في عدد القاهرة الصادر بتاريخ 17-6-2003 أمطرنا
الأستاذ محمود الأزهري بوابل من الأسئلة في إطار رده على مقال الشيعة
والمرجعية والخمس المنشور بتاريخ 22-4-2003.
من حق الأستاذ أن يسأل ومن واجبنا أن نرد عليه.
السؤال الأول: هل أقتنع بأن كل ما قاله الكاتب (أي
العبد لله) هو مما يقتنع به أو يصدقه أم أنه ذُكر على سبيل التقية.
التقية في مفهومها القرآني (إلا أن تتقوا منهم
تقاة) آل عمران مقصود بها إخفاء المعتقد حفظا للنفس ودرءا للضرر
والتقية عمل دفاعي انكماشي يباح للمستضعفين الذين (يقولون ربنا أخرجنا
من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك
نصيرا) فحينما يسجن الإنسان ويضطهد بسبب معتقده أيا كان يباح له ما
يباح للمضطر ويصبح الوزر على من أجبروه للجوء للتقية (بئس القوم يعيش
المرء بينهم بالتقية) لا على المستذل المستضام (إلا من أكره وقلبه
مطمئن للإيمان) (فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم).
أما عن الشق الشخصي في السؤال فأود أن أقول
للأستاذ أن التقية هي رخصة شرعية ينبغي أن تبقى متاحة لمن يحتاج إليها
ونحن والحمد لله لا نحتاج إليها.
السؤال الثاني (أين الخبر)؟؟.
تساءل الأستاذ عن خبر المبتدأ في الجملة التالية
(ويبقى أن كل ما قلته عن الوحي الذي أخطأ العنوان وغيبة المهدي في
السرداب ناهيك عن تعدادهم لفرق الشيعة) ثم قال (هذا كلام يحتاج إلى خبر...
هل يقصد كل ما يقال كذب كيف كذلك والعلماء ينقلونه من كتب الشيعة ومن
واقع أحوالهم). أما الخبر فموجود في نص المقال (هو محض خرافات ودعاية
مضادة لا أصل لها ولو كان ضعيفا) أما حديثه عن العلماء الذي ينقلون هذا
الكلام فيؤسفني أن أخبرك أنهم ينقلونه من دون مصدر صحيح أو ضعيف أي أنه
كذب محض ويبقى أن عبء إثبات الإدعاء يقع على المدعي لا على المدعى عليه
وعلى الأستاذ أن يطالب هؤلاء الشيوخ والعلماء بتأصيل كلامهم وذكر اسم
الكتاب ورقم الصفحات مثلما طالبنا واستجبنا لطلبه.
السؤال الثالث: هل قمنا بنفي باقي فرق الشيعة؟؟؟.
الدراسة المتأنية لكتب الفرق وخاصة كتاب الملل
والنحل للشهرستاني تكشف عن وقوعه في سلسلة من الأخطاء العلمية الفادحة
المتعلقة بالتعداد المزعوم لفرق الشيعة خاصة عندما تحدث عن الكيسانية
والمختارية باعتبارهما فرقتين مختلفتين تنتميان إلى شخصين مختلفين هما
كيسان والمختار بينما تقول المصادر التاريخية أن المختار وكيسان هما
اسمان لشخص واحد هو المختار بن أبي عبيد الثقفي والرجل رضوان الله عليه
لم يكن صاحب فِرقة ولا داعية فُرقة بل كان إماميا من أتباع الإمام علي
بن الحسين بن علي وجريمته الكبرى هي الثأر من قتلة الحسين بن علي مما
اقتضى من وعاظ السلاطين الافتراء عليه بأنه ادعى النبوة ومن هنا فنحن
لا ننفي الحقائق الماثلة للجميع مثل وجود الشيعة الزيدية والإسماعيلية
بل ننفي الأساطير والخرافات وننفي أن تكون هذه الكتب مصدرا موثوقا
لمعرفة الحقائق المتعلقة بالشيعة والتشيع.
السؤال الرابع: كتاب الله وسنتي أم كتاب الله
وعترتي أهل بيتي؟؟.
أولا لا تناقض بين المعنيين على الإطلاق فالكتاب
أي القرآن هو الركيزة الأولى لتلقي الوحي الإلهي والسنة هي الركيزة
الثانية وهي كل ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وآله من فعل أو قول (من
يطع الرسول فقد أطاع الله) (إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين
الناس بما أراك الله) أما الجمع بين الكتاب والعترة فهو الجمع بين
العلم والعالم فأهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا هم
سفينة الهدى ومصباح النجاة وهم الأورع والأعلم والأتقى.
ثانيا رواية كتاب الله وعترتي رواية متواترة
رواها جمع من الصحابة يتخطى عددهم الثلاثين صحابي وهكذا وصولا إلى كتب
الأحاديث والروايات والأسماء موجودة عندي فلماذا تجاهلها السادة الشيوخ
وأثبتوا مكانها رواية كتاب الله وسنتي؟؟.
السؤال الخامس: أين توجد رواية خلفاء الرسول
الإثنا عشر؟؟
أبدى الأستاذ الأزهري دهشته وذهوله لسماع
الرواية المتعلقة بالأئمة الإثنى عشر قائلا (هذا الخبر الذي يدعي
الدكتور أحمد أنه في البخاري ومسلم) وأنا لست ممن يدعون شيئا وكان
ينبغي على الأستاذ الباحث أن يفتش في هذه الكتب الموجودة في كل مكان
ليتأكد من عدم وجود مثل هذه النصوص وعلى كل فرواية الخلفاء الإثنا عشر
موجودة في البخاري ج 4 ص 248 ط عيسى البابي الحلبي وفي صحيح مسلم ج6
ص1001 ط الجمهورية.
السؤال السادس: هل يسب الشيعة الصحابة؟؟:
تلك القضية التي جرى التهويل بها على الشيعة
لإخراجهم من الدين والملة وهي التهمة المتفرعة عن تهمة (قميص عثمان)
حقيقة لا مجازا حيث أسس ابن أبي سفيان أداته الإعلامية على قاعدة الثأر
ممن أسماهم (قتلة عثمان بن عفان) أي مؤيدي علي بن أبي طالب أي الشيعة
وكانت هذه هي التهمة الرسمية التي يجري بموجبها جز الرؤوس ويمكن
للأستاذ أن يرجع إلى كتب التاريخ (الطبري والإمامة والسياسة واليعقوبي)
ثم بعد أن اتسعت رقعة المعارضة تم توسيع دائرة الاتهام باعتبار أن من
يوالي عليا وأهل البيت هو (ممن يقع في السلف) فإذا كان الأستاذ يقصد
بتهمة سب الصحابة هو قراءة التاريخ بصورة متجردة غير انتقائية فهذا حقه
أما إن كان يقصد أن الشيعة يعقدون جلسة لسب فلان أو علان فهذا كلام لا
أصل له. أيضا ولو تأمل في الرواية التالية التي أوردها مسلم في صحيحه
ص1298 ج7 (عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال أمر معاوية سعدا بسب
علي بن أبي طالب فقال ما منعك أن تسب أبا تراب فقال أما ما ذكرت ثلاثا
قالهن له رسول الله...) كما روى مسلم أيضا ص 949 عن مالك بن أوس في
رواية (... فقال هل لك في عباس وعلي قال عمر بن الخطاب نعم فقال عباس
يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا الكاذب الآثم الغادر الخائن أي علي
بن أبي طالب...) فهل كان الإمام علي بن أبي طالب عليه مستحقا لهذه
الشتائم أو كان مستحقا للسب على المنابر لمدة 83 عام وكيف يمكن لنا أن
نصدق خروج هذه الشتائم من فم عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإذا
كان مسلم لم يستنكف عن إخراج هذا السب الفاحش للإمام علي بن أبي طالب
والحديث عنه بصيغة (عباس وعلي) ألا يعد هذا سبا للصحابة.
السؤال السابع: عن عصمة الأئمة وكيف تكون عصمة
للدين؟.
شن الأستاذ هجوما كاسحا على مبدأ العصمة ولو
كانت للأنبياء بمن فيهم محمد بن عبد الله حيث يقول (إنه من الثابت لنا
(؟؟) أن عصمة النبي أمر مستمد من الوحي وليست أمرا فطريا فالرسول يمكن
أن يخطئ ثم ينزل الوحي ليصحح له خطأه)!!.
الجواب يتفرع إلى قسمين الأول هل العصمة أمر
فطري أم متعلق بالوحي وكفى والثاني كيف تكون عصمة الأئمة عصمة للدين؟؟.
فطري أم متعلق بالوحي؟؟ عندما نقرأ القرآن نرى
الآيات التي تتحدث عن اصطفاء النبوة والآل (إن الله اصطفى آدم ونوحا
وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم)...
(ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا..) إذا فبعثة محمد لم تكن
بنت لحظتها بل هي فعل إلهي مخطط منذ أن خلق الله الخلق (إنه يراك حين
تقوم وتقلبك في الساجدين) أي أنه ص لم يولد من سفاح ولا مر في رحم
كافرة فكيف يقول قائلهم أن هذه الرحلة الطويلة من الإعداد الإلهي
للقيام بهداية البشرية لا يدخل فيها إعداد الفطرة للقيام بأعظم مهمة
عجزت عن حملها الجبال والسماوات والأرض؟؟؟.
الأمر الثاني عن العصمة وحفظ الدين قال تعالى (ومن
آبائهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم* أولئك
الذين هدى الله فبهداهم اقتده) الأنعام. إذن فالعودة المباشرة للنص
الديني لا تغني عن مبدأ الاقتداء بالأفهم للنص الإلهي والأكثر قدرة على
تنفيذ الأمر الإلهي أي الأنبياء المعصومين من الخطأ والزلل والأئمة
المعصومين (وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا) السجدة والذي يهدي بأمر
الله لا يضل ولا يزل ولو لم يكن للبشرية من حاجة إلى هذا الصنف من
البشر لما قال سبحانه (فبهداهم اقتده) ولقال (فبالنص اقتده) إنهم
الراسخون في العلم الذين قال عنهم ربنا عز وجل في سورة آل عمران (وما
يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم) في مواجهة الذين (في قلوبهم
زيغ الذين يتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله) وهم أي
الراسخون في العلم الذين قال عنهم سبحانه (ولو ردوه إلى الرسول وإلى
أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) ولو تأملنا في تاريخ
الأديان عامة وفي تاريخ المسلمين لوجدنا أن ما بين أيدي الناس من
مفاهيم عن الدين بعضها ضال ومنحرف جاء ثمرة لدخول الكثير من غير
المؤهلين على لائحة المتصدين لشرح الدين والإفتاء في القملة والنملة
تارة بعلم وكثيرا بدون علم ولا اتباع ولا اقتداء (ليس فيهم منار هدى
ولا علم يرى) فما هو الضرر العائد على المسلمين من الرجوع إلى (أولي
الأمر منهم) وإلى (الراسخين في العلم الذين أذهب الله عنهم الرجس
وطهرهم وتطهيرا) أي أنه منعهم من ارتكاب الكبائر وطهرهم تطهيرا من
الصغائر وإلى من قال عنهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (إني تارك
فيكم ما إن تمسكتم به بعدي لن تضلوا أبدا كتاب الله وعترتي أهل بيتي)
وإذا كان شيعة أهل البيت قد عينوا المقصودين بكل هذه الصفات فما هو
البديل المطروح لدى الآخرين هلا أخبرنا الأستاذ عنهم وعن الصفات التي
ترشحهم ليصبحوا قادة الهدى ومنقذي البشرية من الضلال فلعلهم يكونون
أهدى من أئمة أهل البيت سبيلا فنتبعهم ونريح ونستريح ونحسم الجدل
الدائر بين المسلمين حول هذه القضية (نبئوني بعلم إن كنتم صادقين).
المنصورة - مصر
arasem99@hotmail.com |