ترى كل امرأة في طفلها الوليد مستقبلها
الموعود، فهو الذخيرة للأيام إذا ما خانها الزمان يوماً وأصبحت وحيدة
في الحياة، في اشتداد عود أبنها الذي يمدها... بمقومات حياتها وعيشها
خير لا يحصى، وشاء الله سبحانه وتعالى الخالق للبشر أن يزرع هذا الحب
العظيم المتبادل بالفطرة بين الأم وطفلها، بما لا يمكن فصمه تحت أشد
الظروف الحياتية انتكاساً.
غالباً ما تذرف المرأة دموعها ساخنة عند
ولادتها أطفالها، وخصوصاً طفلها الأول حيث يجتاحها شعور من الضبابية
في كيفية تربيتها له، فرحلة العمر معه ليست سهلة كما يتصور بعض
الرجال، الذين يحصلوا على امتياز حمل كنية (أبو فلان) أثر استحصالهم
على الرزق بالولد البكر وما من امرأة لم تكن قد أرهقت مع وليدها
واستطلاعات الرأي النسائي العام في هذا المجال على قلة تلك
الاستطلاعات، تشير أن الطفل رغم كل التعب المبذول معه من قبل أمه
لكنه يبقى أهم مصدر للسعادة في حياتها.
فالمرأة والتي تحمل طفلها بين ذراعيها تنسى
مصاعب مرحلة حملها لولدها خلال مدة الحمل الطويلة، وما تحملته من
مداراة وما سببه لها ذلك من ضغوط نفسية، وآلام جسمانية وما عانته
أثناء فترة الحمل والولادة.
ومما يطيَّب أجواء العلاقة بين الأم وولدها أن
قلة النوم الذي يسببه لها تمحوه ضحكة منه وإليها! فهو بقدر انشداده
لها فهي منشدة إليه أكثر، إذ أن روح تراحمها عليه لا يمكن وصفها
بكلمات لذا يلاحظ أن الشعراء كم وكم مجدوا سجيات أمهاتهم في هذا
المجال عبر أبيات خلدتها صفحات الإبداع الأدبي.
ومن فضائل العصر الراهن أن الرجل الزوج أصبح
منافساً للمرأة الزوجة أحياناً للعناية بالطفل ربما من باب إثبات
الرابطة الإنسانية التي ينبغي أن تسود بين أفراد العائلة الواحدة
التي تشكل في تطلعاتها إحدى أهم الركائز الاجتماعية الناجحة.
إن غرس التعاليم والقواعد اليومية العائلية
المطلوبة للطفل، بحسب كل مرحلة حياتية يجتازها، لها من الأهمية
العظيمة أن ينشأ كل طفل عارفاً حدود حقوقه، وحدود حقوق أقرانه
الأطفال سواء داخل العائلة أو خارجها، وإن انفلات أعصاب المرأة
أحياناً ضد طفلها بسبب قصور يبديه في سلوكياته اليومية سرعان
ما ينتهي إلى نقطة الخمود. إذ غالباً ما تتم المرأة الوالدة تحكمها
في انفعالاتها تفادياً لتفاقم المشاكل سلباً على نفسية الطفل الذي
غالباً ما تصالحه الأم كمحاولة لإبداء قدر من الاعتذار اللامعلن.
وعن واقع حال العلاقة بين المرأة والطفل وما
بينهما.. أثيرت في بداية الألفية الثالثة ما يمكن الإطلاق عليه،
بـ(ثورة تربوية جديدة) في فرنسا، حيث أخذت الدعوات تأخذ منحى
المطالبة بالإطاحة بكل الأساليب المطبقة في عالم تربية الصغار
الغربيين، من ذلك مثلاً ضرورة إعطاء رضعة الحليب للطفل باردة وليست
ساخنة أو فاترة، كما متعارف عليه هناك منذ زمن بعيد. كذلك العمل على
تنويم الأطفال على الظهر وليس على البطن، إذ أدت الحالة الثانية إلى
موت العديد من الأطفال في فرنسا حيث بلغت (70%) من الوفيات عند
الأطفال، بسبب إعاقات عملية التنفس للرضع أثناء فترة نومهم، من هنا
فإن الدعوة لتنويم الأطفال على الظهر أمست مهمة كل عائلة، ونصيحة كل
طبيب عائلة.
ومن ثورة تربية الأطفال تغيير التصورات عن
غرفة نوم الطفل، فإذا كانت محبذة أن تكون منفصلة عن غرفة الأبويين،
فإن الاتجاه اليوم هو ضرورة ضمان نوم الرضيع في حجرة الأم لحاجته
إليها طوال (24) ساعة متصلة، وكوسيلة ناجحة لتدعيم ارتباط الصغير
بأمه.
إن إعطاء جرعات من الحب والحنان من قبل الأم
لولدها فيه الكثير من الإيجابية، ينبغي أن يخفف من الاغداق المغالي
به للطفل في مواد الحلوى والسكريات، وترك الطفل يبكي فترة طويلة أمر
مرفوض، لأنه ينمي في نفسه منذ نعومة أظافره، شعوراً بعدم الأمان
العاطفي وربما يسبب له ذلك فقدان للثقة بالآخرين في مرحلة الوعي.
|