأ
الذين يحصرون الشخصية الإنسانية في مجموعة من سمات أو استعدادات منعزلة
قائمة بذاتها، مرصوف بعضها إلى جنب بعض، بل هي بناء متكامل من السمات
يتفاعل بعضها مع بعض ويؤثر بعضها في بعض على الدوام، فشدة الانفعال
تعطل التفكير، والتهور يفسد الحكم، والغباء يؤثر في نفس المرء وكبريائه.
فخذ ما قدمه باحثون إيطاليون من دليل علمي يدعم
فكرة جدوى التسامح والغفران ليس فقط لأن ذلك مطلوب من الناحية
الأخلاقية مثلما تقول الأديان، وإنما لأن التسامح مفيد للصحة، وقد
اختبر البروفيسور بيتر وبيترين عالم الأعصاب في كلية الطب بجامعة بيزا
في إيطاليا مدى صحة فكرة التسامح الذي يتيح للإنسان التغلب على وضع
يمكن أن يصبح مصدراً أساسياً للاكتئاب المؤثر على العقل والأعصاب لولا
التسامح.
وقال بيتريني (إن الطلاق يؤدي إلى معدل عال من
الاكتئاب ويمكن ان يخل باتزان الإنسان نفسياً وعصبياً. إن أسهل طريقة
لتجنّب الآثار العكسية على العقل والجسد هو أن نغفر...)
وفي تجربة أخرى أجرى فريق من الباحثيين في جامعة
فيسكونسين تجارب على (46) شخصاً من الذكور أصيبوا بأمراض خاصة بالشريان
التاجي، وفي حياتهم قصص تتعلق بالحروب أو بذكريات الطفولة أو بمشاكل
عائلية أو بخلافات في العمل، وخلصوا إلى أن أولئك الذين تلقوا تدريباً
على التسامح والغفران تحسن لديهم تدفق الدم إلى القلب...).
وأشارت دراسة في ولاية تينسي الأمريكية (بأن
تسامح الناس قد يخفض ضغط ا لدم لديهم، فقد قامت كاثلين لوليرا أستاذة
علم النفس في جامعة تينيسي مع فريق من الباحثين بمقابلة (107) طلاب في
الجامعة في وقت تعرض كل منهم لخداع أو إساءة من آخر ثم قاسوا الأعراض
البدنية الظاهرة عليهم وسألوا الطالب عن مستوى مشاعر التسامح التي يحس
بها لهذا الآخر.
ووجدوا أن الميالين للمغفرة كانوا ينفسون عن
توترهم خلال اللقاء وهم في الغالب من الرجال فيما كان غير المستعدين
للمغفرة يحتفظون بتوترهم لزمن أطول ويعانون درجة أكبر من ضغط الدم
والقلق ومعظمهم من النساء.
كما أن ضبط الأعصاب يحافظ على الصحة لأن الغضب
إذا لم يوجه يصح حالة عدوانية فتسبب إذا ما استمرت برفع ضغط الدم على
الدوام مما يعني زيادة الخطر من الإصابة بأمراض القلب أو أية أمراض
أخرى، إضافة إلى انعزالك عن الناس وتأثيره السلبي على النفس.
وفي إشارة إلى أن الإخلاص والتسامح تتعززان في
شخصية الانسان مع تقدم العمر قدمت سلنجي سريفاستافا الباحثة بجامعة
ستانفورد في كاليفورنيا دراسة بفحص عينات من أكثر من (132) ألف رجل
وامرأة بين أعمار (21 و60) عاماً ونتيجة الدراسة أن الإخلاص وهو السمة
التي تشتمل على حسن التنظيم والانضباط ازداد خصوصاً مع حلول العشرينات
من العمر، أما التسامح الذي يشمل صفات الود والكرم تجاه الآخرين،
فازداد خلال الثلاثينات من العمر.
ولا يخفى مفادهما في العلاقات الاجتماعية
والإنسانية وكما روي عن الإمام علي (عليه السلام) (الإخلاص أعلى فوز)
وقول الشاعر:
احمل النفس على الحلم لكي تحيا سعيدا والزم
الطاعة دوماً وانهج الدرب السديدا
المصدر: شبكة النبأ
المعلوماتية |