رحم الله
المفكر الاسلامي آية الله السيد حسن الشيرازي رضوان الله تعالى عليه..
حيث أنني اليوم قد تذكرت شعره الذي دوى في ذلك اليوم.. حينما ألقى
هذه القصيدة وهذا البيت بالذات من هذه القصيدة.. فهو وبالرغم من أنه
قد أنهى خطابه وترك المنصة، لكن الناس أجبروه بأصواتهم وهتافاتهم
وتصفيقاتهم بأن يعود الى المنصة مرة أخرى ويلقي مرة
ثانية حيث قال:( ويل العراق فليله لا ينقضي حتى تقوم حكومة الاسلام
).
في
حالة نشوب الحرب فان مليونا انسان سوف يخرجون من العراق حسب
التقديرات التي جاء بها الخبراء.. أما المتضررين كما قلنا وذكر
الخبراء كذلك فانهم عشرة ملايين من البشر في العراق.
فهذه
الأسلحة التي قدمت الى المنطقة وهذه الحرب الالكترونية التي هي حرب
جديدة لم يسبق لها مثيل في تاريخ العالم.. هذه الحرب ما يراد لها أن
تفعل بالعراق ؟
ألقى آية الله العظمى السيد محمد تقي المدرسي
محاضرة في يوم الأربعاء ليلة الخميس 8 يناير 2003م الموافق 4 ذي
القعدة 1423هجرية وذلك في جمع كبير من العراقيين المقيمين في طهران
حول التطورات المتسارعة في القضية
العراقية، وجاء في المحاضرة:
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الغوي
الرجيم
((والذين آمنو وعملوا الصالحات لندخلنهم في
الصالحين. ومن النا س من يقول آمنا بالله، فاذا أؤذي في الله جعلوا
فتنة الناس كعذاب الله، ولئن جاء نصر من ربك ليقولن انا كنا معكم
أوليس الله أعلم بما في صدورالعالمين وليعلم الله الذين آمنوا
وليعلمن المنافقين. وقال الذين كفروا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم
وما هم بحاملين من خطايهم من شيء انهم لكاذبون)) صدق الله العلي
العظيم.
الناس معادن كمعادن الذهب والفضة، ومن طبيعة المعدن أنه مختف تحت
ركام من التراب ولا يمكمن أن يكتشف المعدن الا بعد اثارة الأرض
واستخراج ما في بطنها من معدن. كذلك الانسان لا يمكن أن يعرف ما هو
وتعرف حقائقه ؟، الا بعد أن يبتلى ويمتحن ويفتتن.
الفتنة هي محاولة اخراج حقيقة الشيء. مثلا من
الناحية اللغوية اذا أراد الصائغ معرفة عيار الذهب ووزنه وطبيعته
يعرض هذا الذهب للنار الشديدة، هذه النار التي تذيب الذهب وتفصل بما
في الذهب من نحاس ومواد أخرى وتصفي الذهب وتحوله الى ذهب خالص.
كذلك الانسان الفرد اذا لم يتعرض للضغوط
والمشاكل والفتن، فان معدنه وما في واقعه وحقيقته لن يعرف ولا يمكن
أن يكتشف. فان الانسان يكتشف بتعرضه للفتنة، والفتنة ليست دائما
وسيلة سوء، وانما الفتنة قد تكون وسيلة لاكتشاف معدن الانسان.
والناس كذلك.. ففي بعض الأحيان ترى انسان لا
يعرف نفسه ومواهبه وقدراته، ولكنه اذا دخل في أتون الفتنة ومصهرتها
يكتشف طاقاته ومواهبه وامكاناته.
ولذلك ربنا سبحانه وتعالى في بداية سورة
العنكبوت يقول وبكل صراحة:
(الم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا أمنا وهم
لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا
وليعلمن الكاذبين ).. فالصادق والكاذب لا يعرفان الا عندما يعرضان
للفتنة.
الصادق صادق ولكن لا يعرف أنه صادق ؟ لماذا ؟
لأنه لم يتعرض للفتنة حتى يعرف أنه صادق أم غير صادق. وربنا سبحانه
وتعالى يقول: (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من
قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا).
في الحرب عندما تشتبك الأسنة وتهرق الدماء وتطير الرؤوس والأيدي
هنالك يعرف من يثبت، كالامام علي بن أبي طالب عليه السلام، عندما أخذ
سيفا أمام النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والسيف لم يتحمل شجاعة علي
بن أبي طالب عليه السلام، حيث انكسرالسيف الأول، وكذلك السيف الثاني
انكسر والثالث اعوج.. وعاد الامام وتوجه الى رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم وقال يا رسول الله " المرء يحارب بسيفه والسيوف تتكسر في
يدي ".. فنزل جبرائيل وجاء بذي الفقار وقال:
(لا سيف الا ذو الفقار ولا فتى الا علي)
هكذا السيف وهكذا الصدق في المواطن (صدقوا ما
عاهدوا الله عليه).. فمتى يعرف الصادق عن الكاذب ؟. كل الناس
يقولون نحن كذا وكذا صادقون وحتى هم يخدعون أنفسهم
ويزعمون أنهم صادقون في المواطن، ولكن حين المواجهة يكتشفون زيف
اداعائهم.
هل هذا صحيح أن يكتشف الانسان زيف ادعائه ؟..
واذا اكتشف زيف ادعائه ثم ماذا ؟
الانسان حينما يحاول ويحاول ويفشل انما يتعرض
للمران والتدريب مرة بعد أخرى حتى ينجح بالتالي.
والامتحان يكشف لك نقطة ضعفك لتسعى من أجل أن
تصلح نقطة الضعف. ومع المحاولات المتكررة لاصلاح نقاط الضعف، فان
الانسان يتحول الى ذلك القوي.. وبتعبير آخر ليس كل الناس تعرضوا
وسقطوا السقوط النهائي. كلا.. فان السقوط هو سقوطا مرحليا.
ومعنى ذلك أنه في الامتحان الأول يسقط، وفي
الثاني يسقط، وفي الثالث يسقط، ولكن بالتالي بعد ذلك ينجح.
لماذ ينجح لأنه بالتالي يسعى من أجل اصلاح نفسه، وهذه هي فائدة
الامتحان.
وكما الفرد كذلك الأمم هي الأخرى تتعرض
للامتحانات.
الأول : امتحانات طبيعية، مثل الحر والبرد,
الليل والنهاروالأمراض.. وبعض المشاكل الطبيعية كالزلازل والسيول
والقحط والأوبئة وما أشبه.. وهذه كما قلنا امتحانات طبيعية. والانسان
تراه في كل سنة يتعرض لمثل هذه المشاكل.. وكثير من الدول تتعرض
للسيول أو للبرد.
مثلا في بنغلادش هذه المنطقة التي لم تتعود على البرد الشديد فعندما
جاءت موجة البرد فانها حصدت المئات من الناس. وفي بعض المناطق تحصد،
وفي بعض الأماكن فان الزلازل تحصد.. وكل منطقة بمنطقتها.
هذه الامتحانات هي امتحانات طبيعية وامتحانات
يومية.. ولكن هناك امتحانات استثنائية.. وتلك الامتحانات الاستثنائية
لا تتعرض لها الشعوب الا بين جيل وآخر. وعادة لكل جيل أو جيلين لهما
امتحان، بمعنى ثلاثين سنة، خمسين سنة، أو ستين سنة أو سبعين سنة،
يتعرض هذا البلد الى امتحان.
مثلا الشعب الفلسطيني يتعرض الآن الى امتحان
هو من الامتحانات الاستثنائية ومن الطوارىء، وليس هذا الامتحان من
الامتحانات الطبيعية، بمعنى أن الصهاينة دولة مسلحة، وشذاذ الأرض قد
اجتمعوا من الآفاق هنا في فلسطين وأيدوا من قبل الرأسمالية الكبيرة،
وشبكات المال وشبكات الاعلام التي كلها تؤيد حفنة من الصهاينة هم
مسلحين بأفضل أنواع الأسلحة ويحصدون الفسلطينيين، وكما تجدون ماذا
يحصل.
هذا الشعب محاصر اقتصاديا، سياسيا، اعلاميا
وعسكريا، ويتعرض لامتحان صعب، هذا الامتحان الصعب، هو في الواقع الذي
يستخرج معدن هذا الشعب، بمعنى أن الضعفاء وتلك النفوس الضعيفة والتي
خارت ارادتها تتساقط، كما تتساقط أوراق الخريف من هنا وهناك، وبعد
ذلك ماذا تبقى ؟. ان الذي يبقى هو تلك الارادات الصلبة والنفوس
القوية والعناصر ذات الشخصية.
وكما يقول الحديث الشريف: (الناس معادن كمعادن
الذهب والفضة)
المسلمون تعرضوا لهزائم، فقد تعرضوا لهزيمة في
أحد، وهزيمة مؤقتة في حنين، وبعض الهزائم هنا وهناك.. ولكن كل هزيمة
أصابت المسلمين في وقت من الأوقات كشفت العناصر الضعيفة منهم، وأبرزت
العناصر القوية الصلبة المؤمنة الصادقة كما يقول القرآن الكريم (رجال
صدقوا ما عاهدوا الله عليه).. ولذلك فان تلك العناصر اتخذت كشهداء
وأصبحوا هم الذين الذين يقودون الأمة. وبالرغم من بعض الانحرافات
التي حدثت في الأمة الاسلامية، الا أن القيادات التي كان في عهد
الرسول تعرضت للمشاكل والصعوبات وتصلبت أمام المشاكل هي التي قادت
الأمة وحتى الآن.
وفي العراق شعب ممتحن، شعب تستخرج معادنه،
وشعب اليوم يتعرض للفتنة الاستثنائية وليس الفتن الطبيعية. بمعنى أن
هذه الفتنة الاستثنائية والتي هي منذ حوالي ثلاثين عاما، أصبحت اليوم
تستخرج معادن الرجال الحقيقيين.
في السابق ربما اذا سمعنا عن واحد أنه ذهب الى
سجن فلان، حسب تلك الأيام التي كنا في البداية في العراق، فان خبر
هذا السجين ينتشر في البلاد، بل ويدوى في الأفاق بأن فلان سجن أو
فلان أبعد.
لكن في هذا اليوم اذا قلت للناس بأن
مدينة مثل حلبجة ضربت بكاملها بالكيماوي
و4500 انسان ماتوا في لحظة واحدة، فانهم
يقبلون بأن هذا العمل يأتي من صدام حسين، بمعنى أن هذا الخبر أصبح
خبرا عاديا وطبيعيا.
واذا قلت أنه في منطقة مثل مناطق الرمادي قد
قام حكام بغداد باعدام عشرات بل مئات من الشباب ثم دفنوهم في مقابر
جماعية بثيابهم، فانك تقول بأن هذا خبر عادي وطبيعي وأن هذا العمل
يأتي من قبل هذا النظام.
واذا قلت أن نصف مليون انسان في سجون العراق
فانه يقول بأن هذا طبيعي.. لماذا؟ لأن الامتحان بدأ.
وهنا أنا أقول كلمة للتاريخ..
وهي أنه لولا صمود الشعب العراقي ولولا
مقاومته، ولو لا أصالة معدن هذا الشعب، ولولا دماء علي والحسين،
ولولا دماء سائر أهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام التي جرت في
عروق أبناء هذا الشعب.. لولا كل ذلك لما كانت كل هذه الديكتاتورية
الصلفة في العراق.
واليوم أن كل العالم يعرف صدام حسين.. واليوم ترى الرئيس الأمريكي
يتكلم عن صدام حسين وكذلك الرئيس الروسي هو الآخر يتكلم، بالاضافة
الى كل رؤساء العالم يتكلمون ويقولون بأن هناك وحش كاسر يحكم العراق.
ان صدام حسين نفسه يستطيع أن يلمع نفسه ببعض
التلميعات الاعلامية ويقول ويدعي بأنه رئيس، ولكن ما هو في الحقيقة
الا رجل مجرم بكل ما تعني الكلمة من معنى.. وحوله مجموعة من الشراذم
والمجرمين بكل معنى الكلمة يحكمون الناس بكل وسائل الاجرام. لماذا ؟
وثم لماذا ؟
لأن هذا الانسان وهو صدام حسين وزمرته رأوا
شعبا مقاوما، حيث أن هذا الشعب عندما قتل قاوم، وعندما هدمت بيوته
قاوم أيضا، وعندما انتشر في بلاده السم وأحرق بالكيماوي فانه قاوم.
فهذا الشعب قاوم وأولاده وأبنائه في السجون. وانني أعرف أحد الأشخاص
أن من عائلتة التي تبلغ سبعة أشخاص فان خمسة منهم قد استشهدوا، كما
أعرف أحد الأشخاص العراقيين بأن 11 شخصا منهم سجناء قتلوا، كذلك أعرف
أحد الأشخاص بأن 17 شخصا من عائلته مقتولين بالاعدام، وعوائل بكاملها
قد انتهت وعشائر دمرت.
ويقال بأن في الفترة الأخيرة بأن النظام قد
بعث الى رؤساء العشائر بأن أي عشيرة تأوي المجاهدين فانها ستتعرض الى
ضرب بالأسحلة الكيماوية. وهل تعرف ماذا يعني الضرب بالأسلحة
الكيماوية ؟.
ان ذلك بأن هناك قنبلة جديدة أكبر وأفتك من القنابل الكيماوية
السابقة ، وباستطاعة هذه القنبلة الواحدة أن تقتل مدينة كاملة
بأجمعها.. بمعنى بأنها تلغي الحياة في تلك المدينة للانسان والحيوان
وحتى الحشرات والنباتات.
أولئك المجرمين في الأرض الذين باعوا لهذا
النظام تلك الأسلحة الفتاكة، وساعدوه على صناعة هذه الأسلحة، فان
عليهم لعنة عاد وثمود. وبعض الدول في العالم اليوم لا أريد تسميتهم
هي التي زودت صدام بهذه الأسحلة الفتاكة، قالوا نحن نعرف صدام حسين،
وأنه يكذب مع فرق التفتيش.
نحن نتعجب، ولما سئلوا عن ذلك ؟
أجابوا لأننا نحن الذين زودناه بهذه الأسلحة،
ونحن نعرف ذلك، لذلك أين ذهبت هذه الأسلحة ؟.
هم الذين زودوه، وهم الذين يعرفون ماذا يملك
هذا المجرم.
ولكن هذا الشعب، وهو الشعب العراقي، مع كل ذلك
لا يزال ذلك الشعب الصامد، ولا يزال مقتنع بمبادئه. ولا تزال مدينة
الحسين كربلاء المقدسة، سلام الله على صاحبها وعلى أهل بيته الطاهرين
في أيام المناسبات وليالي الجمعة تشهد الحشود الكبيرة، من الذين
يأتون بالسيارات أو أي وسيلة يوصل نفسه.. أو مشيا على الأقدام.
فلا تزال ذكرى الحسين عليه السلام في قلوبهم
نابضة بالحيوية. وهذا دليل على معدنهم. وهذه الأحداث وهذه الفتن
اكتشفت معدن هذا الشعب. صحيح أن بعض الناس سجلوا مع النظام وأصبحوا
موالين له.. ولكن لا تنظر الى أولئك.. وانظر الى أولئك القليلون
الذين صمدوا.
مع طالوت كم من الناس صمدوا ؟.. ومن كان مع
طالوت ومع أن الله سبحانه وتعالى بعثه ملكا ليحاربوا، فان أكثرهم
ذهبوا وشربوا من ذلك الماء، وتساقطوا، ولكن تلك الفئة القليلة
المؤمنة التي بقيت هي التي غلبت. والله في القرآن يقول:(كم من فئة
قليلة غلبت فئة كثيرة باذن الله والله مع الصابرين).
الله سبحانه وتعالى ينصر أمة بكاملها لمقام
رجل واحد.. فالرجل الصابر ينظر اليه الله سبحانه وتعالى فيرى منه
الصبر والاستقامة فينزل نصره على تلك الأمة كلها.
هذا هو الرب الرحيم.. كذلك النبي نوح على
نبينا وآله وعليه أفضل الصلاة والسلام كان رجلا واحدا، وفي نهاية
الأمر أصبح أصحابه 70 رجلا، وهذا بعد 950 سنة من الدعوة الى الله.
حتى أن النبي نوح عليه السلام كان يكرر هذه الكلمة:
(ربي اني مغلوب فانتصر).. أنا مظلوم وأنا
مغلوب يا ربي. وكل يوم يأتي الى جمع من قومه يأمرهم بالتوحيد وينهاهم
عن الشرك.. فيأخذوه ويضربوه ويشبعوه ضربا، وهو في ذلك اليوم قد أصبح
شيخا شائبا كبيرا طاعنا في السن.. وانه سلام الله عليه كان شيخ
المرسلين.. وبعد ذلك يأتي أحد الناس ويذهب به الى البيت ليضمد
جراحاته.
كان يكرر ربي أني مغلوب.. والله نصره مع
المؤمنين الذين آمنوا به.
اذن فان الله ينصر عباده المؤمنين.. أما متى
وكيف ؟ فان ذلك بيد الله.
حينما استخرج معدن هذا الشعب (الشعب العراقي)،
وحينما أخذ من هذا الشعب شهداء عليهم، ومحصوا، ومحص ما في قلوبهم،
وحينما عرفوا التوحيد حقا وعرفوا النبي حقا وأهل البيت حقا، والتزموا
بالقيم، وانفرزت الفئات المجاهدة العاملة في سبيل الله عن الضعيفة
الخاوية على عروشها. فان الله ينزل النصر، وهذا هو رب الرحمة والعزة..
ففي السنة أو السنة القادمة ينزل نصره.. فالله أعلم.
وأما فيما يتعلق بقصة الهجوم الأمريكي على العراق.
فانني لا أعرف ماذا أريد بهذا الشعب.. يمكننا
أن ندعو الله سبحانه وتعالى بأن يجنبنا الكوارث الجديدة. فان
التقديرات الأولية كان أن مليونين انسان سيتضررون من هذه الحرب..
ولكن اليوم التقديرات تقول بأن عشرة ملايين انسان عراقي سوف يتضررون
منها.
مليونا انسان سوف يخرجون من العراق حسب
التقديرات التي جاء بها الخبراء.. أما المتضررين كما قلنا وذكر
الخبراء كذلك فانهم عشرة ملايين من البشر في العراق.
فهذه الأسلحة التي قدمت الى المنطقة وهذه
الحرب الالكترونية التي هي حرب جديدة لم يسبق لها مثيل في تاريخ
العالم.. هذه الحرب ما يراد لها أن تفعل بالعراق ؟
لذلك نحن نقول وبكل صراحة أن على الأمريكيين
والحلفاء الذين يؤيدونهم ويتعاونون معهم أن يفكروا أولا وبالذات في
مصلحة هذا الشعب.
أما فيما يتعلق بقضية الأسلحة، فانه ينبغي أن
يجرد العراق من أسلحة الدمار الشامل، وهذا لا ريب فيه.. وينبغي بل
يجب ازاحة هذا الكابوس عن صدر الشعب العراقي.. ورحم الله المفكر
الاسلامي آية الله السيد حسن الشيرازي رضوان الله تعالى عليه.. حيث
أنني اليوم قد تذكرت شعره الذي دوى في ذلك اليوم.. حينما ألقى هذه
القصيدة وهذا البيت بالذات من هذه القصيدة.. فهو وبالرغم من أنه قد
أنهى خطابه وترك المنصة، لكن الناس أجبروه بأصواتهم وهتافاتهم
وتصفيقاتهم بأن يعود الى المنصة ويلقي مرة ثانية حيث قال:
( ويل العراق فليله لا ينقضي حتى تقوم حكومة
الاسلام ).
لعله في ذلك اليوم أن أغلب الناس بالرغم من أنه من الناحية العاطفية
قد تعاطفوا مع هذا الشعر ولكن من الناحية العلمية لم يتوصلوا الى عمق
هذا المفهوم، وهو أن الشعب العراقي سيبقى في ليل بهيم كقطع الليل
المظلم تتوالى عليهم هذا الليل وهذا الظلام الدامس الى أن تقوم حكومة
الاسلام.
يمكن في ذلك اليوم أن الناس لا تعرف حقيقة هذا الأمر، لكن مع
الزمن اليوم كل انسان عراقي في أي منطقة في العالم وبأي انتماء يكون
يعرف أن الويل استمر في العراق لثلاثة عقود أو أكثر لأن حكومة
الاسلام لم تقوم في ذلك البلد.
وأنا أقول للأمريكيين وللحلفاء الذين يريدون أن يقتحموا العراق:
فكروا في مصلحة هذا الشعب قبل أن تفكروا في أي شيء آخر. نحن نريد ازاحة صدام
حسين من أجل الشعب العراقي. نحن نريد تجريد صدام وأزلامه من أسلحة
الدمار الشامل ولكن من أجل مصلحة الشعب العراقي. أما اذا الشعب
العراقي راح وتضرر وانتهى، فما الفائدة بعد ذلك أن صدام يرحل أم لا
يرحل أو يذهب أو لا يذهب ؟!!
الأسلحة تذهب أو لا تذهب.. ماذا ينتفع هذا الشعب. ان وضعنا الآن هو
وضع قراصنة في سفينة، أخذوا هذه السفينة. نحن يجب أن نعمل بدقة حتى
نقتل القراصنة، وننقذ السفينة وأهلها من براثن القراصة. أليس كذلك؟
أما اذا قمنا نحن بضرب صاروخ واغرقنا السفينة بأهلها وقراصنتها فاننا
لم نفعل شيئا. اذا نحن دمرنا العراق بشعبه وبنيته التحتية التي فيه
وأنقذنا العراق.. فماذا ننقذ بعد ذلك.. ننقذ الأرض.. أم ننقذ نهري
دجلة و الفرات والأرض والنخيل. كلا.. نحن نريد أن ننقذ الشعب العراقي.
لذلك فان على المخططين أن ينتبهوا الى هذه النقطة..
ومن هذا المنطلق كنت وحتى الآن متحفظا على الهجوم الأمريكي على العراق، لأنني
لا أعرف بأ ن هذا الهجوم ماذا يراد منه ؟.. وما هي الخطط التي سوف
تستخدم في هذا الهجوم. نحن مع الأهداف.. مع ازاحة صدام حسين، ومع
تجريد نظامه من أسلحة الدمار الشامل.
وبصراحة فان هذه الأسلحة لم تنفع شعبنا. ان أسلحة الدمار الشامل
وبالذات الأسلحة الكيماوية.. فانك أي مكان من العالم تستخدمها، وهناك
من يستخدمها.. يجب أن يجرد العالم كله من هذه الأسلحة.. لأنها من عمل
الشيطان.. وعلينا أن نتخلص منها في كل مكان.
بالتالي يا اخوان اذا أردوا انقاذ الشعب العراقي فان عليهم أن
يلتفتوا الى هذه النقطة.. فالقضية قضية لطيفة ينبغي أن ندخل فيها
باتقان وبدقة متناهية، أما أن ندخل فيها بصورة هوجاء فان النتائج سوف
تكون خطيرة.
نسأل الله أن يوفق الشعب العراقي.. بأن ينقذهم الله من هذا النظام
قبل أن تأتي هذه الجيوش وتحصده وتهدم البنى التحتية لهذا الشعب.
لذلك ربنا سبحانه وتعالى في سورة العنكبوت وهي سورة جدا مهمة وأنا
أوصي اخواني المفسرين والعلماء والخطباء والمتدبرين في القرآن بأن
يهمتوا بقراءة آيات هذه السورة فان فيها بصائر لما نحن فيه الآن.
ربنا يقول:
(ومن الناس يقول آمنا بالله فاذا أوذي في الله جعل فتنة الناس
كعذاب الله).. فمهما تكن فتن الناس.. ومهما تكن المشاكل الحادة في
العالم، فانها أقل بكثير من عذاب الله.. فان عذاب الله شديد.
هذه الأيام اكتشفوا مقبرة للشموس في مجرة رأس التبانة.. وهي مجرتنا
التي فيها شمسنا.. أكتشفوا هذه المقبرة في منطقة تسمى الحفر السوداء..
وهذه المقبرة ابتلعت حتى الآن ملايين الشموس. وأنا أقول سبحان الله..
وحرارتها (هذه الشمس ) أشد بكثير من حرارة الشمس.. وعندما تبتلع
الشموس لا يعرف أن تذهب هذه الشموس.. لأنها حفر سوداء ولا تستطيع
الأجهزة والعيون أن تكتشفها في عمق هذه الحفر السوداء.. وأخشى
أن تكون أحد هذه الحفر السوداء هي جهنم التي أنذرنا الله سبحانه
وتعالى منها.. حرها شديد وقعرها بعيد سجرها جبارها لغضبه.. اللهم
أعتق رقابنا من نار جهنم.
حينما تلقى الشمس في نار جهم تصرخ.. ذلك اليوم من كان يعرف هذا الشيء..
في أحاديثنا.. عندما تلقى شمسنا في جهنم تصرخ لحرارة جهنم. فالشمس
تصرخ.. تكاد تميز من الغيض.
لذلك فالواحد اذا كان في الدنيا رأى.. مشاكل في الدنيا من هذا وذاك..
انتهاب الأموال أو حتى النقص في الأنفس والثمرات، فليس من الصحيح أن
ينهار الأنسان.. فان عذاب الله أشد.
جعل فتنة الناس كعذاب الله..
(واذا جاء نصر من ربك ليقولن انا معكم أوليس الله أعلم بما في صدور
العالمين) ثم يحلف القرآن يمينا ويقول (وليعلمن الله الذين آمنوا)..
بمعنى أن هذه المحن والامتحانات والابتلاءات تتوالى وتترى الى أن
يظهر الحق.. يظهر أولئك المؤمنون الصاقون ويعرف من هم ؟.. ويعرف من
هم الكاذبون ؟
(وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين).
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعيننا على أنفسنا ويجنبنا مضلات الفتن..
ونسأله سبحانه وتعالى أن لا يحملنا ما لا طاقة لنا به.. ولا يحمل
علينا اصرا كما حملته على الذين من قبلنا.. اللهم ان كانت هناك فتنة
لا نستطيع أن نتحملها في المستقبل فخذ أمانتك قبل أن نتعرض لتلك
الفتنة ثم نكون عندك من أهون الهالكين.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا في الدنيا اتباع أهل البيت عليهم
أفضل الصلاة والسلام وحبهم وولائهم وفي الآخرة شفاعتهم ومجاورتهم أنه
ولي التوفيق.
وصلى الله على محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين.
|