ذكرت دراسة حديثة أن نحو ثلاثة من كل أربعة منازل يمتلكون واحدا أو أكثر من أجهزة الكمبيوتر الشخصية في سنغافورة البارعة في التكنولوجيا. وترتفع الارقام الواردة من هيئة تنمية إتصالات المعلومات بنسبة  68 في المئة عن عام 2002. وقالت الهيئة ان هناك وعيا كبيرا بين العائلات عن أهمية استخدام تكنولوجيا المعلومات وبرامج التعليم الوطني.. كما ساعدت الصفقات المالية الجذابة على تزايد دخول الانترنت إلى المنازل. وأسفرت خطط نظام الاشتراك الشهري لخدمة الانترنت الممكن تحملها إلى اشتراك  40 في المئة من المنازل التي جرى استطلاع آرائها في النظام العام الماضي 2003 مقارنة بنسبة  24 في المئة عام 2002.

 

إنَّ سكينةَ القلبِ تُوجبُ الاتزانَ في التفكيرِ، وهو بدورهِ يوجبُ التحرُّكَ الصحيحَ نحوَ الأهدافِ الرفيعةِ.

ايران في جولة ثانية: انكشاف اوراق اللعبة.. انتخاب السيئ لتفادي الاسوء
إغلاق صحف إيرانية جديدة بسبب إشكالات الانتخابات الأخيرة
استجواب صدام واعوانه تمهيدا للمحاكمة الكبرى
إنجاز 70 - 80% من صياغة الدستور العراقي الجديد
75 بالمائة من الفلسطينيين يؤيدون تخلي حماس عن العنف
ندوة الوثائق التاريخية للقدس محاولة عقلانية لإيقاف تهويدها
التغذية السليمة تضمن للانسان ذاكرة نشطة حتى سن التسعينات
 
 
 
 

ندوة الارهاب والعقل.. فلاسفة ومفكرون عالميون يدعون الى معالجة الارهاب بالعقل

عقد مركز زايد في الامارات العربية المتحدة مؤتمرا دوليا حول الإرهاب والعقل، وذلك بمشاركة مجموعة من كبار المفكرين والفلاسفة من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا ومصر وبنغلاديش.

وقد استهل المؤتمر اعماله بكلمة ألقاها محمد خليفة المرر المدير التنفيذي لمركز زايد، أكد فيها أن تنظيم المركز لهذه الفعالية يأتي إسهامًا منه في الارتقاء بالنقاش الدائر في العالم حول ظاهرة الإرهاب من مستوى التعاطي المنفعل إلى مستوى الإدراك الكامل لابعاد هذه الظاهرة العالمية وأسبابها والتعامل الفاعل مع أشكالها وتجلياتها.

وأضاف أن المؤتمر سيناقش مقاربة الإرهاب كظاهرة عالمية لا تنحصر في دين ولا تقتصر على أمة، مركزاً في ذلك على الأطر الذهنية المؤسسة لها باعتبار أن الإرهاب في اصله نابع من عقل الإنسان وأن المسألة الذهنية لا بد أن تعطى الأولوية في مكافحته ومحاولة القضاء عليه بدل التركيز أو الاقتصار على الناحية العسكرية والأمنية.

ونبّه إلى أن الصبغة الكوكبية للحضارة الغربية قد أحدثت ردّة فعل عند باقي شعوب العالم التي ترى أن ارثها الحضاري والثقافي في طريقه إلى الانمحاء، الأمر الذي تسبب في رفض هذه الحضارة، وظهور الإرهاب الذي تحوّل إلى شبح يقضّ مضجع العالم الذي جنّد كل إمكاناته من اجل القضاء عليه.

ورأى أن الإرهاب هو إفراز مباشر لهذه الحضارة وتعبير عن واقع العصر الذي نعيشه اليوم والذي يختلف عن سابقيه من ناحية أن السلاح أصبح فيه أداة تدمير شامل وأن أية حرب قد تنشأ بين الحضارات في عالم اليوم قد تؤدي إلى تدمير البشرية كلها.

ومن جانبه شدد سعادة جي. إن. ديكسيت وكيل وزارة الخارجية الهندية الأسبق في كلمة له أن الحكمة التي انتشرت خلال العامين الماضيين تؤكد أن الإرهاب قد أصبح قضية عالمية هامة بعد وقوع الهجمات الإرهابية في نيويورك وواشنطن يوم 11 سبتمبر 2001 ، وأن الإرهاب صار ظاهرة تخترق الإسلام، معتبراً أن كلا الافتراضين يحملان طعم التحيز ويفتقدان إلى العقل.

وبعد أن اعتبر الإرهاب ظاهرة سياسية واجتماعية أساساً وليست دينية أو روحية، شدد على أنه ينبغي النظر إلى هذه الظاهرة في إطارها الاجتماعي والتاريخي، كونها الطريقة الوحيدة التي يمكننا بها إصلاح العقل وإدراك أسباب الإرهاب وصياغة الأساليب التي يمكن بواسطتها مواجهته.

وأضاف أن الناس يلجؤون إلى الخيار الإرهابي في المجتمعات والمواقف التي يولد فيها الإحباط من الظلم السياسي والاجتماعي، وتغيب عنها الديمقراطية واحترام الحقوق الأساسية للإنسان، وحيثما يشعرون أنهم لا يستطيعون العيش دون كرامة ودون المستويات الضرورية للحياة الكريمة.

ودعا إلى أن مواجهة الإرهاب لا يمكن أن تكون قاصرة على العمليات العسكرية العقابية خاصة من جانب الدول القوية، ذلك أن مثل هذه العمليات وهي تتعامل مع تحديات الإرهاب التي تواجهها فإنها تكون مدفوعة بأهداف استراتيجية وسياسية واقتصادية أكبر قد لا تكون متصلة بمصالح الشعوب في المناطق التي تتخذ فيها هذه الإجراءات العقابية، كما لا ينبغي أن تستند الإجراءات العقابية على الأحكام والقرارات الأحادية التي تتخذها الدول الكبرى.

ورأى أن الاتجاه الأساسي ينبغي أيضا أن يكون في مواجهة المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والاحباطات الثقافية لأولئك الذين يلجؤون للإرهاب، وهو ما لا يتطلب فقط اتجاهاً عقلانياً بل اتجاهاً إنسانياً شاملاً يخترق هذه المشكلات التي تؤدي إلى الإرهاب، وحلها بالصبر والأناة.

ومن جانبه ألقى البروفيسور مراد وهبة أستاذ الفلسفة بجامعة عين شمس كلمة مقتضبة نيابة عن المشاركين، أكد فيها أهمية على هذا المؤتمر على اعتباره مؤتمرا تاريخيا كونه يتناول ظاهرة كوكبية مهددة للحضارة الإنسانية ولأنه يعقد في مركز زايد إضافة إلى معاصرته لبدايات الإرهاب.

وقال إن تدمير مركز التجارة العالمي هو أعلى مراحل الإرهاب، ذلك انه بعد هذا الحادث بدأت تأويلات عديدة تسهم في الكشف عن جذور هذه الظاهرة لافتا إلى ان الغاية من عقد هذا المؤتمر الذي يضم قمم الفلاسفة والمفكرين هي القاء الضوء على هذه الجذور.

وأكد أن أهم جذور الارهاب هو ما قد أصاب العقل الانساني في بنيته الذهنية حيث أصبح أداة لتدمير الحضارة الإنسانية بدل أن يكون أداة لتطويرها والارتقاء بها لافتا الى ان الإشكال الذي يطرحه المؤتمر هو ماهية البنية الذهنية للإرهاب.

وكانت جلسة العمل الأولى للمؤتمر قد بدأت بورقة عمل قدمتها الدكتورة كيكي كنيدي داي أستاذ بجامعة روتجرز في نيوجيرسي بالولايات المتحدة تحت عنوان /فشل المبادرات المستندة إلى العقيدة/ دعت فيها الولايات المتحدة إلى العمل على استقرار الأوضاع على الساحة العربية الإسرائيلية، وذلك تحقيقاً للسلام في المنطقة.

 وأضافت أنه حان الوقت لتطبيق الضغط الحقيقي على الحكومة الإسرائيلية لتتوقف عن عزل الفلسطينيين، وأن يتوقف الإسرائيليون عن إنشاء المزيد من المستوطنات في الضفة الغربية، واصطياد الفلسطينيين إلى الصراع المسلح .

وأكدت أنه ينبغي على الأمريكيين أن يفهموا أن غالبية المسلمين ليسوا إرهابيين، وأن المسلمين الذين يقدر عددهم في الولايات المتحدة بستة ملايين مسلم لا يسعون لأكثر من أن يقبلهم المجتمع الأمريكي بشكل كامل، داعية إلى إقامة حوار متعدد الاتجاهات في المجتمع الأمريكي وعلى كافة القنوات.

ومن جانبه يرى البروفيسور أوليفر ليمان أستاذ الفلسفة في جامعة كنتكي بالولايات المتحدة في ورقة عمل تحت عنوان /نحو نظرية أخلاقية/ أنه ليس هناك مبرر عام يدعو إلى التفكير بأن الإرهاب أمر غير أخلاقي معربا عن اعتقاده بأن الإرهابي يحتاج إلى التفكير بعناية في الموقف الأخلاقي الذي يعتزم اتخاذه، كما يحتاج إلى أن يميَّزه عن أعمال التمرد أو تلك الأنواع المتعددة من الجرائم الخاصة.

وأوضح في الجلسة نفسها أن الإرهابيين يميلون إلى استخدام عبارات مثل الأضرار المتزامنة ( أو المتوازية) في وصف الإصابات المدنية التي يحدثونها، راجين بهذه الطريقة أن يقارنوا أعمالهم بالعمل العسكري الذي تقرره سلطة الدولة الشرعية، وبذلك يقرَّون إلى حد ما شروط نظرية الحرب العادلة التي تحدد عدم جواز تشريع العنف بشكل استبدادي.

 وتناول ما أشار إليه البعض تحت مفهوم "إرهاب الدولة" الذي يطلق عندما تقوم دولة ما بإحداث إصابات في المدنيين بصورة متعمدة، أو بأن تتصرف بطريقة تخلق بموجبها تلك الأضرار المتزامنة، معتبرا أن استخدام هذا المفهوم يمكن أن يُضعف العلاقة بين الإرهاب والعنف غير المشروع.

وأكد أنه ليس هناك جانب أخلاقي في الإرهاب يضعه في فئة جديدة من فئات الأعمال، موضحا أن الإرهاب يخلق ميادين جديدة للقتال ويتطلب أساليب مختلفة للمقاومة، ولكنه لا يثير أبداً قضايا أخلاقية جديدة.

وقال إن البشر يمتلكون موهبة قوية لإعادة توصيف الأعمال والتصرفات بطرق تجعلها مستساغة عقلياً، ولذلك غالبا ما توصف بشكل آخر أعمال العنف التي تنفَّذ بقصد الانتقام كي تبدو متوافقة مع مبادئ الحرب العادلة، أو مقبولة استناداً إلى مبادئ سياسية ودينية عريضة، مضيفا إننا أحرار ولكننا نحتاج إلى كبح جماح أنفسنا, فإذا لم نفعل ذلك, فسوف تكون النتيجة هي العنف.

وأضاف أنه في السياسات المعاصرة للشرق الأوسط، يعتبر بعض الإسرائيليين أعمال جيش الدفاع الإسرائيلي مناسبة تماماً إذ أنها تتوافق مع قواعد التعامل مع العدو، ذلك أن السلام حسب هؤلاء قد تم عرضه وقوبل بالرفض.

وتناول في ورقته نظرية الحرب في الديانة المسيحية معتبرا إياها أكثر النظريات تفصيلاً بالنسبة لكيفية إدارة الصراع، وذلك تحت مسمّى منظور الحرب العادلة والتي ترى أن ما يجعل الإرهاب شراً مستطيراً، هو أن الإرهابيين – بعكس الجنود المدربين النظاميين في ميادين الحرب التقليدية – يتعمدون ويصرُّون على مهاجمة المدنيين الأبرياء العُزّل.

أما البروفيسور مراد وهبه، أستاذ الفلسفة بجامعة عين شمس في القاهرة، دعا في الورقة التي قدمها تحت عنوان /معرفة ابستمولوجيا الارهاب/ خلال الجلسة الثانية إلى ضرورة تحرير " الإرهابي " من وهم ملكيته للحقيقة المطلقة حتى لا يرتد إلى الإرهاب، في سبيل أن يحيا العالم على أمل تأسيس سلام العالم.

 وقال علينا إزالة الوهم الذي يولّد الإرهاب باعتبار أن الإرهاب متجذّر في وهم اقتناص مطلق معين، وهو ما يتطلب الفصل بين مفهوم الحقيقة المطلقة ومفهوم المعرفة، لافتاً إلى أنه في تاريخ الفلسفة اضطهد الفلاسفة الذين حاولوا التدليل على أن أية حقيقة هي موضع تكذيب.

ووصف العمل الإرهابي بأنه قتل جماهيري موجه إلى مدنيين أياً كانوا، وهو يجعل من الإرهاب نوعاً من الفوضى، مضيفا أنه إذا كانت الفوضى نوعاً من النتوء ، وإذا أصبح الإرهاب مع الوقت نسقاً مغلقاً، فإن النتوء سيزداد إلى أن يصل النسق إلى أقصى حالات النتوء وعندئذ يتوقف أي نشاط، وهو ما يؤشر على أن الحضارة الإنسانية معرضة للسقوط والانهيار.

وألمح إلى أن الأحكام التقويمية تتحول مع مرور الوقت إلى عقيدة من القيم ذات الصفة المطلقة، حيث تتحول هذه العقيدة من القيم إلى ما يُطلق عليه مصطلح "الأصولية " الذي يفرض الالتزام بهذا النسق القيمي المطلق من غير توجيه أي نقد إليه.

ولفت إلى أن النظرية العلمية لا يمكن أن تكون صورة للواقع وإنما هي تأويل له من أجل تغييره، وهو ما يعني أن النظرية العلمية ليست مجرد ثمرة الملاحظات والتجارب كما يزعم المنهج الاستقرائي وإنما هي أيضاً ثمرة نبض إنساني لتغيير الواقع لمسايرة احتياجاتنا .

ومن جانبه أكد الدكتور ديفيد اليكسندر جورج أستاذ العلوم السياسية بجامعة نيوكاسيل بالمملكة المتحدة أن الإرهاب أصبح يدور في جو من الفوضى الفكرية واللغوية, ذلك أنه لا يوجد تعريف واحد متفق عليه ولا توافق في الرأي حول طبيعة هذه الظاهرة.

وجاء في ورقة العمل التي شارك بها في المؤتمر بعنوان (وجود و غياب العقلانية في الإرهاب الحديث و المستقبلي) أن الإرهاب يعني حسب النظرة الأكاديمية المتخصصة، تلك العلاقة بين الفرد أو الدولة، أو الضحية أو الجمهور وأن هذا الفرد أو الدولة يستخدم أو يهدد باستخدام العنف المسلح المفرط ضد الضحية المستهدفة من أجل تحقيق أهدافه.

وقدم تعريفا يمثل القاسم المشترك بين كافة التعاريف الأكاديمية مفاده ان الإرهاب هو استخدام – أو التهديد باستخدام – القوة المسلحة القاتلة ضد الأشخاص والعنف الهدام ضد الممتلكات في وقت السلم من أجل إكراه طرف ثالث على تلبية رغبات أو الوفاء بطلبات الجناة عن طريق استخدام الأثر النفسي للعنف .

إلا انه أبدى ملاحظات بشأن هذا التعريف مؤداها أنه يركّز كليةً على عمل العنف وما ينتج عنه من عواقب, ويستثنى من ذلك هدف أو غرض ذلك العمل. وعليه، رأى أنه يجب أن يفهم الإرهاب على أنه جريمة من جرائم العنف – أو التهديد بالعنف – ضد الأشخاص أو الممتلكات من أجل الترويج لهدف أو أهداف عامة أثناء وقت السلم , وعادة – ولكن ليس بشكل ثابت – أن يكون من خلال إرغام طرف ثالث على تلبية رغبات الجناة أو تحقيق متطلباتهم من خلال التأثير النفسي للعنف .

وتساءل عمّا إذا كان الإرهابيون أشخاصاً عقلاء أم مضطربين عقلياً، موضحا أن الشخصية الإرهابية تتطلب مجموعة من الصفات لا توجد على الإطلاق في الشخصيات المعتلة، معتبرا الافتراض القائل بأن الإرهابيين سيكوباتيين افتراض غير مقنع، ولافتا إلى أن المثقفين الذين زعموا هذه الصفات بشأن الإرهابيين قد فعلوا ذلك دون أن تكون هناك ملاحظات تحليلية أو مجموعات بحثية بها مجموعات مراقبة ومؤكدا أن الإرهاب يجب أن يُفهم كظاهرة تنفيذية أساسية.

كما تناول الدكتور ديفيد جورج الإرهاب الحديث وما بعد الحديث معدّدا أهم الجماعات الإرهابية التي تنضوي تحت هاذين التصنيفين، كما تعرّض إلى أشكال أخرى من الإرهاب كالإرهاب التعبيري. وأبرز أن أولئك الذين يلجأون إلى هذه الوسيلة للوصول إلى الهدف ليسوا غير عقلانيين ولا أفراداً مصابين باضطرابات نفسية ، ولكنهم طبيعيون من الناحية النفسية مثلهم مثل أفراد الجمهور العادي.

أما البروفيسور أحمد محيي الدين مدير مركز تنمية الموارد في بنغلاديش، الدين أحمد، فقد بيّن أن الاحتجاج يعبَّر عن عقل مصاب ويبرز مدى الإصابة التي يعاني منها العقل، موضحا أنه كلما كانت الإصابة عميقة وخطيرة، كلما انفجر العقل المصاب وفقد تماسكه ورشده، وتحولت لغة الاحتجاج إلى لغة القوة التي غالباً ما تتسم بالعنف، وحيث يتوقف العقل وتنتصر قوى الانتقام.

وأضاف في ورقة العمل التي قدمها تحت عنوان (لغة الاحتجاج) في الجلسة ذاتها أنه في عالم الديمقراطية النيابية حيث تكون الدولة قوية بشأن مسئولياتها نحو مواطنيها، وضعيفة فيما يتصل بقوتها تجاه هؤلاء، تسود لغة مختلفة للاحتجاج.

ولفت إلى أنه في جميع المواقف والحالات، تعتبر الدولة من يشارك في حركات المقاومة بأنهم إرهابيون بينما تهلّل لهم جماعاتهم على اعتبار أنهم مناضلو الحرية، وهو ما يجعل لغة الدولة على حد تعبيره تختلف عن لغة ضحايا الدولة نفسها.

ورأى أنه عندما يعيش الناس تحت رحمة نموذج معين من نماذج السيادة والاستبداد، فإنه ينبغي عليهم أن يختاروا بين ثلاث خيارات هي الخضوع أو الرفض أو التحوّل، لافتا إلى أن الخضوع لا يعني بالضرورة التأييد، ولكنه قد يكون نوعا من التكيَّف البطيء دون احتجاج.

أما الرفض فهو في نطر الباحث محي الدين أحمد، دليل على حالة معينة من القدرة، وهو يتجاوز عدم الموافقة على ظروف الوجود وينطوي على عنصر من عناصر الاحتجاج، كما أنه ظاهرة سلبية ما لم يكن محركاً لعملية تحول.

وأضاف أنه من خلال التحوُّل، ينقلب المجتمع رأساً على عقب، مشيرا إلى أن التحوُّل قد شاملاً لكل شيء من المفاهيم إلى الإدارة إلى العمل الحكومي، ومن حماية الموطن إلى العلاقات الإنسانية.

كما اعتبر أن الرفض يمثَّل خطوة نحو التحوُّل تظهر فيها مهارة الحرفية من خلال اللغة المستخدمة، مستشهدا في هذا الإطار باللغة القوية لسقراط والتي لا تزال تعيش حتى اليوم باعتبارها لغة الإقناع، بينما كان الفشل من نصيب البلاشفة نتيجة استخدامهم لغة التعليمات واللوائح إذ لم تتمكن من تقديم إطار اجتماعي دائم.

وأوضح أنه رغم مظاهر النجاح والفشل، فإن الناس يميلون إلى رفض الأفكار والعمليات التي لا تتواءم مع أمانيهم، فيستخدمون لغات مختلفة للتعبير عن الإدانة والغضب والكراهية، مبرزا بأن هذه اللغات تتدرج من التعبير الشفوي عن الاستياء (بالشعارات) إلى التعبير المكتوب (الإعلان السياسي) إلى رد الفعل البدني (الانتفاضة) إلى المواجهة المسلحة (الحرب)، لافتا إلى انه لمؤيدي كل تعبير من هذه التعبيرات ما يبرره.

ومن جانبها قالت الدكتورة منى أبو سنة أستاذ الأدب الإنجليزي في كلية التربية بجامعة عين شمس خلال الجلسة الثالثة من المؤتمر إن ما يرتكبه الإرهابي من أفعال يُجرّمها العالم , ويطلق عليها في القانون الدولي "جرائم ضد الإنسانية " لأنها توجه إلى المدنيين, وتعتبر من زاوية مرتكبيها فعل خير وإنقاذ للعالم .

وأوضحت أن هذا الأمر يستلزم تأسيس نظرية تكاملية تجمع ما بين نظرية المعرفة ونظرة التأويل وتهدف هذه النظرية إلى التفرقة بين الدين كرسالة والدين كمنتج بشري من صنع علماء الدين، وبين النص والتأويل ، وبين المطلق والاجتهادات البشرية.

 ورأت أن مجاوزة العقل الدوجماطيقي تكمن في إعادة مشروعية التأويل، من خلال تجديد الفكر الديني في إطار رؤية مستقبلية كوكبية تنشر تحديث المجتمع وتتبناها الدول التي تسعى إلى مجاوزة الفكر الدوجماطيقي. موضحة أن وسائل تحقيق هذه الرؤية تمكن في ثلاثة مجالات هي التعليم والإعلام والثقافة .

وفي تقدير الدكتورة أبو سنة، فإن منظري الأصولية الإسلامية أسسوا فهمهم الحرفي للنص القرآني بحيث اختزلوه في الجهاد ضد غير المسلمين من اليهود والنصارى وغيرهم, وتحويل العالم إلى الحكم الإسلامي طبقاً لفهمهم، وبناء على هذا الفهم فإن غير المسلم ليس هو من لا يدين بالإسلام فقط بل أيضاً المسلمين غير الأصوليين .

وفي ورقة عمل أخرى تحت عنوان (الإرهاب بين الماضي والمستقبل) وصف الدكتور جيرار شاليان الباحث والكاتب المتخصص في دراسات الإرهاب، العمليات التفجيرية التي وقعت في الحادي عشر من سبتمبر 2001 بأنها تمثل مرحلة في تاريخ الإرهاب الدولي وإن كانت تندرج في سياق الإرهاب الكلاسيكي، لكنها تميزت بعدد الضحايا ولكونها ضربت الولايات المتحدة في الصميم بتدمير رموزها وبشكل مثير عن طريق انتحاريين.

وأرجع الصدى الذي طبع تلك التفجيرات إلى كونها حدثت في الولايات المتحدة وتسبّبت في وقوع عدد من الضحايا لم يسبق وأن بلغه إرهاب غير إرهاب الدولة، وإلى ما أسماه بخصخصة العنف المنظم وطابعها الذي يتجاوز حدود الدول، وكذا إلى التأثير النفسي الكبير لهذه العمليات.

ورأى أن الفرق بين هذه العمليات والإرهاب الكلاسيكي لا يتعلق بالناحية التقنية بل بناحية الهدف، مبرزا أن الإرهاب عادة ما يكون وسيلة حرب نفسية عنيفة للإرغام على التفاوض في إطار علاقة قوة غير متوازية.

وأضاف أن الإرهاب المعاصر ولد سنة 1968 نتيجة تيارين، أولهما أمريكي لاتيني وثانيهما شرق أوسطي، معتبرا الإرهاب في كلتا الحالتين نتاج فشل حرب العصابات التي أصبح بديلاً عنها، ومستعرضا تصنيفات شتى لهذا النوع من الإرهاب الذي يشمل الحركات الوطنية ومجموعات اليسار المتطرف الإيديولوجية أو اليمين المتطرف والحركات ذات التوجه الديني التي تحمل مشروعا سياسيا إسلاميا. وبعد أن لفت إلى أن "الإرهاب الديني" الذي يمثل ردّ فعل على فشل المشاريع القومية أو الاشتراكية صار اليوم أكثر التيارات الإرهابية نشاطاً، أوضح أن أصل كلمة الإرهاب، مرتبط بالطغيان وعصور الطغاة، معربا عن اعتقاده بأن تطور وسائل الإعلام خاصة المرئية منها هو شجّع على استخدام الإرهاب بمعنى انه لا يمكن لهذه الظاهرة أن تؤثر إلا إذا تمت تغطيتها إعلامياً .

وحسب وجهة نظر شاليان، فإن الإرهاب هو أعنف شكل من أشكال الحرب النفسية. مستندا في ذلك إلى ما ذهب إليه ريمون آرون من أنه لا يمكن وصف عملية بالإرهابية إلاّ إذا كان تأثيرها النفسي أكبر من نتائجها الجسدية.

ورأى أن الخصوصية الأخرى للإرهاب، هي بعده الذي يتجاوز الحدود الوطنية والذي يعتمد على وسائل الاتصال وخاصة الجوية منها، كما أنه تقنية تستخدم في الغالب بديلاً لحرب العصابات.

وتطرّق إلى نوع آخر من الإرهاب الذي يسمى بإرهاب الدولة، أو شبه إرهاب الدولة وهو شكل من الإرهاب الذي تتولاه الدولة أو التشكيلات شبه التابعة لها، ويتسبب دائماً في وقوع عدد من الضحايا يفوق عدد ضحايا الإرهاب الدعائي، ويهدف إلى إشاعة الرعب والقتل المكثف لمعارضين قائمين أو محتملين.

ومن جهة أخرى أشار إلى انه يمكن قياس حصيلة الإرهاب الدولي على مستويين مختلفين، العسكري والإعلامي، مبيّناً أن هذه الحصيلة لا تكتسي أهمية على المستوى الأول بقدر ما تمثّل أعنف أشكال العنف في الحرب النفسية حيث تبحث المنظمات الإرهابية من خلالها إلى الإعلام بنفسها من خلال وسائل الإعلام التي تغطي الحدث الذي تتجاوز أبعاده حدود الدول خاصة في البلدان التي تمتلك مؤسسات ديمقراطية.

ومن جانبه أكّد البروفيسور ديفيد بوريل أستاذ الفلسفة بجامعة نوتردام في إنديانا بالولايات المتحدة، في ورقته (العقل والتقاليد) أن الإرهاب يعتبر بمثابة رد فعل يائس لفشل العقل المتحرر في تحرير الإنسان بشكل كامل، مبرزا انه عندما يستند الإرهاب إلى تبريرات دينية فإنه إنما يكشف عن التناقض عندما يطلق العنان للحاجة الكامنة إلى اليقين.

ودعا إلى استكشاف الوسائل التي يمكن للعقيدة والعقل أن يتعاونا معاً بواسطتها مع المعتقدات الإيمانية الأخرى, من أجل توفير مساحة يسمح فيها العقل للأفراد المقهورين بأن يتجاوبوا بدلاً من أن يتفاعلوا وبذلك نخلق منهم العناصر اللازمة لكسر حلقة العنف.

ورأى أنه من الصعب حقيقة أن نتحدث عن تعزيز العقيدة الدينية كبديل لدائرة العنف، في الوقت الذي نرى فيه أن استخدام الدين كرمز للهوية يمكن استغلاله لتكثيف دائرة العنف ذاتها.

وقال إن ما وجده الإرهابيون ليس سوى الجانب الضعيف من العالم القائم على الأسس الواهنة للرأسمالية المالية التي تستخدم مصادرها الإعلامية الهائلة من أجل تحويل موقع تأثير هذه الأحداث عن طريق تصوير الإرهابيين على أنهم النصل الحاد من سكين الغزو البربري، مؤكدا أن اليأس الذي تتسم به الأعمال التي تنطوي على تدمير الذات، والتي تنطوي على عواقب مدمرة لأرواح البشر دون تمييز، يتناقض مع المهمة التي اجتذبت أولئك للقيام بمثل هذه العمليات.

وذهب البروفيسور بوريل إلى تعريف التناقض في الحداثة على أنه صدام بين "الإبداع والتقاليد"، موضحا أن " الرأسمالية المالية " كما يُصوّرها جورج سوروس تعتبر تصادماً مع تناقضات الحداثة، بينما يصوّرها المدافعون عنها على أنها إبداع اقتصادي.

ولفت إلى أن إنكار التناقض يمكن أن يؤدي إلى كشف عيوب الإحساس "بالإبداع" وأن الاستجابة لمثل ذلك الطرح يمثل اتجاهاً صريحاً يتسم بعدم التقليدية ويكشف كيف يمكن استخدام العقل في التمييز بين أشكال العقيدة الأصيلة والمزيفة، ويستخدم جانباً من هذا التمييز في التفريق بين التقاليد العقدية والإيديولوجيات، مشيرا إلى أن ذلك أمر ثبت عدم قدرة الحداثة على أدائه سواء كان ذلك بقوة الدولة الصريحة، أو" بالصلاح السياسي" الخفي، وأنه لا جدوى للعقل دون وجود نوع من الإيمان.

البيان الختامي

واختتمت أعمال المؤتمر الدولي حول الإرهاب والعقل الذي نظمه مركز زايد للتنسيق والمتابعة ومشاركة جامعة الدول العربية بإصدار بيان ختامي تم فيه التأكيد على أن الإرهاب ظاهـرة كوكبية لا يرتبط بدين أو جنس أو أمة معينة ، بل هو ظاهرة يتداخل فيها أشخاص من مختلف الأديان والثقافات.

 وأكد المشاركون في بيانهم على ضرورة إعمال العقل في نبذ الإرهاب وضرورة التربية النقدية عامة بحيث يتوقف الإرهاب عن النمو حتى ينقرض، وضرورة عدم قصر مواجهة الإرهاب على العمليات العسكرية خصوصاً من جانب الدول الكبرى، بل السعي إلى حل مشكلة الإرهاب عن طريق التركيز على دور العقل في الدفاع عن الحضارة الإنسانية.

وقد اتفق المشاركون على أن الإرهاب في هذه المرحلة من مراحل تقدم الحضارة الإنسانية لا يحقق مآربه وبالتالي يصبح نوعاً من التخريب والتدمير الذي يهدم الحضارة الإنسانية.

ولذلك ركزت هذه النخبة من الفلاسفة والمفكرين على ضرورة إعمال العقل في نقد الإرهاب بل على ضرورة التربية النقدية عامة بحيث يقف الإرهاب عن النمو حتى ينقرض ، وبالتالي يمكن إحداث سلام في مختلف المناطق المشتعلة بالصراعات سواء كانت عرقية أو دينية أو سياسية.

كما تم التأكيد على أن الإرهاب في هذه المرحلة من مراحل تقدم الحضارة الإنسانية لن يحقق مآربه ، وبالتالي سوف يصبح نوعاً من التخريب والتدمير الذي يهدم الحضارة الإنسانية.

ضرورة إعمال العقل في نبذ الإرهاب وضرورة التربية النقدية عامة بحيث يتوقف الإرهاب عن النمو حتى ينقرض ، وضرورة عدم قصر مواجهة الإرهاب على العمليات العسكرية خصوصاً من جانب الدول الكبرى ، بل السعي إلى حل مشكلة الإرهاب عن طريق التركيز على دور العقل في الدفاع عن الحضارة الإنسانية.

والتأكيد على ضرورة معالجة جذور الإرهاب وأسبابه والعمل على دراستها واستخدام وسائـل الإعـلام لتنمية الوعي العام في هذا المجال.

كما تم دعوة الفلاسفة والمفكرين ومراكز الأبحاث إلى ضرورة دراسة ظاهرة الإرهاب لكشف جذورها والأسباب الفكرية المؤدية لها وذلك لتعزيز التقارب بين البشر الذين يعيشون في كوكب واحد.

شبكة النبأ المعلوماتية - الثلاثاء: 4/2/2003 - 2/ ذو الحجة/1423