الكثير من الدول تعتبر أعمال الرذيلة مسألة
شخصية ما دامت مغلقة بين الناس ولا شتكل فضيحة لأي دولة مما يعني أن
هناك رعاية رسمية لاقترافات الرذيلة رغم كل التحفظات المحيطة بها.
ليست هناك بلاد في العالم لا تقترف فيها منكرات
الرذيلة لكن أخطر ما فيها هو التستر عليها وبالذات على مستوى الحكومات
بصورة عامة فقد ذكر خبراء في مؤتمر دولي حول سقوط المرأة عقد في
العاصمة الاسبانية مدريد في حزيران 2000م بأن الدعارة لا تعد مطلقاً
اختياراً حراً للمرأة ودعوا الى التصدي لها باعتبارها (أسوأ أشكال
التمييز ضد المرأة). وقال متحدثون أمام المؤتمر الذي شارك فيه زهاء
(400) خبير في (13) دولة: (أن شبكات إجرامية قامت باستدراج زهاء (4)
ملايين امرأة من بلادهن ثم أجبرتهن على امتهان الدعارة، وتعمل مئات
الآلاف من النساء القادمات من أفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا وأوربا
الشرقية في المواخير المنتشرة عبر بلدان الاتحاد الأوربي البالغ عددها
(15) دولة، وذكرت تقارير صحفية أن الدعارة هي ثاني أكبر نشاط إجرامي
على مستوى العالم بعد تهريب الأسلحة ويقدر عائدها السنوي بأكثر من (7)
مليارات الدولارات، ففي ألبانيا يوجد ما يقدر بزهاء (300) ألف من بنات
الهوى تشكل المهاجرات زهاء (70%) منهن وقد تم اغرائهن للخروج من بلادهن
بوعود كاذبة بغرض عمل ينتظرهن وهناك عدة أسباب تدعو بعض النساء
للموافقة على احتراف الدعارة أو بسبب عامل نفي قوي مثل وقوع الاعتداءات
الجنسية عليهن في عهد طفولتهن، ومن المؤكد فان وصف فرض الدعارة هي أكثر
من انتهاك لحقوق الإنسان لأنها تسلب من المرأة عفتها التي لا يمكن أن
تعادل بأي ثمن.
وإذ يبقى هناك تحفظ رسمي على جرائم الرذيلة لكن
ما يغيب عن بال بعض قيادات الدول ما ينتظرها من لعنه مجتمعاتها
والتاريخ ويقر الخبراء أن الأرقام الرهيبة المستحصلة من الرذيلة في بعض
تفصيلاتها بانها تأتي نتيجة مخطط استعماري مركّز لافساد أخلاقيات
المجتمعات بشتى الأساليب ومنها جر النساء الى مستنقع الرذيلة، ففي
بلدان جنوب شرق آسيا يوجد مئات الآلاف من الأطفال والفتيات المراهقات
والنساء العاملين في الدعارة السرية والعلنية وتتصدر أسماء دول أول
القائمة مثل الفلبين وتايلند واندونيسيا وماليزيا وحتى اليابان. وإذا
ما تم الاتجاه قليلاً من تلك البلدان نحو الغرب فتشير الأرقام ان في
موسكو وحدها (4000) بيت دعارة و(50) ألف عاهرة يعرضن خدماتهن في
الشوارع بينما تدر صناعة الدعارة والجنس على إسرائيل مبلغ (4) مليارات
دولار سنوياً.
وتشهد روسيا في جانب آخر حملة نشطة لتحذير
النساء الشابات من مخاطر الوقوع في براثن العبودية الجنسية والتحول الى
عاهرات بالسخرة من خلال إيهامهن بالعمل السهل المريح وتتزعم جمعيات
نسائية روسية هذا الجهد الذي يهدف الى زيادة الوعي والحذر عند الروسيات
ووضعهن في إطار الحقائق الفعلية لما قد يتصورون انه فرص عمل ممتازة في
الخارج وعلى الأخص في الغرب الأوربي.
وتقول (فالنتينا جور جاكوفا) رئيسة تجمع نسوي
مكون من (43) جمعية، وتقود أيضاً هذه الحملة: (ان معظم الشابات
الروسيات وبالذات القادمات من الريف والمحافظات الروسية يقعن فريسة
لهؤلاء القوادين لسذاجتهن وجهلهن ولهذا الصدد يقول رقم مستسقى من هيئة
الأمم المتحدة: (ان تجارة الرذيلة النسائية تضمن أرباحاً لعصابات الجنس
يتراوح بين (7) الى (12) مليار دولار سنوياً.
وفي ألمانيا بدأ البرلمان (البونوستاك) مناقشة
مشروع يقضي بإضفاء الطابع القانون لاقدم مهنة عرفتها البشرية ويستهدف
لتحسين أوضاع ذهاء (400) الف عاهرة وتعلق (ماريا ايشورن) العضوة
البرلمانية بـ: (ان تسويق الخدمات الجنسية يتنافى مع القيم التي جاء
ذكرها في الدستور)، هذا في حين أن الأصوات الأخرى في البرلمان المذكور
لحماية حرية ممارسة المومسات للمهنة ما تزال عالية دون أي حياء، هذا في
حين تبنت جمعيات خيرية متخصصة دعوات البرلمان الأوربي تحثه على تبني
المقترحات الخاصة بمنح اللجوء للنساء اللاتي يلجأن الى دول الاتحاد
الأوربي هرباً من الدعارة القسرية.
أما في جنوب أفريقيا فان (المحكمة العليا) هناك
أصبحت تجرّم مهنة البغاء علناً لأنها تحط من قدرة المرأة وتساهم في
انتشار العديد من الأمراض الخطيرة ومعلوم أن جنوب أفريقيا تعتبر أكبر
دولة حاضنة لمرض نقص المناعة المكتسبة (الايدز) المسبب لحمل فيروسه
بأكثر من (4) ملايين مصاب.
وهكذا فان الرذيلة رغم كل اجراءات التحفظ
والسرية المحاطتين بها لكن اخبارها وأرقام الاحصاءات المشيرة لها أضحت
تتسرب بسوله الى الرأي العام في كل بلد. |