الإرتقاء بالنفس البشرية هي إحدى تطلعات الفطرة
لدى كل إنسان فالجميع ينشدون حياة أفضل والتي تعني في أهم جانب منها
سيطرة الأمل على العقول كي يحقق المرء رقيّه الفعلي بين أقرانه من بني
البشر ولكن ليس دون بذل جهد منه ربما يكون استثنائياً إذ لا يأتي أي
شيء بشكل هين حتى يوصف هذا الإنسان أو ذاك بأنه إنسان راقي فعلاً.
سوية النفس بحاجة للإخلاص لها إذ أن السوية هي
أول درجة في سلم الإرتقاء البشري الحق إذ بدون لمس السوية عند المرء لا
يمكن وصفه بـ(الإنسان الراقي) وإذا ما أضيفت صفة التواضع بنية حسنة عند
المرء يكون بذلك قد تخطى دائرة هاجس الشعور الفارغ تجاه حق الآخرين
عليه بقدر حقه عليهم. إذ من المعلوم أن فرض الشخصية لا يترجمها عدم
الثقة بالنفس فحسب بل عدم الثقة بالآخرين لأسباب خارجة عن إطار الأخلاق
الفاضلة. لا شك أن معنويات الفرد ينبغي أن تبقى في ارتفاع دائم لكن
بالعودة إلى النفس وتهوين مواجهات المرء اليومية وبالذات في المجتمع
المتخلخل حيث الناس المسيئون لغاية تواجدهم في الحياة التي توضحها صور
حب النفس والهوى عندهم بما يوحي وكأن للشيطان ميزان في نفوسهم يحركهم
على أوتار الأمراض النفسية وينسيهم أنهم مدعوون دوماً للارتقاء ثم
للارتقاء بأنفسهم على أساس من مبادئ الإحياء وليس العيش فكم من غني مال
يتمنى لو ملك عقل فقير راجح.
أن من توجهات النفس السلبية هو التفكير نحو كسب
مادي أكثر ومداراة مثيل هذا التوجه في علاقاتهم الاجتماعية يسلب منهم
من حيث لا يدرون حتى المنطق حين يتكلمون إذ أن عدم الاهتمام بتربية
النفس ذاتياً يمكن اعتباره هزيمة معنوية في علائق هي في المحصلة زائلة
وأن بدت في عيون الساعين ضمناً لوقف عجلة التاريخ على محور الأنانية
المفرطة والبعيدة على أية حال عن مدرج الارتقاء الإنساني عند الناس.
والموعظة بقدر قوة النصح بها فهي تجند على أي
إنسان أن يقتنع بواقع حاله إذ يقول الإمام علي (ع) بهذا الشأن (أن
القناعة كنز لا يفنى) إذ أن كل شيء في هذه الحياة ينطوي على سببية
لنمطيته لكن الارتقاء النفسي عملية دائمة يمكن وصفها بالطموح الأخلاقي
الجيد اللامتناهي عند الفرد المثقف ولعل التجريد في مراجعة الذات هو
أحد سبل النهوض بها بعيداً عن الرضوخ لأي منتصر بالباطل.
كما في حسابية النفس المؤمنة حين يصل الإنسان
السوي بها إلى النوم قرير العين لم يظلم أحداً لا في حضوره ولا في
غيابه حين تكون من أولويات علائم الرقي النفسي لديه إذ أن الشعور في
النفس بالمظلومية مدعاة لرفعتها ورقيها وعلى العكس من ذلك فإن الإحساس
بالظالمية يسلب من الظالمين النوم وهم في مضاجعهم. أن توحيد صفات الشخص
الإيجابية على أسس سليمة كالإيثار في الدفاع عن الخير المستحق
والأيجابي السمعة فيه خلطة من الشعور الودي الممزوج بمزايا حب الآخرين
وتمني الخير لهم وهذا ما يعني أن المرء في هذه الحالة يعيش حالة من
الانضباط العارف بنفسه.
فحين يرى الإنسان السوي أنه معرض للتجاوز ولنقل
المعنوي وليس التجاوز المادي على حق له ويشعر أن التنازع لا يمكن أن
يكون في موضع احترام لذاته فأفضل ما يفعله هو الترفع دوماً عن مزريات
الأمور لأن في ذلك يتم كسب العليم للجهول ويخطأ من يعتقد أن حدود
الأخلاق الحقة مفتوحة لنشر الحقد والضغينة بين الناس أما هؤلاء الذين
يفهمون أن الحرية تجيز لهم الإساءة للآخرين فهم لم يتمتعوا بنسائم
الحرية.. المطلوبة ولا يمكن أن يكونوا يوماً على قائمة الراقين من
الناس. |