مؤشر ثروة المياه في كل بلد هو الذي يحدد فقره
أو غناه.. تقدمه أو تخلفه.
الأرقام الواردة تقول أن منطقة الشرق ا لأوسط هي
الأفقر بالقياس لبقية بقاع العالم ومن خلال كمية الماء يمكن تصور
محددات تلوث البيئة والصحة والمرض والوفاة أيضاً والمياه قد أصبحت قضية
أمن قومي في العصر الحديث وسياسات العديد من الدول أمست تنطلق من
الحاجة لها دون أن يعلن عن ذلك رسمياً لدى بعضها وتشير توقعات بعض
الخبراء أن تكون المياه وراء الحروب القادمة وليس غريباً أن أجهزة
الاستخبارات وقادة اتخاذ القرار بدأوا يحسبون لقضية المياه حساباتهم
الاستراتيجية عما يمكن فعله ومنذ زهاء ربع قرن أخذ موضوع التفكير
بمشروع المياه يأخذ طابعاً أقليمياً وبصورة حادة.
ومشكلة المياه التي تبدو المداولات عنها تجري
بشكل هادئ فإن هناك مؤشرات معلوماتية تميط اللثام أن بعض الحكومات بدأت
تفكر في الكيفية التي يمكن أن تحصل عليها على كميات محددة من المياه
التي لدى بلدان أخرى. ومع عدم الغفلان أن الطلب على كمية المياه
الصالحة للاستخدام الذي تتوقف عليه حياة الكثير من الكائنات الحية. فإن
البنك الدولي قد دخل خط قضية المياه لما باستطاعته أن يقدمه لدعم
المشاريع ذات النفع العام في كل بلد.
ومياه الأنهار وأحواض المياه الجوفية الطبيعية
الناتجة عن سقوط الأمطار وما يتم تحليته من مياه البحار المالحة التي
هي الموارد المتاحة لشعوب الأرض إلا أن الأزمة في المياه قد كثر الحديث
عنها أكثر مما تم العمل بحلها إذا ما وقعت كارثة جراء وقوعها المتوقع
ووفقاً لأرقام البنك الدولي الصادرة قبل زهاء عقد من السنين فإن نصيب
البلدان الأكثر ثراء في العالم من ناحية الموارد المائية هي بلدان
أمريكا اللاتينية أما آخر القائمين فهي بلدان الشرق الأوسط وشمال
أفريقيا وهذه ندرة مزمنة للمياه في بلدان أخرى حيث تعكس الحالة لشحة
المياه فيها على كثير من مظاهر الحياة فإذا ما نظرنا للمياه كعنصر مجدد
للنشاط الاقتصادي ومستوى التقدم والتحضر فإننا نلحظ أن مصادر الدخل
الرئيسية في مجموعة بلدان الشرق الأوسط والشمال الأفريقي هي النفط
وليست الزراعة أو الصناعة رغم تزايد نسبة هذه الأنشطة.
بينما سيلعب موضوع المياه دوراً متشابكاً يحدد
مستقبل الحرب والسلام بين العديد من الدول بحسبما هو متوقع نتيجة
لافتقار بعض البلدان للأنهار تماماً فإن مشاريع تحلية المياه ما تزال
في بداياتها وينبغي أن تكون ضمن الاهتمامات الأولى في بعض البلدان
كمنطقة الخليج العربي.
والدوائر الدولية والإقليمية ما تزال تبحث عن
التفتيش عن بدائل في المشاريع والخطط ممكن أن تؤدي لضمان تدفق المياه
محلياً وإقليمياً بما ولا يترك أزمة على أي مجتمع إنساني وجامعة الدول
العربية والبنك الدولي في ضمن تلك الدوائر المهتمة.. بقضية المياه
وينصحان معاً أن تكون هناك حالة من أجل الترشيد الكفيل لاستهلاك ماء
أقل وتلاحظ مثلاً في بعض البلدان العربية إعلانات رسمية تصدرها
الحكومات عبر جهاتها المختصة تدعوا إلى عدم التفريط بالماء وقسم من تلك
الإعلانات تأخذ شكل كاريكاتيري ذو تعليق أو شكل اجتماعي ينبه لمعرفة
قيمة الماء وعدم جواز هدره دون حاجة وتلك أولى إرهاصات قضية المياه. |