لايزال الامل في ان تنهي ايران والولايات
المتحدة عداءهما الدبلوماسي الذي دام 23 عاما بعيدا كما كان دائما رغم
المحادثات بين مسؤولين من العدوتين اللدودتين خلال الاسابيع الاخيرة.
وربما كان عنصر الخوف قد تزايد في ايران بعد
انتصار واشنطن السريع في أفغانستان والعراق في تتابع سريع ولكن اولئك
الذين يمسكون بزمام السلطة الحقيقية في الجمهورية الاسلامية لايزالون
غير مستعدين للتقارب مع "الشيطان الاكبر."
وبينما يستلزم انخراط امريكا المتزايد في شؤون
الشرق الاوسط بعض الاتصالات المباشرة مع ايران حول قضايا محددة فان
ادارة الرئيس الامريكي جورج بوش لاتبدو مهتمة باستعادة العلاقات مع
نظام سياسي ترى انه يتجه نحو نهايته.
ويقول حسين رسام وهو محلل سياسي في طهران "لا
استطيع رؤية اي علامة علي حدوث اختراق (في العلاقات الايرانية
الامريكية) ما لم يكن كل جانب في حاجة ماسة للجانب الاخر."
واضاف "الامريكيون ينظرون الى ايران على انها
تترنح على حافة الانفجار الداخلي. وبالنسبة للمتشددين في ايران فان
معاداة امريكا هي شيء يتمسكون به ولن يتخلوا عنه بسهولة."
والتقى مسؤولون ايرانيون وامريكيون عدة مرات في
جنيف خلال العام الجاري.
ولكن كلا من طهران وواشنطن سارعت الى التأكيد
على ان محادثات جنيف تجري منذ بعض الوقت في اعقاب هجمات 11 سبتمبر
ايلول 2001 على الولايات المتحدة وانها مرتبطة بقضايا محددة تتعلق
بافغانستان والعراق وليست مقدمات لتحرك نحو استعادة العلاقات.
ويلاحظ دبلوماسيون في طهران انه كانت هناك حالة
مماثلة من الاثارة بشأن الاتصالات الامريكية الايرانية بعد تعاون طهران
في الاطاحة بطالبان في افغانستان بعد احداث 11 سبتمبر ايلول.
وقال دبلوماسي "ولكن الاثارة تبددت بسرعة بعد ان
وضع بوش ايران في محور الشر وعادت الاتصالات الى ما كانت عليه."
ويغشي السياسة الخارجية الايرانية صراع قوي
داخلي على السلطة بين الاصلاحيين بقيادة الرئيس محمد خاتمي والمحافظين
الذين يقاومون جدول اعماله من اجل ديموقراطية وعدالة وحريات اجتماعية
اكثر.
وقام المحافظون الذين يسيطرون على النظام
القضائي والقوات المسلحة والاجهزة الدستورية الرقابية غير المنتخبة
التي لها نفوذ كبير في الاسابيع الاخيرة باستعراض عضلاتهم.
وجرى سجن العديد من المنشقين ومنع الدخول على
مواقع الانترنت الانتقادية كما جرى رفض مشروعات القوانين الاصلاحية
الرئيسية المقدمة من خاتمي.
ولكن في نفس الوقت يشير بعض المسؤولين المحافظين
المدركين للاتهامات الامريكية لإيران حول رعاية الارهاب وتطوير اسلحة
نووية والانتصار السريع في الحرب في العراق الى انه قد آن الاوان
للانخراط في علاقة مع الولايات المتحدة.
ويقول حامد رضا جالايبور استاذ العلوم السياسية
بجامعة طهران "اعتقد ان اصوات صواريخ كروز على العراق سمعت بوضوح في
ايران."
ويقول امير على نوربخش وهو محلل ايراني مقره
لندن "بعض المحافظين المعتدلين في ايران يحاولون إيجاد قنوات للتحدث مع
الولايات المتحدة من اجل كسب بعض الوقت وتخفيف الضغوط على المؤسسة."
ولكن الزعيم الايراني الاعلي على خامنئي بدد اي
أمل في صدور اي موافقة رسمية على استعادة العلاقات مع واشنطن يوم
الاثنين عندما قال ان مثل ذلك التحرك يرقي الى مرتبة "الاستسلام."
وسخر خامنئي الذي يعد صاحب الكلمة الاخيرة في كل
شؤون الدولة من الايرانيين الذين يعتقدون ان البلاد تضيع فرصة لحل اكثر
قضايا السياسة الخارجية تعقيدا بالنسبة لها.
وقال خامنئي "هل يعني الخضوع للعدو عدم اضاعة
الفرصة؟"
ويقول المحللون ان كلمات خامنئي ربما كان هدفها
طمأنة رجال الدين المتشددين التي تعد مشاعر العداء لأمريكا بالنسبة لهم
واحدة من الدعائم المحورية في الثورة الاسلامية التي اندلعت في عام
1979. ولكن هناك ايضا جانب براجماتي في تحفظه.
وقال نوربخش "الاتجاه السائد للمحافظين المقربين
من الزعيم يعرف أن اي محادثات ملموسة بين ايران والولايات المتحدة في
الوقت الحالي سوف تؤدي الى العديد من التنازلات للولايات المتحدة لان
ايران في موقف ضعيف."
أما احتمال ان تكون ايران في موقف اقوى في
المستقبل فهو امر موضع نقاش.
وقال نوربخش "اقوي بطاقة لدي ايران في الوقت
الحالي هي الاتحاد الاوروبي."
وخلافا لواشنطن التي تنظر الى جهود خاتمي
الاصلاحية على انها سوف تمنى بالفشل يتفاوض الاتحاد الاوروبي حول اتفاق
تجاري مع ايران بينما يطالب بتحسين حقوق الانسان والمزيد من الشفافية
بشأن البرنامج النووي وإنهاء الدعم لجماعات مسلحة مثل حزب الله في
لبنان.
ولكن الاخفاق في تحقيق تقدم حقيقي في هذه
القضايا سوف يبقي على اتفاق التجارة مطروحا على بساط البحث مع نفاد صبر
الاتحاد الاوروبي.
ولكن مصادر ذكرت ان المفاوضات التي ورد ذكرها
اخيرا لازالت جارية بعيدا عن عدسات المصورين، حيث بدات الولايات
المتحدة وايران التي تصنفها واشنطن ضمن دول "محور الشر" مباحثات في
جنيف حول مستقبل العراق والنزاع الفلسطيني-الاسرائيلي كما افاد
الثلاثاء اعضاء في الوفد الذي رافق وزير الخارجية الاميركي كولن باول
في الطائرة التي اقلته من عمان الى الرياض.
وقال مسؤول اميركي كبير رافضا الكشف عن اسمه ان
هذه المباحثات لا تصل الى حد التطرق لاعادة العلاقات الدبلوماسية
المقطوعة منذ 23 عاما بين البلدين. واوضح المسؤول الرفيع المستوى
للصحافيين الذين يرافقون باول "لقد اجرينا العديد من اللقاءات مع
الايرانيين في اطار مباحثات جنيف حول افغانستان".
واضاف "اخر لقاء كان قبل تسعة ايام تقريبا. نبحث
في مسائل مهمة من اجل الولايات المتحدة مثل العراق". ولم يشأ المسؤول
الاميركي الكبير تحديد مستوى الوفود لكنه قال انه يتوقع عقد "اجتماعات
اخرى" في مواعيد لم تحدد بعد.
واكدت الخارجية الاميركية حصول هذه المباحثات
لكن الناطق باسم الوزارة فيليب ريكر قال ان "العلاقات الدبلوماسية ليست
هي المطروحة على طاولة المباحثات مع ايران". واضاف ان "المحادثات مع
المسؤولين الايرانيين (...) ترتكز مباشرة على ضرورة بحث بعض المسائل
العملية المرتبطة بافغانستان ونقوم بتوسيع نطاق هذه المسائل لتشمل
العراق".
وقال المسؤول الذي يرافق باول ان واشنطن بحثت
خصوصا في جنيف "مواضيع تثير قلقنا" لا سيما العراق والنزاع في الشرق
الاوسط حيث ان واشنطن تخشى العوامل المزعزعة للاستقرار من جانب ايران.
واضاف "نحن نطلب من ايران عدم التدخل في العراق وافساح المجال امام
اقامة سلطة تمثيلية وعدم تسريب مجموعات راديكالية الى البلاد".
وتناولت المحادثات الدعم الذي تقدمه ايران لحزب
الله الشيعي اللبناني وقال الناطق "الامر يتعلق بنفس المطالب التي
نقدمها لسوريا". لكنه اكد ان استئناف العلاقات الدبلوماسية المقطوعة
منذ 1980 اثر عملية احتجاز الرهائن في السفارة الاميركية في طهران ليست
"على جدول الاعمال".
وكانت صحيفة "يو اس ايه توداي" نقلت عن مصادر
دبلوماسية اميركية وايرانية الاثنين ان ممثلين للحكومتين الايرانية
والاميركية التقوا ثلاث مرات منذ مطلع العام كان اخرها في الثالث من
ايار/مايو.
وقالت الصحيفة ان زلماي خليل زادة الممثل الخاص
للرئيس الاميركي جورج بوش لشؤون العراق وافغانستان يترأس الوفد
الاميركي. واكد باول السبت في القدس ان الولايات المتحدة "تجري اتصالات"
منتظمة مع ايران غير ان مسألة اعادة العلاقات الدبلوماسية ليست على
جدول الاعمال.
ومن جهته اكد المتحدث باسم وزارة الخارجية
الايرانية الاثنين انه لم يتم البحث ابدا بالعلاقات الثنائية بين ايران
والولايات المتحدة خلال اللقاءات التي جرت في الاشهر الاخيرة. ونقلت
الصحف عن المتحدث حميد رضا آصفي ان ثمة اتصالات مماثلة كانت قائمة خلال
وبعد الازمة الافغانية (2001-2002) "في اطار الامم المتحدة" وخصوصا
خلال مؤتمر بون حول مرحلة ما بعد طالبان في نهاية عام 2001.
وذكرت اوساط باول بان واشنطن وطهران تنتميان منذ
سنوات الى مجموعة داخل الامم المتحدة تضم الدول الست المجاورة
لافغانستان الى جانب الولايات المتحدة وروسيا. وفي هذا الصدد اعلنت
الناطقة باسم الامم المتحدة في جنيف ماري هوزي ان المحادثات الايرانية
الاميركية التي جرت الاسبوع الماضي في جنيف عقدت في الاطار غير الرسمي
لمجموعة الدول الثماني التي تشكلت عام 2000 حول الازمة الافغانية.
وصرحت المتحدثة للصحافيين بان الامر لا يتعلق
بمفاوضات بل بعملية من الامم المتحدة ل"تسهيل حوار" يندرج في اطار ما
سمي بمجموعة جنيف. لكن لقاءات جنيف ورغم انها تنضوي تحت شعار الامم
المتحدة قد وضعت الوفدين مباشرة وجها الى وجه. وقال المسؤول الذي يرافق
باول ان "الامم المتحدة تدخلت لتوجيه الدعوات لكن بعض المباحثات كانت
مباشرة".
ومن جهة اخرى اطلقت الحكومة الاميركية الاثنين
موقعا على الانترنت بالفارسية موجها الى الايرانيين. وقال باول في
رسالة نشرت على الموقع "ان خلافاتنا ليست مع الشعب الايراني" مؤكدا ان
قلق واشنطن ينصب خصوصا على البرنامج النووي الايراني ومسالة حقوق
الانسان في ايران والدعم الذي يقدمه هذا البلد لمنظمات ارهابية.
من جهتها اعلنت الناطقة باسم الامم المتحدة في
جنيف ماري هوزي ان المحادثات الايرانية الاميركية التي جرت الاسبوع
الماضي في جنيف عقدت في الاطار غير الرسمي لمجموعة من ثماني دول تشكلت
عام 2000 حول الازمة الافغانية.
وصرحت المتحدثة للصحافيين بان الامر لا يتعلق
بمفاوضات بل بعملية من الامم المتحدة ل"تسهيل حوار" يندرج في اطار ما
سمي بمجموعة جنيف. وتتشكل هذه المجموعة من افغانستان والدول المجاورة
لها وهي ايران وباكستان وطاجيكستان واوزبكستان وتركمانستان اضافة الى
الولايات المتحدة وروسيا.
وقالت الناطقة "لقد دعيت الامم المتحدة من قبل
دول هذه المجموعة الى فتح مجال للنقاش كما يجري تقليديا". ان دور الامم
المتحدة يملي عليها ان تكون تحت تصرف الدول التي ترغب في اجراء نقاش
وقتما شاءت". واشارت المتحدثة الى انه بخصوص افغانستان ومنذ 2000 "عقدت
مجموعة الاتصال غير الرسمية عدة اجتماعات سرية جدا في جنيف تمكن خلالها
الاميركيون والايرانيون من التحدث مع بعضهم البعض".
واضافت "ان دورنا في بعض الاحيان يقتصر على فتح
الاجتماع بدون المشاركة فيه. اما فيما يخص فحواه فليس لنا ما نقول.
انها اجتماعات سرية. ان الامم المتحدة تحت تصرف الدول وقد قررت هذه
الدول ان تدخل في مناقشات وذلك باحترام كامل لسيادتهما".
واكدت هوزي ان اجتماعا عقد الاسبوع الماضي بدون
ان تشارك فيه الامم المتحدة ولم تؤكد او تنفي انعقاد اجتماع جديد
الاسبوع المقبل. واكدت وزارة الخارجية الاميركية الاثنين ما ورد من
معلومات صحافية تشير الى محادثات بين مسؤولين ايرانيين واميركيين موضحة
انها لا تتعلق باحتمال استئناف العلاقات الدبلوماسية التي قطعت في
1980.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية
فيليب ريكر ان "المحادثات مع مسؤولين ايرانيين تستند مباشرة على ضرورة
طرح بعض المسائل العملية التي لها علاقة بافغانستان ونوسع هذه المسائل
لتشمل العراق".
من جهة اخرى اتهم وزير النفط الايراني بيجان
نمدار زنقانة الولايات المتحدة الاثنين بانها ترغب في رفع الانتاج
النفطي العراقي الى 6,5 ملايين برميل في اليوم معتبر انه سيكون لذلك "تأثيرات
سلبية عدة" على ايران و"سيعدل التوازن الاقليمي" القائم.
وقالت وكالة الانباء الايرانية ان الوزير شدد
على ضرورة رفع قدرة ايران الانتاجية "سريعا" من الحقول النفطية
الايرانية العراقية المشتركة لمواجهة اي ارتفاع متوقع في الانتاج
العراقي من جانب الاميركيين.
وقال الوزير الايراني الذي تحتل بلاده المرتبة
الثانية في منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) من حيث الانتاج "يبدو ان
الولايات المتحدة سترفع انتاج العراق من 5,2 مليون برميل في اليوم (قبل
الحرب) الى 6,5 ملايين برميل في اليوم لكي تتوقف السعودية عن التاثير
على السياسة النفطية العالمية".
واضاف "سيكون لزيادة الانتاج العراقي تاثيرات
سلبية عدة على ايران" موضحا ان الانعكاس الاول يكمن في تعديل واضح في
العائدات النفطية "الامر الذي سيكون من عواقبه تعديل ميزان القوى بين
الدول وبالتالي التوازن الاقليمي". |