تميزت آراء ومواقف المثقفين العرب لمعالجة موضوع
الأزمة الحضارية للأمة العربية بتحميل مسؤولية واقع الأمة العربية إلى
الخطاب الديني وطالبو بضرورة البحث عن آليات لتجديده بمشروع عربي بديل
للمشروع الأمريكي للخروج من الأزمة التي تمر بها الأمة العربية.
فقد اعتبر المفكر الكويتي (خلدون النقيب)
الإسلام السياسي أحد التحديات التي تواجه المجتمع العربي فيما أشارت
الكاتبة اللبنانية (منى فياض) لـ(إزدواجية الشخصية العربية) التي فرضها
التناقض بين الدين والواقع الحديث واعتبرت أن وسائل الإعلام والمؤسسات
التعليمية تتحمل مسؤولية التغيير أسوة بما حدث في البلدان التي قامت
بالإصلاح الديني في أوربا والصين واليابان.
وطالب الكاتب الإمارتي عبد الخالق عبد الله
بتشخيص اللحظة العربية والدولية قبل التفكير في مشروع ثقافي عربي
للمستقبل، وأكد عبد الخالق أننا لا نزال ضحايا ثنائيات الأصالة
والمعاصرة والعلمانية والإسلامية ونحن والآخر. يذكر أن المؤتمر الثقافة
العربية قد اختتم أعماله دون الاتفاق على ملامح لمشروع ثقافي عربي
مستقبلي.
وأثار المفكر اللبناني جورج طرابيشي تعريف
الأزمة بأنها ثقافية ويجب الاعتراف بالهزيمة داعياً إلى الاستفادة من
الغرب حتى تنتصر وهناك بالإمكان إجراء حوار مع الغرب.
بينما وضح المفكر العربي محمود أمين العالم فكرة
التعامل مع الغرب عبر مؤسساته المعتدلة محذراً الخلط بين المؤسسات
العسكرية الغربية وتلك التي تقوم على أساس علمي وإنساني.
وبرأي الدكتور علي مزيد أستاذ الأدب الإسلامي في
كلية البنات جامعة عين شمس أن ا لعقلية العربية تقوم على التعددية
والاعتراف بالأخر، وميز بين حقبتين عربيتين حيث كان العرب مجرد قبائل
تعيش على أطراف الجزيرة العربية في حوار مع دولتين كبيرتين هما الفرس
والروم واستطاعت أن تحافظ على ما هو عربي وعدم الذوبان في دول الجوار
مستندة إلى الثقافة العربية والتراث العربي وجاءت قراءة المفكر
الإسلامي رجب البنا لتجديد الخطاب الديني الإسلامي مع الالتزام بثلاثة
هي القرآن وصحيح السنة من قول وعمل بالإضافة إلى استلهام الحكمة، رأي
الفطرة العقلية السليمة.
وأضاف (التجديد السليم للخطاب الديني الإسلامي
يتطلب ترك ثلاثة:
1- تفسير المفسرين بدءاً من ابن عباس حتى سيد
قطب لأنها إسقاط على النص يصل إلى حد الافتئات على القرآن لوث مجازه
وشوه معانيه ثانياً طرح الصورة التي يقدمها المحدثون للسنة لأنهم
باعترافهم اضطروا لقبول آلاف الأحاديث مستندين إلى حسن النية) ثالثاً
ألا نلتزم ضرورة بآراء الفقهاء الأربعة لأنهم على رغم عبقريتهم فهم بشر،
ولم تكن لديهم أدوات التحليل الموجودة الآن، كما كانوا أبناء عصرهم
المستبد المغلق) ويرى البنا أن التجديد هو العودة إلى الأصل والى
المنبع وهو القرآن الكريم بدلاً من الترقيع والمماحكة).
أما الأستاذ حسن حنفي أستاذ الفلسفة بجامعة
القاهرة فطرح رؤية للتجديد وفق شروط هي تجديد اللغة والمنهج والموضوع
والحوار مع العصر مشيراً إلى أن القرآن مليء بإمكانات التجديد عبر
آليات أسباب النزول والناسخ والمنسوخ.
وتساءل الأكاديمي السوداني الدكتور حيدر إبراهيم
عم يفعله المسلمون بدينهم ولماذا لا يكون التغيير في الواقع وفي
المجتمع وليس في النصوص الدينية؟ ودعا إلى دولة مدنية لا دينية دولة
تحقق الديمقراطية كثقافة وكنمط حياة.
وقال المفكر اللبناني علي حرب أن ضعف الثقافة
العربية والمجتمع العربي عموماً يعود إلى مرجعيات المعنى وسلم القيم
السائد وبعبارة الأصول، ونوعية النماذج المسيطرة وأصبح هاجس الأمة هو
الاستقالة عن التفكير، أما الكاتب المصري جمال البنا فقدم رؤية لتجديد
الخطاب تقوم على الوصول مباشرة إلى النص القرآني دون النظر إلى تفسيرات
المفسرين والى الآلاف الأحاديث النبوية التي يزعم هو أنها موضوعة
ومنتحلة مؤكداً (وفق قناعته) أنه لا يوجد أكثر من 10 أحاديث صحيحة وقال
لا يجب أن نأخذ من السنة إلا فيما يتفق مع العقل والنص القرآني).
وفي بيان بعنوان (إعلان القاهرة) تبنى المثقفون
قرارات تدعو إلى (إنجاز الاستقلال الوطني والقومي لكل الأقطار العربية.
ومؤكدين حق الشعب الفلسطيني في تحرير أرضه المحتلة وإقامة دولته
المستقلة. وأبرز تقرير حول توصيات المثقفين العرب بأن الأمة العربية
تواجه معضلة التطبيق في ظل الاستبداد وجمود الخطاب الديني فيما طالب
المجتمعون (الأنظمة العربية بإلغاء الأوضاع العرفية التي تحاصر الحريات
العامة ومنها حرية الرأي والفكر والمعتقد والإبداع الفني والأدبي)
واعتبروا أن الدعوة إلى تحرير المجتمع وقواه لا تنفصل عن ضرورة تحديث
النظم السياسية بما يجعلها نظماً دستورية تنتمي إلى العصر ويعطي حقوق
الرفض والقبول والمبادرة والمراقبة.
المصدر: النبأ
المعلوماتية |