q
وتمثل رغبة الفرد في اثارة الاهتمام في مواقع التواصل الاجتماعي من خلال نشر منشورات مُبهمة حول شيء حدث معه، وينتظر من الآخرين أن يُبادروا بالسؤال عن سبب النشر وموضوعه ومناسبته، كما يحدث ان يقوم الشخص طالب الاهتمام بسرد قصص وهمية عن نفسه بقصد التعاطف معه...

في الكثير من المناسبات وحتى على صعيد حياتنا الخاصة يظهر البعض بعض السلوكيات رغبة منهم في استرعاء انتباه من حولهم، واستمتاع الانسان بتحول النظر حوله امراً طبيعي في مراحل عمرية معينة سيما فترة المراهقة والشباب، شريطة ان يبقى في الحدود المقبولة التي لا توصل الفرد الى الانتقاد من الناس مرة والعطف عليه مرة اخرى.

من دون ادنى شك ان الانسان بحاجة الى الاهتمام الذي يعد حاجة بشرية ملحة وغير ثانوية، وجميعنا من دون استثناء نحب الاهتمام بشكل او بأخر وهذا بديهي وطبيعي لأننا بدون الاهتمام والرعاية النفسية سنصبح وحيدين مع شعورنا بالإهمال والتهميش مما يعطي شعوراً نفسياً غير مريح بالمرة.

الكثير من الناس لم يجدوا الحب والاهتمام الكافي مما يدفعهم الى طلبه او استجداءه وطلب تعويض النقص الذي هم عليه، وطلب الاهتمام يأتي بحب التعاطف والحزن والفرح والشفقة وغيرها، ويمكن ان نعتبر ان البحث عن الرعاية او الاهتمام بأنه صرخة اللا وعي للحصول على المساعدة.

وجذب الانتباه يعد شكلاً من أشكال ادارة المواقف وهو بشكل عام يعبر عن تلك المواقف حيث يتم استرعاء الانتباه في الكثير حين يكون بحاجة لذلك، وهذا اللون من السلوك يستخدم في النواحي التسويقية والعائلية والوظيفية وغير ذلك، ويمكن أيضًا استخدامه كتمويه للتغطية على شيء معين كأن يمارس البعض استجداء المشاعر للتعاطف معه لتغطية وضعه المادي الجيد مثلاً او ابعاد النظر عن وظيفته.

الفيلسوف وعالم النفس (ويليام جيمس) في كتابه (مبادئ علم النفس) يعرف استرعاء الانتباه بأنه "حيازة العقل بشكل واضح وحاد لفكرة واحدة من بين الأفكار العديدة التي تمشي في قطاراتنا الفكرية، وبالتالي فهذا يعني انسحابنا من بعض الأشياء والأفكار للتعامل مع الفكرة التي اخترناها تحديدا".

يحدث ان تمسك قلماً لتضليل اقتباسات تراها مهمة وجذابة في كتاب ما قمت بقراءته، وحين يطلب الكتاب احد من اصدقاءك لقراءته فسرعان ما ينجذب وبلا وعي الى تلك المقاطع المظللة، هذا بالضبط ما يفعله أصدقاؤنا أو أحد معارفنا، أو ربما نحن أنفسنا حين نسعى في طلب اهتمام الغير، والامر يزداد تعقيداً حين يطلب الاهتمام من افراد ليس لديهم ماهو مقنع او ملفت للأنظار لكنهم يريدون ان تكون الانظار حولهم وهنا يكون طلب الاهتمام ضيفاً غير مرحب به.

ذلك يعني اننا بمقدورنا ان نصب انتباهنا اتجاه فكرة معينة وجعلها مركز النظر ومحط اهتمامنا بالتزامن مع تجاهل أمور وأفكار عدة، ولوعكسنا الفرض واردنا تعريف اهتمام الغير بما يهمهم، فهو أيضا يعني إرادتهم التامة في تصويب نظرهم نحو فكرة من بين سلاسلهم الفكرية الطويلة.

سيناريوهات فعالة يستخدمها الناس لاسترعاء انتباه الغير دون مناسبة او دون حاجة فعلية لذلك او لرغبة في الاستحواذ على وقت الاخر بالكذب والتظاهر بالمرض وغيرها ومن اهم وسائل استمالة الناس لتقديم الاهتمام هي: تظاهر من يطلب الاهتمام بأنه غير قادر على استحصال المال الكافي للعيش وهو ما يستقطب شخص يعتني به ويفعل ما لا تستطيع القيام بفعله رغم استطاعته، ومن ثم رغبته في الحصول على المديح من دون تحقيق انجاز جديد او قصة نجاح معينة معتمداً على الإكثار من تكرار الإنجازات الشخصية مهما كانت ضئيلة ويمكن اعتبارها جرس إنذار يُنبه من حوله برغبته في اقتناص المجاملات لا أكثر.

وتمثل رغبة الفرد في اثارة الاهتمام في مواقع التواصل الاجتماعي من خلال نشر منشورات مُبهمة حول شيء حدث معه، وينتظر من الآخرين أن يُبادروا بالسؤال عن سبب النشر وموضوعه ومناسبته، كما يحدث ان يقوم الشخص طالب الاهتمام بسرد قصص وهمية عن نفسه بقصد التعاطف معه وهذا ما يحدث في الاجواء الجامعية العراقية بقصد استعطاف الناس معه سيما الجنس الاخر وهذا السيناريو رائج وبصورة كبيرة.

في الختام وبعد تعرفنا على الاستراتيجيات التي يمارسها من يطلب الرعاية والظروف التي تتكون فيها والدوافع التي تؤدي بالإنسان للقيام بهذه السلوكية الغير متزنة لابد من التعامل مع المرضى من هذا النوع بعدم شراء بضاعتهم وصدهم وعدم التعاطف معهم مما قد يؤدي الى توقفهم عن هذا المرض وبالتالي يمكن ان نوصلهم الى حالة الامن النفسي الغائب.

اضف تعليق