قم المقدسة: قال
العلاّمة السيد حسين الشيرازي في لقائه الليلة الماضية مع جمع من
الأخوات من مدينة طهران: إنّ من المسائل المهمة التي تميّز البشر أنّ
له بالإضافة إلى العقل والإدراك بعدين آخرين، أحدهما البعد العاطفي
والآخر الشهوي واستدل برواية عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في كتاب
نهج البلاغة.
وقال سماحته: لقد وهب الله العقل للإنسان لكي
يميّز بين الخير والشر، بَيد أنّ العقل مهما كان سليماً لا يستطيع
بمفرده أن يؤثّر على سلوك الإنسان بشكل كامل. فكثيراً ما يحكم العقل
على طريق بأنّه غير صحيح ولكنّه لا يستطيع تغيير طريقة أداء الإنسان
وجعله يسلك طريق الهداية والصواب. إنّ العقل كالمرآة يوضّح الحقائق،
ولكن بسبب ما ينطوي عليه الإنسان من شهوات لا يستطيع أن يتحكّم بأعماله.
وبتعبير آخر: إنّ الإنسان قد لا يخضع في تصرفاته لأوامر العقل.
وأضاف سماحته: مع أنّ العقل يوضّح أدقّ المسائل
وأفضلها للإنسان ويذكّره بها، لكن المشكلة الرئيسية عند الإنسان هي
أنّه يملك صفة في نفسه تستغرق كل وجوده، وهي الخضوع للشهوات .
وقال نجل آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي:
إنّ الشهوات أكبر سد في وجه أحكام العقل كلها، لأنّ العقل لا يملك صفة
إلزامية وإنما يُصدر الحكم بالعمل وعدمه. أما الشهوات ففيها الإلزام
والإصرار والشدة، وبها تستطيع أن تتغلب على العقل.
وأضاف: إنّ الله تعالى كما خلق الشهوات في
الإنسان وسلطها عليه، فقد خلق طريق العلاج أيضاً وهو الإحساس العاطفي
الذي يحظى -كالشهوات- بالشدة والحرارة.
وأوضح سماحته: أنّ العاطفة أفضل سبيل لعلاج
الشهوات، بحيث يمكن بواسطتها الوقوف في وجه الشهوات وإخماد ثورتها.
ولقد منّ الله تعالى على الإنسان بهذه النعمة العظمى (العاطفة) ليستطيع
بواسطتها التصدي للشهوات التي قد تجره إلى الشقاء والتعاسة وإلى نار
جهنم، ويجرّدها من سلاحها.
وقال في جانب آخر من حديثه: توجد العاطفة عند
جميع الناس، ولكن نسبة العاطفة الموجودة عند النساء تغلب النسبة
الموجودة لدى الرجال، وفي هذا أيضاً من الحكمة ما لا يخفى.
وأوضح سماحته: إنّ من أكبر واجبات السيدات حفظ
العائلة من الناحية التربوية والإيمانية.
وأضاف: يمكن للإنسان أن يصبح سبباً في دخول مَن
يحيطون به إلى الجنة، كما يمكن أن يكون بصبره وسماحه وأخلاقه الحسنة
عاملاً في هداية الكثيرين. وليس المقصود هداية الأشخاص الفاسدين فقط،
بل إنّ كل إنسان يحتاج إلى الهداية، وكما قال النبي الأكرم (صلى الله
عليه وآله وسلم) للإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): «يا علي لئن يهدي
الله على يديك رجلاً خير لك مما طلعت عليه الشمس» (بحار الأنوار: ج21،
ص361). أي لو أنّك استطعت أن تهدي إنساناً واحداً فذلك أفضل لك من
ثروات الأرض كلها.
وختم سماحته حديثه بالقول: يجب علينا أن نسعى
للاستفادة الفضلى من هذه النعمة الإلهية الفطرية ونستثمرها جيداً من
أجل هداية وإرشاد الذات والآخرين، وأعظِم بهما من هدف! |