|
كان أيام زمان للشتاء طعم آخر كنا أطفالاً
نتسابق لأن نلتقط قطرات المطر من سقف الغرفة الطينية، لنتذوق طعمها
المطعم برائحة الخشب العتيق وكنا نسابق الرعد في الاقتراب أكثر من
الساموك(1). خوفاً..
ونصيحة جدي أن نفتح أفواهنا لحظة الرعد القوي وكنا نضيف أن نضع أكفنا
الصغيرة على أذاننا بين حب سماع الصوت والخوف منه.. حدق في سقف الغرفة..
بعد أن أتعبه، معالجة تسرب الماء ليحدثنا عن حوار غريب.
- زار رجل صديقه في ليلة ماطرة فرأى السقف (يدلف)(2)
فسأله لماذا لا تصلح سقف غرفتك فأجاب الآخر كيف تريد مني في هذا الجو
الماطر العمل على إصلاح السقف، فقال الرجل ولماذا لا تصلحه بعد توقف
المطر..
أجاب الآخر.. لأن الدلف يتوقف عند توقف المطر..
فلا حاجة لإصلاحه.. هكذا طبعاً تناقش موضوعات الإصلاح والتغيير
والتطوير والتحديث في بعض مجتمعاتنا.. وصالحة أيضاً لمفهوم الحديث عن
الإرهاب التي يواجهه العالم والعنف المستشري في عالمنا العجائبي، سعل
جدي، بقوة ونظر إلى سقف الغرفة الطينية، ما في حدا أخذ معه شيء إلى
قبره وحدق في عيناي، تذكر أن كل خطوة في حياتك تحمل ثوابت جذورك،
فالعمل الطيب والصبر والتسامح وحب الآخر ومساعدته واجب لا تحتاج إلى
دعوة، أنه الخير للجميع.
والخير التي لم أستطع أن أفكك رموزه وأحاجيجه
صدفة – أهدي إلي من صديق مجلة النبأ.. وليشدني قراءة في فكر للإمام
الشيرازي حين وجدت من أمسك بيدي وأعادني إلى جذوري الروحي وذاكرتي، قول
جدي.. ثمة من يحمد الله أنه لا يملك من حطام الدنيا إلا الثياب التي
يرتد بها، وللعلم أن للإمام الشيرازي رحمه الله مؤسسات الثقافية
والاجتماعية والسياسية ما ناهز 750 وحدة في أرجاء العالم.. وبلغت
مؤلفاته القيمة ألف كتاب في مختلف العلوم والقضايا التي يحتاجها
المسلمون.. كان يؤمن بالحرية إيماناً مطلقاً..
ويرحب بالحوار وتبادل الرأي ويتقبل الرأي الآخر
وعلى سيرة الرأي الآخر جاء أحدهم وكتب لي رسالة قصيرة، لو عرفت صبر
الصياد لاصطياد سمكة لما جئت إلى عندك، أقلقتني الرسالة.. وتأكدت تماماً
أن الرجل القوي في العالم (بوش) بعد فترة سيطلق نظرية جديدة في
العلاقات الدولية، الصبر من أجل حفنة من الدولارات.
(1)
الساموك: عامود من الخشب القوي في منتصف الغرفة.
(2)
الدلف: تسرب الماء من تشقق السقف. |
