رأى باحث أكاديمي عربي أن أوضاع الهامشيين
والفقراء في البلدان العربية يزداد ترديا وأن ذلك سيستمر ما دام
الاستغلال متحكما.
وتحدث اسماعيل قيرة أستاذ العلوم الانسانية
والاجتماعية في جامعة قسنطينة الجزائرية عن سمات البؤس في هذا التهميش
وانعكاسها بصورة التدين المبسط والعداء للسلطات.
كما تحدث عن الاحياء الفقيرة التي تحولت الى (ملاعب
للاطفال والشباب) والمصطلحات الناشئة عن التهميش ومنها (الحيطيست) أي (الحيطيون)
التي قال انها تعني الفراغ واليأس والبطالة وتأتي من كلمة الحائط
والشخص الذي يتكيء عليه أو يقف بجانبه دون عمل وهو مصطلح دخل الادبيات
الفرنسية.
وتناول قيرة كذلك تزايد حالات التردي التي
يشهدها المجتمع العربي بتزايد الفئات التي توصف بالهامشية وأضاف "ان
هذه الفئات تشغل مساحات ومناطق واسعة ضمن الخريطة الطبقية للمدينة
العربية المعاصرة وتشكل أكبر الكتل الحضرية التي طمسها البحث الاجتماعي
طويلا."
جاء ذلك في دراسة اجتماعية حملت عنوان (مجتمع
التهميش.. الى أين ـ مهمشو المدينة العربية نموذجا) نشرها قيرة في
العدد الاخير من مجلة (المستقبل العربي) الشهرية التي تصدر عن مركز
دراسات الوحدة العربية في بيروت.
ويتبنى قيرة هنا وصف باحث اجتماعي اخر هو
الاردني سهير سلطي التل في ما توصل اليه من أن الفئات الهامشية تشكل "عالما
واسعا يمتد عبر الشرائح المختلفة الرابضة في قاع المدينة وتنتشر في
أماكن متعددة. عالم له علاقاته ولغته ونمطه المعرفي والقيمي وأفراده
خليط عجيب من العناصر الرثة المعدمة كليا والمحرومين والفقراء وممتهني
الانشطة غير الرسمية والمستخدمين ذوي الاجور المنخفضة والعاطلين عن
العمل والمتسولين وساكني الاحياء المتخلفة والاحداث والمتشردين وكل من
يلتقط رزقه من قلب علاقات الشارع القذرة."
ويقول قيرة ان الفئات الهامشية تختلف من مجتمع
الى اخر ومن نظام سياسي الى اخر "ولكنها تتفق في خاصية واحدة على الاقل
تتمثل في ضعفها النسبي بالمقارنة بالفئات الاجتماعية الاخرى وفي عدم
قدرتها على التفاعل على قدم المساواة وفي امتثالها الكلي او الجزئي
للقوى المسيطرة."
وفي اعتقاد الباحث ان الفئات الهامشية ليست أمرا
معزولا عن مجمل الاوضاع السائدة بل هي من أبرز الاعراض التي تدل على
تناقضات البناء الاجتماعي وعجزه عن الاستجابة للزيادات السريعة لعدد
المترشحين للعمل والطالبين للسكن ومختلف الخدمات الاجتماعية.
وذكر انه من هذا المنطلق أجرى دراسة (عن أبعاد
الهامشية في المدينة الجزائرية المعاصرة...
في سياق التناول الشامل لاهم الدراسات المعنية
بالهامشية في البلدان العربية.) أما الجانب الميداني لدراسته فقد أجري
في مدينة صناعية جزائرية هي مدينة سكيكدة.
وأضاف ان ما يعرف باسم مثلث الاقتصاد الهامشي
يتألف من الافراد الذين ليس لهم مهارة أو تجربة في القطاع الرسمي ومن
العاملين في القطاع الحضري غير الرسمي والمعتمدين عليه كمصدر رزق من
أمثال الباعة المتجولين وحالات أخرى ومن "الحثالة وهم الافراد
الهامشيون فعلا وغير الناشطين في الانتاج غير الرسمي كالتعساء
والشحاذين واللصوص والمنحرفين ومن لف لفهم."
ومضى قائلا ان تلك الشرائح تنتمي الى قاع
المدينة وتنتشر في أماكن متعددة من مدينة سكيكدة "ولكل شريحة عالمها
الخاص ومن الملاحظ أن هذا العالم غالبا ما يكون منغلقا على ذاته"
ويستخدم مفاهيم مثل (الصياش) وتشير الى الفراغ القاتل وعدم القدرة على
عمل اي شيء و(الحرقة) وتعني الهجرة بطريقة غير قانونية و(الحقرة) وتدل
على فقدان القدرة والضعف والظلم والاستغلال. وهي مفاهيم عاكسة لوضع
يتسم بعدم الاستقرار واليأس والقلق.
ومن الامور التي يمكن استخلاصها ان الشرائح
المهمشة يميل أفرادها الى كثرة الانجاب والعيش في محيط أسرة كبيرة
الحجم "وما يصاحب تلك الثقافة من تفكك أسري وتدن في القيم ونشوب
النزاعات."
وأضاف "تتباين أيديولوجية الفئات الهامشية
المدروسة التي تتمحور حول الاسلام في صورته المبسطة والنقد المرتبط
بالشتم والعداء السافر لكل ما هو رسمي على اعتبار أن الدولة لا توفر
لهم أي خدمات تكفل لهم الحد الادنى لمستوى معيشة ملائم."
وخلص الى القول "هكذا تزداد أوضاع الهامشيين في
البلدان العربية ترديا كما يزداد عددهم ويكبر نوعهم وسيستمرون في
التزايد طالما ظلت مظاهر التحكم والاستغلال."(رويترز) |