ذكرت دراسة حديثة أن نحو ثلاثة من كل أربعة منازل يمتلكون واحدا أو أكثر من أجهزة الكمبيوتر الشخصية في سنغافورة البارعة في التكنولوجيا. وترتفع الارقام الواردة من هيئة تنمية إتصالات المعلومات بنسبة  68 في المئة عن عام 2002. وقالت الهيئة ان هناك وعيا كبيرا بين العائلات عن أهمية استخدام تكنولوجيا المعلومات وبرامج التعليم الوطني.. كما ساعدت الصفقات المالية الجذابة على تزايد دخول الانترنت إلى المنازل. وأسفرت خطط نظام الاشتراك الشهري لخدمة الانترنت الممكن تحملها إلى اشتراك  40 في المئة من المنازل التي جرى استطلاع آرائها في النظام العام الماضي 2003 مقارنة بنسبة  24 في المئة عام 2002.

 

إنَّ سكينةَ القلبِ تُوجبُ الاتزانَ في التفكيرِ، وهو بدورهِ يوجبُ التحرُّكَ الصحيحَ نحوَ الأهدافِ الرفيعةِ.

ايران في جولة ثانية: انكشاف اوراق اللعبة.. انتخاب السيئ لتفادي الاسوء
إغلاق صحف إيرانية جديدة بسبب إشكالات الانتخابات الأخيرة
استجواب صدام واعوانه تمهيدا للمحاكمة الكبرى
إنجاز 70 - 80% من صياغة الدستور العراقي الجديد
75 بالمائة من الفلسطينيين يؤيدون تخلي حماس عن العنف
ندوة الوثائق التاريخية للقدس محاولة عقلانية لإيقاف تهويدها
التغذية السليمة تضمن للانسان ذاكرة نشطة حتى سن التسعينات
 
 
 

 

دروس مستفادة من قصة صعود الإيباك

علاء بيومي

في عام 1996 أصدرت جامعة فيرجينيا الأمريكية رسالة دكتوراة للباحثة كارول سيلفرمان بعنوان "الصورة في مقابل الحقيقة: جماعات المصالح العرقية في عملية السياسة الخارجية: دراسة حالة للإيباك" تدرس أسباب صعود الإيباك وهي لجنة الشئون العامة الأمريكية الإسرائيلية وأسباب قوتها كمنظمة تقوم بعمل الضغط السياسي (اللوبي) لمصلحة إسرائيل وذات كلمة مسموعة ومؤثرة على صانع القرار السياسي الأمريكي.

أهم ما في الدراسة هو نظرتها الشاملة لأسباب قوة جماعات المصالح الأمريكية، إذ ترفض الدراسة فكرة أن قوة الإيباك أو أي جماعة مصالح أمريكية أخرى تنبع من عامل واحد أو عاملين مثل أسطورة اعتماد الإيباك على قوة أصوات وتبرعات الناخبين اليهود الأمريكيين كمصدر وحيد لقوتها.

وفي المقابل تنظر الدراسة إلى قوة جماعات المصالح الأمريكية كنتاج لتفاعل مجموعة متعددة من العوامل الهامة مثل طبيعة القضايا التي تدافع عنها جماعات المصالح وهوية من يتخذ القرار بخوص هذه القضايا داخل مؤسسات صناعة السياسة الأمريكية، وطبيعة البيئة السياسية والإعلامية التي تعمل فيها جماعات المصالح، وخصائص جماعة المصالح المؤسساتية وطبيعة قيادتها، والاستراتيجية التي تتبناها المنظمة في عملها السياسي والإعلامي.

مصادرة قوة الإيباك

بالنسبة لعامل صانع القرار ترى الرسالة أن الإيباك والتي أسست في عام 1951 أكثر قدرة على التأثير على أعضاء الكونجرس مقارنة بمسئولي الإدارة الأمريكية، وذلك لأن الإدارة الأمريكية تتميز بسلطاتها الكبيرة في مجال صناعة السياسية الخارجية والتي يصعب التأثير عليها أحيانا، بينما يسهل نسبيا التأثير على أعضاء الكونجرس بحكم كونهم أكثر تأثرا بالضغط الجماهيري والإعلامي الداخلي، ولذا تفضل الإيباك أن تمارس ضغوطها على الكونجرس، كما تحب أن تعطي قضايا السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط أبعاد داخلية.

وتقول الدراسة أن البيت الأبيض أكثر قدرة على تحدي قوة الإيباك إذا كان لدى الإدارة الرغبة في ذلك، وإن كان هذا لا يعني أن علاقة الإيباك مع البيت الأبيض هي في شد دائم، فبعض الإدارات (مثل إدارة الرئيس الأمريكي السابق ردونالد ريجان كما ذكرت الدراسة) فتحت أبوابها أمام الإيباك.

ولذا تعلمت الإيباك أن تتجنب أن تضع نفسها في مواجهة مع الإدارة الأمريكية حتى لا تتعرض لخسارة قضاياها أو تتعرض لإهدار حجم كبير من مواردها وطاقاتها في معارضة الإدارة.

وبالنسبة لعامل البيئة السياسية تقول الدارسة أن البيئة السياسية ومكوناتها مثل الرأي العام وأراء النخبة السياسية الحاكمة ومعتقدات الرئيس وكبار مساعديه وقوة الجماعات المعارضة تمثل حدود خارجية على قدرة أية جماعة مصلحة على النجاح، ولذا سعت الإيباك دائما إلى بناء تأييد الرأي العام الأمريكي لإسرائيل كورقة ضغط تستخدمها ضد السياسيين المؤيدين أو المعارضين لها على حد سواء، وقد ساعدها على ذلك ضعف النشاط العربي في هذا المجال.

وتقول الدراسة أن غالبية الشعب الأمريكي لا يبالي بقضايا السياسة الخارجية، ولكن هناك أقلية سياسية معينة تساند إسرائيل بقوة وفي المقابل هناك أقلية محدودة جدا تساند قضايا العرب، وتقول الدارسة التي صدرت في عام 1996 أن انتفاضة عام 1987 وتطورات عملية السلام ونهاية الحرب الباردة لابد وأن تكون صاحبة تأثير هام على الرأي العام الأمريكي وموقفه في قضية الشرق الأوسط، ولذا لا ينبغي على الإيباك أن تعتقد أن تأييد الرأي العام الأمريكي لإسرائيل هو شيء مطلق لا يمكن أن يتغير.

بالنسبة للعامل الثالث المؤثر على قدرة جماعات المصالح الأمريكية على تحقيق أهدافها فهو الخصائص المؤسساتية لجماعات المصالح نفسها، وتقول الدراسة أن موارد المؤسسة كمصادرها المالية وسمعتها ومهاراتها السياسية والجماهير المساندة لها هي جميعها عوامل هامة تؤثر على قدرة جماعات المصالح على تحقيق أهدافها.

وبهذا الخصوص ترى الدراسة أن الإيباك كمؤسسة مرت بمراحل تطور ثلاثة أساسية ارتبطت بتغير مديريها التنفيذيين، وهم كينان (1951-1974) وموريس أميتي (1974-1980) وتوم دين (1980-1993).

وتقول الدراسة أن كينان والذي كان أحد أعضاء الوفد الإسرائيلي بالأمم المتحدة ترك عمله كمسئول إعلامي في الوفد الإسرائيلي وقرر العمل كعميل للضغط السياسي الداخلي لمصلحة قضايا اليهود الأمريكيين، وتميز كينان في سنوات إدارته للايباك بقدرته الكبيرة وتركيزه على بناء العلاقات الشخصية مع صناع القرار السياسي وبناء سمعته وسمعة مؤسسته كمصدر لا ينضب من المعلومات عن قضايا الشرق الأوسط وكخبير يستشهد به في جلسات الكونجرس.

في الوقت نفسه فضل كينان العمل خلف الكواليس بهدوء والتركيز على بناء العلاقات الشخصية والبعد عن حملات العلاقات العامة عالية الصوت في الوقت الذي اعتمد فيه على شبكة من النشطين اليهود المساندين لمنظمات يهودية أخرى من خلال علاقته وتنسيقه مع هذه المنظمات.

أما موريس أميتي وتوم دين فقد اعتمدوا على منهج أكثر جرأة في الضغط السياسي واهتموا بزيادة عضوية الإيباك وفتح عضويتها أمام غير اليهود، ساعدهم على ذلك تغير المناخ السياسي في الولايات المتحدة بعد حرب فيتنام وتطورات الستينات والتي دفعت بمجموعة كبيرة من الشباب في الأوساط السياسية الأمريكية وفي الكونجرس والذين كانوا أكثر رغبة في التعبير عن رؤيتهم ومصالحهم بصوت عال.

وبالنسبة للموارد المالية فقد بدأت الإيباك عملها في عام 1951 بميزانية قدرها خمسين ألف دولار أمريكي وبعدد قليل جدا من الموظفين، بينما وصلت ميزانيتها عام 1992 إلى 15 مليون دولار أمريكي وتعدى عدد موظفيها 150 موظفا.

كما نجحت الإيباك في رسم وترويج صورة إيجابية عن نفسها تصور إيباك على أنها مصدر مستمر للمعلومات وكقوة سياسية مؤثرة على نتائج صناديق الاقتراع.

بالنسبة لعامل استراتيجيات العمل السياسي تقول الدراسة أن أحد أهم مصادر نجاح الإيباك هو قدرتها على اختيار أجندة عمل تحتوي على قضايا يمكن تحقيق الفوز فيها، وقدرة الإيباك على تغيير مسارها مع تغير البيئة السياسية المحيطة بها.

بمعنى أخر أن الإيباك كانت تتعمد اختيار قضايا يمكن تحقيق النجاح بها طالما كانت مرتبطة بإسرائيل، وإنها ابتعدت عن القضايا شديدة الصعوبة التي يصعب تحقيق النصر بها، كما عملت الإيباك بالتنسيق مع أعضاء الكونجرس المساندين لإسرائيل وتركت لهم مهمة تحديد القضايا التي يفضلون العمل على تأييدها لمصلحة إسرائيل، ثم كان يأتي دور إيباك لمساندة هذه القضايا.

الدروس المستفادة

لو حاولنا قراءة أهم نتائج الدراسة السابقة وما تعنيه بالنسبة للمسلمين والعرب في أمريكا لأمكننا قول التالي:

1) تطور الأقليات الأمريكية وقدراتها يحتاج لفترة كافية للوقت، فقد تعرضت الدراسة في بدايتها لحياة اليهود في أمريكا في النصف الأول من القرن العشرين وكيف سعوا في العشرينات من القرن العشرين إلى بناء قوتهم السياسية بعد أن زاد أعداد اليهود من أبناء الجيل الثاني المولودين في الولايات المتحدة، ولكن وعلى الرغم من سعيهم هذا فشلوا خلال الحرب العالمية الثانية في الحيلولة دون وقوع الهولوكوست، مما دفعهم بعد الحرب إلى التوحد والتركيز على بناء قوتهم السياسية للحيلولة دون وقوع كوارث أخرى في حق أبناء ديانتهم.

2) توحد مؤسسات اليهود الأمريكيين في عملها لم يحدث فقط بسبب رغبتهم في التوحد بقدر ما كان نتيجة لنضج هذه المؤسسات التنظيمي والسياسي، بمعنى أن المنظمات اليهودية الأمريكية فشلت في البداية في التوحد عندما كانت جديدة وصغيرة وغير واضحة التخصص، ولكن مع زيادة نضجها وإدراكها لتخصصها زادت قدرتها على التنسيق والعمل مع بعضها البعض مع استحالة تحقيق التوحد الكامل أو إنهاء الخلافات الداخلية بينها.

3) اعتماد المنظمات اليهودية الأمريكية السياسية على قيادات متمرسة في العمل السياسي داخل مؤسسات صنع السياسية بالولايات المتحدة كان ضرورة لصعودها ونجاحها، وبالطبع يتطلب بناء هذه القيادات أن ينخرط أبناء الجماعات العرقية الأمريكية في مؤسسات صنع السياسة الأمريكية وأن يعملوا بها لسنوات عديدة حتى يكتسبوا منها خبرة العمل السياسي وبناء العلاقات السياسية مما يؤهلهم للعودة إلى المؤسسات السياسية التي تدافع عن مصالح جماعتهم الدينية أو الإثنية لمساعدتها على بلوغ مكانة سياسية مرموقة.

4) تطور مؤسسات العمل السياسي والإعلامي لا يحدث بين يوم وليلة بل يحتاج لسنوات طويلة من العمل والكفاح وإثبات المكانة، مع العلم أن امكانات التطور السياسي والإعلامي أكثر وفرة خلال الفترة الحالية بسبب التغييرات الناتجة عن ثورة الاتصال والمعلومات والتي تسهل عمل جماعات الضغط السياسي والإعلامي، ولكن تظل الحاجة إلى قيادات متمرسة تستطيع الاستفادة من الموارد المتاحة واستغلالها في خدمة قضاياها.

5) وفي النهاية يجب القول أن نشر ثقافة الديمقراطية والعمل السياسي والمشاركة السياسية بين أبناء جماعة ما هو أمر ضروري لنجاح هذه الجماعة في عملها السياسي والإعلامي، وذلك لأن إدراك أبناء هذه جماعة لأهمية العمل السياسي الديمقراطي الحر يعد شرطا ضروريا لا بديل له لتشجيع مشاركتهم في العملية السياسية، وهو ما يتطلب تنشئة الجيل الجديد من المسلمين في أمريكا على قيم العمل السياسي الديمقراطي الحر.

6) فهم دور المنظمات المسلمة والعربية الأمريكية وامكاناتها السياسية في الولايات المتحدة يتطلب استعمال منظور شامل يأخذ في اعتباره العوامل المختلفة التي تؤثر على عمل جماعات المصالح الأمريكية ودور عنصر الزمن والفترة الطويلة التي تحتاجها الأقليات الأمريكية المختلفة لتثبيت وجودها على الأرض الأمريكية وإثبات قوتها على الصعيد السياسي.

مقال ينشره مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (كير).

شبكة النبأ المعلوماتية - الثلاثاء 6/5/2003 - 4/ ربيع الأول/1424