يكاد يكون هذا الثلاثي اللامحسوب تماماً بين
تواشجات هبوط معدل الولادة وشيوع الانتحار بلا أسباب موضوعية وانتشار
تلوث البيئة في المجتمعات الصناعية الغربية سبباً يهدد الوجود النوعي
للإنسان الغربي!
فمنذ زهاء قرنين من الزمن حيث أخذت مرحلة تأثير
عصر الثورة الصناعية تأخذ مدى تغيير وجه المدنية الغربية كان النمو
السكاني يأخذ بعداً دراماتيكياً فظهرت نظرية (المالثوسية) للتخلص من
الأعداد الزائدة من البشر بزجها في حروب مفتعلة وكانت تلك وما تزال
نظرية غريبة في غايتها ومستنكرة من حيث تطبيقها إذ كانت هذه النظرية في
بعض تفصيلاتها تبرر أطروحتها في ضرورة تهيئة الغذاء لما يكفي من البشر
وليس لمن هو زائد على ملاكها! وكان ذاك الحل (اللاحل) قد حظي بتأييد
القوى الرأسمالية الصاعدة في العالم الغربي واليوم قد انعكس الأمر إثر
هبوط معدلات الخصوبة في الغرب وغيره على نحو متسارع أكثر مما كان
متوقعاً بسبب تغيير أنماط الحياة وانتقال المجتمعات من زراعية إلى شبه
زراعية أو شبه صناعية أو جامعة ما بينها مع عدم التفاتة علمية جادة إلى
أهمية الحاجات الفعلية لتنويع الخيرات وتوازنها مع تلبية تلك الحاجات.
واليوم ورغم الأزمة اللامنظورة في الاقتصاد
العالمي ففي وسع الديموغرافيين التلاقي على بعض الحقائق الكفيلة بإعادة
معدلات الخصوبة عبر تهيئة عامل التغذية الكافية لجميع بني البشر إضافة
لدراسة أسبابها التي منها التشجيع على الزواج ونشر مبادئ العفة بين
الرجال والنساء واستعمال حبوب منع الحمل عند الضرورات الصحية لدى
المتزوجين إذ تقتضي أن تحل هذه المشكلة وفقاً لما يرضاه ا لله سبحانه
وتعالى عبر الابتعاد عن الفساد.
وإذا ما أضيفت لظاهرة هبوط معدلات الولادة
تفصيلات ظاهرة لغز الإقدام على الانتحار في دول شمال أوربا المسماة
بـ(الاسكندنافية وهي: السويد، النرويج، ايسلندا، الدانمارك، وفنلندا)
لأمكن فيه التخيل أن نفوس مثل هذه البلدان في نقص دائم وبالذات فإن شبح
عمليات الانتحار وأزدياد عدد المنتحرين لأسباب غير مقنعة قد جعل حالة
من القلق تسيطر على العديد من الجهات الرسمية والاجتماعية في تلك
البلدان.
ولعل ما يزيد الطين بلة أن نسب التلوث في المدن
على وجه العموم في تصاعد مخيف لما تسببه الغازات السامة الصادرة عن
سيارات النقل في المدن الكبرى وغير ذكل من مسببات التلوث الصناعية وحيث
أن التلوث قد طال حتى الأغذية إضافة لضرورة عدم الإهمال أن طرق تصنيع
الغذاء المعلب وسوء حالات التخزين غير الصحي للأطعمة تساهم هي الأخرى
في إلحاق الضرر الصحي والموت السريع أو البطيء للناس الذين يتعاطون مع
تلك المعلبات الغذائية وكل ذلك يعتبر عوامل سلبية تتضافر بالتعجيل
لتقريب آجال الناس وانتقالهم إلى الدار الآخرة بطيبة خاطر! |