بدأت منظمتا الاغذية والزراعة (الفاو) والصحة
العالمية (او ام اس) الوكالتان التابعتان للامم المتحدة حملة لمكافحة
السمنة والامراض المزمنة الناجمة عن سوء التغذية مع اصدار تقرير اعتبره
مصنعو السكر بمثابة اعلان حرب.
فقد استخدمت منظمة الصحة العالمية كلمة "وباء"
لوصف الاعراض المتزايدة بما في ذلك في الدول الفقيرة لامراض القلب
والسكري والسمنة وترقق العظام وبعض امراض السرطان والامراض المتعلقة
بالاسنان.
وقالت الدكتورة غرو هارلم برنتلاند المديرة
العامة لمنظمة الصحة العاليمة اثناء عرضها الرسمي للتقرير على الصحافة
والدول الاعضاء في روما حيث مقر المنظمة "نحن امام وباء عالمي متزايد
من حيث عدد الوفيات المبكرة والاعاقات المرتبطة بامراض مزمنة".
واكدت "ان نسب الاشخاص الذين يعانون من السمنة
المفرطة او البدانة تزداد كل عام في معظم المناطق المتطورة" لكنها لفتت
الى "ان هذه المشكلات لم تعد حكرا على الدول الغنية". واوضحت "ان
الامراض القلبية باتت الان تسجل ارتفاعا في الهند والصين وفي مجمل
الدول المتطورة".
وسيعتمد هذا التقرير الذي اعد بمشاركة 75 خبيرا
مستقلا كاساس لوضع سياسة عالمية من اجل لجم تقدم هذه الامراض المزمنة.
واعلنت برنتلاند "نحن الان مستعدون مع قاعدة علمية متينة لتطوير
استراتيجية من اجل عرضها في ايار/مايو 2004 في جمعية الصحة العالمية".
وقال المدير العام لمنظمة الفاو جاك ضيوف من
جهته "ان هذا التقرير يشكل بداية المسار".
ويعرض التقرير الواقع في 150 صفحة بانوراما
للتقدم السريع لاعراض الامراض المزمنة في العالم كما يقدم توصيات في
هذا الصدد. ويدعو خصوصا الى اتباع حمية غذائية تحد من تناول الدهون
والسكريات والملح.
فالدهون المستهلكة يجب الا تتعدى 15 الى 30 في
المئة من معدل السعرات الحرارية المتوجبة يوميا لاسيما الدهون المشبعة
(اقل من 10%). اما السكريات فيجب ان تتراوح بين 55 و75% من الاجمالي
لكن يتعين ان تكون اقل من 10% بالنسبة للسكريات المضافة والبروتينات
بين 10 و15 % بينما يكفي اقل من 5 غرامات من الملح يوميا.
وينصح التقرير باستهلاك اربعمئة غرام على الاقل
من الفاكهة والخضار يوميا وكذلك بمزاولة الرياضة بشكل معتدل كل يوم.
واشار التقرير الى ان الامراض المزمنة تتسبب بقرابة ثلثي الوفيات في
العالم --59% من ال56,9 مليون وفاة مسجلة في العام 2001.
واكدت برنتلاند ان "مداواة الالم والاعاقات لهذه
العدد المتزايد من المرضى يثقل كاهل النظام الاجتماعي والصحي في العالم
بنفقات اضافية كبيرة".
بيد ان هذا التقرير يمس مصالح عمالقة الصناعات
الغذائية مثل كوكا كولا وجنرال فودز او بروكتر اند غامبل كما اثار غضب
مصنعي السكاكر الاميركيين المنضوين تحت لواء "شوغر اسوسييشن". فهم
يحتجون على نصائح التقرير بالحد من تناول السكريات المضافة الموجودة في
الصودا او المياه الغازية وانواع الصلصة والبسكويت او الهمبورغر.
وفي هذا السياق تتعرض منظمة الصحة العالمية
لحملة من الضغوط والابتزاز اشد من تلك التي مارسها مصنعو التبغ من اجل
ان تسحب تقريرها تصل الى حد التهديد بقطع ال406 مليون دولار من الاموال
الاميركية المخصصة للمنظمة (مقرها في جنيف) بحسب الصحافة.
وردت برانتلاند على ذلك بالقول "ان هذه
الانتقادات وهذه اللهجة منافية للصواب" واقرت في الوقت نفسه بشدة
المواجهة التي لم يسبق لها مثيل.
وبعد عرض التقرير قام السفير الاميركي في الفاو
توني هال بتوزيع بيان جاء فيه "ان التقرير لم يتوصل الى عرض مدونة
كاملة من الادلة والاستنتاجات الدقيقة الضرورية لتستخدم اساسا من اجل
وضع سياسة بناء على توصيات منظمة الصحة العالمية ومنظمة الاغذية
والزراعة". |