الشعور الطاغي بالغربة والحنين الشديد إلى
الوطن هما من أهم أسباب إصابة الأجانب بالأمراض النفسية فإذا ما أضيف
عاملا الاختلاف اللغوي والفارق الثقافي فإن الأمر سوف ينعكس سلباً
بصورة مضاعفة، وبالذات في البلدان ذات المناخ البارد أو الساخن للناس
الذين قدموا إليها من بلدان معتدلة الأجواء كرعايا أجانب في البلدان
الغربية المتواجدين بصورة دائمة أو شبه دائمة في البلدان
الاسكندنافية ومنها هولندا على سبيل المثال.
فقد بينت دراسة حديثة أن الشعور الذي ينتاب
الأجانب – على العموم – في هولندا (الأوربية) هم أكثر عرضة للأمراض
النفسية التي بدأت تأخذ إظهار الإصابة عند أغلب أولئك المصابين نفسياً
بإصابتهم فسيولوجياً أي بأمراض جسمانية فبالمقارنة بين أصحاب البلد
الهولنديين ونظرائهم الأجانب الذين يعيشون في ظروف مماثلة تقريباً
تبين أن سن الشيخوخة وآثارها تبدو أكثر على الأجانب وبهذا المعنى
بينت الدراسة التي أعدها (مركز الأجانب في امستردام) وأنجزت خلال
خمسة أعوام وأجريت على (100) ألف شخص من أصل أجنبي في هولندا، وخرجت
الدراسة بعدة نتائج خطيرة في مقدمتها أن الأجانب يصابون بأمراض نفسية
تزيد عن أحوال إصابات الهولنديين بمقدار (37%) وبمقدار تلك
الأمراض الاكتئاب، القلق الدائم، والرغبة في الانتحار، وقالت الدراسة:
(إن نسبة الانتحار بين الفتيات الأجنبيات ذوات الأعمار ما بين 15 –
24 سنة. ومن المصائب التي يتعرض له هؤلاء المرضى والمريضات نفسياً هو
أن ترددهم وترددهن على عيادات العلاج الطبي تصطدم على أكثر الأحوال
بعدم اتقان اللغة الهولندية من قبل المرضى والمريضات وهذا ما يسبب
إلى حصول عموم المرضى على أدوية خاطئة.. أو علاجاص خاطئاً مما يزيد
المشكلة النفسية أو الجسدية خطورة.
وأكدت الدراسة أن وصول الأجانب إلى سن
الشيخوخة بفارق مدة تصل إلى (15) سنة ضد أعمارهم مقارنة مع نفس
الفئات العمرية من المواطنين الهولنديين وهذا ما جعل الكثير من
الأجانب يبدون أكبر من سنهم المعتاد المقدر.
ولعل من أخطر الأمراض النفسية التي تصيب
الأجانب في هولندا هو مرض (الشيزوفرينيا) أي انفصام الشخصية ومعروف
عن هذا المرض الذي يصيب خلايا الدماغ أنه يجعل المريض يمتاز بأعراض
نفسية حادة. فالأشخاص المصابون بانفصام الشخصية كثيراً ما يظهرون
صعوبة التمييز بين الأحداث الحقيقية والخيالية، والتفكير بمنطق سليم
والتمتع باحترام الذات وفي أحيان يبدو هذا المرض وكأنه ذو تعقيدات
ليس لها أول ولا آخر.
وبين حالات انفصام الشخصية التي يصنف علماء
الطب أنواعها تبرز على (جنوب الارتياب) بالآخرين عند المصاب. والسلوك
غير السوي و(التقلب في الرأي) الذي يصاحب انطواء على النفس. وإظهار
علامات الانزعاج في أوقات غير ملائمة وبأوضح ما تكون فيه إبراز
التقلبات المزاجية المرة.
وبديهي فأعراض انفصام الشخصية قد تكون مفاجئة
أو تدريجية يكون صاحبها مضطرب التفكير وطبيعي فهناك معالجة بالأدوية
ممكن أن يحصل عليها المرضى كنوع من التخفيف من التوتر العصبي إذ يتفق
الجميع أن الوقاية هي مجدية بعض الشيء، وخلاصة القول ماذا فعلت
السياسة الدولية السلبية بالمجتمعات وخصوصاً في العالمين العربي
والإسلامي التي سافر عنها خيرة أبناءها لطلب الملاذ الآمن في بلدان
أجنبية باردة يتمنى مواطنيها الأصليون أن يعيشوا في البلاد الدافئة
التي هاجر عنها العرب والمسلمون بسبب سوء السياسات لدى العديد من
الحكومات العربية والإسلامية.
|