ذكرت دراسة حديثة أن نحو ثلاثة من كل أربعة منازل يمتلكون واحدا أو أكثر من أجهزة الكمبيوتر الشخصية في سنغافورة البارعة في التكنولوجيا. وترتفع الارقام الواردة من هيئة تنمية إتصالات المعلومات بنسبة  68 في المئة عن عام 2002. وقالت الهيئة ان هناك وعيا كبيرا بين العائلات عن أهمية استخدام تكنولوجيا المعلومات وبرامج التعليم الوطني.. كما ساعدت الصفقات المالية الجذابة على تزايد دخول الانترنت إلى المنازل. وأسفرت خطط نظام الاشتراك الشهري لخدمة الانترنت الممكن تحملها إلى اشتراك  40 في المئة من المنازل التي جرى استطلاع آرائها في النظام العام الماضي 2003 مقارنة بنسبة  24 في المئة عام 2002.

 

إنَّ سكينةَ القلبِ تُوجبُ الاتزانَ في التفكيرِ، وهو بدورهِ يوجبُ التحرُّكَ الصحيحَ نحوَ الأهدافِ الرفيعةِ.

ايران في جولة ثانية: انكشاف اوراق اللعبة.. انتخاب السيئ لتفادي الاسوء
إغلاق صحف إيرانية جديدة بسبب إشكالات الانتخابات الأخيرة
استجواب صدام واعوانه تمهيدا للمحاكمة الكبرى
إنجاز 70 - 80% من صياغة الدستور العراقي الجديد
75 بالمائة من الفلسطينيين يؤيدون تخلي حماس عن العنف
ندوة الوثائق التاريخية للقدس محاولة عقلانية لإيقاف تهويدها
التغذية السليمة تضمن للانسان ذاكرة نشطة حتى سن التسعينات
 
 
 

 

العنف في التلفزيون.. التحول من الافتراض الى الواقع

 

 

تأليف: بلاندين كريجل وآخرون

الناشر: المطبوعات الجامعية الفرنسية ـ باريس 2003

الصفحات: 173 صفحة من القطع الصغير

 

هذا كتاب ـ تقرير جرى انجازه بطلب من وزير الثقافة الفرنسي وساهم فيه عدد مهم من الاختصاصيين في ميدان الاعلام المرئي «التلفزيون» ومن المعنيين، من اداريين ومحامين وغيرهم في هذا الميدان.

الملاحظة الاولى التي يتم التأكيد عليها والانطلاق منها في البحث تتمثل في الاعتراف بتعاظم ظاهرة العنف و«الجنح» في مختلف قطاعات المجتمع الفرنسي.. وفي مواجهة مثل هذا الواقع كان وزير الثقافة الفرنسي «جان جاك اياغون» قد اكد في رسالته للجنة المكلفة باعداد التقرير حول العنف في التلفزيون على القول «ان حماية الاكثر هشاشة والنضال ضد جميع اشكال العنف، ورفض كل اشكال التمييز والبغض امور في صلب ميثاقنا الاجتماعي. لذلك ينبغي علينا جماعياً، وفي ظل ثقافة تهيمن عليها الصورة، اعادة النظر فيما يتم تقديمه بصورة شبه متواصلة من مشاهد عنيفة او عدوانية لها تأثيرها على عقل الاكثر شباباً».

لكن شيوع العنف في المجتمعات الديمقراطية اي الغربية والاستهلاكية يمثل ظاهرة ليست جديدة في الواقع، انما الجديد هو «وعيها» بصورة بطيئة جداً ومنذ فترة ليست بالبعيدة ذلك ان مفهوم «الحرية الفردية» كان هو المهيمن على العقول ويكفي مجرد مشاهدة ما تقدمه القنوات التلفزيونية العديدة كل يوم من مشاهد عنف وجريمة كي يدرك المرء مدى خطورة مثل هذا الامر خاصة بالنسبة للاطفال والمراهقين.

ان واضعي هذا الكتاب والتقرير بدأوا بطرح بعض التساؤلات الجوهرية حول «الآثار الاجتماعية» و«الآثار السيكولوجية» و«الآثار السياسية» و«الآثار الفنية» لتعاظم جرعة العنف في البرامج التلفزيونية بما في ذلك في «نشرات الاخبار»؟ وتساؤل جوهري آخر حول طبيعة «الاجراءات القانونية» وموقف السلطات الرسمية من مثل هذه الظاهرة؟

لا شك بأن هناك العديد من الدلالات حول التنبه منذ اكثر من عقدين من الزمن الى واقع تنامي ظاهرة العنف في المجتمع الفرنسي وهذا ما عبرت عنه عناوين بعض الكتب مثل «تلفزيون العنف» و«شاشات العنف» و«الاطفال في ظل دائرة التأثير» كذلك كثر الحديث عن «جنح الشباب» الامر الذي استدعى البحث عن حلول جديدة اذ ان التسامح الديمقراطي وسياسات الوقاية اذا لم يأخذا ظاهرة تنامي العنف في حسابهما يمكن ان يؤديا الى تراخي الامن وبالتالي يتطلبان البحث عن «منظومة امنية مختلفة» كما يعبر «ديدييه بيرا» المدعي العام في منطقة بونتواز القريبة من العاصمة الفرنسية باريس والذي يؤكد بنفس الوقت على ضرورة ان تتسم هذه المنظومة الامنية المختلفة بحدين اساسيين يتمثلان في الفعالية والبعد الانساني.

وتبدو آثار العنف التلفزيوني اولاً على صعيد المدرسة هذا ما تدل عليه بوضوح الاحصائيات الرسمية المقدمة من هيئات مختصة مع الاشارة بنفس الوقت الى وجود نوع من التلازم بين فقر المؤسسات المدرسية وزيادة العنف وكذلك التأكيد على زيادة اعمال العنف حيال المدرسين وموظفي التربية الوطنية وقد دلت النتائج التي تم التوصل اليها في عدد من الدراسات الميدانية بأن الوقت الكبير الذي يقضيه الاطفال والمراهقون امام الشاشة الصغيرة يعزز القناعة بميولهم اكثر نحو العنف وقد دلت دراسة قامت بها اليونسكو عام 1998 في 23 بلداً ولدى 5000 فتى عمرهم حوالي 12 سنة بأن هؤلاء يمضون يومياً ثلاث ساعات ـ كمعدل وسطي ـ امام التلفزيون اي بزيادة 50% من الوقت المكرس لأي نشاط آخر

وقد اكدت دراسات اخرى ضمن نفس الاطار بأن ممارسة العنف لدى الاطفال قد ازدادت كثيراً بعد ظهور التلفزيون وتشير احدى الدراسات بأنه بعد دخول التلفزيون الى احدى المدن الكندية تزايد العنف الجسدي لدى الاطفال بنسبة 16% بعد عامين وفي محصلة عدة دراسات كانت النتيجة هي التالية: «في جميع الحالات، كانت برامج البث التلفزيوني العنيفة مرتبطة، ولو بنسبة قليلة، مع اعمال عدوانية على المدى القريب او البعيد».

وبالنسبة لآثار العنف التلفزيوني جاء في التحليل: «عندما يتعرض شخص ما لمشاهد العنف في التلفزيون فإن الاثار السيكولوجية المباشرة هي من نفس الطبيعة لو كان هذا الشخص نفسه قد تعرض لموقف عنف في الواقع وهذا ما تدل عليه مؤشرات ايقاع ضربات القلب وضغط الدم ان العديد من الاطباء المختصين يؤكدون مثل هذا الواقع وقد ثبت منذ سنوات الستينيات الماضية بأن هناك براهين على زيادة العنف بسبب التلفزيون وانه يمكن مقارنة مثل هذا التأثير بـ «تأثير زيادة الاصابات بمرض السرطان بسبب التدخين وخاصة سرطان الرئة».

من جهة اخرى، اثبتت الدراسات ايضاً بأن «اهمال الطفل وواقع الاحياء والبؤس ومستوى تعليم الاهل انما هي متناغمة مع الزمن الذي تتم تمضيته امام التلفزيون» اذ ان المحيط الاسري الاكثر جهلاً انما هو الاكثر استلهاماً للوقت امام شاشات التلفزيون لكن العنف لا يشكل وحده النتيجة المترتبة على الافراط في مشاهدة التلفزة وانما هناك ايضاً تنامي مشاعر القلق والغضب والخوف والخجل وذلك على اساس ان التهديد يأتي دائماً من الآخر واول ما يبعثه هذا الآخر في النفس هو الخوف ويزداد التأثير على الاطفال بسبب فقدان التواصل مع الاهل هذا في الوقت الذي تتم فيه «صياغة» ذهنية الطفل من خلال العلاقات التي يقيمها مع الوسط المحيط به ابتداء من امه ووصولاً الى الدوائر الاوسع فـ «الطفل هو كائن ثقافي في عمقه واللغة تلعب دوراً اساسياً في تكوينه» وبالتالي لا شك بأن البقاء طويلاً امام شاشات التلفزيون يلحق اذى كبيراً بأولئك الذين يقومون بمثل هذه الممارسات.

ضمن هذا السياق يتم التأكيد على ان مصدر القلق حيال العنف التلفزيوني يزداد اكثر فأكثر بسبب الاباحة الكاملة ـ عدم المنع الكامل ـ لبث مشاهد العنف ومشاهد الخلاعة ايضاً ومثل هذا الواقع لابد وان تكون له آثاره السلبية الكبيرة على العقد الاجتماعي القائم انه عنف مجاني لكن مع هذا كله لم يتم التحرك سريعاً في مقاومة ظاهرة العنف لدى المراهقين والاطفال خاصة على مستوى المدرسة وعلى مستوى المجتمع ايضاً وكان بالتالي لابد من انتظار زمن طويل حتى يتم اتخاذ بعض الخطوات الاجرائية لمحاولة محاصرة العنف الذي يتعرض له المعلمون والاساتذة في المدارس بعد ان كانت المدرسة منزوعة السلاح امام موجة العنف المتنامية وفي مجال آخر غير مجال المدرسة يتم التأكيد في التحليلات المقدمة بأن مشاهدة الطفل للأفلام البذيئة يمكن ان يؤدي به الى القيام بممارسات بذيئة وقد جاء في النص: «ان الغاء الحدود بين الخيال والواقع وجعل جميع المشاهد العنيفة والافعال الممنوعة اموراً عادية بل وحتى جعلها بمثابة ممارسات لها معاييرها انما هذا يعني دعوة المشاهد للمشاركة بها».

لكن الامر الاكثر اثارة للاستهجان هو ملاحظة ان العنف الذي يستعرضه عدد من السينمائيين يبدو وكأنه لا يخضع لأية قواعد وبالتالي يغدو بمثابة عنف لا معنى له ودون اية نقاط علام يستند عليها في الواقع انه عنف من اجل العنف وهذا ما يمكن ان ينسف العلاقات الاجتماعية والمجتمعات كلها من داخلها وهذا كله لابد وان يؤدي الى أزمة في نقل قيم القاعدة الديمقراطية وبالتالي الى نوع من القطيعة بين الاجيال.

ولابد في مواجهة هذا كله من قنونة البرامج التعليمية والتوقف عن انتاج وبث البرامج التلفزيونية التي تقدم مشاهد عنف مجاني وبنفس الوقت منح السلطات المعنية امكانيات فرض احترام القوانين ذلك ان «الحرية» امر آخر غير الفوضى هذا ولقد بادرت بلدان عديدة بما فيها الولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا بـ «منع بث البرامج التي يتم اعتبارها غير محتشمة اثناء النهار وحيث يمكن للقاصرين مشاهدتها».. وباختصار محاولة الحد واذا امكن منع مشاهدة العنف المجاني والتعري المجاني ويسود في فرنسا في الوقت الراهن نقاش كبير حول معايير المساس بالكرامة الانسانية الامر الذي يطرح مسألة مضمون البرامج التلفزيونية وهكذا تم اقرار قاعدة انه ما بين الساعة السادسة صباحاً والساعة العاشرة والنصف مساء ينبغي الا تكون البرامج من طبيعة يمكن ان تسيئ للجمهور الشاب وهناك ايضاً لجنة لـ «تصنيف الافلام».

وكتاب ـ تحقيق يناقش بوضوح وجرأة مسألة الانحراف نحو العنف التي تعاني منها المجتمعات الديمقراطية الغربية وذلك من وجهة نظر الدور الذي يمارسه احد اكثر حوامل الثقافة تأثيراً اي التلفزيون.

فقل لي ماذا تشاهد.. اقل لك من انت.

 

LA Violence ALA Television

Blandine Kriegel Et®®

P.U.F- Paris 2003

P. 173

(عن بيان الكتب)

شبكة النبأ المعلوماتية - الثلاثاء 6/5/2003 - 4/ ربيع الأول/1424