أعلن وزير الخارجية الاميركي كولن باول السبت ان
الولايات المتحدة "على اتصال" مع ايران بشان النزاع الاسرائيلي
الفلسطيني والعراق ولكن مسالة استئناف العلاقات الدبلوماسية مع طهران
ليست مطروحة حاليا.
وفي تصريح للصحافيين الذين كانوا يرافقونه في
الطائرة التي اقلته الى اسرائيل المحطة الاولى في جولة شرق اوسطية قال
باول "لدينا وسائل للاتصال بالايرانيين نستخدمها باستمرار ولقد
استخدمناها مؤخرا".
واشار باول الى ان الموضوعات التي طرحت تتناول
الدعم الايراني لمنظمات راديكالية فلسطينية معارضة لحل تفاوضي مع
اسرائيل والوضع في العراق حيث تخشى واشنطن من ان يكون لطهران تاثير
مزعزع للاستقرار.
واضاف "نتصل بالايرانيين لنقول لهم ان عليهم
اعادة النظر في سياساتهم على ضوء المتغيرات الاستراتيجية في المنطقة"
في اشارة الى سقوط نظام صدام حسين والجهود المبذولة لاستئناف الحوار
الاسرائيلي الفلسطيني. واكد ايضا ان هذه الاتصالات تتناول البرنامج
النووي لايران التي تتهمها واشنطن بالسعي للحصول على السلاح النووي.
لكن وزير الخارجية الاميركي لم يقدم توضيحات
بشان القنوات المستخدمة واكد ان استئناف العلاقات الدبلوماسية التي
قطعت عام 1980 غداة الثورة الاسلامية الايرانية غير مطروح في الوقت
الراهن. وقال "لم يطرح اي من الطرفين حتى الآن مسالة العلاقات
الدبلوماسية".
وردا على سؤال لمعرفة ما اذا كان هذا الامر يهم
الايرانيين قال وزير الخارجية الاميركي "لا اتوقع ان يقولوا انهم
يريدون علاقات دبلوماسية معنا في وقت قريب". وتتمثل الولايات المتحدة
في طهران بواسطة السفارة السويسرية. واشار باول الى ان وزارته على
اتصال منتظم مع رسميين اجانب وخصوصا اوروبيين يقومون بزيارات الى ايران.
ويلتقي البلدان ايضا في هيئات دولية وخصوصا ضمن
المجموعة التي تجمع الدول المجاورة لافغانستان وكذلك روسيا والولايات
المتحدة.
وفي الآونة الاخيرة حذرت الولايات المتحدة مرارا
ايران من محاولة استخدام نفوذها لدى سكان جنوب العراق وغالبيتهم من
الشيعة كما في ايران لاعاقة عمل القوات الاميركية او اقامة نظام اسلامي
في البلاد.
ودفع "احتلال" الجنود الاميركيين للعراق بايران
المجاورة الى التفكير في رفضها التاريخي للحوار مع الولايات المتحدة
لكن بدون معرفة الى اي حد ستذهب في احتمال اعادة النظر في مبدأ اساسي
للنظام.
ونقلت وكالة الانباء الايرانية الرسمية عن وزير
الخارجية الايراني كمال خرازي الخميس من لوكسمبورغ قوله ان "ايران تريد
تطوير علاقاتها مع كل الدول حتى مع الولايات المتحدة". وفي ما يدل على
حساسية هذا الموضوع نشر الناطق باسم الخارجية الايرانية حميد رضا آصفي
في اليوم التالي تصحيحا يقول بانه تم تحريف تصريحات وزير الخارجية.
وقال آصفي انه يجب ادراك ان ايران تريد علاقات
افضل مع كل الدول ترتكز على "الاحترام المتبادل والمساواة" وان
الايرانيين سواء كانوا محافظين او اصلاحيين يشكون في تكون الولايات
المتحدة مستعدة لمثل هذه العلاقة. واعترف خرازي بنفسه بان الايرانيين
منقسمون حول هذه المسالة.
هذا ودفع «احتلال» الجنود الاميركيين للعراق،
بإيران المجاورة الى التفكير في رفضها التاريخي للحوار مع الولايات
المتحدة، لكن من دون معرفة الى اي حد ستذهب في احتمال اعادة النظر في
مبدأ اساسي للنظام.
وفي ما يدل على حساسية هذا الموضوع، نشر الناطق
باسم الخارجية حميد رضا آصفي في اليوم التالي تصحيحاً يقول انه تم
تحريف تصريحات خرازي. وقال آصفي انه يجب الادراك أن ايران تريد علاقات
افضل مع كل الدول ترتكز على اساس «الاحترام المتبادل والمساواة» وان
الايرانيين سواء كانوا محافظين او اصلاحيين يشككون في أن الولايات
المتحدة مستعدة لمثل هذه العلاقة.
والمسألة، التي تعتبر انتهاكاً للمحرمات لدى
الكثيرين، قد اعيد طرحها بكل الاحوال وبشكل اكثر انفتاحاً بعد ان انهى
الاميركيون تطويق ايران عسكرياً ونصبوا خيمهم على الجهة المقابلة من
الحدود مع العراق. واقر خرازي في لوكسمبورغ ثم في روما بأن «الايرانيين
منقسمون» حيث ان البعض يعتبر انه «آن الاوان» لإعادة العلاقات مع
الولايات المتحدة المقطوعة منذ 1980، فيما يعتقد الآخرون عكس ذلك.
وليس هناك من شك في أن الاصلاحيين ينتمون الى حد
ما الى الفئة الاولى. والاربعاء الماضي نشر 153 نائباً اصلاحياً من اصل
النواب الـ 290 في مجلس الشورى رسالة تطالب بقيام ايران بتطبيع
علاقاتها مع بقية المجموعة الدولية لكي لا تواجه مصير العراق. ولا تشير
المذكرة بوضوح الى الولايات المتحدة الا عند القول انه مع انتشاره في
افغانستان عام 2001 وفي العراق حالياً «وصل التهديد الى حدودنا».
لكن «الشيطان الاكبر» ليس غائباً كلياً عن فرضية
تطبيع العلاقات في حين ان مجرد اثارة موضوع استئناف الحوار مع الولايات
المتحدة كان دافعاً لسجن العديد من الداعين اليه في نهاية عام 2002.
وبالنسبة للموقعين على الرسالة، فإن الوضع «حساس»
ويثير مخاوف من «كارثة لا يريدها احد»، ورأوا ان وقف اطلاق النار الذي
ابرم مع مجاهدي خلق، المنظمة الايرانية المعارضة للنظام الاسلامي والتي
تتخذ من العراق مقراً لها، يثبت «مكر» الاميركيين الذين يعتبرون هذه
المنظمة رسمياً ارهابية.
وذهب احد الاحزاب الاصلاحية الداعمة للرئيس
الايراني محمد خاتمي، همبستغي (تضامن) الى حد الدعوة الى «مفاوضات
رباعية ومباشرة»، حول العراق بين طهران وواشنطن والامم المتحدة وممثلين
عراقيين ما يمكن ان يشكل «مقدمة» للقاءات اخرى حول التطورات الاقليمية.
وفي منتصف ابريل الماضي اقترح الرئيس الايراني
السابق علي اكبر هاشمي رفسنجاني الذي لا يزال شخصية اساسية في النظام
ويعتبر مقرباً من المحافظين، تنظيم استفتاء حول العلاقات بين طهران
وواشنطن.
وقال دبلوماسي اوروبي ان «الجدل الدائر في ايران
يظهر انه يتم الاخذ بالاعتبار ان الضغط يتزايد» مضيفاً «لا يزال يجب
معرفة الى اي حد سيكون الايرانيون على استعداد للذهاب وبأي مقابل».
وكان المحافظون قطعوا الطريق في الماضي امام مثل
هذه المحاولات. وابدى القضاء تصلباً يوم امس (السبت) حين اصدر احكام
سجن قاسية على 15 من اعضاء المعارضة الليبرالية، بينهم الكثيرون من
مؤيدي استئناف الحوار مع الولايات المتحدة.
لكن خرازي اكد شخصياً انه «ليس من الصواب» القول
ان الاصلاحيين في ايران يؤيدون استئناف العلاقات مع الولايات المتحدة،
وان المحافظين يعارضون ذلك.
اما الولايات المتحدة، فإن وزير خارجيتها كولن
باول اكد مجدداً في الآونة الاخيرة الرغبة في «مواصلة عزل ايران بقدر
ما نستطيع» لكن من دون قطع كل الجسور معها.
من جهتها قالت صحيفة إيرانية يوم الاحد ان إيران
تطالب واشنطن بتسليم مقاتلين إيرانيين معارضين في العراق خشية ان
تستخدمهم الولايات المتحدة في الضغط على طهران.
وكان الجيش الامريكي اعلن يوم السبت ان قوات
جماعة مجاهدي خلق الايرانية وافقت على الاستسلام للقوات الامريكية في
العراق.
واضاف الجيش في بيان ان الفيلق الخامس للجيش
الامريكي سيسيطر على الجماعة.
ومجاهدو خلق جماعة اسلامية إيرانية كانت ذات
توجه يساري اثناء الثورة الاسلامية في عام 1979 التي اطاحت بالشاه
المدعوم من واشنطن ثم انشقت فيما بعد على رجال الدين الذين يحكمون
ايران واتهمتهم باحتكار السلطة وتخوض الجماعة منذ ذلك الحين حربا
للاطاحة بحكومة إيران الاسلامية.
وللجماعة قوة عسكرية كبيرة ومسلحة تسليحا جيدا
في الجانب العراقي من الحدود وكانت تعلن عن اشتباكات يومية مع قوات
تدعمها إيران في شمال شرق العراق.
وتنفي إيران دعم اي قوات داخل العراق واتهمت
الولايات المتحدة بتبني معايير مزدوجة في الحرب على الارهاب بسماحها
لمجاهدي خلق بالاحتفاظ باسلحتهم.
ونقلت صحيفة سياسة روض اليومية عن علي يونسي
وزير الاستخبارات الايراني قوله "اذا سلمتهم أمريكا لنا فستكون قد نهضت
بمسؤوليتها واذا لم تسلمهم لنا فانه يتعين على أمريكا أن تسلمهم لدولة
اخرى."
ومضى يقول "الامريكيون يريدون استخدام المنافقين
(مجاهدي خلق) كاداة ضد ايران" واضاف "لن يسمح الشعب العراقي للامريكيين
ابدا باستخدام مجاهدي خلق ضد الامن القومي الايراني."
وادرجت الحكومة الامريكية مجاهدي خلق على قائمة
التنظيمات "الارهابية" وقالت انها مصممة على طرد اي قوات مقاتلة مستقلة
من العراق.
لكن مجاهدي خلق يقولون ان نزع اسلحتهم سيعزز
نفوذ إيران في عراق ما بعد الحرب وايد بعض المتشددين الامريكيين
الجماعة كحليف ضد طهران التي قالت واشنطن انها تشكل الى جانب عراق ما
قبل الحرب وكوريا الشمالية "محورا للشر".
وتود ايران القضاء على مجاهدي خلق التي تضم الاف
المقاتلين المسلحين ولديها دبابات ومركبات قتال ومدفعية وقاذفات صواريخ
متمركزة قرب الحدود الايرانية.
وفي خضم هذا الجدل اصدرت المحكمة الثورية في
طهران السبت احكاما بالسجن لمدد تصل الى 11 عاما على حوالى 15 من اعضاء
التيار الليبرالي في ايران ادينوا "بمحاولة قلب" النظام الاسلامي.
وكان المتهمون اوقفوا في ربيع 2001 قبل اسابيع
من الانتخابات الرئاسية مع عشرات الاشخاص الآخرين المعروفين بانهم
قريبون من حركة تحرير ايران القومية الاسلامية التي حظرت نشاطاتها منذ
آذار/مارس 2001 .
وقد تمت ملاحقتهم بتهم "محاولة قلب" النظام
الاسلامي و"نشاطات ضد الامن القومي" و"الانتماء الى الحركة الدينية
القومية المحظورة" و"الدعاية ضد النظام". وفي ختام محاكمة جرت في جلسات
مغلقة صدر اقسى حكم على تقي رحماني الشخصية التاريخية في اليسار القومي
ويقضي بسجنه 11 عاما وحرمانه من حقوقه المدنية عشرة اعوام. |