جاء في بحث علمي أجراه المتخصص الإيراني في
قسم التاريخ وفلسفة التربية والتعليم في كلية التربية وعلم النفس،
السيد بهنام كاظم، أن التكامل والسعادة الحقيقية للإنسان، يرتبطان
بالعقل والتربية العقلانية، وأن عقل الإنسان ينطوي على معارف وميول
فطرية وذاتية. وقد جاء البحث تحت عنوان: مقولة العقل من وجهة نظر
الإمام علي (ع) ودلالاتها التربوية.
وقد جاء في جانب من البحث المذكور: من المصادر
المهمة لمعرفة وجهة نظر الإسلام حول العقل والعقلانية، أحاديث أئمة
أهل البيت الأطهار (ع)، التي يمكن على ضوئها فهم أمر التربية
العقلانية.
إن العقل، من وجهة نظر الإمام علي (ع)، - حسما
ورد في البحث – يحظى بمنزلة رفيعة جداً؛ فالعقل من هذا المنظور أفضل
موهبة إلهية وأكبر نعمة، فهو يميّز الإنسان عن سائر الموجودات الأخرى،
كما أنه يعتبر أساس القيم والفضائل الإنسانية، وهو عامل الكمال
والهداية، وهو حقيقة الاغتناء الآدمي، وأعظم ثروة، ويوجب غنى الإنسان
بالعلوم والمعارف والإدراك والفهم.. كما أنه أكبر باعث للإنسان على
الاهتداء للعدل والخير، والابتعاد عن القبائح، وموجب للتدين ومعرفة
الله عز وجل.
ويضيف البحث: يستنبط من التعابير المتعددة
للإمام علي (ع) أن العقل، من ناحية الماهية، غريزة تختص بالإنسان،
تتنامى بالعلم والتجربة. ومن الآثار المترتبة على العقل والتعقل، من
منظور الإمام علي (ع)، الزهد في الحطام الدنيوي، والتزود للآخرة، خوض
غمار التجارب، التفكر في عواقب الأمور، حسن التدبير، التدين، معرفة
الله تعالى وعبادته، اكتساب العلوم والمعارف، الدرك و الفهم، التحلي
بمكارم الأخلاق، و....إلخ.
ومن ميّزات الإنسان العاقل، من وجهة نظر
الإمام علي (ع)، - وبحسب البحث – طاعة الله عز وجل في أوامره ونواهيه،
التواضع، اتباع أحسن القول، الصمت المقرون بالتفكر، البحث عن الحقيقة،
قبول الرأي المخالف، النظم في الحياة الدينية والدنيوية، حب العلم
والعلماء، الرفق ومداراة الناس، التزام العدالة، الصدق في القول
والعمل، عدم الاستعجال في إطلاق الأحكام، التفكير في عواقب الأمور،
التعمق في الفكر، أخذ العبرة والاستفادة من التجارب، عدم اتباع الهوى،
التشاور مع الآخرين.
وجاء في البحث أيضاً: من جملة عوامل التربية
العقلانية، من وجهة نظر الإمام علي (ع)، اكتساب العلوم، خوض غمار
التجارب، تهذيب النفس، والتقوى، التشاور مع ذوي النضج العقلي، تعلم
الآداب، التفكر، مجالسة العلماء والحكماء، وتذكر الرقابة الإلهية...
ومن موانع التربية العقلانية، الاستغراق في التمني والأوهام، اتباع
الشهوات، واللهو والعبث، معاشرة الجهال، وعدم الإصغاء لصوت العقل...
وبشأن الدلالات التربوية للأحاديث العلوية حول
العقل، ورد في البحث: إمكانية توظيف العقل في التربية الأخلاقية،
إمكانية توظيف العقل في التربية الدينية والعقائدية، وجوب رعاية
النمو العقلي في البعدين المادي والمعنوي للحياة، وجوب اهتمام
المربين والآباء بإزالة عوائق ومعرقلات التربية العقلانية، تقدم قيمة
العقل (العقل المطبوع) على العلم (العقل المسموع)، لزوم تدوين وسائط
وأهداف وغايات التربية العقلانية.
|