تحدث سماحة آية الله السيد محمد رضا الشيرازي
حفظه الله عن العلاقة مع الله تعالى وقال: إن ما يرتبط بنا وبشخصيتنا
الوجودية مسألة التقوى وهي مفتاح السعادة في الدنيا والآخرة. جاء كلامه
ذلك خلال محاضرة ألقاها على جمع من حافظات
القرآن الكريم من مدينة طهران..
وأضاف سماحته: ينقل بعض المفسرين أن كلمة التقوى
هي آخر كلمة في آخر كتاب سماوي! وذلك لأن آخر كلمة في القرآن الكريم
قوله تعالى: (واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله).
ونبه سماحته إلى أن التقوى كلمة تندرج تحت مفهوم
الكلي المشكك بناءً على قول العلماء؛ فإن في هذه الدنيا حقائق كلية
مشككة وهي التي لها مراتب كحقيقة النور، فإن نور الكبريت ونور الشمس
كليهما يصدق عليه أنه نور، ولكنهما يختلفان من حيث الرتبة.
وواصل حديثه بالقول: وكذلك التقوى فلها مراتب
ومراحل أولها أداء الواجبات وترك المحرمات، فإن المؤمن لايرتكب أي محرم.
أما المرتبة الأخرى والأعلى للتقوى فهي ترك
الشبهات، وقد ورد في الروايات: (وفي الشبهات عتاب).
وأما المرحلة الثالثة من مراحل التقوى ومراتبها
فتتمثل في ترك المكروهات لتأتي بعدها مرحلة ترك المباحات، وهيأعلى مما
قبلها بالطبع.
وتساءل حفظه الله بعد ذلك: وهل يعقل ترك
المباحات؟
وأجاب: نعم، هذا أمر معقول لأننا نقرأ في دعاء
كميل رحمه الله (حتى تكون أعمالى وأورادى كلها ورداً واحداً، وحالي في
خدمتك سرمدا)، مما يعني أن أولياء الله تعالى كانوا يؤدون المباحات
بعنوان العبادة، فحتى النوم كانوا ينوون به التقوي على الطاعة.
ثم طرح السيد السؤال التالي: هل يمكن للمؤمن أن
لا يرتكب ذنباً؟
وأجاب: نعم. فأولياء الله وعباده المقربون لم
يتوقفوا حتى عند ذلك الحد بل كانوا لا يفكرون بالذنب أيضاً.
وقال النجل الأكبر للإمام السيد محمد الشيرازي
أعلى الله درجاته: علينا جميعاً أن نسعى للابتعاد عن الذنوب كافة؛ لأنه
يجب علينا أن لا نرتكب ذنباً، وإذا عقدنا العزم على ذلك فإن الله
تعالى يعيننا أيضاً.
وقال سماحته في جانب آخر من حديثه مشيراً الى
الأوضاع الراهنة للمجتمع وضرورة المحافظة على الشباب لئلا يقعوا فريسة
الذنب: إن ما يحظى بالأهمية اليوم في مجتمعاتنا حفظ الشباب من الهجمة
الثقافية الغربية. وإن الأسرة وأسلوبها التربوي هو الركن الأصلي في
حفظ الشباب.
وأكد سماحته أن للكيان العائلي وكيفية تربية
الوالدين أبناءهم الاثر الأكبر في تشكل شخصية الأبناء، ذلك أن الأفراد
الجيدين والصالحين نشأوا وترعرعوا في أحضان أمهات وآباء طاهرين.
أما الركن الثاني للمحافظة على الشباب - بنظر
سماحته - فهو الثقافة، فقد قال في تتمة حديثه: إذا أردنا أننصون شبابنا
فينبغي أن تكون لنا نشاطات ثقافية. وصرح سماحته: إن الغزو الثقافي
يتطلب عملاً ثقافياً ولا يمكن مواجهته باستخدام العنف، بل لابد من
مواجهته عن طريق الإنجازات الثقافية من قبيل: نشر الكتب وتوزيع الاشرطة
(الصوتية والمرئية) الدينية والارشادية، فربما صار كتاب واحد سبباً في
هداية الآلاف من الناس.
وعد سماحته المؤسسات الاجتماعية هي الركن الثالث
في صيانة الشباب ووقايتهم من خطر الانحراف، وأضاف: إذااردنا ان نعرف
مدى قوة مجتمع ما أو ضعفه، فيجب علينا أن ننظر إلى مؤسساته الاجتماعية.
وقال سماحة آية الله السيد رضا الشيرازي في ختام
حديثه: إن مجتمعنا اليوم يعاني من ضعف وفقر من حيث المؤسسات
الاجتماعية، ولهذا كلما زادت هذه المؤسسات الاجتماعية والثقافية
والدينية وقويت وتعزرت، فإن هذا يعنى أن مجتمعنا أصبح أقوى وأكثر نشاطاً
وحيوية! |