قم/ النبأ (خاص):
في السادس من شهر محرم الحرام 1424هـ أقيمت مراسم عزاء حسيني
في بيت مرجع الطائفة الشيعية الإمام السيد محمد الحسيني الشيرازي –
قدس سره – بحضور جمع غفير من الأخوة المؤمنين والسادة العلماء
الأعلام وممثلي مكاتب الآيات العظام السيستاني والكلبيكاني. وكان
الخطباء لهذا اليوم هم حجج الإسلام: قاضي زاهدي، آل طه، وجوانمرد.
ابتدأ أحد الخطباء مجلسه بذكر حديث شريف مروي
عن الإمام أمير المؤمنين (ع)، قال فيه: (إنما الدنيا منتهى بصر
الأعمى، فمن بصر بها أعمته ومن بصّر بها أبصرته)؛ يعني إذا كانت
الدنيا منتهى طموح الإنسان، فهذا الإنسان أعمى، ولكن إذا صارت الدنيا
بالنسبة للإنسان آلة للآخرة، أعطته بصيرةً ووضوحاً، وهو المراد من
الحديث (الدنيا متجر الأولياء).
ومضى يقول: رغم أن الإنسان الذي اكتشف
الكهربائية واخترع المصابيح، إلا أنه لا يستطيع أن يأتي بعمل الشمس؛
ما يعني أن حقيقة الأشياء لا يمكن كشفها بنور غير نور الشمس الذي
يستطيع أن يُظهر الأشياء كما هي، غير أن الشمس، مع عظمتها، وما دامت
وسيلة مفيدة لرؤية الأشياء، فإن الإنسان إذا نظر إليها يتأذى بصره،
أو يعمى.
وأضاف يقول: وبناءً عليه فإن أولياء الله
يزهدون في الدنيا وحطامها، على حين ترى أناساً لديهم الاستعداد
لاقتراف أية جناية لأجل دنياهم.. ولكن ترى – مثلاً – الإمام علياً بن
أبي طالب (ع) يتحاشى أن يظلم حتى النملة في جلبة شعير بفمها، مع كونه
حاكماً لدولة مترامية الأطراف؛ ولهذا فإن الإمام أبا عبد الله الحسين
وأصحابه صاروا في مواجهة طلاب الدنيا، الذين كانوا مستعدين لاقتراف
أية جريمة، إرضاءً لأطماعهم، كما شهد بذلك التاريخ، بحيث قتلوا حتى
الطفل الرضيع، حينما حمله والده الإمام الحسين (ع) على أكفه، يطلب له
قطرة ماء (!!). وفي المقابل ترى سيد الشهداء (ع) وأصحابه مستعدين
للتضحية بكل غالٍ وعزيز في سبيل إعلاء كلمة الله، وكان أحدهم عباس بن
شيبة الشاكري الذي نزل إلى ميدان المعركة بشجاعة نادرة، واستشهد في
سبيل نصرة الأهداف المقدسة للثورة الحسينية.
واستهل خطيب آخر كلمته بذكر القول المأثور عن
الإمام الحسين (ع): (إني لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين
إلا برما)، وقال: إذا أردنا أن نعرف فلسفة الثورة الحسينية الخالدة،
فلا بد أن نجمع أقوال سيد الشهداء (ع)، ونضمها بعضها إلى بعض، ولندرك
بعد ذلك أن الظروف قد أوجبت ذلك المصير، وأن الإمام (ع) إنما صدر في
تحركه عن أمر رسول الله (ص).
إن عقيدة جميع شيعة أهل البيت (ع)، هي أن
الأئمة المعصومين (ع)، لو كان أحدهم في محل الآخر، لا تخذوا الموقف
ذاته؛ يعني أن الإمام الحسن (ع) – مثلاً – لو كان في زمان الإمام
الحسين (ع)، لفعل مثل ما فعل الإمام الحسين (ع) وبالعكس.
وأردف يقول: وبناءً عليه، فإن الشروط الزمانية
لكل إمام معصوم، لها مقتضياتها الخاصة؛ فمثلاً أن النبي الأكرم (ص)
كان بمنتهى الشجاعة، إلا أن هذه الشجاعة تمظهرت أكثر لدى الإمام أمير
المؤمنين علي بن أبي طالب (ع)، ولكن مع ذلك، حينما غصب حق الإمام علي
(ع) في الخلافة بعد رسول الله(ص)، فإن الإمام (ع) لزم بيته وصبر على
مضض، وذلك باقتضاء الظروف والشروط الزمانية الموضوعية.
ما تقدم ينطبق على الثورة الحسينية؛ إذْ إنه
في زمان إمامة سيد الشهداء (ع)، اقتضت الظروف الموضوعية القيام
بالثورة، حفاظاً على بيضة الإسلام، ودرءاً للتهديدات التي كانت
تستهدف الرسالة الإسلامية برمتها.
وبقراءة مصيبة الإمام أبي عبد الله الحسين (ع)
اختتم المجلس، وقدم سماحة المرجع الديني الكبير آية الله العظمى
السيد صادق الحسيني الشيرازي، والسادة العلماء من أبنائه، شكرهم
وتقديرهم لعشاق الحسين (ع).
يذكر أن أحد طلاب العلوم الدينية، تشرف خلال
تلك المراسم، باعتمار العمّة المباركة. بين يدي سماحة السيد المرجع
الشيرازي – دام ظله الوارف-.
|