تعتبر آلام أسفل الظهر من المشكلات الصحية
الشائعة كثيراً، والتي باتت تعد ضريبة من ضرائب العصر الحديث التي لا
تعد ولا تحصى، إذ أن الكثير من الأشخاص يمضون ساعات طويلة جالسين
بوضعيات خاطئة أمام أجهزة الكومبيوتر مما يؤدي إلى حدوث مثل هذه الآلام
التي تبدأ رحلة المعاناة معها والتي قد تضطر المصاب بها للتغيب عن
العمل وتجدر الإشارة إلى أن الوضعيات الخاطئة وزيادة الوزن من أهم
عوامل الخطر النوعية التي تؤدي للإصابة بآلام الظهر، وتعتبر اللياقة
البدنية الضعيفة عاملاً مؤهلاً لآلام الظهر وهي تنجم عن قلة الحركة
وعدم ممارسة التمارين الرياضية بشكل منتظم، وتلعب الحالة النفسية
والتقدم بالعمر والتدخين دوراً في الإصابة بهذه المشكلة التي تعيق
الإنسان عن ممارسة دوره في ا لحياة الاجتماعية وتؤثر على أدائه في
العمل أيضاً، إذ تشير الدراسات إلى أن آلام الظهر تضطر العاملين في
المؤسسات الحكومية والخاصة للتغيب عن العمل، ومن جراء ذلك يتم هدر
ملايين الأيام بسبب آلام الظهر والاضطرابات الناجمة عنها، ولا يقتصر
ذلك على التغيب عن العمل وإنما تنخفض أيضاً كفاءة الموظف أو العامل
الذي يتعرض لهذه المشكلة لأن علاجها يتطلب وقتاً وإجراءات محددة.
وفي البلدان الأوروبية والمتقدمة ولأسباب صحية
واجتماعية واقتصادية أيضاً تم تأسيس مدارس متخصصة بالتوعية الصحية
للوقاية من آلام الظهر أولاً ولعلاجها التأهيلي أيضاً الذي لا يقتصر
فقط على الطبيب المختص بالأمراض العظمية والمفاصل وإنما يتم بمساعدة
المعالج الفيزياوي والطبيب المختص بالأمراض النفسية إضافة إلى خبير
بشؤون العمل الذي يتجلى دوره في مساعدة المريض على اختيار العمل
المناسب للمحافظة على صحة الظهر وسلامته.
إن فهم آلية حدوث آلام الظهر والتناغم المعقد في
العمل بين العضلات وما حول الفقرية وأجزاء جسم الفقرة، والأربطة
المحيطة بها والقرض الغضروفي يساعد على اتخاذ التدابير الوقائية بشكل
جيد، سواء أكان أثناء النوم أو العمل أو الجلوس في البيت في أوقات
الراحة أو أثناء المشي وممارسة التمارين الرياضية والقيام بمختلف
الأنشطة الحياتية، وإذا ما راقب الواحد منا كيفية جلوسه على المكتب أو
طريقة استلقائه في السرير أو غير ذلك لوجد أن الظهر يكون بوضعيات خاطئة،
مثل هذه الوضعيات إذ ما استمرت لفترات طويلة تؤدي لتفاقم المشكلة وحدوث
آلام الظهر المبرحة.
ومن المعروف بأن طريقة الجلوس الصحيحة على كرسي
المكتب يجب أن تراعى فيها الشروط التالية:
1- الجلوس بوضعية الاستقامة للظهر، ولهذا ينبغي
حين اختيار الكرسي المناسب للمكتب أن يكون مسنده قاسياً قليلاً، أما عن
الركبتين فيجب أن تكونا أعلى من مستوى الوركين مع المحافظة طبعاً على
بقاء القدمين مسطحتين، ولأن معظمنا يعمل حالياً على أجهزة الكومبيوتر
حتى باتت تحتل أسطح جميع مكاتبنا لهذا يجب أن تراعى القواعد السليمة في
الجلوس حين استخدام الكومبيوتر بحيث تكون شاشة الجهاز أمام الموظف وأن
تكون بعيدة بمقدار يعادل طول اليد، وكذلك الحال بالنسبة للوحة المفاتيح
والفارة المتحركة التي يجب ألا يشكل استخدام أياً منها أي جهد مهما كان
ضئيلاً.
2- عدم العمل لساعات طويلة ومتواصلة، إذ ينصح
بأخذ فترة قصيرة من الراحة بعد كل ساعتين من العمل المتواصل وأثناء
الراحة يمكن القيام ببعض الحركات الخفيفة لتجنب حدوث التشنج في العضلات.
3- يجب الحرص على اختيار كل من المكتب والكرسي
المناسبين لتجنب الإصابة بآلام الظهر.
4- تخفيف الوزن لأن التخلص من الوزن الزائد
يعتبر من العوامل التي تساعد على الوقاية من آلام الظهر، والتخلص من
الوزن الزائد يقتضي القيام ببعض التمارين الرياضية بشكل منتظم.
5- محاربة كافة أشكال قلة الحركة، فعلى سبيل
المثال يمكن استعمال الدرج العادي بدلاً من المصعد عند الانتقال إلى
طابق قريب، أو المشي لمسافات قصيرة بدلاً من استعمال السيارة
والاستغناء عن جهاز التحكم عن بعد.
ومن الأخطاء الشائعة التي يمارسها الكثير من
الموظفين وضع سماعة الهاتف بين الرأس وأعلى الكتف حيث الانشغال بعمل ما،
أو اتخاذ وضعية خاطئة للعمود الفقري والجسم عند الجلوس في قاعات
الاجتماعات أو في مكان ما، أو أثناء قيادته السيارة ومثل هذه الوضعيات
تساهم بشكل تدريجي في تفاقم الإصابة بآلام الظهر التي علاجها يستهلك
الكثير من الوقت والجهد والمال وكثيراً ما تعكر صفو مزاج الإنسان،
ولهذا فإنه من المهم جداً تفادي هذه المشكلة باتباع الإرشادات الوقائية
التي تجنبك المضاعفات العديدة التي تنجم عن آلام الظهر الجسدية مها
والنفسية والاقتصادية. |