رغم كل ما تمتلكه القوى الكبرى من نفوذ سياسي
عالمي وما تمتع به حاضراً من السيطرة على زمام العديد من الأمور في
البلدان النامية سواء كانت ضمن أسماء قوائم التبعية أو شبه التبعية فإن
الإصرار على فتح حوار دائم مع الأقوياء يمكن أن يجعلهم يتنازلون أشياء
ونسب أشياء لصالح بلدان النماء.
طرح البنك الدولي قبل زهاء (12) سنة سؤالاً مهماً
هو: (كيف سيبدو العالم سنة 2010م؟ وجاء ذلك ضمن إحدى دراساته الموثقة
آخذاً بكل اعتبار أن القصد من السؤال هو ما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط
التي تشهد تغيرات اساسية كان المناخ الدولي بعد سقوط ما يسمى بجمهوريات
الاتحاد السوفيتي السابق حيث اقترن ذلك السقوط بصعود القوة الغربية إلى
أعلى السطح في رسم السياسات الجديدة التي تقتضيها مصالح الغرب المنتصر
في حرب دولية حاسمة دون استعمال السلاح العسكري وتعتبر هذه بغض النظر
عما أدت إليه تحديات السياسة بين الكتلتين الشرقية والغربية وما تخللها
من اختراقات مخابراتية بين الطرفين كان من نتيجتها الأخيرة أن أخلى
الطرف الاشتراكي الساحة للطرف الرأسمالي بطريقة دراماتيكية مفاجئة.
واليوم فإن منطقة الشرق الأوسط تشهد تغيرات
أساسية ذو مناخ سياسي دولي لا يعرف مداه فالمناخ العربي أصبح مختلفاً
عما كان عليه قبل ربع قرن ومحاولات الإصلاح الاقتصادي رغم تبعية بعض
البلدان بدأت تظهر ولو بنسب ضئيلة لا تتناسب مع الطموح الشعبي العام في
البلدان النامية المعنية رغم أن السلام بين الفلسطينين والإسرائيليين
لم يعد مرتقباً بل إذا ما حدث فسوف يكون مفروضاً ووفقاً لشروط ربما
سيضطر الفلسطينيون للموافقة عليها. ففي وجود مشاكل اقتصادية مستفحلة في
البلدان النامية ومنها بعض البلدان العربية التي تعاني من حالة عدم
القدرة لضبط الزيادة السكانية أو تحسين مستويات معيشة الناس وتتوقع
الأرقام الإحصائية أن الناتج المحلي الإجمالي للمشرق الذي كان (68)
مليار دولار سنة 1990.. سيصل إلى (126) ملياراً سنة 2010م.
ومثيل الأرقام الآنفة يمكن تسميتها بسيناريو
التقدم وتعني فعلاً الكثير فهي تشير لإمكان مضاعفة الدخل كل (20) سنة
على وجه التقريب ومع أن دول المغرب تبدو أفضل حالاً من المشرق من
الناحية الاقتصادية إلا أن ما يمكن الإشارة إليه هو أن ارتفاع أو
انخفاض سعر النفط يؤثر على معدلات ومستويات العيش في البلدان المنتجة
له التي تتمتع بنسبة معقولة من السيادة أو هكذا يتخيل البعض على احتساب
أن أي زيادة في منح الدول النامية يعد مكسباً لحركة التقدم فالحياة
الأفضل لم تعد مطلباً أو يفترض أن يكون مطلباً ولكن يتحفظ البعض
للمطالبة به.
أن الظروف السياسية الدولية اليوم رغم كل
الأزمات المفتعلة أو الطبيعية بين الحكومات إلا أن المطالبة السلمية
لإنتزاع مكاسب اقتصادية أو ثقافية أو صحية لصالح كل مجتمع أمر يتفهمه
الغرب ويفضل أن تكون هنك مواظبة ومواكبة حوارية بين الأطراف الدولية
الضعيفة التي هي البلدان النامية مع الأطراف الدولية المستقوية التي هي
الدول الغربية الكبرى التي ستضطر نتيجة لتنوير الرأي العالم المحلي في
كل بلد نامي أن تمكن الدول القوية شروطها وهيمناتها ولكن بأقل مما لو
تركت دون حوار معها ولعل الوعي المتنامي بكل بلد هو بمثابة نار جمر تحت
الرماد وهذا ما ينبغي أن ينظر لها كونها مصدر قلق يمكن أن تؤجج المشاعر
ضد القوى الكبرى المهيمنة على مقدرات بلدان نامية عديدة ويزعزع الأوضاع
السياسية مهما كانت قوة ا لغرب لذلك فإن الإنصاف في التعامل ممكن أن
يقرب الأرقام المتمثلة لتبيان المكاسب بين كل طرفين يشتركان في معادلة
تنسيق الأمور في كل بلد بعيداً عن الاحتمالات الموجعة للرؤوس وبعيداً
أيضاً عن استمرار التدهور غير المنظور أو غير المتكلم فيه.
أن أجواء اليوم مناسبة جداً لأن توضع السياسة
الدولية في ميزان المشاركة العادلة بين طرف دولي وآخر. وبذا سيمكن
فعلياً تحقيق عمليات التقدم في البلدان النامية التي تتطلع مجتمعاتها
إلى العيش الكريم الذي يضمن الطمأنينة للأفراد والمجتمعات. |