توقع تقرير للامم المتحدة ان تصل ازمة المياه
العالمية الى مستويات لم يسبق لها مثيل خلال السنوات المقبلة "اذا
ما اخفق التزام سياسي فى ان يخاطب وبجدية التدهور المستمر في مصادر
المياه والنمو السكاني والتلوث".
وحذر التقرير الذي اعدته منظمة الامم
المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونيسكو) عشية منتدى الماء
الثالث الذي سيعقد في كيوتو باليابان من التدهور المستمر في مصادر
المياه بسبب نمو السكان وتلوث وتغيير مناخي متوقع.
وقال المدير العام لمنظمة الامم المتحدة
للتربية والثقافة والعلوم (يونيسكو) كويتشيرو ماتسيرا انه "ما من
منطقة ستنفد من تاثير هذه الازمة التي تمس كل مظاهر الحياة من صحة
الاطفال الى قدرة الامم على تامين الغذاء لمواطنيها".
واضاف ان "امدادات المياه تنخفض فيما يتنامى
الطلب بشكل مثير في نسبة غير قابلة للدعم على مدى السنوات ال 20
المقبلة" محذرا من ان "المتوسط العالمي لمعدل نصيب الفرد الواحد من
المياه سينخفض بمقدار الثلث".
وانحى التقرير باللائمة الى حد كبير على
غياب الالتزام السياسي عالميا للتعامل مع هذه الازمة بجدية وللتوصل
الى حل ناجع يقلص النقص العالمي لامدادات المياه "على الرغم من
توافر ادلة واسعة على هذه الازمة الا ان الالتزام السياسي يتجه عكس ذلك".
وذكر التقرير ان "الموقف والمشاكل الاخلاقية
تكمن في قلب الازمة" اضافة الى "القصور الذاتى في مستوى القيادة
وسكان العالمي لعدم ادراكهم التام لمقياس المشاكل مما يعني باننا
نخفق في اتخاذ الاجراء التصحيحي المناسب المطلوب".
وقال التقرير ان التحدي على مستوى عالمي "يكمن
في رفع الارادة السياسية لتطبيق التزامات ذات علاقة بالمياه وما
عدا ذلك ستظل المياه في أن تكون منطقة للخطابات السياسية والوعود
العالية بدلا من أعمال مطلوبة جدا".
وحذر التقرير من أن هناك أكثر من 180 بلدا
وأرضا تعيش في حالة من الازمة فيما يتعلق بشح
امدادات المياه أو تجهيز الماء النظيف الصالح للشرب.
وصنف التقرير دولة الكويت على أنها فقيرة من
ناحية توافر المياه اذ ان نصيب الفرد السنوي من المياه هو 10 أمتار
مكعبة فقط يليها قطاع غزة ب (52 مترا مكعبا) ودولة الامارات
العربية المتحدة (58 مترا مكعبا) وجزر الباهاما (66 مترا مكعبا) ودولة
قطر (94 مترا مكعبا) وجزر المالديف (102 متر مربع) وليبيا (113 مترا
مربعا)، والمملكة العربية السعودية (118 مترا مربعا) ومالطا (129
مترا مربعا) وسنغافورة (149 مترا مربعا).
وذكر أن أغنى عشرة بلدان بالمياه هي غينيا
الفرنسية وايسلندا وغوانا وسورينام والكونغو وبابوا
غينيا الجديدة والغابون وجزر سليمان وكندا ونيوزيلندا.
وحذر التقرير من أنه "في منتصف هذا القرن
وفي أسوأ الاحوال سيواجه سبعة مليارات نسمة في 60 بلدا مشكلة ندرة
الماء وفي أحسن الاحوال فان مليارا في 48 بلدا سيعتمدون على عوامل
كالنمو السكاني وصنع السياسات".
وأضاف أن تغيير المناخ يأخذ بالحسبان ما
يقدر ب 20 في المائة من الزيادة في ندرة المياه العالمية بينما
ستكون عملية اغراق النفايات عنصرا أساسيا يوءدي الى تلوث الماء
عالميا متوقعا أن تسوء الازمة على الرغم من النقاش المستمر.
وبين أن حوالي طنين من النفايات يتم التخلص
منها يوميا عبر القائها في الانهار والبحيرات والجداول مشيرا
الى أن لترا واحدا ملوثا من المياه القذرة يلوث حوالي ثمانية لترات
من المياه العذبة.
ووفقا للتقرير فان هناك نحو12 ألف كيلومتر
مكعب من المياه الملوثة عالميا وهو أكثر من اجمالي كميات المياه
التي تحتويها عشرة من أكبر أنهار العالم مشيرا الى أن أنهار قارة
اسيا هي الاكثر تلوثا.
وحذر من أنه اذا استمر الامر من دون تغيير
فان العالم سيفقد بحدود 18 ألف كيلومتر مكعب من المياه العذبة بحلول
عام 2050.
وصنف التقرير نوعية المياه في بلدان كبلجيكا
والمغرب والاردن والهند والسودان والنيجر وبوركينا فاسو وبوروندي
وجمهورية أفريقيا الوسطى ورواندا على أنها الادنى عالميا.
فيما اعتبر أن أفضل نوعية من المياه في
العالم هي في بلدان كفنلندا وكندا ونيوزيلندا والمملكة المتحدة
واليابان والنرويج وروسيا والسويد وفرنسا.
وقال التقرير ان "الفقراء يظلون هم الاكثر
تضررا اذ ان 50 في المائة من سكان البلدان النامية يستخدمون مصادر
المياه الملوثة".
وذكر أن ستة الاف شخص معظمهم من الاطفال دون
سن الخامسة يموتون كل يوم بسبب أمراض الاسهال وهو الامر الذي
يصور فداحة المشاكل التي تواجه العالم في احترام مصادر المياه.
وحذر التقرير مجددا من أن "أكثر من 2ر2
مليون شخص يموتون سنويا نتيجة لامراض متعلقة بتلويث المياه الصالحة
للشرب والتصريف السيىء لمياه المجاري".
وخلص تقرير (يونيسكو) الى أنه فيما يتعلق
بالنمو السكاني فان "استهلاك المياه تضاعف تقريبا في السنوات
الخمسين الاخيرة مما يشير الى أن الطلب على الماء سيكون أكثر من
الكميات المعروضة".
هذا وكانت الأمم المتحدة قد أقرت رسميا في 12
ديسمبر اعتماد سنة 2003 عاما دوليا للمياه الصالحة للشرب. ويأتي
إقرار هذه السنة العالمية للمياه في وقت يحصل فيه توافق دولي على
ضرورة التحرك لتجنب أن تتحول المياه إلى مصدر لصراعات المستقبل، إذ
تشير الإحصائيات إلى أن 1،2 مليار نسمة في العالم ليس لهم أي وصول
إلى شبكات المياه الصالحة للشرب، والمقصود بالوصول إلى شبكات المياه،
إمكانية الحصول يوميا على حوالي 20 لترا للشخص الواحد، وبالتنقل
لمسافة لا تتجاوز كيلومتر واحد عن مكان الإقامة.
يضاف إلى ذلك أن اكثر من 2،4 مليار نسمة في
العالم يعانون من عدم توفرهم على شبكات صرف المياه، مما يضاعف من
أخطار الإصابة بأمراض كثيرة، وكون أن أكثر من 90% من مياه الصرف
وأكثر من 70% من مياه المعامل تصرف بدون معالجة، يؤدي الى ارتفاع
تلوث البيئة ومصادر مياه الشرب.
واذا كان أكثر من 70% من المياه المعدنية فوق
الكرة الأرضية تسخر للزراعة، فإن الكمية المتبقية والمستعملة للشرب
توزع بشكل غير عادل، إذ أن المواطن في البلدان المصنعة يستهلك يوميا
ما بين 400 و500 لتر، بينما يستهلك الشخص في البلدان النامية معدلا
لا يتجاوز 20 لتر.
ومن الفوارق الصارخة في هذا الميدان، كون أن
المواطن في البلدان المصنعة يستهلك عند إطلاق صهريج دورة المياه مرة
واحدة، ما يستهلكه يوميا شخص في البلدان النامية في شربه وغسيله وطهي
طعامه وتنظيف ثيابه.
وقد تعهد قادة الدول في قمة الألفية عام 2000
في نيويورك بالعمل على تخفيض نسبة الأشخاص غير القادرين على الوصول
إلى مصادر المياه الصالحة للشرب إلى النصف بحلول عام 2015، وكذلك
بالنسبة للأشخاص غير المستفيدين من شبكات الصرف الصحي.
ولإنجاز ذلك، ترى الأوساط الأممية أن على
المجموعة الدولية أن تضيف حوالي 14 مليار دولار لزهاء الـ 30 مليار
دولار التي تنفق سنويا لتأمين المياه الصالحة للشرب ولشبكات الصرف
الصحي في العالم.
ويعيش حاليا أكثر من 40% من سكان العالم في مناطق تعرف قلة في
الموارد المائية. وقد تصل هذه النسبة في عام 2025 إلى ثلثي سكان
العالم أي حوالي 5،5 مليار نسمة. ومن المناطق المهددة بالدرجة الأولى،
بلدان شمال إفريقيا وغرب وجنوب القارة الآسيوية.
و تحتل الدول العربية الصدارة في المناطق
المهددة بنقص في المياه، سواء في شمال إفريقيا او آسيا، فإنها تحتل
الصدارة أيضا في قائمة الدول التي قد تعرف توترات بسبب تقاسم مصادر
مائية مع بلدان أخرى.
ويكفي الإشارة إلى التوتر القائم بين لبنان
وإسرائيل بخصوص نهر الليطاني، وكذلك الخلاقات القائمة بين إسرائيل
والفلسطينيين او بين إسرائيل والأردن. كما أن ملف تقاسم المياه بين
سوريا وتركيا والعراق لازال أحد أسباب التوتر في المنطقة.
وقد تم إحصاء اكثر من 261 مجرى مائي عابر
لحدود أكثر من دولتين. وتشترك البحيرات والبحار في حدود أكثر من 145
دولة. كما أن هناك انهارا تشترك فيها العديد من الدول مثل نهر النيل
او نهر الدانوب.
وعلى الرغم من أن الاشتراك في تقاسم المصادر
المائية يعد من أسباب التوتر الدولي الرئيسية، فإن عدد الصراعات التي
نشبت فيها أعمال عنف بسبب المياه خلال الخمسين عاما الماضية لا تتعدى
الخمسة والثلاثين. وللعثور على حرب حقيقية بسبب المياه في تاريخ
الإنسانية يجب العودة إلى ما قبل 4500 عام، وكانت حول مياه دجلة
والفرات.
ولمواجهة هذه التخوفات الحقيقية والمبالغ فيها
عند الحديث عن المياه في العالم، سيتم التطرق خلال العام العالمي
للمياه إلى كيفية الحفاظ على الموارد المائية وتسخير التكنولوجيا
للحد من تلوثها وتبخرها وحسن استغلالها إما للري او للشرب، وهو ما
تهدف الأمم المتحدة إلى إشراك الحكومات وممثلي المجتمع المدني وأصحاب
القطاع الخاص في إثرائه.
|