هناك أعداد هائلة وضخمة من الناس تعاني من
مسألة صداع الرأس، إلا أن نسبة كبيرة منهم، ممن يعانون آلام مزمنة في
الرأس، يمتنعون عن زيارة الطبيب لأسباب مختلفة ويبدو أن سبب تخلف
المصابين عن زيارة الطبيب ليس له علاقة بمدى الوعي الطبي للمريض، إلا
أن نسبة 50% من المصابين بالصداع المزمن في البلدان الغربية لا
يراجعون الأطباء بحثاً عن أسباب هذا الصداع.
وأشارت دراسة حديثة أجراها البروفيسور (هانز –
كريستوف دينر) من جامعة أيسن أن أكثر من 60% من المعانين من آلام
الصداع يفضلون زيارة المختصين بمعالجة الألم على مراجعة طبيب العائلة،
بالرغم من أن أطباء العائلة قادرون على اعطاء العلاج اللازم للمريض،
ونصح (رينر) المرضى في محاضرة ألقاها في المعرض الدولي للاجهزة
الطبية في دسلدورف (ميديكا) بالذهاب مباشرة إلى طبيب العائلة أولاً
طلباً للتشخيص، لأن طبيب العائلة قادر على ذلك من خلال دراسته عن
أحوال وتاريخ المرض، ومن خلال الأسئلة والمعرفة الشخصية يكون قادراً
على تشخيص سبب الصداع. وحسب رأي البروفيسور فإن الاختصاصيين يميلون
للبحث عن مصادر الصداع عند المريض انطلاقاً من المنطقة الجسمية التي
يتخصصون بها، فتضيع عليهم مصادر الألم المحتملة الأخرى.
ويشخص أطباء العالم حوالي 176 نوعاً من آلام
الرأس حسب تقدير (دينر) أمام المعرض الطبي الذي يعتبر الأكبر من نوعه
في العالم ويقام كل سنتين في دسلدورف، إلا أن من أهم هذه الآلام
وأشهرها وأشدها وأكثرها انتشاراً بين الناس، الصداع النصفي (الشقيقة)
والصداع التوتري (الناجم عن التوتر) والصداع العنقودي، والصداع
الناتج عن تناول الأدوية المختلفة، ويعاني في ألمانيا وحدها بين 6 –
8% من الرجال من داء الشقيقة في حين تعاني النسوة بنسبة 12 – 14% من
هذا الصداع الشديد، وتثبت الدراسات الجديدة على الأدوية السائدة في
السوق أن الطب صار قادراً بواسطتها على إطالة أمد الفترة الفاصلة بين
النوبات ثم بعد ذلك يمكن السيطرة على الآلام في حدود ساعتين، وهذه
الصورة مختلفة تماماً قبل عشرين سنة.
أما الصداع التوتري، الذي هو صداع ضاغط يصيب
جهتي الرأس، فهو أكثر شيوعاً بين الناس من الصداع النصفي، وتشير
دراسة إحصائية نشرها معهد روبرت كوخ في برلين إلى أن 38% من الألمان
يعانون من الصداع التوتري بين فترة وأخرى مع نسبة 3% من الألمان ممن
يعانون من صداع مزمن ومتكرر. وقد أوصى الباحثون عند معالجة الصداع
التوتري، بالابتعاد قدر الإمكان عن الأدوية والتوجه فوراً إلى
الإجراءات الوقائية، والاعتماد على تمارين الاسترخاء والتمارين
الرياضية الخفيفة وبرامج السيطرة على التوتر المعروفة لدى بعض
العيادات والمستشفيات.
أما بالنسبة للصداع العنقودي فإن آلامه تتميز
بنشوء تصور لدى المريض بأن الآلام تبدأ من منطقة في الرأس تقع خلف
مقلة العين مباشرة، وتدخل النوبات في فترات فعالة أشدها تمتد بين
أسبوعين إلى ثمانية أسابيع وتستمر لفترة قد تزيد عن ساعتين من الآلام
القاسية والشديدة، ويعتقد الاختصاصيون أن سبب الصداع العنقودي هو
التهاب غير جرثومي (بكتيري) يصيب الأعصاب، وهذا بالطبع يتطلب العلاج
وبالأخص بواسطة عقار (تريبتانين) والنصح باستنشاق الأوكسجين النقي،
علماً بأن الصداع العنقودي يصيب نحو 1% من السكان في ألمانيا.
|