قُدر للناس المسلمين وبعض غير المسلمين في
العقدين الأخيرين على وجه الخصوص حيث توسعت العلاقات بين المجتمع وما
سمي بخلق القرية العالمية نتيجة لتقلص المساحات الشفهية فيه بفعل
انتشار أجهزة الاتصال العلمية والتكنولوجية الحديثة وتوظيفات التواصل
الإعلامي بين المجتمعات البشرية أول بأول وثم ظهور العديد من المستجدات
الحياتية إضافة لعدم إطلاع الكثيرين من الشرائح المختلفة في كل مجتمع
إذ توجه العقول المؤمنة أكثر من غيرها لمعرفة المزيد من حكم الدين
الإسلامي بتلك المستجدات أو حتى الوقوف على الحلول الإسلامية على حتى
ثوابت الإسلام التي ما تزال مجهولة أو بعيدة عن الاهتمام بين
اللامواكبين لجوهر الإسلام بين معتنقيه العاديين الذين لم تتح لهم فرصة
التطلع على جوانب ليست قليلة من تلك الثوابت بصيغتها الصحيحة.
والأسئلة الموجهة للحصول على أجوبة الشرع
الإسلامي بها تنهال هذه الأيام من كل حدب وصوب على مكاتب مراجع الدين
الإسلامي وبعضها قد تجاوزت لدى بعض المكاتب عشرات الآلاف من الرسائل
التي يبحث أصحابها عن أجوبة شافية عن مضامينها. إلا أنه ومع سعة
الأبواب الفقهية فقد تأسست فرق عمل دينية من ذوي الإطلاع الواسع كي
يكونوا من روافد الصلة ما بين المرجع الديني وجمهرة المسلمين السائلين
لمعالجة الكم الهائل من الأسئلة التي تمس صميم الحياة المعاصرة.
ولتعميم الفائدة على جمهرات المسلمين فقد بدأت
الدوائر الإسلامية تنشر تلك الأسئلة والإجابات الشرعية عليها من خلال
نشرات أو كراسات أو صحف أو كتيبات أو كتب وفق تبويبات ناجحة ممثلاً
موضوع ابتغاء تقليد أحد مراجع الدين الإسلامي وهذا ما هو سارٍ عند مذهب
أهل البيت (ع) يقع ضمن حدود مسألة الاجتهاد العقلي ولكن مع هذا فأصحاب
هذا المذهب العظيم ليسوا جميعاً يتبعون مرجعاً فعلياً في التقليد ليس
من باب عدم الاعتراف بتقليد المجتهد الجامع للشرائط بل بسبب عدم
إعارتهم الجدية لمثيل هذا الموضوع مع أن المحتاط في الأمور الدينية
تقتضي الرجوع ولو من باب معرفة الشيء إلى ضرورة مواجهة بعض مظاهر
الحياة وحالات العيش.. والأسس الاجتماعية التي تقدم أحياناً كثيرة (العرف)
كبديل مقبول في حل المسائل الدينية.
وبسجية الاجتهاد الشخصي يضع المؤمنون (العفويون)
حلولاً لكل مشاكلهم واستفساراتهم الإسلامية من منطلق أن الإسلام واضح
في مراميه وسلاحهم بذلك منطلق مبدأ (الفطرة) لديهم وما توحيه لهم في
كيفية أن يكون الحل لهذه المسائل الإسلامية المثارة. وبديهي فأن أوضاع
الزمان والمكان هي في حالة تغيير دائم وتحتاج إلى شيء من المواكبة
الواعية لكن سؤالاً من قبيل: (من يجب أن يقلد المرء المسلم؟) خصوصاً
إذا وصلت إلى أسماعه مقولة تؤكد الأعلمية لدى أكثر من مرجع.. مع التيقن
تماماً أن مسألة الإفتاء ليست مسألة سهلة وبعض الأسئلة تحتاج إلى وقت
للإجابة عليها خصوصاً وأن ما يتوجب أن يحتاط منه المجتهد قبل البت في
إعطاء فتواه الأخيرة بالمسألة المثارة إذا كانت ذات أبعاد تمس صميم
الدين إذا لم يحسن الاختيار المناسب لها.
وعلى اعتبار أن الأعمال العبادية تقتضي المعرفة
فيما هو جائز شرعاً أم لا فإن الرجوع ولو لماماً في بعض الأمور التي
تقضي توخي الدقة أكثر لمعرفتها أن يصار التوجه عن المرجع الديني
لاستحصال فتوى شرعية منه. إن المرجعية هي التي تقود إصدار الفتاوى وهذا
يعني أن الإلتجاء إليها يمر أولاً عبر قنوات الإطلاع على مؤلفاتهم في (العبادات)
وثم (المعاملات) للوقوف على كثير من الأمور المتطرق لحلولها عبر
الأحكام الموضحة في أبوابها فمثلاً أن للحياة.. أحكام وأن التعامل مع
مادته بين ماء جار أو راكد.. وهكذا. وإذ يبقى المسلمون من معتنقي مذهب
أهل بيت النبي (ص) في توجه أكثر نحو ما تفتيه مرجعياتها في أمور الحياة
فإن كثيراً من الأمور والإشكاليات المثارة أو المعاشة ممكن تجاوزها ومن
أجل الانتفاع إلى أقصى حد ممكن من الشريعة الإسلامية السمحاء. |