خسرت أميركية مسلمة دعوى قضائية رفعتها للمطالبة
بالسماح لها بظهورها بالنقاب في صورة رخصة قيادة السيارة. ولم تقتنع
قاضية المحكمة الدورية في أورلاندو بولاية فلوريدا بحجج محامي صاحبة
الدعوى بأن أمر الولاية بأن ترفع النقاب في صورة الرخصة يعد تدخلا في
ممارساتها الدينية وأخذت القاضية بالاعتبارات الامنية في حكمها برفض
الدعوى.
كانت ولاية فلوريدا قد سمحت في السابق لسلطانة
فريمان، 35 عاما، بارتداء النقاب الذي يغطي كل وجهها فيما عدا العينين
وأجزاء من الحاجبين، في الصورة لكنها عادت ورفضت الرخصة بعد الهجمات
الارهابية التي وقعت في 11 سبتمبر عام 2001 وطالبتها بأن تظهر وجهها
كاملا في الصورة.
وقالت القاضية جانيت ثورب في حكمها إنها لا تصدق
أن سلطانة فريمان التي تحولت للاسلام قبل ست سنوات تشكل خطرا على الامن
القومي لكنها أضافت أن طلبها يمكن أن يشكل مثل هذا الخطر من خلال آخرين.
أوضحت ثورب «من المحتمل أن يكون هناك أشخاص على استعداد لاستغلال حكم
يسمح بالظهور بالنقاب في صور رخص القيادة بالتظاهر أن لذلك أسانيده في
معتقداتهم الدينية لكي يقوموا بأنشطة تهدد الارواح».
وقال هوارد ماركس محامي سلطانة فريمان إنه
سيستأنف الحكم، متعهدا بخوض معركة قانونية طويلة إذا لزم الامر وقال
زوجها عبد المالك فريمان إنها لن ترفع النقاب. وقالت ثورب في حكمها إن
ماركس لم يدلل على أن رفع النقاب أمام ضابطة للحظة قصيرة لالتقاط صورة
يعد تعديا على حرية موكلته في ممارسة شعائر دينها وهي حرية مكفولة لها
بموجب الدستور الاميركي. لكنها أضافت أن سلطات الولايات برهنت على أن
الصورة ضرورية لحماية الأمن العام.
واحتجت سلطات الولاية بأن الصورة غير الواضحة
تمثل خطرا على الامن والامان العامين، لاسيما أن رخص القيادة تعد
الوسيلة الاساسية للتعريف بالهوية في الولايات المتحدة. وقد شددت عدة
ولايات أميركية من إجراءات الحصول على رخصة القيادة بعد أن اكتشف
المحققون أن بعضا من الارهابيين في هجمات 11 سبتمبر كان معهم رخص غير
قانونية.
وحكم القاضي بعد ان سمع مرافعات استمرت لثلاثة
ايام بان الحقوق الدينية للمدعية بارتداء نقاب لن تمنعها من اظهار
وجهها في صورة الرخصة.
وكانت سلطانة قد استخرجت رخصة قيادة عام 2001
عليها صورتها وهي ترتدي نقابا يخفي وجهها غير ان سلطات الولاية عادت
بعد هجمات سبتمبر الارهابية من ذلك العام للطلب منها عمل رخصة ثانية
بصورة سافرة الوجه غير انها رفضت الاجراء ورفعت القضية.
ودفع محامي سلطانة بان موكلته تستطيع استخدام
اوراق رسمية اخرى لاثبات هويتها عوضا عن رخصة القيادة مثل شهادة
مولدها او بطاقة الضمان الاجتماعي غير ان القاضي رفض قبول ذلك الدفع.
وكانت المدعية قد اشهرت اسلامها عام 1997
وغيرت اسمها من ساندرا كيلر الى سلطانة فريمان وبدأت ترتدي النقاب
بعد ذلك.
وكانت قاضية في اورلاندو (فلوريدا جنوب شرق)
قد رأت ان اجبار مسلمة على نزع الحجاب من اجل التقاط صورة للحصول على
رخصة لقيادة السيارة امر قانوني.
ورأت القاضية جانيت ثورب ان "نزع الحجاب موقتا
لصورة لوثيقة شخصية لا يشكل حدا اساسيا لحق ممارسة الشعائر الدينية".
ولم يسمح لسلطانة فريمان (35 عاما) التي اعلن محاميها انه سيستأنف
الحكم، بالحصول على رخصة قيادة السيارة بعد ان اصرت على تصويرها
بالحجاب. وقد رفعت دعوى في هذا الشأن العام الماضي.
واكد محاميها ضرورة ان تحترم ولاية فلوريدا
المعتقدات الدينية وبالتالي رغبتها في عدم نزع الحجاب من اجل التقاط
صورة. وشددت القاضية من جهتها على اهمية اجازة قيادة السيارة كوثيقة
رسمية معتبرة انه من الضروري ان "تكون الولاية قادرة على التعرف فورا
على الاشخاص الذين يخضعون لتحقيقات جنائية او جزائية مرتبطة بقوانين
السير".
واوضحت ان "التزام كل الذين يريدون قيادة
السيارة بتقديم صورة حاسري الرأس وبدون قناع لا يؤثر على حرية الديانة
بطريقة مخالفة للدستور". يذكر ان رخصة قيادة السيارة تشكل الوثيقة
الشخصية الاساسية في الولايات المتحدة. وكانت المدعية وهي اميركية
اعتنقت الاسلام منذ 1997، حضرت جلسات المحكمة الاسبوع الماضي بثوب اسود
طويل ونقاب.
وعبرت منظمات عديدة للدفاع عن الحقوق المدنية عن
تأييدها لفريمان التي حصلت في 2001 على رخصة للقيادة تحمل صورتها
بالحجاب. لكن بعد اعتداءات الحادي عشر من ايلول/سبتمبر 2001 طلب منها
تقديم صورة بلا حجاب. وقال محاميها هاورد ماركس بعد قرار القضاء ان "كل
هذا ما كان سيحدث لولا اعتداءات الحادي عشر من ايلول/سبتمبر. من الواضح
ان ولاية فلوريدا تخالف مبدأ الحريات الدينية".
لكن وزيرة العدل في فلوريدا تشارلي كريست اكدت
ان هذا الملف مرتبط بالتأكيد "بمسألة الامن الداخلي". واضافت في اتصال
هاتفي "في مجتمع ما بعد الحادي عشر من ايلول/سبتمبر سنفرض احترام
القانون".
وتبلغ سلطانة التي اعتنقت الإسلام الخامسة
والثلاثين من عمرها وقالت من وراء نقاب سميك: «أنا أتحجب طاعة لله»
لكنها أضافت أنها بحاجة أيضا للقيادة. واضافت سلطانة: «أنا لا أستطيع
أن أشتري حتى حفاظات للأطفال حينما ينقص عددها في البيت». وولدت سلطانة
طفلا قبل ستة أشهر، ولديها أيضا طفل آخر عمره سنتان من زوجها الحالي.
وقال تشارلي كريست المدعي العام لولاية فلوريدا
في مقابلة أجريت معه إن «الحجة المستندة إلى اوليات الحس السليم العام
هي لصالحنا وهذه تكمن في كوننا نريد ولنا الحق في ذلك كولاية اضافة إلى
أن واجبنا الدستوري يقتضي ضمان تحقق الهدوء... إنه أمر مهم بالنسبة
للشخص الذي يقدم بطاقة هوية شخصية أن يكون هو صاحبها».
من جانبه قال هوارد ماركس محامي سلطانة فريمان
الذي وظفه اتحاد الحريات المدنية الأميركية لصالحها: «بدلا من احترام
قيمها الدينية حولتها الولاية إلى كبش فداء لما يسمى بالحرب على
الإرهاب... كأن عرقلة امرأة عن القيادة لنقل أطفالها إلى الطبيب أو
للذهاب إلى الدكان سيجعلنا في وضع أكثر أمنا».
وبعد انتقالها بفترة قصيرة إلى فلوريدا من مدينة
ديكاتور حصلت فريمان على إجازة قيادة مع صورتها بالحجاب الكامل. ووفق
ما ذكره المسؤولون كانت فريدمان قد حصلت على إجازة سوق من ولاية
الينويس تظهر فيها واضعة على رأسها نقابا أسود.
ثم جاءت هجمات 11 سبتمبر 2001 واكتشاف أن
المختطفين التسعة عشر كانوا قد حصلوا على رخص قيادة من فلوريدا. بعد
ذلك طلبت دائرة سلامة الطرق الرئيسية والسيارات من فريمان ان تبدل
صورتها على الرخصة بأخرى يكون وجهها فيها مكشوفا أو صورة فوتوغرافية
رقمية لها».
وقال بوب سانشيز عن هذه الدائرة: «أنا لم أسمع
بأي استثناء جرى للقواعد العامة». أما المدعي العام كريست فقال إن
المسؤولين متفهمون جدا لإيمان فريمان وهم طلبوا من كل الرجال الموجودين
في مكتب إصدار الرخص لكي يتم تصويرها من قبل امرأة موظفة في المكتب.
وأضاف كريست: «نحن نحترم كثيرا جميع الأديان، ونحن عرضنا أن نأخذ
صورتها بحيث تكون منعزلة عن الآخرين».
وقامت ولاية فلوريدا بجلب خالد أبو الفضل استاذ
القانون في جامعة كاليفورنيا المتخصص بالشريعة الإسلامية ليقدم شهادته
وقال البروفسور أبو الفضل في المحكمة إنه قد تكون هناك أوقات تضطر
النساء الملتزمات بالتعاليم الإسلامية فيها أن يقبلن بكشف وجوههن نتيجة
للضرورة.
لكن أكاديميا مسلما آخر من جامعة وسط فلوريدا
وقف إلى جانب المحامي ماركس حيث قال في شهادته يوم الأربعاء الماضي إن
تأويل فريمان الدقيق للتعاليم الدينية يعني أن عليها أن تبقي الحجاب
دائما إلا في حالات تعرضها للخطر.
وما عقّد القضية هو غياب أي معيار في الثياب
التي يمكن اعتبارها مقياسا لملابس النساء المسلمات. وقالت الدكتورة
ليلى المراياتي الطبيبة من لوس أنجليس إن هناك «عددا صغيرا جدا من
النساء المسلمات اللواتي يعتقدن بضرورة النقاب... هناك درجات مختلفة من
الاحتشام ولا يمكن للمرء أن يقول إن هناك طريقة واحدة صحيحة وغيرها
خاطئة».
وذُكر في الشهادات أيضا أن البلدان التي فيها
أغلبية مسلمة تطلب من النساء أن يأخذن صورا بدون تغطية للرأس لغرض
الوثائق المتعلقة بالهوية الشخصية. ففي باكستان «تقتضي رخصة القيادة
وجود صورة شخصية عليها»، حسبما قال محمد صادق رئيس البعثة الدبلوماسية
في سفارة باكستان بواشنطن. بل حتى بالنسبة للنساء المتوجهات للحج إلى
السعودية يُطلب منهن أي يضعهن صورة لكل منهن في جوازات السفر يظهر
ملامح وجوههن حسبما قال صادق. لكن بالنسبة لفريمان التي تعد نفسها جزءا
من فرع يؤول الإسلام بطريقة سلفية متطرفة فإن أهم شيء هو الكيفية التي
تؤول فيها واجباتها الدينية.
المصدر: وكالات،
الصحافة الامريكية |