الصفحة الرئيسية

مجلة النبأ

ملف عاشوراء

 
عاشوراء الحسين 1431هـ
عاشوراء الحسين 1430هـ
 عاشوراء الحسين 1429هـ

  عاشوراء الحسين 1428هـ

  عاشوراء الحسين 1427هـ

  عاشوراء الحسين 1426هـ

  من نبض عاشوراء 1425هـ

  من نبض عاشوراء 1424هـ

  عاشوراء في ذاكرة النبأ

 صور عاشوراء

اتصل بنا

 

 

الملحمة الحسينية في الشعر الكربلائي

محمد طاهر محمد

 

شبكة النبأ: المائدة الثقافية في كربلاء عامرة بأنواع كثيرة من المعارف والعلوم والآداب لما تشكله هذه المدينة من إرث ديني وفلسفي وفكري كبير ناهيك عن تاريخها المشرق الذي تتوج وتوهج باحتضان الجسد الطاهر لسيد الشهداء الامام الحسين (ع) وأجساد أهل بيته الكرام واصحابه الابرار، ولهذا اكتسبت الحركة الثقافية في هذه المدينة المقدسة أهمية خاصة كونها تمثل الإرث  التاريخي والاخلاقي لهذه المدينة.

لقد تميزت كربلاء كونها كانت مسرحاً لأروع ملحمة في التاريخ وأنصع صفحة من صفحاته عندما وقف أبو الاحرار الامام الحسين متحدياً الظلم والاستبداد في سبيل إحقاق الحق وإماتة الباطل، فأصبحت وقفته تلك خير درس لكل أمة تنشر الحرية والكرامة، حيث تجلت فيها أروع دروس التضحية والإباء، فبقيت حية في ضمائر الجماهير حتى في أحلك الظروف.

وقد تناول الشعراء موضوع الثورة الحسينية منذ استشهاد الامام الحسين حتى اليوم لما تحمله هذه الملحمة الخالدة من افاق معرفية كبيرة وأبعاد فكرية عميقة وخاضوا في تفاصيلها الانسانية التي تنبئ بالروح الكبيرة التي يحملها الامام الحسين (ع) وأهل بيته وأصحابه الاجلاء فنهلوا من افاقها الرحبة، واستلهموا من عطائها الانساني أكثر وعلى مدى الاجيال المتعاقبة فهي كتاب مفتوح مليئ بالدروس.

وقد زخر الشعر الحسيني الكربلائي بصورة الملحمة الحسينية فمثلما كانت كربلاء آهة حزينة ودمعة حَرّى فقد كانت نشيداً خالداً للشاعر الكربلائي الذي وجد في القضية الحسينية سجلاً حافلاً بالصور المجسدة لكل ما جرى في معركة الطف، فتعددت المحاور والموضوعات فإلى جانب الرثاء كانت هناك جوانب أخرى كالشجاعة والاباء والتضحية التي تجسدت في الامام الحسين كذلك التعبير عن اجلال الشعراء للامام الحسين وبيان مكانته عند رسول الله إضافة الى الجوانب الاخرى.

كما تجلى في الشعر الكربلائي الحسيني صدق العاطفة والصور المؤثرة ففي الرثاء كان الشاعر الكربلائي يعبر عن شدة الحزن والأسى لما ألمّ بالإمام الحسين (ع) وأهل بيته وصحبه فكان لهذا الشعر الرثائي صدى جماهيري واسع حينما يلقى على المنابر لتصويره الجوانب المؤثرة في واقعة كربلاء وما جرى في فيها من مآس على أهل بيته (ع) فلم يشهد تاريخ الادب العربي انسجاماً وتلاحماً بين الشاعر وجمهور المتلقين مثلما حصل في مراثي الحسين فكان ذلك مصداقاً لقول رسول الله (ص): "أن لقتل ولدي الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبداً". يقول الشيخ محسن أبو الحب:

وكيف لا تحزن الدنيا وساكنها         على مصاب الامام السيد البطل

فالركن يبكيه والبيت الحرام ومن        سعى وطاف فمن داع ومبتهل

له الملائك والسبع الشداد بكت           ومن على الارض من حافً ومنتعل

هو العزيز الذي جبريل لازمه           في مهده وكساه فاخر الحلل

وفطرس لاذ فيه وهو معتصم           به فنال الرضى من وأحدً أزل (1)

فالشاعر يشير الى حالة الحزن التي عمّت السماء والارض إثر مقتل الحسين (ع) وشملت الملائكة والناس والموجودات ثم يشير إلى مكانة الحسين (ع) عند الله عزوجل واحتفاء الملائكة بمولده الطاهر في اشارة الى هول الفاجعة:

وهذه المكانة الكبيرة والمنزلة العظيمة للامام الحسين عند الله كانت سبباً لذم أعدائه فقد ورد عن النبي (ص) أنه قال: (اشتد غضب الله وغضب رسوله على من أهرق دمي وآذاني في عترتي) (2)، وقد أكد الشعراء هذه الصلة لهول الجرم الذي ارتكب بحق أبن بنت رسول الله (ص) يقول محمد حسن أبو المحاسن:

عدمناك من دهر خؤون لأهله          أذا ما أنقضى خطب له راعنا خطب

على ان رزء الناس يخلق حقبة         ورزء بني طه تجدده الحقب (3).

ويقول أحمد بن درويش على لسان السيدة الحوراء زينب مخاطبة جدها الرسول الكريم محمد (ص):

يا جدنا: هذا حسينك بالعرا              فوق الصعيد عليه تسفى الزوبع (4)

ففي قول الشاعر (يا جدنا) و (هذا حسينك) دلالة عميقة تشير إلى فجيعة النبي (ص) بمقتل الحسين (ع) وقد جعل الشاعر من ذلك نداء حزيناً من السيدة زينب (ع) لجدها المصطفى في أشارة الى انتهاك الاعداء لحرمات الرسول (ص).

كما حملت القصائد الحسينية أبعاداً عقائدية تتمثل في إيمان الشعراء بمنزلة الإمام الحسين (ع) وأهل بيته ووجاهتهم عند الله تعالى بوصفهم وسائل للشفاعة كما جاء في الكثير من الروايات المعتبرة يقول السيد جواد الهندي:

آبائي الاشراف هاكم قصيدة             جوادية أبياتها درر غر

وإني لأرجو أن تكونوا ذخيرتي         وملجئي أن قام القيامة الحشر

عليكم سلام الله مادامت السما            وما أشرقت شمس وما طلع البدر (5)

وقريب من هذا المعنى قول الشاعر عباس أبي الطوس مخاطباً الامام الحسين (ع):

فعلى قبرك المشيد سلام                 وسلام عليك يا أبن الاسود (6)

ومن الصور التي كثر تجسيدها في الشعر الكربلائي حال نساء الحسين (ع) لا سيما مواقف العقيلة الحوراء وبطلة كربلاء السيدة زينب (ع) يقول الشيخ هادي الخفاجي الكربلائي:

وعليه درن صوارخاً ونوادباً           ولنعيها قد ذاب صم الجلمد

وأشدها حرقاً عقيلة حيدر                تدعوا أخاها السبط في قلب صدي

من بعد فقدك يا حمانا ملجأ              للحائرات ولليتامى الفسقد

من ذا ترى يحمي حماها أن غدت      من ضرب أعداها تدافع باليد (7)

وهناك جانب آخر في القصيدة الحسينية الكربلائية الا وهو جانب الحسرة واللوعة على ما أصاب سيد الشهداء وأهل بيته وصحبه وكأن الشاعر يريد أن يقول: (يا ليتنا كنا معكم فنفوز فوزاً عظيماً)، كما في زيارة الامام الحسين (ع) أنه جانب من الحزن العظيم على هذه الفاجعة الأليمة يقول الشيخ محمد علي كمونة:

فوا حزني إذ لم أكن يوم كربلا         قتيلاً ولم أبلغ هناك مأربي

فأن غبت عن يوم الحسين فلم تغب     بنوأسد الهياج أقاربي (8)

فالشاعر عندما يبدي حزنه الشديد في البيت الأول على انه لم يكن في يوم كربلاء ولم يبلغ هناك (مأربه) في الذب عن الحسين فأنه يشعر ببعض السلوان بأن أقاربه من أصحاب الحسين الابطال كحبيب بن مظاهر وسلم بن عوسجة وغيرهما من بني أسد الشهداء بين يدي الحسين قد حضروا يوم الحسين وبذلوا مهجهم دون أبن بنت رسول الله.

وهناك جانب أخر تناوله الشعر الكربلائي وأستمد مقوماته من النهضة الحسينية وهو مزج الماضي بالحاضر فكربلاء هي ذكرى معطرة تجول في ذاكرة التاريخ وهي عند الشعراء صارت نغماً يتردد في أشعارهم وهذا الجانب تغنى بكربلاء كونها منبع الثورات التحررية من الذل والاستعباد فهي ( موطن الاحرار ) و(صرخة الثوار ) يقول السيد سلمان هادي آل طعمة:

يا كربلاء وانت فخر قداسة         يستوجب التعظيم والتبجيلا

يا موطن الاحرارر منه تألفت      سور الجهاد وفصلت تفصيلا

وبثورة العشرين دوت صرخة      قد طيرت لب الدخيل ذهولا

أذ أصدر الليث (التقي ) نداءه      (فتوى ) تحاكي الصارم المصقولا

هي صرخة الثوار كانت رعدة     تركت صروح الاجنبي طلولا

هذه مآثر كربلاء وأنها              سفر يخلد في الزمان طويلا

ففي هذه الابيات أشارة واضحة من الشاعر الى الفتوى التي أصدرها المرجع الديني الكبير الميرزا محمد تقي الشيرازي والتي قامت بمقتضاها ثورة العراق الكبرى 1920.

وتتعدد المحاور والموضوعات وتبقى القضية الحسينية المعين الذي لا ينضب بدروسها التي علمت الانسانية الحياة الكريمة.

....................................................................

الهوامش/

1_ ديوان أبي الحب ص 141

2_ عيون أخبار الرضا : 1/30.

3_ ديوان أبي المحاسن الكربلائي : ص5

4_ شعر من كربلاء ص 202

5_ ديوان السيد جواد الهندي ص 6

6_ ديوان عباس أبو الطوس 318

7_ ديوان الشيخ هادي الخفاجي الكربلائي ص 40_41

8_ ديوان أبن كمونة ص 13

تراجم الشعراء/

1_ محسن أبو الحب : ولد في كربلاء 1887م كان شاعراً خطيباً معروفاً في العراق ت 1949.

2_ محمد حسن أبو المحاسن ولد في كربلاء 1837م كان شاعراً سياسياً ت 1926.

3_ السيد جواد الهندي ولد في كربلاء من أشهر خطباء عصره ت 1914.

4_ أحمد ابن درويش ولد في كربلاء 1845م له عدة مؤلفات ت 1911.

5_ عباس أبن الطوس ولد في كربلاء 1929 ت 1958.

6_ هادي الخفاجي ولد في بغداد 1908 وعاش في كربلاء ومات فيها سنة 1992.

7_ السيد سلمان هادي آل طعمة ولد في كربلاء سنة 1935.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 22/كانون الاول/2009 - 5/محرم/1431

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1430هـ  /  1999- 2009م

[email protected]