بناء دولة حضارية حديثة متجذرة في قيم المجتمع وثقافته وتاريخه يبعث الطمأنينة في نفوس العراقيين. تأكيدًا على أن ما نطمح إلى بنائه ليس تقليدًا أعمى، بل إبداع ينبع من داخل هذا المجتمع ذاته، تذكير بأن العراق، بتاريخه العريق وروحه القوية، قادر على إيجاد الطريق الخاص به نحو التقدم والازدهار...
في عصر العولمة والتقنيات الحديثة، يبدو أنه من المغري تبني نماذج دول ناجحة ومحاولة استنساخها لتطبيقها في مختلف البلدان. ولكن، فكرة الدولة الحضارية الحديثة (د ح ح)، خاصةً في سياق العراق، تؤكد أهمية بناء نموذج فريد ينبع من خصوصية المجتمع وتراثه وتاريخه.
الفرق بين التقليد والإبداع المحلي
تُعد الدولة نتاجاً مباشراً لمجتمعها، تعكس متطلباته وتطلعاته وثقافته. هنا، لا يمكن تطبيق النموذج الذي نجح في دولة ما بشكل دائم وناجح في دولة أخرى. كل مجتمع له خصوصيته وروحه الفريدة، ونفسيته العامة التي تشكل أساس بناء دولته. على سبيل المثال، نموذج الدولة الذي نجح في دول الغرب قد لا يكون ملائماً بشكل كامل لمجتمع يمتلك تقاليد وثقافة مختلفة.
خصوصية المجتمع العراقي
العراق بلد ذو تاريخ عريق وثقافة متعددة الأوجه. يحتوي على مجتمع غني بتعدد الأعراق والأديان والمذاهب، ولهذا يتطلب نموذج دولة يكون مستوعباً لهذه التعددية ويحفظ تناغمها. إن تبني نموذج "د ح ح" يعني احترام تلك الخصوصية والعمل على تعزيزها بدلاً من محاولة تغييرها لتتماشى مع نماذج خارجية قد لا تتوافق معها.
الدولة الحضارية الحديثة العراقية
النموذج الذي ينبغي أن يسعى إليه العراق هو نموذج يتماشى مع ثقافته وروحه ونفسيته العامة. يمكن تحقيق ذلك من خلال:
1. الاعتماد على المؤسسات الاجتماعية القائمة : تعزيز الروابط الاجتماعية والدينية والقيم العليا المستمدة من الفهم الحضاري للقران بما يساهم في دعم الاستقرار الاجتماعي والسياسي.
2. التكنولوجيا والتقدم: استخدام التكنولوجيا بما يناسب الاحتياجات المحلية، مثل تحسين الخدمات الصحية والتعليمية والخدمات الحكومية بطريقة تُسهل الحياة اليومية.
3. الاقتصاد المحلي: تطوير الاقتصاد بما يتناسب مع الموارد المحلية والتقاليد الاجتماعية، على سبيل المثال تكثيف مشاريع زراعية وقروية لتحقيق الاكتفاء الذاتي.
4. التعليم والتوعية: تعزيز الوعي بأهمية الحفاظ على التراث الثقافي وتعليم الأجيال القادمة احترام هذا التراث والعمل من أجل تطويره.
الفرق بين التقليد والإبداع المحلي
لا يستدعي مفهوم الدولة الحضارية الحديثة التخلي عن التعلم من تجارب الآخرين، بل يؤكد على أهمية قد تكون أكثر تفوقًا: الابتكار القائم على القيم المحلية. في العراق، هذا الابتكار يمكن أن يشمل استخدام التجارب الناجحة وتعديلها لتناسب السياق المحلي.
خاتمة: الطمأنينة والإيمان بالمستقبل
بناء دولة حضارية حديثة متجذرة في قيم المجتمع وثقافته وتاريخه يبعث الطمأنينة في نفوس العراقيين. تأكيدًا على أن ما نطمح إلى بنائه ليس تقليدًا أعمى، بل إبداع ينبع من داخل هذا المجتمع ذاته، تذكير بأن العراق، بتاريخه العريق وروحه القوية، قادر على إيجاد الطريق الخاص به نحو التقدم والازدهار.
بهذا نؤكد أن النموذج الحضاري العراقي لن يكون فقط انعكاساً لأفضل ما في العالم، بل سيكون نموذجًا فريدًا ومتميزا ينبع من قلب هذا المجتمع العظيم.
اضف تعليق