اعلنت ايران اختيار مسؤول قضائي متشدد لرئاسة
تحقيق حول وفاة صحفية كندية اثناء اعتقالها مما دفع الاصلاحيين الى
الاحتجاج يوم الثلاثاء والقول بانه غير كفء لمعالجة القضية.
وزاد الخلاف المتفاقم حول تحقيق في وفاة زهرة
كاظمي التي ماتت في وقت سابق من الشهر الجاري بعد اعتقالها لالتقاطها
صورا خارج سجن بطهران من الصراع الشديد على السلطة بين الاصلاحيين
والمحافظين في ايران.
وطلب الاتحاد الاوروبي وكندا من ايران ملاحقة
المسؤولين عن قتل كاظمي (54 عاما) وهي مصورة تعمل في مونتريال وتنحدر
من اصول ايرانية ماتت متأثرة بنزيف في المخ نجم عن ضربة على الرأس.
وفشل تحقيق حكومي مبدئي امر باجرائه الرئيس
الاصلاحي محمد خاتمي وظهرت نتائجه يوم الاحد في الكشف عن كيفية اصابة
كاظمي واستنتج ان هناك حاجة للمزيد من التحقيقات لتحديد سبب الوفاة.
واختار رئيس الهيئة القضائية مدعي عام طهران
سعيد مرتضوي لقيادة التحقيق وهو اختيار اثار حنق الاصلاحيين.
واغلق مرتضوي عشرات الصحف الليبرالية كما سجن
العديد من الصحفيين في منصبه السابق كقاض.
ونقل عن عضو البرلمان الاصلاحي حسين انصاري راد
قوله في صحيفة (ياس نو) الليبرالية يوم الثلاثاء "خلفية مرتضوي مشكوك
فيها..بلاشك فهذا الاختيار يسخر من القضايا القانونية والجوهرية."
ولم يرد مسؤولو الهيئة القضائية في الحال على
طلب رويترز التعليق على الانتقادات الموجهة لاختيار مرتضوي.
ودعا العديد من اعضاء البرلمان بالفعل الى
استقالة مرتضوي من قضية كاظمي بسبب دوره في اعتقالها والاستجواب الاولي
لها في 23 يونيو حزيران. كذلك يتهمونه بانه مسؤول عن الاعلان الرسمي
الاولى بان كاظمي ماتت بجلطة.
وقال ناصر قوامي رئيس اللجنة القضائية
والقانونية بالبرلمان لصحيفة ياس نو "هذا التعيين غير مقبول بالمرة
ومصير القضية يمكن التنبؤ به الان."
وقال المحللون ان الخلاف السياسي الناجم عن قضية
كاظمي هو امتداد لصراع طويل على السلطة في الجمهورية الاسلامية بين
الاصلاحيين المتحالفين مع خاتمي ومنافسيهم المحافظين الذين يرفضون اي
تغيير في نظام الحكم الاسلامي في ايران.
ورغم ان خاتمي فاز فوزا ساحقا في انتخابين
ويحتفظ حلفاؤه بغالبية مقاعد البرلمان فان قدرته على الوفاء بوعوده
الانتخابية بتحسين الديمقراطية والعدالة والحريات الشخصية يعوقها
المحافظون الذين يديرون اجهزة قوية مثل الهيئة القضائية والمجالس
الرقابية التي يحق لها نقض القرارات.
وقال عضو البرلمان على امامي راد من المحافظين "جريمة
مرتضوي الوحيدة هي انه اعاق انتشار الكذب..وتأثير المناوئين للثورة في
الصحافة."
وتكهنت صحيفة الجمهورية الاسلامية المتشددة في
افتتاحية لها بان اصابة كاظمي ربما تسببت فيها هي.
وقالت الصحيفة"ربما ضربت راسها في شيء صلب مثل
جدار لكي تخلق مشاكل للمحققين او مسؤولي السجن واجبارهم على قبول
مطالبها."
ولكن الصحف الاصلاحية لاحظت انه وفقا للتحقيق
الحكومي الاولى كان مرتضوي حاضرا اثناء استجواب مطول في الليلة الاولى
من اعتقالها.
وقال التقرير انه في مكان سجنها عندما استجوبها
شخص ما من مكتب مرتضوى بدأت كاظمي في الصراخ واهانة المسؤول الذي تعرفت
على صوته. وتساءلت ياس نو في افتتاحية لها "من كان المحقق وما هو سلوكه"
الذي ردت عليه كاظمي بهذه الصورة.
وردا على سؤال لوكالة انباء العمل قال رئيس
اللجنة القضائية في مجلس الشورى ناصر قوامي من جهته ان "القضاء بنفسه
موجود في قفص الاتهام في هذه القضية واذا ما سلمناه الملف فلن يؤدي ذلك
الى شيء".
واضاف "يجب تشكيل لجنة لتحديد هوية القاتل
واعلان نتائجها. وبعدها يجب تسليم المذنب او المذنبين الى العدالة".
وتابع "ان القاضي والمدعي العام مسؤولان عن حياة المتهم ويجب عليهما ان
يقولا لماذا قتل المتهم الذي كان تحت مسؤوليتهما".
ويوضح تقرير لجنة التحقيق ان مدعي عام طهران حضر
في المساء الاول لاعتقال زهرة كاظمي قسما من عملية الاستجواب الذي قام
به مساعده.
وندد نواب وصحف حكومية "بالاتهامات الموجهة الى
سعيد مرتضوي" وقال حسين شريعة مداري مدير صحيفة كيهان الحكومية "ان
المتطرفين يستهدفون سعيد مرتضوي لانه قاض نزيه وكفوء".
واضافت الصحف التابعة للمحافظين في ايران
الثلاثاء ان الصحافية الايرانية-الكندية زهرة كاظمي التي توفيت بعد
اعتقالها في ايران قد تكون ضربت راسها عمدا بالحائط او بجسم صلب ما ادى
الى وفاتها.
وكتبت صحيفة "جمهوري اسلامي" في افتتاحيتها "حسب
احدى الفرضيات التي وردت في تقرير اللجنة الخاصة فان وفاة زهرة كاظمي
قد تكون نتجت عن قيامها عمدا بضرب راسها بالحائط للتسبب بمشاكل
للمسؤولين في السجن وللاشخاص المكلفين بالتحقيق معها لاجبارهم على
الانصياع لمطالبها".
واضافت الصحيفة "ان التصرف غير الطبيعي
والعدواني" لكاظمي والذي تم التطرق اليه في التقرير يجعل هذا الاحتمال
"معقولا ومنطقيا".
من جهته دافع مدير صحيفة كيهان المحافظة حسين
شريعتمداري عن فرضية مماثلة في مقابلة اجرتها معه وكالة ايسنا الطلابية
للانباء.
وحسب التقرير فان ثلاث هيئات (اجهزة المدعي
العام والشرطة ووزارة الاستخبارات) "شددت على التصرف العدواني للسيدة
زهرة كاظمي. وبالتالي يمكن ان تكون ارادت الضغط وابعاد العملية
الاجرائية الشرعية عن مجراها الطبيعي عبر ضرب راسها بالقضبان الحديدية
لاسرة السجن ما قد يكون سبب لها نزيفا في الدماغ" حسب ما نقل
شريعتمداري.
واعلن ايضا انه "خلافا للحملة الدعائية التي
يقوم بها متطرفون ضد المدعي العام" فان التقرير يكشف ان الكسر لم يحصل
في الوقت الذي كانت فيه كاظمي بايدي عناصر من اجهزة المدعي العام او
الشرطة ما يرفع التهم عن المدعي العام سعيد مرتضوي.
وفي البرلمان انتقد نواب اصلاحيون تصرف سعيد
مرتضوي بشأن هذا الملف واتهموه بانه "اراد اخفاء قسم من الحقيقة".
وقالت صحيفة ليبراسيون الفرنسية يوم الخميس حسب
ما نقلت صحيفة السفير ان سبب وفاة المصورة الصحافية زهرة كاظمي هو نزيف
في الدماغ ناجم عن قيام القاضي سعيد مرتضوي بضربها بحذائه على الرأس
اثناء استجوابها.
وقدم النائب الاصلاحي محسن آرمين رواية مختلفة،
محملا مرتضوي مسؤولية وفاة الصحافية الكندية الايرانية، نظرا الى طلبه
الاستمرار بسجنها بعد تعرضها للضرب على رأسها من قبل موظفي مكتبه بينما
كان من المفروض ان تنقل الى المستشفى، وهو ما تأخر ثلاثة ايام ليجعل
موتها حتميا.
ويبدو ان سعيد مرتضوي مدعي عام طهران هو بطل هذه
القصة وقد يكون الضحية المقبلة لاغلاق ملف الصحفية، اذ يبدو ان كل من
اسمه سعيد في ايران يظهر الى الواجهة ومن ثم يصفى(سعيد امامي مثلا بطل
ملف الاغتيالات).
ويعتبر القاضي الشاب سعيد مرتضوي مدعي عام طهران
"عدوا مخيفا" للاصلاحيين الذي وجهوا اليه انتقادات حادة في قضية مقتل
الصحافية الايرانية الكندية زهرة كاظمي في طهران في اوائل تموز/يوليو
الجاري ..
لكن شهرته لا تعود فقط الى هذه القضية وانما الى
قراراته باقفال عشرات الصحف الاصلاحية في الجمهورية الاسلامية. وقد
تولى مرتضوي منصب المدعي عام لطهران في 29 نيسان/ابريل الماضي بعد ان
عينه رئيس السلطة القضائية التى يسيطر عليها المحافظون اية الله محمود
هاشمي شهرودي في هذا المنصب في اطار اصلاحات اقرها المحافظون لتطوير
النظام القضائي الايراني.
ولقي تعيين مرتضوي معارضة شديدة من الاصلاحيين
الذين اعتبروا قرارات واحكام مرتضوي كقاض خلال السنوات الماضية قرارات
واحكاما "سياسية" وليس قضائية. وكان مرتضوي المقرب كثيرا من المحافظين
في النظام الايراني علق صدور القسم الاكبر من صحف الاصلاحيين التى بلغ
عددها مئة صحيفة منذ ايار/مايو 2000 عندما تولى رئاسة محكمة طهران
المكلفة النظر في مخالفات الموظفين والصحافة. واصدر مرتضوي ايضا احكاما
بعقوبات قاسية بالسجن بحق العديد من الصحافيين الاصلاحيين.
وامرت الاجهزة التابعة له خلال الاسابيع الماضي
بتوقيف العديد من القيادات الطلابية وستة من الصحافيين. وورد اسم
مرتضوي ايضا في تقرير اللجنة الرسمية التي كلفها الرئيس محمد خاتمي
التحقيق في مقتل الصحافية الايرانية الكندية زهرة كاظمي اثناء اعتقالها
في طهران في الحادي عشر من تموز/يوليو الحالي. وجاء في التقرير ان "عمليات
الاستجواب الاولى التى بدات عند الساعة 35،22 في 23 حزيران/يونيو
واستمرت حتى الساعة الثانية والنصف فجر اليوم التالي جرت من قبل مساعد
المدعي العام الذي شارك شخصيا في جانب من الاستجواب".
ويبلغ مرتضوي الاربعين من العمر وهو من مواليد
محافظة يزد مسقط راس الرئيس محمد خاتمي .. ومرتضوي المهذب اللحية الذي
يرتدي الزي الاوروبي (دون ربطة العنق التي تمنعها الادارة الايرانية)
.. لا يفارق ابدا هاتفه النقال الذي يستخدمه كثيرا.. كما انه يتمتع
بروح الدعابة ولا يتردد في ممازحة المتهمين حتى اثناء الجلسات. وقد
تعرض لانتقادات حادة من قبل النواب الاصلاحيين في مجلس الشورى خصوصا في
قضية زهرة كاظمي التى توفيت اثر نزيف ناجم عن كسر في الجمجمة اثناء
توقيفها والتحقيق معها بعد ان التقطت صورا لسجن ايوين الشهير في شمال
العاصمة.
وقال النائب الاصلاحي محسن ارمين ان "مرتضوي
وقبل اسبوع واحد من اعلان وفاة زهرة كاظمي (11 تموز/يوليو) استدعى مدير
وزارة الثقافة المكلف شؤون الصحافة لمسائلته عن كيفية اعطاء بطاقة
صحافية لجاسوسة .. ثم استدعاه بعد اسبوع ليطلب منه اعلان وفاتها بسب
نزيف في الدماغ". واضاف النائب "ان مرتضوي مسؤول على الاقل عن محاولة
اخفاء جانب من الحقيقة في هذه القضية".
وقد انبرى العديد من اصدقاء مرتضوي المحافظين
للدفاع عنه. وقال النائب المحافظ على امامي راد "انه لعار كبير على
مجلس الشورى ان يسمح بان يتعرض للهجوم ومن على منبره احد جنود الثورة
وان يتم الدفاع عن الثورة المضادة التى يدعمها (الرئيس الاميركي جورج)
بوش و(رئيس الوزراء البريطاني توني) بلير". واضاف النائب "ان جريمة
مرتضوي هي انه لم يخضع للضغوط السياسية .. جريمته انه يمنع نشر الانباء
الكاذبة وتسلل الثورة المضادة الى الصحافة". ولا شك ان تكليف آية الله
هاشمي لاجهزة مرتضوي ببحث ملابسات مقتل الصحافية الايرانية الكندية
انما يراد منه التاكيد مجددا على ثقة رئيس السلطة القضائية المطلقة في
المدعي العام المثير للجدل.
هذا وقال وزير الخارجية الايراني كمال خرازي
الذي يقوم حاليا بزيارة جنوب افريقيا ان اي مسؤول عن مقتل الصحافية
الايرانية الكندية زهرة كاظمي اواخر حزيران الماضي في طهران "سيعاقب
بالتاكيد".في المقابل طالبت كندا تسليمها جثة كاظمي وملاحقة المسؤولين
عن وفاتها.
واضاف خرازي خلال مؤتمر صحافي في بريتوريا حيث
يشارك في اجتماعات اللجنة المشتركة بين ايران وجنوب افريقيا "اذا تبين
ان هناك من هو مسؤول عن مقتل كاظمي فان ذلك سيعلن على الملأ وسيعاقب
بالتاكيد".
وكانت الصحافية الايرانية التي تحمل الجنسية
الكندية والتى اعلن عن وفاتها في 11 تموز/يوليو الماضي توفيت اثناء
اعتقالها نتيجة نزيف في الدماغ ناجم عن كسر في الجمجمة وفق ما جاء في
تقرير رسمي اعلن الاحد للجنة تحقيق كلفها الرئيس الايراني محمد خاتمي
التحقيق في ملابسات هذه القضية. وقد اوقفت زهرة كاظمي في 23 حزيران/يونيو
الماضي فيما كانت تحاول اجراء تحقيق مصور امام سجن ايوين في شمال طهران
مع عائلات متظاهرين ايرانيين تم اعتقالهم خلال الاضطرابات الطلابية
التي شهدتها طهران في ايار/مايو الماضي.
المصدر: وكالات، الصحافة
العالمية |