أُقيمت صباح أمس وبحضور جمع غفير من المؤمنين
مراسم العزاء بمناسبة أربعينية سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين (عليه
السلام) في بيت آية الله العظمى الشيرازي – طاب ثراه -.
بدأت المراسم بخطبة حجة الإسلام والمسلمين
الطهراني الذي تحدث عن يوم الأربعين ومكانته الخاصة في المذهب الشيعي،
وقال: إنّ زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) تُعدّ من حيث الأهمية من
جملة المسائل التي تُعدّ من ضرورات الدين، حتى إنّ بعض كبار فقهاء
الشيعة كالعلاّمة الحلّي والعلاّمة الأميني (رحمهما الله) عدّوها من
الواجبات على المؤمن، تجب عليه ولو في العمر مرة ما لم يفقد الاستطاعة
كما يجب على المسلم المستطيع أن يحج إلى بيت الله الحرام مرة في العمر.
وقال السيد الطهراني: روي عن الإمام الباقر
(عليه السلام): «ومن زار قبر الحسين (عليه السلام) عارفاً بحقه كتب
الله له ثواب ألف حجة مقبولة، وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخّر»(1).
وأضاف: بل روي عن الإمام الصادق (عليه السلام)
أيضاً أنّ له ثواب مَن حج واعتمر ألف مرة وأعتق ألف رقبة وكأنما وقف في
سبيل الله ألف مرة مع نبي مرسل(2).
واصل بعده حجة الإسلام والمسلمين صادقي الخطابة
في المجلس حيث أشار إلى الذكرى السنوية لوصول جابر بن عبد الله
الأنصاري وعطية بن سعد إلى كربلاء وقال: كان جابر ممّن سمع وروى حديث
رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) وحظي بمكانة خاصة بين الأنصار.
وأضاف: أما عطية فهو ممّن صحب الإمام أمير
المؤمنين (عليه السلام) ويُعدّ من التابعين، وقد رُوي أنّ الإمام (عليه
السلام) هو الذي سمّاه عطية. فعطية بن سعد الكوفي تلميذ عبد الله بن
عباس الذي قال في حقه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) حين قُدِّم
إليه وهو طفل: «اللهمّ فقّهه في الدين»، ويُعد من تلاميذ أمير المؤمنين
(عليه السلام) أيضاً، وكان في أسفاره حتى إلى الشام عاصمة الأمويين
يقول بتفسير القرآن ويبيّن الحقائق للأمة، وهذا كله ببركة دعاء رسول
الله الأعظم (ص).
وقال حجة الإسلام صادقي: إنّ أوّل تفسير مدوّن
للقرآن في الإسلام هو لعبد الله بن عباس، ولا أثر له الآن بالطبع، أمّا
التفسير الثاني المدوّن والموجود فهو يعود لعطية بن سعد الكوفي الذي
حضر مع جابر بن عبد الله الأنصاري في كربلاء يوم الأربعين.
وذكّر الخطيب أنّ جابر وعطية هما الوحيدان
اللذان علما باستشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) في يوم عاشوراء
ووُفِّقا للحضور لزيارته في يوم الأربعين، وهذا الأمر من المسلّمات
التاريخية، وذلك لأنّهما لو لم يعلما بالخبر في يوم العاشر نفسه لما
استطاعا أن يصلا إلى كربلاء في هذه الفاصلة الزمنية القصيرة.
وقال صادقي في ختام حديثه: من الطرق التي علم
بها أهل المدينة بمقتل الإمام الحسين (عليه السلام) هو التراب الذي كان
النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد أعطاه لأمّ سلمة، والذي تحوّل في
هذا اليوم إلى دم فعرف أهل المدينة أنّ الإمام (عليه السلام) قد
استشهد.
بعد السيد صادقي، تحدّث حجة الإسلام والمسلمين
عبد الكريم الشرعي أحد أساتذة الحوزة والجامعة وقال: كما أنّ الأنبياء
(عليهم السلام) بُعثوا لتحرير المجتمع فكذلك كان هدف الإمام الحسين
(عليه السلام) هو تحرير المجتمع. وأضاف: إنّ قيمة المجتمع تنبع من
مصادره الإنسانية، إذا أردنا أن نعرف قيمة مجتمع ما، فيجب أن ننظر إلى
الواعين والأحرار من أفراده، فلو أنّ بلداً كان غنياً بمصادره الطبيعية
ولكنه كان فقيراً من حيث الناس الذين يشعرون بالمسؤولية، فإنّ هذا
البلد يكون عرضة لمطامع الدول الاستعمارية.
وقال حجة الإسلام شرعي أيضاً: روي أنّ بعض
العلماء يُحشرون يوم القيامة ولجام من نار على أفواههم ويقال: هؤلاء هم
الذين لم يبينوا الحقائق للناس في الدنيا.
وأضاف السيد شرعي: لقد جاء الإمام الحسين (عليه
السلام) إلى كربلاء للشهادة والقتل ولكن حمل معه من أهله أيضاً ليكونوا
رسل ثورته، فاستطاعوا رغم تحمّلهم الصعوبات والمشاق أن يشرحوا أهداف
الثورة الحسينية وبواعثها إلى الأمة ويكونوا رسل الثورة إلى العالَم
كله.
وقال الشرعي في ختام حديثه: حالَ آل الحسين
(عليهم السلام) - من خلال أسرهم - دون أن تبلى الثورة وتنسى.
جدير بالذكر أنّ هذه المراسم - التي حضرها سماحة
المرجع الديني الكبير آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي وجمع من
العلماء والفضلاء وطلبة العلوم الدينية والكسبة والمواكب والهيئات
الدينية - اختُتمت بمراسم اللطم على الصدور وقراءة المراثي الحسينية.
(1)
وسائل الشيعة: ج10، ص347 وج14، ص446، بحار الأنوار: ج97،
ص257.
(2)
كامل الزيارات: ص207 و251.
|