بعض الحكومات ما تزال غير آبهة بما يجري على
أراضيها من اعتداءات لا أخلاقية ضد النساء والأطفال وكأن شيئاً لم يكن.
إن كثرة تقويم (النموذج السيء) للرسميات
اللامسؤولة قد غدا كما يبدو مودة لن تستطيع أن تعيش أي حكومة مهزوزة
دونه ولعل في تعميم الظلم المبكر ضد جمهرات من النساء والفتيات
والأطفال الذين يتعرضون لتجاوزات لا أخلاقية متواصلة فيها شيء ضمني من
موافقات تلك الحكومات وتأييدها الخفي لعمليات الفساد والإفساد.
ففي جمهورية الكونغو الديمقراطية تعرض أعداد
كبيرة من النساء والفتيات والأطفال لاعتداءات جنسية بصورة دائمة
والحكومة هناك الداخلة في نزاعات داخلية مسلحة منذ زهاء خمس سنوات تغض
النظر عن الاعتداءات الآنفة بسبب كون الميليشيات المتحاربة مع قوات
الجيش النظامي تشترك في اقتراف تلك الاعتداءات ولعل من الإشكالية
الأكثر في هذه الظاهرة المفروضة بالقوة بحسب إحصائية خبرية أن أغلب
المفسدين الذين يجبرون الفتيات والنساء على أن يكن ضحايا الإفساد
يحملون فيروسات مرضية قاتلة (الإيدز) ومرض جديد رمزه بالحروف
الإنكليزية (H.E.V) وهم مرضان قاتلان.
هذا وتوجد الآن في شرق الكونغو الذي فرقت الحرب
مناطقه آلاف الفتيات المختطفات اللائي تعرضن ويتعرضن لقضاء الحاجة
الجنسية لدرجة أن إحداهن ترفض النظرة مباشرة إلى عيني أي أحد نتيجة
لليأس من الحياة التي يشعرن به وتشير معلومة أن ما لا يقل عن (30) ألف
امرأة قد تم اغتصابهن خلال عدة أشهر من سنة 2001م مما يمكن أن يطلق
عليه بـ(الإرهاب الجنسي) إن انعدام التغذية وعدم وجود إمكانيات مالية
تذكر تجعل من الفتيات والنساء وأن يستقبلن وضعهن المزري الذي فرضه قدر
السياسة والدولة التي تسمي نفسها بـ(الديمقراطية) حتى بدأ المجتمع هناك
يقرف من اسم الديمقراطية ويلعنوا من ابتكرها رغم أنه مصطلح قد لطخ
جوهره السياسيون المدعون.
وتقول (كارين واختر) المسؤولة في (اللجنة
الدولية للإنقاذ من العنف الجنسي): (إن انتشار عمليات اغتصاب النساء
والفتيات على نطاق واسع أمر معروف جداً والناس يتحدثون عن ذلك)..
ولعل من غرائب أمور السياسة الراهنة أن آلاف
المهاجرات من الفتيات والنساء المشار لهن تتم داخل معسكر تديره بما
تسمى بـ(الحركة الكونغولية من أجل ا لديمقراطية) وهي حركة مدعومة من
قبل البلد المجاور رواندا وحيث أن أي فتاة أو امرأة لن تستطيع فعل شيء
على اعتبار أن ما حدث حدث وكان قدراً محتوماً لكن تجديد المأساة في
استغلال ضعف النساء والفتيات وتعريضهن كل يوم لمآرب الرجال الفاسدين
والمفسدين.
لو تم الابتعاد قليلاً عما يجري في الكونغو وتم
التقرب إلى صورة الوضع الاجتماعي الذي يحض نفس المشكلة في بلدان أخرى
غير واقعة في أفريقيا فبماذا يوحي المشهد حول الجرائم اللاأخلاقية
المقترنة ضد جمهرات النساء في العالم والتي تدعمها الحكومات بطرق فنية
كأن تضع في بنود دوائر قضائها أحكام مخففة على المفسدين أو تغرمهم بمال
زهيد لا يضمن عدم تكرارهم لذات الجرائم. أما في أماكن اللهو والمواخير
التي تعرض الجهات المعينة في بعض البلدان النامية (العربية والإسلامية
مثلاً) فتغض النظر عما يحدث فيها ويعلم بعض المسؤولين كيف تعمل عصابات
الفساد والإفساد لجر العديد من الفتيات والنساء الضعيفات إلى المدارج
السفلى لأماكن بيع العفة في البيوتات المشبوهة والملاهي ولكن أحداً لم
يحرك ساكناً لأن هؤلاء المسؤولين مرتشون بمبالغ دورية يتقاضونها في
نهاية كل شهر من رؤساء تلك العصابات اللاخلاقية لقاء حماية أعمالهم
الشائنة المنبوذة من أي توقف أو إغلاق.. والأمثلة تكاد لا تحصى على
أسماء تلك الرسميات المفتقدة لأبسط نسبة من الشعور بالمسؤولية أمام
مجتمعاتها. |