الصفحة الرئيسية

الأعــداد السابقــة

فهرست العــدد

إتصــلوا بـنـــا

ردك على هذا الموضوع

تقرير مركز الإمام الشيرازي للدراسات والبحوث حول الفساد الإداري والمالي في العراق

الإشراف: المحامي جميل عوده

مقدمة

 الفساد في العراق يتخطى حدوده المعقولة، ليتجه إلى ابعد نقطة في الخيال، فاليوم في النظام العراقي الحديث صار جميع المسؤولين، القدامى والجدد، المحليين والدوليين، في قفص الاتهام على قدم وساق، فمن هو المتهم، ومن هو البريء؟ ومن يتحمل مسؤولية التلاعب بمصائر شعب لم يكن حظه مع حكومته الحاضرة بأوفر من حظه مع حكومته الماضية؟ وهل هناك من يستطيع أن يوقف زحف عجلة الفساد المستشري في جميع مفاصل دوائر الدولة ومؤسساتها، أم أن المسألة خرجت من أيدي الجميع، ولم يعد بوسع أحد أن يحرك ساكنا؟.

 يتعدى الفساد الإداري والمالي في العراق الجديد، نطاق الأفراد والجماعات البسيطة، إلى دوائر البلديات والمديريات، وإلى مؤسسات المجتمع (المدني) والمنظمات والأحزاب والشخصيات السياسية، وإلى وحدات الشرطة والحرس الوطني وقوات حماية المنشآت والاستخبارات الحديثة، وإلى الشركات الوطنية والإقليمية والعالمية، ليبلغ ذروته داخل أروقة الوزارات العراقية على أيدي كبار الموظفين البارعين في عمليات السطو والنهب والاختلاس واستغلال الوظيفة، ففي أكثر مؤسسات الدولة، تعشش طوابير قيادية على شكل إخطبوط مترابط مع بعضه البعض، له بداية وليس له نهاية، يحرك الجزء الأكبر منه رجال السلطة التنفيذية بالتعاون الوثيق مع محاسبين ماليين كبار، يمسكون بمفاتيح الثروة والدخل، ومن مظاهر الفساد في العراق، الرشوة، واستغلال النفوذ، والإثراء غير المشروع، والاختلاسات، والسرقة، وتعيين الأقارب والمحسوبين في مناصب إدارية وهم غير مؤهلين لإدارتها، وهدر أموال الدولة وتبذيرها، وعدم الحرص على المال العام.

 يعود تكّون شبكات الفساد بمختلف أشكالها الإدارية والمالية إلى عهد النظام العراقي السابق، نتيجة ظروف اقتصادية واجتماعية قاسية مر بها العراقيون عامة، والموظفون في دوائر الدولة خاصة. فقد كان الموظفون من اكثر الطبقات الاجتماعية حاجة، ففي الوقت الذي يعمل فيه الموظف اكثر من ثماني ساعات في اليوم، وربما أربع وعشرين ساعة، ولكنه لا يتقاضى إلا راتبا بسيطا لا يكفيه إلا أياما معدودات، مما دفع الكثير من الموظفين النزيهين، أو الذين لا يتمكنون من التصرف في أموال الدولة خلسة بحكم درجاتهم الوظيفية، إلى الاستقالة من العمل والتوجه إلى الأعمال الحرة والبيع والشراء، وظل الموظفون الباقون يعيشون مع أسرهم حد الكفاف، حيث كانوا يستحسنون الحصول على هذه الحقوق افضل من فقدها أو ترك العمل.

 بينما لجأت فئة أخرى من الموظفين، خاصة المسؤولون الكبار، والمتنفذون الصغار إلى اختلاس أموال الدولة، أو التعامل بالرشوة، لتأمين جزء من مصروفاتهم اليومية. وعلى الرغم من أن الإجراءات القانونية المتبعة في عهد النظام السابق كانت قاسية جدا، لمن يختلس أو يسرق، ولكن اشتراك كبار البعثين الموظفين، والتعاون مع أجهزة الأمن والمخابرات والشرطة، جعلت الخوف من العقوبات يتراجع إلى المرتبة الثانية في قاموس هؤلاء الموظفين.

 لقد أدت التعقيدات الإدارية التي تميزت بها فترة الحكم السابق، نتيجة الإرباك السياسي والاقتصادي الذي أصاب مؤسسات الدولة بسبب الحروب والحصار الدوليين إلى قيام المراجعين والتجار وأصحاب المشاريع والأغنياء بتشجيع ظاهرة الابتزاز والرشوة، والتعامل معها كأمر واقع بدونها لا يمكن إنجاز معاملاتهم، ولقد تطورت الأمور بالتدريج لتنتقل المساومات من داخل دوائر العمل إلى خارجها إلى بيوت الموظفين والمسؤولين الكبار، وتنجز المعاملة أو تعطي الجهات المعنية الوعد القطعي لإتمام الإجراءات العالقة في مقابل حقوق محفوظة للموظف تصل إلى داره. ومن ثم، فإن الرشوة والاختلاس والسرقة، لم تقتصر على دوائر معينة فقط، بل انتشرت في المحاكم ومراكز الشرطة، والجهات التنفيذية العليا في المحافظة والقضاء، فاصبح المحافظ والقائمقام ومدير الناحية ومدراء البلديات كلهم مراكز للرشوة والابتزاز.

 وقد مثلت فترة سقوط النظام العراقي السابق، وغياب شكل الدولة والهيئات الحكومية والرقابة أثمن فرص لاختلاس وسرقة ما كان يقع في ذمة بعض الموظفين من أموال المصلحة العامة، ونقلها أو تحويلها إلى أرصدة خاصة. وكانت القيادات السياسية للحكومة المنحلة على رأس المختلسين والسراق، حيث تم نقل المليارات من الدولارات إلى خارج الحدود قبيل وبعيد سقوط النظام العراقي.

إن تأخير تشكيل حكومة وطنية قوية تحل محل الحكومة السابقة، وغياب التخطيط في إدارة الدولة، وصرف الأموال العامة وفقدان الرقابة المحلية، زاد الطين بله، حيث دخل الشركاء الجدد مع الموظفين القدامى في عمليات سطو ونهب منظمة ومعلنة، لم يشهدها العراق حتى في اشد الظروف تعقيدا.

 هذا التقرير، وبناء على دراسة ميدانية، ومشاهدات حية، يعطي تصورات واضحة عن حجم الفساد الإداري والمالي المستفحل في العراق، كما يقترح حلولا واقعية جديرة بالاهتمام، فيما إذا توفرت الإرادة السياسية الجدية للإدارة الحالية.

لجان مشاريع البناء والترميم

 جرثومة الفساد في مشاريع البناء أو إعادة البناء في العراق الجديد، لم تكن من جراثيم الفساد الداخلي المستفحل في حياطين دوائر الدولة، وإنما هي من نوع الفساد القادم من خارج الحدود، فرضته المتغيرات السياسية الدولية على الواقع العراقي، لان مشاريع الإنشاء كانت أول الأمر منوطة بسلطة التحالف المؤقتة التي استحوذت على موارد العراق النفطية بالكامل.

 وبدأت مظاهر الفساد الإداري والمالي في هذه المشاريع تطفو على السطح، عندما قررت سلطة التحالف وحدها إدارة مشاريع الإنشاءات، وإسناد مهمة التنفيذ إلى شركات أمريكية، خاصة الشركات القريبة من الحزب الجمهوري، والتماشي مع التقديرات التخمينية العالية التي وضعها المقاولون الأمريكان، لإنجاز مشاريع إعادة البناء وأعمال الترميم.

 كانت الشركات الإنشائية الأجنبية، تعمل ضمن قوات التحالف في بغداد والمحافظات، وتقوم بالاعتماد على مشاورات محلية تجريها مع مسؤولين أو شخصيات اقتصادية وسياسية ودينية وعشائرية بتخطيط مشاريع إعمار وترميم (ضرورية)، ثم تسند عمليات التنفيذ إلى شخصيات (موثوقة) ربما هي نفس الشخصيات المشاورة، بطريقة سرية للغاية، وهؤلاء بدورهم يمنحونها إلى مقاولين صغار على وفق (نظام المقطوعة).

 هذه الطريقة من التعامل الغامض في اختيار نوع المشاريع الترميمية وتكاليفها وشخصيات المقاولين المنفذين أثارت في الوسط الشعبي ردود أفعال سلبية، وأخذت الشكوك تحوم حول مدى الشفافية التي تتمتع بها سلطة التحالف والشركات المتحالفة معها في إدارة أموال العراق إدارة صحيحة. وقد أوضح تقرير منظمة الشفافية الدولية (أن المسح الذي أجري في شهر مايو 2004 أظهر بأن 58% من العراقيين المستطلعة آراؤهم قد سمعوا عن وجود فساد في عمليات إعادة الإعمار، وأن 32% منهم أن موظفي سلطة التحالف المؤقتة متورطون في سوء الإدارة، وأن معظم الشريحة متفقة على أن الرشوة منتشرة في كل النشاطات الحكومية، وأن المراقبين لمشاريع بناء المدارس العراقية تلقوا رشوة من المقاولين ليصرفوا النظر عن رداءة أو عدم إنهائهم عمليات البناء في سبتمبر 2003).

 لم يتحسن الحال كثيرا عندما شُكلت (لجنة الإعمار) التي تم إسنادها إلى إدارة المحافظة في بغداد والمحافظات، لان الأمر ببساطة تحول من دائرة ضيقة إلى دائرة أوسع، ومن مستفيدين اقل إلى مستفيدين أكثر، دون أن تتغير عملية صرف مخصصات حملة الاعمار والترميم، ودون أن يكون هناك آلية تعامل محددة، مع فقدان الوضوح والشفافية.

 عموما كانت المشاريع التي أوكلت متابعتها للجنة الاعمار ترسى على مقاولين محددين، بالتنسيق السري التام بين هؤلاء المقاولين الفائزين بالمناقصات، وبين مجموعة أو أكثر من الموظفين المشرفين على تلك المناقصات، واحدة من الطرق التي تُرسى فيها العطاءات، هو قيام الموظفين المطلعين على العطاءات بإبلاغ المقاولين ليتقدموا بإعطاء اقل من عطاء المتقدمين، ولو بنسبة 1% مقابل نسبة من الأرباح، ويتعهد المقاولون الذين رست العطاءات لمصلحتهم، بإرسال النسب المالية المتفق عليها إلى الموظفين المشرفين حال إرسائها، وتختلف النسب التي تحصل عليها الشبكات الابتزازية من مشروع إلى مشروع، وذلك مقدار الأرباح المتوقع تحقيقها من المشروع الذي يتم الاتفاق عليه.

 في ظل هذه الفوضى المتعمدة في إدارة المشاريع الإنشائية في العراق، تنفق أموال طائلة في مشاريع وهمية لا وجود لها إلا على البيانات التي تقدمها الشركات الصغيرة للكبيرة ومازالت تأتى أموال استثمارية من جهات مجهولة تنفق في مشاريع مجهولة، يتفق بعض أعضاء المجالس المحافظات والأقضية والنواحي، مع المقاولين الصغار من اجل إرساء المناقصات المليونية على مشاريع ترميمية ليس لها مردود إيجابي على المواطنين، ذمم تباع وتشترى في حفلات عشاء وهدايا ثمينة تقدم إلى المحافظين والقائم مقامين ومدراء النواحي.

 عندما يجهل المرء مصادر التمويل المالي لمشاريع البناء والترميم، أو يجهل حجم المصروفات المخصصة لهذه المشاريع، فانه لا يملك إلا أن يشك بنوايا القائمين عليها، أو المنفذين لها، بالخصوص إذا ما تظهر الخلافات الشخصية بين المتعاملين بعض الفساد المالي، ومما يزيد الطين بلة، أن الشكوك التي أبدتها الأطراف الوطنية والدولية، لم تلق جوابا شافيا من لدن الجهات التي تتحكم بحملة الاعمار والترميم.

توصيات

-جدولة مشاريع الإنشاءات وتحديد الأولويات ضمن الحاجات الواقعية للمواطنين.

- ذكر الشركات الأجنبية والمحلية التي تشرف وتنفذ مشاريع الإنشاءات.

- بيان التكاليف المالية التي تتطلبها عمليات بناء أو إعادة بناء مؤسسات الدولة ودوائرها.

- تشكيل لجان إشرافية من أكثر من جهة في المحافظة أو القضاء أو الناحية، للإشراف على العطاءات على أساس الكفاءة والنزاهة الإدارية.

- تشكيل لجان مراقبة دقة تنفيذ المشاريع ومطابقتها لعقود المقاولات المتفق عليها.

- محاسبة الأطراف التي يثبت التحقيق إدانتها في عمليات غش أو تلاعب في توجيه مشاريع الإنشاءات غير الوجهة الوطنية لها.

- توضيح طرق إرساء العطاءات ومواقيتها عن طريق وسائل الإعلام الرسمية المتعمدة لدى المحافظة.

 

الوزارات الأمنية

1- وزارة الداخلية

 وحدات مديرية الشرطة المحلية: حدث تغير ملحوظ في الهيكلية العامة لوزارة الداخلية بعد تغير النظام العراقي، حيث أجريت تعديلات واسعة النطاق طالت كبار الموظفين في الوزارة، وطُورت الآليات العامة للتعامل مع الإرهاب، والجريمة، والجريمة المنظمة، ودُربت بعض وحدات الشرطة في دورات تأهيلية خاصة لتكون قادرة على مواجهات المهمات الصعبة، إلا أن وزارة الداخلية العراقية ومديرياتها، ما زالت إحدى أهم مراكز الفساد المتحرك على أكثر من اتجاه، ولعل التدقيق في ملفات هذه الوزارة وإجراءاتها على مختلف الصعد، سوف يوصل المحققين إلى نتائج محبطة للآمال؛ نظرا لما يحدث هناك من عمليات اختلاس ورشىً واستغلال للنفوذ، يوجهها من وراء الكواليس قيادات مدنية وعسكرية تشغل مناصب رفيعة ضمن الوزارة وفروعها!.

 فعلى الرغم من التعديلات التي طالت كادر جهاز الشرطة المحلية على مستوى بعض القيادات والتوجهات العامة، ورغم الإمكانيات الهائلة التي تصرف من الميزانية العامة المخصصة لأجهزة حماية الأمن الداخلي، لترسيخ الأمن المنفلت في العراق، فإن جهاز الشرطة لم يرتق بعد إلى المستوى الذي يتناسب مع تطور المرحلة، لا فيما يتعلق بتحمل المسؤوليات، ولا فيما يتعلق بالخدمات التي توفر على الاستمرار للشرطة المحلية، ومن ثم، يشكل جهاز الشرطة الداخلية في كثير من مفاصله عائقا حقيقيا أمام إنجاز المشاريع الديمقراطية في العراق. فمازال الكثير من أفراد الشرطة، وهم من الكادر الوظيفي القديم، يتعاملون بقسوة متناهية مع المتهمين، الذين يدخلون سجون مراكز الشرطة، سواء ثبت الجرم المنسوب أو لم يثبت، ولم تتغير طريقة تعامل الشرطي مع المواطن إلا في أوقات محصورة، عندما يضعف هذا الجهاز كما حصل بُعيد سقوط الحكومة السابقة. ومن ثم، يفقد المواطن العراقي المتهم كرامته عند بوابة مركز الشرطة مع أول حديث مع حارس المركز، ويهان أشد إهانة ثناء التحقيق، ويُقاد بعنف واحتقار إلى سجونها.

 ويظل المتهم في بعض الأحيان عدة أشهر في سجن المركز من غير إحالة أوراقه إلى المحكمة المختصة لمحاكمته، أو تحول أوراق التحقيق إلى المحكمة المختصة، ولكن يؤجل تقدمه للمحاكمة فترة أطول، ربما في بعض المرات تتجاوز مدة سجنه. ويعذب النزلاء في أثناء التحقيق، وتملأ أوراق التحقيق باعترافات كاذبة منسوبة للمتهم، ويضطر ذوو المتهمين إلى دفع أموال جمة، لتخليص أبنائهم من زنزانة السجن. فكثيرا ما يطلق سراح المجرمين بدفع رشاوى إلى المحققين، وتستبدل الاعترافات بغيرها، وتتلف الملفات القديمة.

 وينخرط بعض رجال جهاز الشرطة في شبكات إرهابية موزعة على محافظات العراق، لاسيما بغداد والمناطق الغربية، وقاد بعض ضباط هذا الجهاز عمليات إرهابية واسعة النطاق كان ضحاياها من رجال الشرطة أنفسهم، واستدرج ضباط وجنود في الشرطة إلى أوكار الإرهاب بواسطة أصدقائهم الشرطة، وعُذبوا وقتلوا وذبحوا هناك، ونال بعض الضباط الإرهابيين لقب (أمير) بعد أن ذبح ما يقارب من (150) مواطناً عراقياً، بتهمة التعاون مع قوات الاحتلال، مستخدما زيه العسكري ومنصبه كضابط في أحد مراكز الشرطة.

 لقد ساهمت قوى الشرطة الحديثة هي الأخرى في سرقة الأموال العامة من خلال إخفاء المسروقات التي يتم ضبطها في حوزة المتهمين، فتارة تسرق الأموال المضبوطة في مكان الجريمة من قبل نفس الشرطة أو المسؤولين عنها، وأخرى تسرق عندما ترسل إلى المسؤولين الكبار الذين يمتلكون القرار الحاسم في تقرير مصير الأموال المسروقة. ومن ثم، حولت الكثير من المسروقات النقدية وغير النقدية إلى الحساب الشخصي لبعض المسؤولين، الذين تمكنوا من جمع ثروات طائلة في فترة قياسية، بعضهم تم إقالته من منصبه، وبعضهم نقل إلى وظيفة أدنى من وظيفته السابقة، وما زال الكثير منهم يمارسون العمل ذاته بلا رقابة تذكر.

 لقد أتاح الفراغ الأمني فرصة ثمينة لضباط الشرطة والمنتسبين ليعودوا من جديد لممارسة أعمالهم المعتادة، وإعادة علاقاتهم الشخصية، وتوسيع نفوذهم وتحالفاتهم، ليس كل موظفي أقسام الشرطة مرفوضين، وليس كلهم ممن أساء معاملة المدنيين، ولكن جهاز الشرطة لا يحظى بالتأييد والاحترام الشعبين، لكثرة أعمال الإهانة والتعذيب وسوء المعاملة التي مارستها اكثر مراكز الشرطة، فالشرطي عموما لم يتدرب في عهد الحكومة الماضية لا على أصول القانون ولا على قواعد احترام الناس بقدر ما تدرب على التعامل اللاإنساني.

توصيات

- منح سلطة تعين قيادات جهاز الشرطة في المحافظات إلى مجالس المحافظات المنتخبة.

- تشكيل أجهزة مراقبة نزيهة من داخل جهاز الشرطة، لمراقبة ومحاسبة الأفراد المسيئين.

- إدخال الشرطة دورات تثقيفية عامة تدرس فيها قضايا حقوق الإنسان، والطرق القانونية في التعامل مع المواطنين والمتهمين.

- تحسين ظروف السجون في مراكز الشرطة والسماح لمنظمات حقوق الإنسان بزيارة النزلاء.

- تكثيف الحملة الإعلامية في مراكز الشرطة لحثهم على احترام المواطنين وتحذيرهم من مغبة الإساءة المقصودة إلى المراجعين.

- تشكيل قسم مراقبة شكاوي المواطنين وتفعيل هذا القسم، من أجل إيصال الردود السريعة للشاكين.

- إحالة الضباط القدامى من رتبة عقيد فما فوق إلى التقاعد.

2- وزارة الدفاع

 كان على قوات التحالف الدولية بعد حل الأجهزة الأمنية والعسكرية أن تسعى إلى تكوين أجهزة أمنية وعسكرية تحل محل تلك الأجهزة المنحلة، وقد أعدت بعض قيادات التشكيلات العسكرية الجديدة، قبل دخول قوات التحالف إلى العراق، ولكن لم تكن القيادات الجاهزة كافية لإدارة الشؤون الأمنية من جهة، كما لم تكن هذه القيادات التي غادرت العراق في فترات مختلفة قادرة وحدها على استيعاب التناقضات الاجتماعية والسياسية والأمنية من جهة ثانية. لهذا أسندت القيادات العسكرية في المراتب الثانوية لتشكيلات الدفاع المدني (الحرس الوطني) إلى بعض الشخصيات العسكرية في الأجهزة العسكرية السابقة، والأحزاب السياسية التي بدورها كانت مضطرة إلى تنسيب مجموعة من الضباط القدامى ممن انخرطوا في صفوفها مؤخرا، لحماية أنفسهم من التعرض للقتل، أو للوصول إلى وظائف في الدولة، فدخل في هذه العملية العشوائية للتعيين ضباط مشبوهون، بعضهم اشترك في قيادة وحدات عسكرية خاصة، عُرفت بقسوتها وشراستها وولائها للنظام السابق، مثل وحدات الحرس الجمهوري، ووحدات الحرس الخاص.

 لقد قدمت أفواج الحرس الوطني الكثير من الخدمات الأمنية للبلاد، واستطاعت خلال فترة قياسية أن تسد النقص الحاصل في الكادر الأمني بعد حل وزارة الدفاع، وتم القبض على عشرات الإرهابيين العراقيين والعرب القادمين من خارج الحدود العراقية، وتطوعت أعداد من الشاب العاطلين عن العمل في سلك الحرس الوطني، ولكن في ظل غياب الرقابة العليا لقوات الحرس الوطني، وارتباط هذا التشكيل الناشئ مباشرة بقوات التحالف الرابضة في حدود محافظات العراق، نمت شبكات تحالف تضم عدد كبير من الضباط الأصدقاء، فالضابط المسؤول يأتي بضابط أدنى منه رتبة، وهذا الأخير يأتي بآخر، وهكذا من دون مراجعات دقيقة لطبيعة هؤلاء الضباط أو معرفة تاريخهم العسكري، هذه الفوضى في تعين قيادات الحرس الوطني دفعت بعض العسكريين المراتب وغير العسكريين ممن لا يحمل شهادة كليات الشرطة أو الجيش، أو لم يدخلوا دورات عسكرية قانونية سريعة وبعضهم لا يحمل إلا شهادة الدراسة الابتدائية، أن يزور شهادة عسكرية له، ويدعي رتبة عسكرية معينة، ومازال بعضهم يقود مجموعات عسكرية حتى الساعة.

 كانت وحدت الطوارئ في الحرس الوطني من أكثر الوحدات خروجا عن القانون، وهي تضم العشرات من الشباب المتحمس للمعارك دون أن تكون هناك ضوابط وقوانين تحكم تحركاتهم وتصرفاتهم مع الناس، حيث تقتحم هذه الوحدات المناطق والبيوت في ساعة مـتأخرة من الليل، وتسرق بعض الممتلكات العامة والخاصة إثناء عمليات الاقتحام المفاجئ.

 وتصرف الأجهزة الأمنية والشرطة والحرس الوطني يومياً مئات الدولارات في مسائل غير ضرورية، تحول الكثير منها إلى مصالح الضباط ونواب الضباط، يقتطعونها من النثرية الفائضة عن الحاجة، وتنقل الكثير من الحاجات التي هي من لوازم المعسكرات، مثل مياه الشرب، ووسائل بنزين أو النفط إلى البيوت مجانا. وطوع المسؤولون في الحرس الوطني أفراد أسرهم وأقربائهم، وكونوا عصابات عشائرية ضاربة، تمارس القوة في علاقاتها مع الأفراد الآخرين، كما ارتشى بعضهم مقابل تطويع من ليس لديه واسطة في وحدات الحرس الوطني.

توصيات

- منح سلطة تعيين قيادات الحرس الوطني إلى مجلس المحافظة المنتخب انتخابا حرا.

- إعادة دراسة ملفات قيادات الحرس الوطني من جديد بما يضمن وجود ضباط نزيهين.

- مراقبة تجاوزات وحدات الحرس الوطني وتقديم المتجاوزين إلى المحاكم المختصة.

- تشكيل هيئة نزاهة داخلية تتولى الأشراف على ممتلكات الحرس الوطني للحفاظ على ممتلكات الدولة العامة.

- توثيق المواد المضبوطة أثناء عمليات مداهمة المنازل والأشخاص للحفاظ عليها من عمليات اختلاس وسطو.

رواتب مجانية

 يعاني المواطنون العراقيون في الدولة الجديدة، بشكل عام من قلة فرص العيش والعمل، ولا توجد مؤسسات اجتماعية تتولى تقديم المساعدات والمعونات المالية، وقد تضررت طبقات اجتماعية من الزيادات والمنح التي كانت من نصيب فئة الموظفين والمتقاعدين، ولم تنشط وزارة العمل الاجتماعي كما ينبغي في هذه المرحلة. ولكن في مقابل ذلك هناك المئات من رجال الجيش والشرطة والبعثين يتقاضون رواتب من اكثر من وزارة أو من نفس الوزارة، خاصة بعد قرار إعادة صرف رواتب الوزارات المنحلة لاسيما الجيش والإعلام، ففي الوقت الذي يستلمون فيه كل ثلاثة اشهر حقوقهم من الوزارات المنحلة، فانهم يستلمون رواتب إضافية من الوزارات والوحدات الأمنية والعسكرية الجديدة، لأن الكثير منهم التحق بصفوف الشرطة أو الأجهزة الأمنية والمخابراتية، أو عين موظفاً في دوائر الدولة، وربما نجد شخصاً واحداً يتقاضى ثلاثة رواتب من الدولة نظراً لقدرته على ترتيب علاقات قوية مع المسؤولين في هذه الدوائر!. ولقد تمكن الضباط ونواب الضباط الإداريون الذين يعملون في قسم الحاسبات من إدخال آلاف الأسماء، بحجة انهم كانوا في أحد الأجهزة الأمنية، وهناك أسماء ليس لها وجود إلا عند هؤلاء الضباط، ويأخذ الضباط في قسم الحاسبات هذه الحقوق ويستلمونها نيابة عن تلك الأسماء الوهمية. لقد أثرى هؤلاء الضباط ثراء فاحشا على حساب الدولة والمواطنين.

- تشكيل لجان تدقيق خاصة في دوائر وأقسام صرف حقوق المستحقين.

- تغيير المشرفين على الحسابات، خاصة الضباط الكبار الذين يثبت تلاعبهم بالمصروفات المالية.

-تحديد الموقف الحكومي الرسمي النهائي من الموظفين التابعين للوزارات المنحلة.

الأحزاب السياسية

 تشترك الأحزاب السياسية والشخصيات السياسية المشاركة في الحكم الجديد أو المتحالفة معها، ومنها شخصيات سياسية ذات صيت، في عمليات غير مشروعة تساعد في الشروع على أعمال فساد وإفساد لمؤسسات الدولة. وقد هيأ الفراغ السياسي والإداري الذي خلفه سقوط النظام العراقي السابق فجأة فرصة ثمينة للتشكيلات الحزبية، لأن تملأ دوائر الدولة بالموظفين المنتمين أو المتعاونين معها من خلال التوافق السياسي فيما بينها، ولكون غالبية الأحزاب والشخصيات السياسية لا تمتلك كادرا سياسيا بحجم الكادر المطلوب لشغل مناصب إدارية جديدة، فإن بعض الأحزاب عمدت إلى فتح باب الانتماء إلى خطها، وقدمت عدة مغريات للجماهير من أهمها الوعد بالتوظيف، إلا أن أعضاء بعض الأحزاب ممن تولوا طلبات التوظيف انحرفوا بمهمة التوظيف عن مسارها الصحيح، وأخذوا يتعاملون بالرشوة، فمقابل كل طلب يتقدم به المواطن العاطل عن العمل 200$ أو 300$ دولار أمريكي. كما لعبت العلاقات الشخصية والحزبية والعشائرية في ملفات التوظيف دورا غير مسبوق، فقدم بعض الشخصيات السياسية المرموقة أبناءه وأقرباءه وأبناء عشيرته والمقربين له لتولي مناصب وزارية عالية، دون مراعاة الخبرة والكفاءة المطلوبين في شغل هذه الوظائف، ووكل بعض هذه الشخصيات إدارة الشؤون الأمنية لأقربائه وحزبه!. كما تدخلت الأحزاب والشخصيات السياسية بصورة مباشرة أو غير مباشرة، في الاستحواذ على مشاريع اقتصادية كبرى بالتعاقد مع الشركات الخارجية التي أنيطت بها مهمة من مهمات الإعمار في العراق. وقد فرضت الشخصيات الحزبية في أنحاء العراق على دوائر الدولة مثل مديريات التربية والصحة أسماء معينة منها جزء من الحزب السياسي والكثير منها على وفق مبدأ التعيين مقابل المال، بينما ظل الكثير من العراقيين من ذوي الكفاءات عاطلين عن العمل.

توصيات

- أن يقتصر عمل الأحزاب السياسية على شؤون السلطة والحكم أو المعارضة للسلطة والحكم.

- أن تتخلي الأحزاب السياسية عن بنايات الدولة وإحالتها إلى الجهات الرسمية المعنية.

- ضرورة ابتعاد الأحزاب السياسية وأعضائها عن تبني المشاريع الاقتصادية بما يجعل الأحزاب هيئات اقتصادية مستثمرة.

الصفحة الرئيسية

الأعــداد السابقــة

فهرست العــدد

إتصــلوا بـنـــا