ازداد وضع حقوق الانسان في ايران سوءا بسبب
تفاقم الاوضاع السياسية والاجتماعية كما اكدت منظمة العفو الدولية في
تقرير صدر الاربعاء.
وجاء في تقرير المنظمة انه "تم اعتقال العشرات
لاسباب سياسية بينهم سجناء راي. ولا يزال اخرون محتجزين لفترات اعتقال
مطولة دون محاكمة او يقضون احكاما بالسجن صدرت عليهم في محاكمات غير
عادلة" مضيفا ان بعض هؤلاء "لا يستطيعون الوصول الى محامين او الى
عائلاتهم".
واكد التقرير "ان القضاء لا يزال يقيد حرية
التعبير وان عشرات الصحافيين والمفكرين قيد الاعتقال". وطبقا للمنظمة
فان 113 شخصا على الاقل بينهم سياسيون معتقلون منذ فترة طويلة قد
اعدموا خلال العام 2002 بينما تم جلد 84 اخرين علنا. وقالت ان معظم
العقوبات نفذت علانية.
وافاد التقرير ان "التوتر الاجتماعي والسياسي قد
تصاعد خلال هذا العام مما اثر سلبا على حقوق الانسان" واشار التقرير
الى الصراع الدائر بين الاصلاحيين الموالين للرئيس الايراني محمد خاتمي
والمحافظين المقربين من المرشد الاعلى اية الله علي خامنئي.
واشار التقرير كذلك الى ان ازدياد اعداد
العاطلين عن العمل والمطالبات بمنح حريات اجتماعية اوسع ادى الى زيادة
التوترات التي تمثلت في الاحتجاجات الطلابية في تشرين الاول/اكتوبر في
اعقاب الحكم بالاعدام على المنشق هاشم اغاجاري الموالي للاصلاحيين الذي
اتهم بالاساءة الى الاسلام بعد ان انتقد دور رجال الدين.
وقال تقرير المنظمة ان "رد السلطة القضائية على
الانتقادات الاجتماعية والسياسية جاء على شكل زيادة في قمع حرية
التعبير والانتماء شملت عمليات اعتقال تعسفية وتوجيه الاتهامات بدوافع
سياسية الى الطلاب والكتاب والاكاديميين واعضاء البرلمان وكبار دعاة
الاصلاح وكذلك الاغلاق التعسفي للمطبوعات الموالية للاصلاحيين".
وانتقدت المنظمة التي يوجد مقرها في لندن
استهداف السلطة القضائية التي يهيمن عليها المحافظون المتشددون
للمدافعين عن حقوق الانسان. واشار التقرير الى الاسئلة العالقة بشان
سلسلة جرائم قتل استهدفت ثلاثة كتاب ونشطين سياسيين عام 1998 ونسبت الى
عناصر الاستخبارات كما اشارت الى حصانة وزير الاستخبارات السابق دوري
نجف ابادي من الادلاء بشهادته في القضية.
كما شكت المنظمة من رفض السماح لها بارسال
مبعوثين لمرافقة مسؤولي الاتحاد الاوروبي المشاركين في الحوار حول حقوق
الانسان في ايران. واشارت المنظمة كذلك وجود عمليات تعذيب واساءة
معاملة مستمرة بما في ذلك انتزاع الاعترافات الكاذبة كما تحدثت عن
زيادة في عدد الاعدامات.
وقالت المنظمة انه من بين تلك الاعدامات "اعدام
شخصين على الاقل رجما بالحجارة كما تم عرض عملية اعدام واحدة على الاقل
على التلفزيون". واضافت المنظمة ان عدد الاعدامات المسجل لديها بلغ 113
خلال عام 2002 وقالت "ان ذلك العدد ربما يكون اكبر من ذلك بكثير".
من جهة اخرى حذر مسؤولو ثمان وعشرين محافظة
ايرانية في بيان مشترك من ان الانتخابات التشريعية المقبلة عام 2004 قد
تشهد نسبة امتناع كبيرة وطالبوا برفع المعوقات التى تحول دون اعتماد
الاصلاحات وفق ما جاء في الصحف الايرانية اليوم الاربعاء.
وجاء في البيان الذي وقعه جميع مسؤولي المحافظات
وكلهم من الاصلاحيين "ان الوضع السياسي السيء اضافة الى المعوقات التى
تحول دون اعتماد مشاريع قوانين (الرئيس محمد) خاتمي تثير القلق ويجب
الا نتوقع مشاركة كبيرة" في الانتخابات التشريعية العام المقبل وهي
انتخابات حاسمة.
وقاطعت نسبة كبيرة من الناخبين الانتخابات
البلدية التى جرت في 28 شباط/فبراير الماضي خصوصا في المدن الكبرى حيث
مني الاصلاحيون بهزيمة. وقد هزم الاصلاحيون في العاصمة طهران التى كانت
في قبضتهم منذ 1989 وبلغت نسبة الامتناع قرابة تسعين في المئة.
واشار البيان الى ان الاقبال على المشاركة في
الانتخابات الذي عادة ما يسجل مستويات عالية لا يعرفها الغرب يتوقف على
مشروعي قانون تقدم بهما الرئيس خاتمي في الخريف الماضي لمنع التيار
المحافظ من ان تكون له اليد الطولى في السلطة. والمشروعان اللذان تم
اعتمادهما في مجلس الشورى (البرلمان) حيث يتمتع الاصلاحيون بغالبية
كبيرة، رفضا من قبل مجلس صيانة الدستور وهو هيئة يسيطر عليها المحافظون.
وحذر البيان من ان المشاركة في الانتخابات تشكل قياسا للوحدة الوطنية
ودعا الى رفع الحظر عن مشروعي القانون اللذين يعتبران ورقة مهمة في يد
خاتمي في معركته المحتدمة من المحافظين.
وفي هذا السياق اكد المرشد الاعلى للجمهورية آية
الله علي خامئني الاربعاء ان ايران لن تقدم اية تنازلات للولايات
المتحدة مؤكدا ان "الامة لن تسمح" بالتنازل تدريجيا بدافع الخوف حتى
الاستسلام طبقا لوسائل الاعلام الرسمية.
وذكرت الاذاعة والتلفزيون ان المرشد اتهم
الولايات المتحدة باستخدام "امبراطوريتها الاعلامية لنشر فيروس الخوف
والذعر في صفوف المسؤولين الايرانيين". ونقل المصدر ذاته عن المرشد
قوله "لن يشعروا ابدا بالارتياح طالما ان المسؤولين الايرانيين والامة
الايرانية لا يتخلون عن قيمهم".
وقال خامنئي خلال لقاء مع النواب ان "اولئك
الذين سيرضخون للترهيب سيجدون انفسهم يتراجعون تدريجيا ليقبلوا في
النهاية بجميع مطالب العدو" مضيفا "لا يحق لاحد بذلك والامة لن تسمح به".
وادلى آية الله خامنئي بتصريحاته في وقت تخضع ايران لضغوط متزايدة من
جانب الولايات المتحدة التي تتهمها بايواء عناصر من القاعدة قاد بعضهم
كما تقول من ايران اعتداءات 12 ايار/مايو في الرياض. كما تتهمها بالسعي
للتزود بالقنبلة الذرية تحت ستار برنامج نووي مدني وصل الى مرحلة
متقدمة. وتتهم واشنطن ايضا ايران باعاقة السلام في النزاع الاسرائيلي
الفلسطيني وكذلك في العراق.
واوردت الصحف الاميركية ان البنتاغون يفكر في
تدبير انتفاضة شعبية لاطاحة النظام الاسلامي. وقال مسؤول اميركي طلب
عدم كشف اسمه ان ايران ستكون في صلب المحادثات التي ستجري الخميس بين
وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفلد ووزير الخارجية كولن باول
ومستشارة البيت الابيض لشؤون الامن القومي كوندوليزا رايس.
ورأى المرشد الاعلى للجمهورية ان "المواقف
الاميركية الاخيرة تنم عن غرور مجنون". وتطرق الى التوتر المخيم في
الداخل والذي تزيد من حدته الضغوط الاميركية فاكد خامنئي لاعضاء مجلس
الشورى (البرلمان حيث غالبية اصلاحية) ان "اعداء الجمهورية الاسلامية
اعداء لكل المجموعات وكل المسؤولين في بلادنا".
وحمل الانتصار العسكري الاميركي في العراق وموقع
ايران التي باتت محاصرة الجمهورية الاسلامية على التفكير فيما اذا كان
من المناسب استئناف الحوار مع الولايات المتحدة. وتحدث الاصلاحيون
الايرانيون عن "التهديد الاميركي" ووضع البلاد "الحرج" مطالبين
بتغييرات جذرية وتوجهوا مباشرة الى المرشد طالبين منه رفع العراقيل
التي يضعها المحافظون في وجه ادخال الليبرالية. وقال المرشد "ان
المشكلة لا تكمن في الانتقاد والاحتجاج بل علينا ان نحرص على عدم تحول
هذه المناقشات وهذا الجدل الى مواجهة تعطي عن ايران صورة تخدم مصالح
العدو".
هذا وكانت الولايات المتحدة قد وصفت يوم
الثلاثاء اعتقال من يشتبه بأنهم أعضاء في شبكة القاعدة في إيران بأنه
رد غير كاف على مطالب الولايات المتحدة بشن حملة فيما بحثت حكومة
الرئيس جورج بوش اتخاذ خطوات جديدة للضغط على إيران.
وأجلت حكومة بوش اجتماعا على مستو عال بشأن
سياستها تجاه إيران وسط مؤشرات على وجود خلافات داخلية.
وأكد وزير الدفاع دونالد رامسفيلد في كلمة
ألقاها في نيويورك على السياسة الحالية القائمة على تجنب إجراء اتصالات
مع "أعلى طبقتين" من الحكومة الإيرانية. وكانت اتصالات على مستوى منخفض
أجريت بشأن قضايا منها العراق وأفغانستان.
واستشهد رامفسيلد بسرعة الثورة الإسلامية
الإيرانية عام 1979 وقال: "لعلنا نصاب يوما ما بدهشة مواتية" برؤية
حكومة أكثر ديمقراطية.
وقال مسؤولون أمريكيون إن لديهم معلومات
استخباراتية تشير إلى أن كبار أعضاء القاعدة المختبئين في إيران كانوا
يعرفون سلفا بالتفجيرات الانتحارية التي وقعت في السعودية في 12 من
مايو أيار وأدت إلى قتل 34 شخصا من بينهم ثمانية أمريكيين. وتلقى
الولايات المتحدة على القاعدة مسؤولية هجمات 11 من سبتمبر أيلول على
نيويورك وواشنطن.
وقال مصدر على اطلاع بمناقشات السياسة إنه سيتم
عقد اجتماع على مستوى أعلى بشأن هذه القضية يوم الخميس سيبحث خلاله
كبار مسؤولي الحكومة سبل تكثيف الضغوط على إيران. وأكد مصدر آخر أنه
سيعقد اجتماع يوم الخميس ولكنه غير واثق من المستوى الذي سيعقد عليه.
وقال فلاينت ليفيريت المسؤول السابق بمجلس الأمن
القومي والذي يعمل حاليا في مركز سابات لسياسات الشرق الأوسط إن وزارة
الدفاع تريد تشديد السياسة الأمريكية تجاه إيران بما في ذلك قطع جميع
الاتصالات والإطاحة بالحكومة الإيرانية.
وأضاف أن الحكومة الأمريكية قلقة من انتهاج
سياسة أكثر تشددا لكن ليس لديها بديل يعتد به.
وقال المسؤول الأمريكي في تلميح إلى وجود خلافات
بين وزارة الخارجية ووزارة الدفاع: "تلك أشياء سيتم اقتراحها بواسطة
طرف بالحكومة الأمريكية."
وقال ليفيريت إن العلاقات القائمة مع المعتدلين
الإيرانيين وأغلبهم من داخل وزارة الخارجية غير قادرة على معالجة
القضايا الراهنة مثل القاعدة وبرنامج إيران النووي. وتابع: "وصلنا إلى
مرحلة في السياسة لا يجدي معها الحفاظ على الوضع القائم."
وقال مسؤول أمريكي: "ما سنقوم به هو بحث
خياراتنا في محاولة لجعل الإيرانيين يتعاونون بشأن القاعدة بأساليب
كانت لديهم في الماضي. إذا كانت هناك إشارة إلى أننا لا نتوقع هذا
النوع من التعاون مرة أخرى فسندرس حينئذ خيارات أخرى."
المصدر: وكالات |