قال تيد تيرنر رئيس شركة تايم تيرنر التي تملك
شبكة (سي إن إن)
إن أفرادا قلائل يمتلكون من المؤسسات الإعلامية أكثر مما ينبغي. ووصف
منافسه الإمبراطور الإعلامي روبرت ميردوخ بأنه داعية حرب وذلك بسبب ما
قاله عن ترويج ميردوخ للحرب على العراق. وقال تيرنر عن ميردوخ الذي
يمتلك مؤسسة نيوز كورب المحدودة صاحبة قناة فوكس التلفزيونية الأمريكية
إنه داعية حرب, إنه يروج لها.
واعتبرت قناة فوكس نيوز الإخبارية أكثر الشبكات
الإخبارية الأمريكية شعبية خلال فترة الأزمة العراقية متفوقة بذلك على
قناة (سي إن إن) التابعة لشركة أمريكا أون لاين تايم وارنر التي أسسها
تيرنر قبل نحو عقدين وقفزت إلى دائرة الاهتمام بتغطيتها الشاملة لحرب
الخليج عام 1991.
وردا على سؤال لأحد الحضور عن رأيه في تفوق فوكس
نيوز على (سي إن إن) في معدلات المتابعة قال تيرنر كون معدلاتك أعلى لا
يعني أنك الأفضل. واستطرد تيرنر قائلا وسط صيحات الاستهجان من الحضور
الأمر ليس بكبر حجمك بل بمدى جودتك.. هذا هو المهم حقا. وانتقد تيرنر
تركز ملكية غالبية شبكات التلفزيون الأمريكية ومحطات الإذاعة
والتلفزيون والصحف في أيدي عدد محدود من المؤسسات. وقال وسائل الإعلام
مركزة أكثر مما ينبغي.. أفراد قلائل يملكون منها الكثير. وأضاف هناك
خمس شركات تتحكم في 90% مما نقرؤه ونراه ونسمعه. وهذا ليس صحيا.
ولكي نعرف كيف ان بعض الشبكات الاعلامية اصبحت
امبراطوريات تحتكر الصورة والصوت نراجع بعض الارقام:
شبكة سي. إن. إن تعرض في 150 بلدا، وهيئة
الإذاعة البريطانية تبث ب 38 لغة يستقبلها ما يزيد على 120 مليون إنسان،
أما وكالة رويتر فإنها تملك 117 مكتبا موزعة في 78 دولة، ومما فعله
الإعلام الحديث هو أنه لم يغير فقط وحدة الزمن ولكنه غير أيضا لوحدة
المكان، فالمشاهد يتابع الحروب من حاملة طائرات في مياه البحر ومن قمر
اصطناعي يبث 130 ألف صورة أسبوعيا..
وفي الولايات المتحدة فقط تصدر 1645 صحيفة يومية،
و 7710 صحف أسبوعية، يقرؤها كل صباح حوالي 62 مليون قارئ. ويصل عدد
المحطات الإذاعية إلى 9870 محطة، ومحطات التلفزيون 1220 محطة. ويصل
البث التلفزيوني إلى 98 في المائة من البيوت الأمريكية. وهناك حوالي
489 مليون جهاز راديو، أي بمعدل جهازين لكل مواطن أمريكي. وفي الولايات
المتحدة وكالتان من وكالات الأنباء العالمية الأربع، وتبث هاتان
الوكالتان الأخبار والمعلومات إلى أكثر من 140 بلداً حول العالم، ويبلغ
عدد المراسلين الأمريكيين في البلاد الأخرى 719 مراسلاً، ويعمل أكثر من
6 آلاف موظف أجنبي في المؤسسات الإعلامية الأمريكية خارج الولايات
المتحدة، وهذه الأرقام تخص الولايات المتحدة وحدها دون إضافة بقية دول
العالم.
وهذه الارقام تدل على وجود صناعة إعلامية هائلة
تعد من أكبر المؤسسات العالمية، فقطاع الإعلام في أمريكا - على سبيل
المثال - يعد أكبر مؤسسة خاصة للتوظيف. ولأنها صناعة بهذا الحجم أولاً،
ولأنها صناعة أخبار وأفكار ورؤية ثانياً، ولأنها صناعة تتداخل فيها
عمليات للاستثمار والسعي إلى الربح ثالثاً، فإن هذا يعني أن هناك تنوعاً
وتعدداً في المضامين والغايات، وأن هناك قدراً من السيطرة.
لقد اصبحت وسائل الإعلام والمعلومات وظهور
الامبراطوريات الفضائية، التي المصدر الجديد لإنتاج القيم والرموز
وأدوات تشكيل الوعي والذاكرة الإنسانية والوجدان والذوق وصناعها، ما
ادى إلى حدوث تحول اساسي في طبيعة الادوار والوظائف التي تقوم بها
وسائل الإعلام، المقروء والمرئي والمسموع. ولعل أخطر هذه الادوار هو ما
يقوم به الإعلام في تشكيل أنماط معينة من السلوك الإنساني مثل الانماط
الاستهلاكية وتهميش انماط اخرى مثل الانماط الانتاجية من خلال لغة
الصورة ورموزها. ومن هنا أصبح ينظر إلى الإعلام محاولة خلق الإنسان
العولمي المبرمج ذي البعد الواحد. |